العائدون من مخيم الهول.. أزمة معقدة في العراق ومخاوف من تجدد «داعش»

العائدون من مخيم الهول.. أزمة معقدة في العراق ومخاوف من تجدد «داعش»


يتصاعد منسوب القلق في العراق حيال ملف مخيم الهول في سوريا، بعد عودة آلاف الأفراد العراقية التي يُشتبه بانتماء بعض أفرادها لتنظيم داعش، وسط تساؤلات عن جاهزية الدولة لإدماجهم، وضمان عدم خلق بيئة حاضنة للتطرف من جديد.
 ونهاية شهر آذار-مارس الماضي، عادت 181 عائلة عراقية، تضم 680 شخصاً، من مخيم الهول، وذلك ضمن الوجبة السابعة منذ بداية العام والـ24 منذ انطلاق التنسيق بين الحكومة العراقية، وقوات سوريا الديمقراطية «قسد».
وجرى نقل العائلات بواسطة 20 حافلة إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى العراقية، تمهيداً لإخضاعهم لبرامج تأهيلية قبل إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية.
ورغــــــــــم تكـــــــرار هـــــــذه العمليات، فــــــــإن الجــــدل لا يزال مســـــــتمراً داخــــــــل العــــــــراق بشــــأن طبيعـــــة العائـــــــــلات التي تتـــــــــم إعادتها، ومدى دقــــــــــــة الإجــــــــراءات الأمنيـــــــة فـــــــــي التحقــــق مـــــــــن خلفيـــــــات أفـرادهــــــا.
وتطالب منظمات حقوقية ومؤسسات محلية بوضع معايير واضحة لفرز العائدين وتأهيلهم، دون تعريض المجتمع لمزيد من التوتر أو المخاطر.
 تحديات كبيرة
وبدوره، قال مسؤول في وزارة الهجرة العراقية، إن «عودة ساكني مخيم الهول واجهت تحديات كبيرة خلال الفترة الماضية بسبب مسألة التمويل، بعد أن أوقفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) دعمها لبرامج الإيواء والتأهيل».
وأضاف المسؤول، الذي طلب حجب اسمه، لـ»إرم نيوز»، أن «الوزارة لا تزال تبحث مع الجهات المانحة والمسؤولين الحكوميين سبل استمرار عمليات الإعادة ضمن جدول زمني واضح، بما يضمن تنفيذ خطة تفريغ المخيم بحلول عام 2027».
وتشير بيانات رسمية إلى أن العدد الإجمالي للعائلات التي أعادتها الحكومة العراقية من مخيم الهول منذ العام 2021 بلغ 3751 عائلة، أي ما يعادل نحو 14,513 فرداً، في حين يبلغ عدد العائلات المقيمة، حالياً، في مركز الجدعة نحو 1200 عائلة، تضم ما يقارب 4700 شخص.
وتواجه الحكومة العراقية تحدياً إضافياً يتمثل في رفض بعض المجتمعات المحلية استقبال العائلات العائدة، خاصة في المناطق التي شهدت نشاطاً واسعاً لتنظيم داعش في السابق، حيث تسود مخاوف من إعادة إنتاج الفكر المتطرف أو تفجّر توترات داخلية.
وبحسب تقارير حقوقية، سُجلت حالات طرد وتهديد، وحرمان من التعليم، طالت أطفال تلك العائلات، إلى جانب امتناع بعض الجهات عن تسجيلهم في المدارس، ما يعكس حجم الهوة النفسية والاجتماعية التي ما تزال قائمة بين العائدين والبيئة المحيطة بهم.

تفعيل الخطة «ب»
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية، علي عباس، إن الحكومة وضعت خطة للتعامل مع آثار وقف تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، حيث تعتمد الوزارة، حالياً، على الإمكانيات المحلية، لكنها ملتزمة بتنفيذ برامج إعادة الإيواء والتأهيل، وفق جداول زمنية محددة مسبقاً من قبل الحكومة».
وأوضح عباس لـ»إرم نيوز»، أن «برامج التأهيل تشمل الجانب النفسي والاجتماعي والتعليمي، وتهدف إلى تمكين العائدين من الاندماج مجدداً في مجتمعاتهم الأصلية، فضلاً عن توفير ورشات عمل لتطوير مهاراتهم في مختلف الأعمال والمهن».
وتشير تقارير دولية إلى أن مخيم الهول ما زال يضم عشرات الآلاف من النساء والأطفال، أغلبهم دون سن الثامنة عشرة، ويُقدّر أن نحو نصف عدد سكانه يحملون الجنسية العراقية، وهو ما يجعل العراق في صدارة الدول المعنية بتفريغ هذا الملف الشائك.

مؤتمر دولي
ودفع هذا الواقع المعقد الحكومة العراقية إلى اقتراح عقد مؤتمر دولي نهاية العام الجاري، للبحث في ملف مخيم الهول وآليات التعامل مع سكانه، خصوصًا العراقيين، وذلك في محاولة لحشد دعم دولي لمعالجة الأبعاد الأمنية والإنسانية المرتبطة بالمخيم. وجدد مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي هذا المقترح خلال لقائه السفيرة الأمريكية في بغداد، السبت، مؤكداً ضرورة تفعيل التعاون الدولي لإغلاق هذا الملف بشكل منظم.  بدورها، قالت الباحثة الاجتماعية منى العامري، إن «العراق لا يمكنه التعامل مع ملف عائلات الهول بذات الآليات التقليدية، فهذه العائلات تحمل ذاكرة مشوّشة وهوية مهزوزة، وتحتاج إلى متابعة مستمرة بعد عودتها، لا مجرد إيصالها إلى مساكنها الأصلية». وأضافت لـ»إرم نيوز» أن «البلاد بحاجة إلى إنشاء هيئة خاصة أو مجلس أعلى لمتابعة أوضاع هذه العائلات، يشرف عليه متخصصون في علم النفس والاجتماع والتربية، لأن الملف لا يتوقف عند المخيمات، بل يمتد إلى المدارس، والمجتمعات، والشارع، والعلاقات اليومية».