حكومة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي ينظمان مجالس المستقبل 14–16 أكتوبر
الزحف الروسي يشتد.. هل تخسر أوكرانيا الرهان على «الناتو»؟
في مشهد يُعيد رسم خرائط الصراع الجيوسياسي، تصر روسيا على أن المقاطعات الأربع: «دونيتسك، لوهانسك، زابوريجيا، وخيرسون» أصبحت جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، رافضة أي نقاش حول مستقبلها.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن انسحاب القوات الأوكرانية من هذه المناطق والتخلّي عن مساعي الانضمام إلى حلف الناتو، هما الشرطان الأساسان لوقف إطلاق النار، وبدء المفاوضات، وأن بلاده لن تتراجع عن هذه المطالب.
في المقابل، يتمسّك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحلم بلاده في الانضمام إلى الناتو، مقترحات - سابقاً - انضمام الجزء الحر من أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، مستبعدًا المناطق التي تحتلها روسيا، كخطوة أولى نحو تحقيق هذا الهدف.
ومع ذلك، يواجه هذا الطموح الأوكراني معارضة شديدة من موسكو، حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا لن تقبل بأي وجود للناتو في أوكرانيا تحت أي ظرف من الظروف، معتبرًا أن ذلك يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
وفي ظل هذا التصعيد، يبقى مستقبل أوكرانيا معلقًا بين مطرقة التمسك الروسي بالمقاطعات الأربع، وسندان السعي الأوكراني إلى الانضمام إلى الناتو، مما ينذر بمزيد من التوتر في المنطقة، ومعها يبقى التساؤل، هل تتخلّى كييف عن حلم الانضمام الناتو بعد اقتراب روسيا من للسيطرة على هذه الأراضي؟
وأكد خبيران في الشؤون الروسية أن مسألة انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، سواء بشكل كامل أو جزئي، تبقى خطاً أحمر في الإستراتيجية الروسية، خاصة أن موسكو ترى في توسع الحلف تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
وأضاف الخبراء في تصريحات خاصة لـ»إرم نيوز» أن تقسيم أوكرانيا بات احتمالاً واقعياً، في ظل المؤشرات الجيوسياسية، وتحركات الناتو في المنطقة، وسط إصرار روسي على منع أي تموضع غربي داخل الأراضي الأوكرانية، حتى لو تحت مسمَّى قوات حفظ السلام.
اعتبارات الأمن القومي
وقال د. عمار قناة، أستاذ العلوم السياسية، إن انضمام أوكرانيا إلى الناتو، سواء في وضعها الحالي أو إذا جرى تقسيمها، يبقى غير وارد في المنظور الروسي، نظراً لارتباطه العميق باعتبارات الأمن القومي، وتوازنات المعادلة الأمنية الأوروبية.
وأوضح أن بعض المقترحات الغربية حاولت تقديم المقاطعات الأربع التي تسيطر عليها روسيا كتنازل مقابل انضمام بقية أوكرانيا إلى الحلف، لكن موسكو تعتبر هذه الأراضي ثمرة تضحيات بشرية واقتصادية جسيمة، وليست مادة تفاوض.
وأشار لـ»إرم نيوز» إلى أن الرفض الروسي لا يرتبط فقط بأوكرانيا، بل بنظرة موسكو الأوسع للناتو، إذ ترى في تمدده شرقًا اختلالًا في التوازن الجيوسياسي لما بعد الحرب الباردة، مما يجعل أي تحرك باتجاه ضم كييف للحلف خطوة مرفوضة ستقابل برد حاسم.
من جانبه، قال نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن السيطرة الروسية على المقاطعات الأربع تعزز فرضية تقسيم أوكرانيا، خاصة إذا جرى نشر قوات لحفظ السلام في المناطق الغربية الخاضعة لسيطرة كييف بموافقة روسية.
وأضاف رشوان لـ»إرم نيوز»، أن السيناريو يذكّر بتقسيم ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية، مشيرًا إلى أن أوكرانيا تحاول مقاومة هذا الطرح برمزية سياسية واضحة، من بينها تعيين سفير من تتار القرم في تركيا، ووجود وزير دفاع من أصول قرمية.
وشدد رشوان على أن روسيا تعتبر نشر قوات أوروبية بمثابة انخراط غير معلن للناتو في أوكرانيا، الأمر الذي يهدد بتحويل البحر الأسود إلى «بحيرة أطلسية» كما حدث في البلطيق.
ولفت إلى أن موســــكو قد تقبل بقوات حفظ ســـــــلام من دول «بريكس» بدلًا من الأوروبية، مرجحًـــــــا أن انضمــــام أوكرانيــا إلى الناتو سيبقى احتمالًا قائمًا على المـــدى الطويـــــــل، لكنه مرتبط بتحولات سياسية مستقبلية شبيهة بما حدث في أوروبا الشـــــــرقية أواخـــــر التسعينيات.