سهيل المزروعي: الإمارات من أكبر المستثمرين في قطاع الطاقة الأمريكي
يستطيع القضاء مراقبة الموارد المالية للسياسيين
الفساد ينخر مؤسسات العراق...هل يستطيع القضاء إنقاذها؟
تحدث عبد الستار البيرقدار، المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى في العراق، عن ضغوط سياسية مختلفة على هذه الهيئة لتبرئة بعض البرلمانيين والساسة المتهمين بالفساد، الأمر الذي اعتبره دياري صالح، الكاتب العراقي، والأستاذ في جامعة كربلاء، تهديداً لهيبة القانون في البلاد.
وكتب ضمن موقع “تيلي فانت نيوز”، أن العراق لا يستطيع الخروج من متاهة ما بعد الغزو الأمريكي في2003، ما لم يحظ النظـام القضائي بالحماية من تبعات التنافس السياسي الذي يعمــــتل على تهميش دوره الحيوي.
وإذا لم يحصل ذلك، سيفقد النظام القضائي دوره الأخلاقي في المجتمع، وستكون النتائج لصالح الأطراف التي تحاول السيطرة على الدولة.
ظاهرة لافتة
وحسب الكاتب، أصبح الفساد يمثل، في العراق الجديد، ظاهرة لافتة في مختلف القطاعات الحكومية. وبسبب ذلك وضع مؤشر الفساد السنوي الذي تعده منظمة الشفافية الدولية، العراق ضمن قائمة أكثر الدول فساداً في العالم في 2019.
وفي رسالتها إلى الرأي العام، قالت ديليا فيريرا روبيو، رئيسة منظمة الشفافية الدولية: “من المرجح أن يزدهر الفساد حيث تتسم مؤسسات ديمقراطية بالضعف، كما رأينا في عدد من الدول التي يستخدم فيها سياسيون شعبويون وغير ديمقراطيي،ن الفساد لصالحهم».
وحسب كاتب المقال، يهدف الاستغلال السياسي إلى خلق نوع مختلف من أنماط الفساد من خلال لاعبين غير ديمقراطيين يحاولون إخضاع الدولة لإرادتهم ومشاريعهم. وهذا ما كان يجري في العراق منذ عقود.
اتهامات
ويشير الكاتب لما بثته قنوات تلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي عن اتهامات من أطراف سياسية لاستهداف القضاء، مؤكدةً تسييس قضايا الفساد من أجل الانتقام من بعض السياسيين. وهذا لا يعني أن القضاء نزيه بالكامل كما لا يؤكد أن هؤلاء السياسيين أبرياء.
وفي المقابل، يرحب جميع العراقيين بأي جهد يمارسه أي فريق، سياسياً كان أم تشريعياً، لإصلاح القضاء شرط أن لا يكون جزءاً من لعبة سياسية للسيطرة عليه.
وعلى القضاة أن يعملوا على إحراج هؤلاء السياسيين بمطالبتهم بتقديم الوثائق التي تثبت اتهاماتهم. وقد يعطي هذا مثالاً جيداً للمجموعات العراقية لتعزيز ثقتها في هذه المؤسسة.
وعلى القضاء أن يثبت أنه قادر فعلياً على التعامل مع حقائق من أجل إصلاح سلوكه، والدفاع عن وظيفته التي تحظى باحترام كبير من العراقيين.
تفاعل خلاق
ويعتقد الكاتب أن محاولات مثل هؤلاء الساسة الفاسدين مد سلوكهم المدمر إلى ساحة القضاء تعني تقويض فكرة الدولة نهائياً. ولن يستفيد أي كان من هذا السيناريو، ولكن أولئك السياسيين سيقفون بقوة ضد أي خطوات بناءة لإعادة تشكيل الدولة من خلال تفاعل خلاق بين الشعب والقضاء.
وعندما ينتشر الفساد في دول غنية، يتخذ أنماطاً مختلفة عن نماذج أخرى موجودة في دول فقيرة.
وفي العراق، أين تتمتع الدولة بموقع جغرافي مهم، وعدد من عناصر القوة الجيوسياسية، مثل النفط، يعتبر هذا النوع من السلوك أشد خطراً، لأنه يعرض ثروة هذا البلد للضياع.
إلى ذلك، يرى الكاتب أن العراق يستحق مصيراً آخر بالاستثمار في موارده الغنية ليصبح إحدى الدول المتقدمة في الشرق الأوسط. ويمثل القانون والقضاء أول وأهم جبهة للدفاع عن هذا المصير.
نفق مظلم
ولذلك يقول الكاتب إن إدخال النظام القضائي العراقي في الخلافات السياسية التي يشهدها العراقيون حالياً يعني أن الدولة العراقية متجهة بسرعة نحو نفق مظلم لا نهاية له.
وعلى سبيل المثال، يرفض العديد من الأحزاب السياسية إعطاء النظام القضائي أية فرصة لممارسة دوره في عملية تعقب الأموال التي أنفقت في الحملات الانتخابية.
وفي المقابل، يطالب المجتمع المدني وحركات الاحتجاج بمشاركة القضاء في تلك العملية. ويستطيع القضاء مراقبة وتتبع الموارد المالية لهؤلاء السياسيين لضمان نزاهة الانتخابات.
وفي ذات السياق، أعلن آية الله علي السيستاني، أبرز رجل دين شيعي في مدينة النجف، مرات أن الانتخابات المقبلة يجب أن تكون بعيدة عن نفوذ المال السياسي، في دعوة فعالة لتجديد الساحة حيث يلتقي المجتمع مع القضاء لمنع ساسة فاسدين من تزوير الانتخابات.
ويرى الكاتب أن عراقيين يراهنون حالياً على هذا الحلم ويعتقدون أنه سينقذ الدولة العراقية من الغرق. وتتوفر للقضاء العراقي الوسائل القانونية التي تمكنه من إعادة تشكيل مسار الدولة وطبيعة التفاعل الاجتماعي السياسي فيها. ولهذا السبب يعمل من لا يريد للعراق أن يزدهر على تدمير سمعة القضاء.
وفي هذا السياق، على القضاء العراقي الاستفادة من هذه اللحظة التي تمكن فيها المحتجون من تعزيز قدرته على فتح ملفات السياسيين الفاسدين.
ووفق الكاتب، ليس من السهل جلب هؤلاء للمحاكمة، ولكن أحداث ثورة أكتوبر(تشرين الأول) الماضي مهدت الطريق لتشكيل محكمة خاصة للتحقيق مع الأكثر فساداً.
وأشار رئيس الوزراء العراقي الجديد، ضمن برنامجه الحكومي، لقضية محاربة الفساد. وكانت تلك رسالة قوية قد تعزز آمال العراقيين في دعم النظام القضائي، وهو أهم إنجاز عاجل سيركز عليه العراقيون قبل تحديد موقفهم النهائي من حكمه.