الضغوط الروسية الأميركية على زيلينسكي تُعزز شعبيته

يستفيد رئيس الدولة الأوكرانية من معدل ثقة يبلغ 67%، بزيادة قدرها 10 نقاط في شهر واحد ،
وهذا أحد هواجس فلاديمير بوتن. يعود آخر هجوم للرئيس الروسي على نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى 28 مارس-آذار.
 في ذلك اليوم، اقترح زعيم الكرملين إنشاء «إدارة مؤقتة» في أوكرانيا، تحت رعاية الأمم المتحدة، بهدف «تنظيم انتخابات ديمقراطية وإيصال حكومة قابلة للاستمرار إلى السلطة، وتتمتع بثقة الشعب».
 وكان هذا الشرط ضرورياً في ذلك الوقت لتوقيع اتفاقية السلام. 
ولم يكن هذا التصريح مفاجئا في كييف، حيث اعتاد الرئيس الروسي التشكيك في شرعية زيلينسكي، الذي تم تمديد ولايته التي كان من المفترض أن تنتهي في ربيع عام 2024 بسبب حالة الحرب. ورأى البعض في ذلك وسيلة لكسب الوقت في مواجهة الضغوط التي يمارسها دونالد ترامب لإيجاد حل للصراع. أما هذا الأخير، الذي أبدى انزعاجه من الطلب الروسي، فقد رفض الاقتراح ببساطة. 
ومع ذلك، يبدو أن الإدارة الأميركية الجديدة أصبحت حساسة لحجج الكرملين. في فبراير-شباط، وصف ترامب زيلينسكي بأنه «ديكتاتور بلا انتخابات». وتحدث العديد من الأشخاص المقربين من ترامب، مثل مبعوثه الخاص إلى روسيا، ستيف ويتكوف، عن احتمال إجراء انتخابات مقبلة في أوكرانيا.
 ومع استمرار الحرب على الأرض، يعارض أغلبية السكان الأوكرانيين مثل هذا التصويت ــ 62% ، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة إبسوس في الفترة من 5 إلى 10 مارس-آذار،

يعتقدون أن الدعوة إلى الانتخابات من شأنها أن تعمق الانقسامات وسيكون من الصعب تنظيمها في بلد يعبره خط المواجهة ويوجد فيه الملايين من النازحين. ومع ذلك، يبدو أن هذا الضغط الأميركي والروسي المشترك بدأ يؤثر على السلطات، في حين لاحظ الخبراء السياسيون الأوكرانيون منذ عدة أشهر انتعاش النشاط بين بعض الأحزاب في ظل احتمالات نهاية افتراضية للحرب. وزعمت عدة مصادر رسمية مجهولة، نقلاً عن مجلة الإيكونوميست في 30 مارس-آذار، أنه من الممكن إجراء الانتخابات هذا الصيف، شريطة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الكامل في الأسابيع المقبلة.
وزعمت الأسبوعية البريطانية أن زيلينسكي نفسه دعا إلى اجتماع حكومي لتنظيم التصويت. ولكن التصويت الذي جرى في البرلمان الأوكراني يوم 16 أبريل-نيسان ــ وهو الخامس عشر منذ بدء الغزو ــ على تمديد الأحكام العرفية، التي تحظر إجراء الانتخابات في زمن الحرب، بدا وكأنه يشير إلى أن هذه الخطة ربما تم تأجيلها. سيتم دعوة أعضاء البرلمان في كييف للتصويت مرة أخرى في السادس من أغسطس. وتتفق مراكز الأبحاث السياسية الأوكرانية على أن الانتخابات السريعة قد تكون في صالح الرئيس. ويقول مصدر أوكراني مطلع إن «زيلينسكي يريد أن يلعب سيناريوهين في وقت واحد». «إذا كان هناك وقف لإطلاق النار، فسوف يذهب إليه، وإذا لم يكن كذلك، فيمكنه دائمًا أن يقول إنه لم يكن لديه أي استعداد « .
و قد ارتفعت شعبية رئيس الدولة بشكل كبير منذ أن اقتربت واشنطن من موسكو. وبحسب استطلاع للرأي نشره المعهد الدولي لعلم الاجتماع في كييف في 7 مارس-آذار، يتمتع رئيس الدولة بمعدل ثقة يبلغ 67%، بزيادة قدرها 10 نقاط في شهر واحد. ويقول الخبير السياسي فولوديمير فيسينكو، مدير مركز «بنتا» للدراسات السياسية، إن الأوكرانيين «ينتقدون زيلينسكي بسبب أخطائه في السياسة الداخلية»، مثل التركيز المفرط للسلطة. «ولكنهم يقدرون نشاطه وإخلاصه في الدفاع عن مصالح البلاد في السياسة الخارجية»، كما يستطرد. ولعبت معاملة زيلينسكي في البيت الأبيض في 28 فبراير-شباط لصالحه أيضا. 
وقال الدبلوماسي أوليه شامشور، السفير الأوكراني السابق لدى الولايات المتحدة، إن «الشعب اعتبر إذلاله في المكتب البيضاوي محاولة لإذلال أوكرانيا بأكملها». يقول عالم الاجتماع ميخايلو ميشينكو من مركز رازومكوف للأبحاث في كييف: «من الواضح أن تعاطف الأوكرانيين ذهب إلى زيلينسكي». ولا يتردد في مقارنة هذه الفترة بفترة بداية الغزو، «عندما اتحد الأوكرانيون وتجمعوا بشكل حاشد خلف الرئيس». وأضاف ميخايلو ميشينكو أن إجراء انتخابات قريبًا قد يكون مفيدًا أيضًا لزيلينسكي لأن «الأوكرانيين لا يرون بديلاً حقيقيًا لزيلينسكي في الوقت الحالي». في حين أن شخصيات المعارضة هذه، مثل الرئيس السابق بيترو بوروشينكو «2014-2019» ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو «2005 و2007-2010»، يمكنها الاعتماد على قاعدة مؤيدين مخلصين، فإن شعبيتها أقل بكثير من شعبية زيلينسكي، حيث تبلغ نوايا التصويت 10% و6% على التوالي، مقارنة بـ 44% للرئيس الحالي، وفقًا لمسح أجراه معهد سورفيشن، ونُشر في نهاية فبراير. يقول ميخايلو ميشينكو، إن «الأوكرانيين لم يعودوا يؤمنون بهذا الجيل القديم من السياسيين»، متذكراً أن المنتج والممثل السابق زيلينسكي انتُخب في عام 2019 بنسبة 73% من الأصوات، مقارنة بـ 24% لبيترو بوروشينكو، «بسبب الرغبة في تجديد الطبقة السياسية الأوكرانية». وقال فيسينكو إن «الأوكرانيين لا يميلون إلى الثقة بالسياسيين المحترفين، بل بالشخصيات المرتبطة بدفاع البلاد ومقاومة العدوان الروسي». وهكذا، فإن الشخصية الوحيدة التي يُتوقع أن تكون على قدم المساواة مع رئيس الدولة الأوكراني في حال إجراء انتخابات رئاسية هي القائد الأعلى السابق للقوات المسلحة فاليري زالوزني - الذي حصل على 21% من نوايا التصويت وفقًا لمعهد سورفيشن - والذي أُقيل في بداية عام 2024. وهو الآن سفير لدى المملكة المتحدة، ولا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في أوكرانيا، لكنه امتنع حتى الآن عن إظهار أي طموحات رئاسية علنًا.