أصدر الباحث الدكتور محمد حمدان بن جرش كتابه الجديد بعنوان مختبر الإبداع الأدبي - تقنيات الكتابة الإبداعية ليضاف إلى إصداراته المتنوعة في عدد من البحور العلمية والأدبية .
والدكتور محمد حمدان بن جرش يحمل  الدكتوراة  في العلوم الثقافية ويعد أحد الأدباء البارزين وهو الأمين العام لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات .
ويعد الكتاب أحد إصداراته التي يسلط فيها الضوء على  الكتابة الإبداعية باعتبارها تعبير عن الرؤى الشخصية وما تحتويه من انفعالات وما تكشف عنه من حساسية خاصة تجاه التجارب الإنسانية.

ويتناول الكتاب الذي يصدر عن دار السعيد للنشر والتوزيع ويحتوي على 248 صفحة مسارات في مجال الإبداع بأشكاله المتعددة ويتطرق إليها الكاتب الدكتور محمد حمدان بن جرش في بيان ما تتطلبه من تنمية متواصلة عن طريق اللغة كهدف أساسي.
ويقول بن جرش في مقدمة كتابه الجديد : لم يعد ينظر إلى اللغة على أنها عملية عقلية آلية إنما عملية تواصلية يمكن تدريب الفرد على استعمالها دون التقيد بأشكال التعبير اللغوي الثابتة؛ وذلك عن طريق التركيز على الوظيفة الذهنية للغة وإطلاق حرية الفرد في التعبير بنحو إبداعي.

ويشير في هذا السياق إلى أن الإبداع يمثل نتاجاً لفعل عمليات ذهنية تولد الجديد وتبتكر مفاهيم لتصبها في النص المكتوب فتتيح للفرد التعبير عن أفكاره بنحو غير مألوف. ومن هذا المنطلق تأتي الكتابة الإبداعية لتمثل مهارة راقية مركبة من مهارات الكتابة ومهارات الإبداع؛ تلك الكتابة التي تحتاج إلى تفكير متقدم، ومعالجات ذهنية أكثر رقياً من التفكير العادي، وتقاس بعدد الأفكار التي يولدها الفرد في كل موقف وأصالتها ومرونتها .

وينحى في بيانه إلى أن المسمى الذي تأتي منه الكتابة الإبداعية له أبعاد شعورية ونفسية وفكرية متعددة ومتنوعة؛ ففي هذا اللون من الكتاب يجلو الكاتب أفكاره وخبراته الخاصة ويفصح فيها عن عواطفه وخلجات نفسه والتنفيس عن انفعالاته زيادة على أنها تحمل بين طياتها بعداً وظيفياً لا ينفصل عن غايتها الأساسية وهي أنها تقدم للفرد أداة يوظفها في إطلاق قدراته الإبداعية التي سوف تساعده على مواجهة المواقف المختلفة، وحل المشكلات التي تعترضه مترجماً أحاسيسه بعبارة منتقاة اللفظ والنسق، بليغة الصياغة، مستوفية الصحة والسلامة لغوياً ونحوياً حتى تنتقل من ذهنه إلى أذهان الآخرين انتقالاً ذا أثر فاعل يبهر مشاعرهم ويثير مخيلتهم.

ويعرج ابن جرش إلى أن الكتابة الإبداعية تحتاج إلى عنصر الخيال للتحرر من سلطان الواقع والتأنق في التعبير والدقة في التصوير، وإلباس المعنوي ثوب المحسوس، وإظهار المحسوس في صورة المعنوي. فموضوعاتها مرتبطة بالفكر والشعور معاً، فتميل إلى الإدارة وتتسم بفردية الأفكار لتمثل صورة مبتكرة معبرة عن المعنى في بلاغة وإيجاز ، وتحتاج أيضاً إلى عنصر العاطفة فيما لو لم تختلج في نفس المنشئ عاطفة ما أو يتحرك في نفسه شعور معين فهو لا يندفع للتعبير ولا ينشط للإفصاح بنحو إبداعي علاوة على أن توافر عنصر العاطفة في الكتابة الإبداعية يؤدي إلى استعمال اللغة استعمالاً يقوم على الخيال والعناصر البلاغية.

ويؤكد ابن جرش في كتابه إلى أن الكتابة الإبداعية هي ابتكار لا تقليد، وتأليف لا تكرار، من شخص لآخر حسب ما يتوفر لكل من مهارات خاصة وخبرات سابقة وقدرات لغوية ومواهب أدبية. وهي تبدأ فطرية ثم تنمو بالتدريب وكثرة الاطلاع.
وتناول ابن جرش خلال تسليطه الضوء على أربعة أنواع من الكتابة الإبداعية قائلا : أولها القصة القصيرة حيث سنتعرف على البناء الفني لهذا النوع الأدبي مع طرح أمثلة متعددة لكتاب القصة القصيرة في العالم العربي لتوضيح الأعمدة الأساسية التي تبنى عليها القصة القصيرة. وثانيها الرواية حيث سنتطرق إلى البناء الفني للرواية، وأساسيات السرد الروائي مع طرح نماذج متعددة من الروايات العربية، ثم نتناول بالتفصيل فن المقال الصحفي وطرق بنائه وأساسياته، أما النوع الأخير فهو كتابة النص المسرحي وتوضيح الفرق بين السرد المسرحي والسرد الروائي مع طرح العديد من النماذج المسرحية.