فاعل غالبًا ما يُساء فهم صلاحياته
الحرب في أوكرانيا: ماذا تفعل الأمم المتحدة...؟
• تقع مسؤولية حفظ السلام على عاتق مجلس الأمن
• إن شن حرب على روسيا سيكون بمثابة انتحار: على المجلس أن يقاوم... ولهذا السبب يوجد حق النقض
• دور الأمم المتحدة محدود على عدة مستويات، لأسباب تاريخية وأيديولوجية ولوجستية في الوقت نفسه
• للحفاظ على السلام، يجب على القوى العظمى، وبالتالي الأخطر، ألا تحارب بعضها البعض
• اشتهرت بعض العمليات الأممية بإخفاقها التام، كما كان الحال في رواندا أو البوسنة
تضم الأمم المتحدة 193 دولة من المفترض أن تتعاون من أجل السلام في العالم. لكن لا يزال يساء فهم الدور الملموس للمنظمة في عديد الحروب في كثير من الأحيان. شهران مرّا منذ دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا. ومنذئذ، انصبت أعين العالم كله على مذابح المدنيين، وتدفق اللاجئين، والتقلبات الاستراتيجية للجيش الروسي. الملف مطروح بكثافة في الاوساط الدبلوماسية التي تبحث عن وسيلة لوضع حد للقتال. وفي خضم كل هذا الاضطراب، هناك فاعل غالبًا ما يُساء فهم صلاحياته: الأمم المتحدة.
في هذه الأوقات العصيبة، ألا يفترض أن تلعب هذه المؤسسة الدولية دورًا في صنع السلام؟ إن عملها في مواجهة الحرب في أوكرانيا حقيقي للغاية، ولكنه محدود أيضًا على عدة مستويات، لأسباب تاريخية وأيديولوجية ولوجستية في نفس الوقت. لنذكّر قبل كل شيء، أن الهدف المعلن كأولوية من جانب المنظمة منذ إنشائها عام 1945 هو "الحفاظ على السلم والأمن الدوليين". والهيئة المركزية لهذه الدعوة الطموحة ليس سوى مجلس الأمن الشهير، الذي يحاول بطريقة ما تحقيق هذا الهدف من خلال التعاون مع الجمعية العامة والأمين العام (أنطونيو غوتيريش منذ عام 2017)، والذي تكمله هيئات أخرى إذا لزم الأمر.
هجوم مدان
الغزو الروسي انتهاك لسلامة أوكرانيا، مما يجعل منه عملية عسكرية تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. وبهذا المعنى، صوتت الجمعية العامة في 24 مارس على قرار يدعو إلى وقف فوري للقتال، وفتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في "جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية".
ورافق هذه الإجراءات لجنة تحقيق مستقلة قررها مجلس حقوق الإنسان، الذي عُلقت عضوية روسيا فيه بتاريخ 7 أبريل. كما أنشأت المنظمة مهمات إنسانية واسعة النطاق، وجمعت أموالاً تصل إلى أكثر من مليار دولار. وبالتالي، تعارض الأمم المتحدة بشدة هذه الحرب كمنظمة. في المقابل، لن يفوتكم، انه لا مجال لأي حديث عن تدخل عسكري.
ماذا عن "عملية حفظ السلام"؟
لفهم لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة -ولا مصلحة لها-العمل عسكريا في أوكرانيا، علينا أن نعود قليلا إلى الوراء، مع الكسندرا نوفوسيلوف، باحثة في العلوم السياسية، ومتخصصة في الأمم المتحدة وحفظ السلام، ومؤلفة بشكل خاص كتاب "مجلس الأمن بين العجز والقوة المطلقة".
يتألف مجلس الأمن من خمسة عشر عضوا، منهم خمسة أعضاء دائمين لهم حق النقض -الفائزون في الحرب العالمية الثانية: الصين، والولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وبالطبع روسيا. وتوضح ألكسندرا نوفوسيلوف أنه في بعض النزاعات، تكون هذه الهيئة مسؤولة عن إصدار التفويضات التي تُستخدم لإنشاء عمليات حفظ السلام، ولا سيما نشر الخوذات الزرق الشهيرة. ويخضع إنشاء عمليات حفظ السلام هذه للتصويت بالإجماع من قبل المجلس.
تطورت هذه العمليات العسكرية غير القسرية منذ الستينات، وبشكل أكثر تحديدًا منذ أزمة السويس عام 1956، مع إنشاء أول عملية حفظ سلام سُمّيت قوة الطوارئ التابعة للأمم المتحدة، وهدفها هو خلق أفضل الظروف للحفاظ على السلام أو استعادته في منطقة صراع، من خلال تبني موقف محايد. وقد تضاعف عددها منذ نهاية الحرب الباردة.
"هناك تجديد في هذا الوقت للتعاون بين الأعضاء الخمسة، توضح ألكسندرا نوفوسيلوف، اذن، تدريجيا كان رد الفعل هو إرسال الخوذات الزرقاء إلى مناطق الصراع، خاصة عندما يقفون على هامش مصالح القوى الخمس العظمى. ومع ذلك، ظلت بعض هذه العمليات مشهورة للأسف بعد أن تحولت إلى إخفاق تام، كما كان الحال في رواندا أو البوسنة.
سلام يجب الحفاظ عليه
أحد الأمثلة المعروفة للفشل متعدد الأبعاد لعملية حفظ السلام، هو فشل قوة الأمم المتحدة للحماية في يوغوسلافيا السابقة. أقيمت عام 1992، وهدفها الرئيسي هو حماية المدنيين في ثلاث "مناطق محمية للأمم المتحدة". لم تؤت أي من خطط السلام المقترحة في هذا الإطار ثمارها، وتعرض العديد من الخوذات الزرقاء للإذلال على الميدان. والأسوأ من ذلك أن البعض منهم احتجزتهم القوات الصربية عام 1995.
عام 2001، خلال جلسة استماع أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، أعلن بيير سالينيون، مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود المسؤول عن برنامج البلقان، عن فشل المجتمع الدولي في منع مذبحة سريبرينيتشا: "كانت المساعدات الإنسانية هي الرد الوحيد على عمليات التطهير العرقي وقصف المدنيين. وهذا يعني أنه في مواجهة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تم إرسال جنود لتوزيع الأدوية والبطانيات والطحين". هذا المثال عن قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة يدرّس لإبراز أنه عندما لا يتم استيفاء الشروط، فإن عملية حفظ السلام للأمم المتحدة تصبح غير مرغوب فيها وغير قابلة للتطبيق.
توضح ألكسندرا نوفوسالوف، أنه على عكس ما لوحظ في منظمات أخرى مثل الناتو أو الاتحاد الأوروبي، وباستثناء الصين، فإن الدول التي تساهم بموارد بشرية في هذه العمليات ليست هي نفسها تلك التي تساهم مالياً. و"هذا يؤدي إلى سلسلة اعفاء من تحمّل المسؤولية... فمن هي الأمم المتحدة في هذه الحالة؟ ومن يجسدها؟
صدر تقرير الإبراهيمي عام 2001، كردّ جزئي على تجارب مذبحة سريبرينيتشا والإبادة الجماعية في رواندا. إنه تأمّل وتفكير حول حفظ السلام وكيف يمكن تصميمه بحيث لا تتكرر أخطاء الماضي. ثم عام 2008 تمت صياغة مبدأ كابستون، حيث يمكن أن نقرأ أن الغرض من عمليات حفظ السلام هو "ملاحظة، ومراقبة، وإعداد التقارير؛ وتأطير وقف إطلاق النار، ودعم آليات التحقق؛ والتدخل في منطقة عازلة، وكمقياس للثقة". إنها تشكل الأساس الذي يمكن الاعتماد عليه لتقييم شرعية إقامة العملية.
ومع ذلك، كانت هناك دائمًا ثلاثة مبادئ منذ إنشاء عمليات حفظ السلام عام 1956: الحياد، وموافقة الدولة المضيفة، وإمكانية استخدام القوة فقط في حالة الدفاع عن النفس (ولا سيما الدفاع عن التفويض). "وهكذا، وحتى لو بدا واضحًا، فإن ما يعلمنا إياه التاريخ هو أنه للحفاظ على السلام، نحتاج إلى سلام يجب الحفاظ عليه"، تخلص ألكسندرا نوفوسيلوف.
تجنب التصعيد
لذلك فإن عمليات حفظ السلام غير ملائمة في جوهرها لوضع مثل الحرب في أوكرانيا. لكن ليس هذا هو السبب الوحيد الذي يمنع الأمم المتحدة من النظر في هذا الاحتمال.
تقع مسؤولية "حفظ السلام" على عاتق مجلس الأمن. وللاستمرار والصمود في الزمن، لا يجب ان تنقسم هذه الهيئة: "ليس بإمكان مجلس الأمن أن يعمل إلا إذا كانت القوى الخمس موحدة، أو على الأقل لا يزال هناك ما يشبه الوحدة"، تشرح الباحثة في العلوم السياسية.
ولئن يقوم المجلس على هؤلاء الأعضاء الخمسة الدائمين، فذلك لأن لديهم مسؤوليات كقوى عسكرية واقتصادية وسياسية رئيسية. "على هذه المسؤوليات يقع الحفاظ على السلام حقًا، وكان واضعو الميثاق يعرفون ذلك جيدًا"، تتابع الباحثة. للحفاظ على السلام، يجب على القوى العظمى، وبالتالي الأخطر، ألا تحارب بعضها البعض.
ولهذا السبب أيضًا، تم إنشاء أقفال مثل حق النقض من قبل واضعي الميثاق، الذين تعلموا دروسًا من فشل عصبة الأمم. لذلك، لا تعالج الأمم المتحدة عادة مصالح الدول الخمس الدائمة. "لم تتدخل الأمم المتحدة في الجزائر لأن فرنسا كانت متورطة، ولا في كوبا لأن الولايات المتحدة متورطة، ولا في فيتنام أو التبت "، تقدم ألكسندرا نوفوسيلوف امثلة على ذلك.
ولكن كيف نفسر بعد ذلك أن هناك قرارات صدرت أثناء الحرب في العراق على سبيل المثال؟ رغم أن المجلس وجد نفسه أيضًا في موقف صعب عام 2003، إلا أن الوضع كان مختلفًا لأنه كانت هناك سوابق يمكن أن تعتمد عليها الهيئة، مثل غزو الكويت: كان هذا الأخير بمثابة تبرير للغزو الأمريكي للعراق.
ومع ذلك، فإن حالة الحرب في أوكرانيا اليوم غير مسبوقة. بما أن روسيا لا تستطيع تبرير نفسها، فلا يوجد أدني شك لدى المجتمع الدولي في أنها الدولة المعتدية: "كل ما يستطيع المجلس فعله هو عقد اجتماعات لمواصلة الضغط. إن الدخول في حرب مع روسيا سيكون بمثابة الانتحار: على المجلس أن يصمد ويقاوم... ولهذا السبب يُوجد حق النقض".
• إن شن حرب على روسيا سيكون بمثابة انتحار: على المجلس أن يقاوم... ولهذا السبب يوجد حق النقض
• دور الأمم المتحدة محدود على عدة مستويات، لأسباب تاريخية وأيديولوجية ولوجستية في الوقت نفسه
• للحفاظ على السلام، يجب على القوى العظمى، وبالتالي الأخطر، ألا تحارب بعضها البعض
• اشتهرت بعض العمليات الأممية بإخفاقها التام، كما كان الحال في رواندا أو البوسنة
تضم الأمم المتحدة 193 دولة من المفترض أن تتعاون من أجل السلام في العالم. لكن لا يزال يساء فهم الدور الملموس للمنظمة في عديد الحروب في كثير من الأحيان. شهران مرّا منذ دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا. ومنذئذ، انصبت أعين العالم كله على مذابح المدنيين، وتدفق اللاجئين، والتقلبات الاستراتيجية للجيش الروسي. الملف مطروح بكثافة في الاوساط الدبلوماسية التي تبحث عن وسيلة لوضع حد للقتال. وفي خضم كل هذا الاضطراب، هناك فاعل غالبًا ما يُساء فهم صلاحياته: الأمم المتحدة.
في هذه الأوقات العصيبة، ألا يفترض أن تلعب هذه المؤسسة الدولية دورًا في صنع السلام؟ إن عملها في مواجهة الحرب في أوكرانيا حقيقي للغاية، ولكنه محدود أيضًا على عدة مستويات، لأسباب تاريخية وأيديولوجية ولوجستية في نفس الوقت. لنذكّر قبل كل شيء، أن الهدف المعلن كأولوية من جانب المنظمة منذ إنشائها عام 1945 هو "الحفاظ على السلم والأمن الدوليين". والهيئة المركزية لهذه الدعوة الطموحة ليس سوى مجلس الأمن الشهير، الذي يحاول بطريقة ما تحقيق هذا الهدف من خلال التعاون مع الجمعية العامة والأمين العام (أنطونيو غوتيريش منذ عام 2017)، والذي تكمله هيئات أخرى إذا لزم الأمر.
هجوم مدان
الغزو الروسي انتهاك لسلامة أوكرانيا، مما يجعل منه عملية عسكرية تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. وبهذا المعنى، صوتت الجمعية العامة في 24 مارس على قرار يدعو إلى وقف فوري للقتال، وفتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في "جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية".
ورافق هذه الإجراءات لجنة تحقيق مستقلة قررها مجلس حقوق الإنسان، الذي عُلقت عضوية روسيا فيه بتاريخ 7 أبريل. كما أنشأت المنظمة مهمات إنسانية واسعة النطاق، وجمعت أموالاً تصل إلى أكثر من مليار دولار. وبالتالي، تعارض الأمم المتحدة بشدة هذه الحرب كمنظمة. في المقابل، لن يفوتكم، انه لا مجال لأي حديث عن تدخل عسكري.
ماذا عن "عملية حفظ السلام"؟
لفهم لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة -ولا مصلحة لها-العمل عسكريا في أوكرانيا، علينا أن نعود قليلا إلى الوراء، مع الكسندرا نوفوسيلوف، باحثة في العلوم السياسية، ومتخصصة في الأمم المتحدة وحفظ السلام، ومؤلفة بشكل خاص كتاب "مجلس الأمن بين العجز والقوة المطلقة".
يتألف مجلس الأمن من خمسة عشر عضوا، منهم خمسة أعضاء دائمين لهم حق النقض -الفائزون في الحرب العالمية الثانية: الصين، والولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وبالطبع روسيا. وتوضح ألكسندرا نوفوسيلوف أنه في بعض النزاعات، تكون هذه الهيئة مسؤولة عن إصدار التفويضات التي تُستخدم لإنشاء عمليات حفظ السلام، ولا سيما نشر الخوذات الزرق الشهيرة. ويخضع إنشاء عمليات حفظ السلام هذه للتصويت بالإجماع من قبل المجلس.
تطورت هذه العمليات العسكرية غير القسرية منذ الستينات، وبشكل أكثر تحديدًا منذ أزمة السويس عام 1956، مع إنشاء أول عملية حفظ سلام سُمّيت قوة الطوارئ التابعة للأمم المتحدة، وهدفها هو خلق أفضل الظروف للحفاظ على السلام أو استعادته في منطقة صراع، من خلال تبني موقف محايد. وقد تضاعف عددها منذ نهاية الحرب الباردة.
"هناك تجديد في هذا الوقت للتعاون بين الأعضاء الخمسة، توضح ألكسندرا نوفوسيلوف، اذن، تدريجيا كان رد الفعل هو إرسال الخوذات الزرقاء إلى مناطق الصراع، خاصة عندما يقفون على هامش مصالح القوى الخمس العظمى. ومع ذلك، ظلت بعض هذه العمليات مشهورة للأسف بعد أن تحولت إلى إخفاق تام، كما كان الحال في رواندا أو البوسنة.
سلام يجب الحفاظ عليه
أحد الأمثلة المعروفة للفشل متعدد الأبعاد لعملية حفظ السلام، هو فشل قوة الأمم المتحدة للحماية في يوغوسلافيا السابقة. أقيمت عام 1992، وهدفها الرئيسي هو حماية المدنيين في ثلاث "مناطق محمية للأمم المتحدة". لم تؤت أي من خطط السلام المقترحة في هذا الإطار ثمارها، وتعرض العديد من الخوذات الزرقاء للإذلال على الميدان. والأسوأ من ذلك أن البعض منهم احتجزتهم القوات الصربية عام 1995.
عام 2001، خلال جلسة استماع أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، أعلن بيير سالينيون، مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود المسؤول عن برنامج البلقان، عن فشل المجتمع الدولي في منع مذبحة سريبرينيتشا: "كانت المساعدات الإنسانية هي الرد الوحيد على عمليات التطهير العرقي وقصف المدنيين. وهذا يعني أنه في مواجهة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تم إرسال جنود لتوزيع الأدوية والبطانيات والطحين". هذا المثال عن قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة يدرّس لإبراز أنه عندما لا يتم استيفاء الشروط، فإن عملية حفظ السلام للأمم المتحدة تصبح غير مرغوب فيها وغير قابلة للتطبيق.
توضح ألكسندرا نوفوسالوف، أنه على عكس ما لوحظ في منظمات أخرى مثل الناتو أو الاتحاد الأوروبي، وباستثناء الصين، فإن الدول التي تساهم بموارد بشرية في هذه العمليات ليست هي نفسها تلك التي تساهم مالياً. و"هذا يؤدي إلى سلسلة اعفاء من تحمّل المسؤولية... فمن هي الأمم المتحدة في هذه الحالة؟ ومن يجسدها؟
صدر تقرير الإبراهيمي عام 2001، كردّ جزئي على تجارب مذبحة سريبرينيتشا والإبادة الجماعية في رواندا. إنه تأمّل وتفكير حول حفظ السلام وكيف يمكن تصميمه بحيث لا تتكرر أخطاء الماضي. ثم عام 2008 تمت صياغة مبدأ كابستون، حيث يمكن أن نقرأ أن الغرض من عمليات حفظ السلام هو "ملاحظة، ومراقبة، وإعداد التقارير؛ وتأطير وقف إطلاق النار، ودعم آليات التحقق؛ والتدخل في منطقة عازلة، وكمقياس للثقة". إنها تشكل الأساس الذي يمكن الاعتماد عليه لتقييم شرعية إقامة العملية.
ومع ذلك، كانت هناك دائمًا ثلاثة مبادئ منذ إنشاء عمليات حفظ السلام عام 1956: الحياد، وموافقة الدولة المضيفة، وإمكانية استخدام القوة فقط في حالة الدفاع عن النفس (ولا سيما الدفاع عن التفويض). "وهكذا، وحتى لو بدا واضحًا، فإن ما يعلمنا إياه التاريخ هو أنه للحفاظ على السلام، نحتاج إلى سلام يجب الحفاظ عليه"، تخلص ألكسندرا نوفوسيلوف.
تجنب التصعيد
لذلك فإن عمليات حفظ السلام غير ملائمة في جوهرها لوضع مثل الحرب في أوكرانيا. لكن ليس هذا هو السبب الوحيد الذي يمنع الأمم المتحدة من النظر في هذا الاحتمال.
تقع مسؤولية "حفظ السلام" على عاتق مجلس الأمن. وللاستمرار والصمود في الزمن، لا يجب ان تنقسم هذه الهيئة: "ليس بإمكان مجلس الأمن أن يعمل إلا إذا كانت القوى الخمس موحدة، أو على الأقل لا يزال هناك ما يشبه الوحدة"، تشرح الباحثة في العلوم السياسية.
ولئن يقوم المجلس على هؤلاء الأعضاء الخمسة الدائمين، فذلك لأن لديهم مسؤوليات كقوى عسكرية واقتصادية وسياسية رئيسية. "على هذه المسؤوليات يقع الحفاظ على السلام حقًا، وكان واضعو الميثاق يعرفون ذلك جيدًا"، تتابع الباحثة. للحفاظ على السلام، يجب على القوى العظمى، وبالتالي الأخطر، ألا تحارب بعضها البعض.
ولهذا السبب أيضًا، تم إنشاء أقفال مثل حق النقض من قبل واضعي الميثاق، الذين تعلموا دروسًا من فشل عصبة الأمم. لذلك، لا تعالج الأمم المتحدة عادة مصالح الدول الخمس الدائمة. "لم تتدخل الأمم المتحدة في الجزائر لأن فرنسا كانت متورطة، ولا في كوبا لأن الولايات المتحدة متورطة، ولا في فيتنام أو التبت "، تقدم ألكسندرا نوفوسيلوف امثلة على ذلك.
ولكن كيف نفسر بعد ذلك أن هناك قرارات صدرت أثناء الحرب في العراق على سبيل المثال؟ رغم أن المجلس وجد نفسه أيضًا في موقف صعب عام 2003، إلا أن الوضع كان مختلفًا لأنه كانت هناك سوابق يمكن أن تعتمد عليها الهيئة، مثل غزو الكويت: كان هذا الأخير بمثابة تبرير للغزو الأمريكي للعراق.
ومع ذلك، فإن حالة الحرب في أوكرانيا اليوم غير مسبوقة. بما أن روسيا لا تستطيع تبرير نفسها، فلا يوجد أدني شك لدى المجتمع الدولي في أنها الدولة المعتدية: "كل ما يستطيع المجلس فعله هو عقد اجتماعات لمواصلة الضغط. إن الدخول في حرب مع روسيا سيكون بمثابة الانتحار: على المجلس أن يصمد ويقاوم... ولهذا السبب يُوجد حق النقض".