رؤية نقدية

الفن التشكيلي يرصد الحاضر والمستقبل

الفن التشكيلي يرصد الحاضر والمستقبل


اعتمدت شيماء كيلاني الفنانة التشكيلية على الخطوط الهندسية في أعمالها الأخيرة، ظهر واضحا عشقها للفلكلور المصري ودمجه بالموروث الثقافي عند أهل النوبة، على اعتبار أن الزي النوبي يشير إلى الحضارة المصرية القديمة، وكأنها تبحث عن الهوية من خلال ريشتها وألوانها المتداخلة والتى يبدو عليها غير متقاربة او متناسقة، لكن في واقع الأمر تداخل الألوان خلق جو من البهجة واظهر الخطوط الهندسية بوضوح.وفي لوحة الفتاة الريفية التى تجلس في لحظة تفكير عميق بزيها التقليدي وشعرها السائد عن المصريين، وملامحها التى تدل على تقارب تفاصيلها بحقبة زمنية متعاقبة وممتدة، وكأن الفنانة شيماء الكيلاني تخاطب عقل الجمهور محاولة ربط الماضي بالحاضر من خلال فتاة تخطف عين المشاهد ولا يفكر غي خلفية اللوحة، فالمقصود من الوجه الذي ينظر في اتجاه مغاير للمشاهد، مما يجعل المتلقي يقارن بين وجه الفتاة ووجه الموناليزا، فهما نقيضين حيث أن الأخيرة تبتسم ابتسامة رقيقة جدا، بينما لوحة الفتاة المصرية تواري وجهها وكان اللوحة تم التقاطها بكاميرا للتصوير وعلى حين غفلة من صاحبة الوجه غارق في التفكير.

المتابع لخطوات الفنانة شيماء كيلاني سيجدها تهتم بالتشريح الجسدي في قالب هندسي، وهذا واضح في الشخوص والجياد، فخطوط الهندسية التى نحتت بها لوحاتها تنم عن فنانة تخاطب وجدان المتلقي، وتحاول نقله من حيز البرواز إلى عالم رحب مليء بالألوان المبهجة والداعمة للطاقة الإيجابية، وتمكنت من توثيق الهوية المصرية واستدعاء النوبة بثقافتها المتنوعة وعاداتها وتقاليدها الضاربة في عمق التاريخ.

البناء الحسي والبصري عند الفنانة شيماء الكيلاني يعطي بعد فني متميز لدى الجمهور، بل ويجد المتلقي في لوحاتها عمق في التفكير والوعي بمفردات الفن التشكيلي وذلك من خلال التأثير الثقافي الموجود داخل فكرة كل لوحة، فالخطوط المستقيمة المتداخلة بشكل فني تعكس المنظور الهندسي لكل شكل، وتفصل هذه الأشكال المعبرة الألوان مبهجة الدالة على الفلكلور الشعبي لمنطقة النوبة التى تزين بها البيوت، ومن بين هذه الألوان نجد الزي التقليدي بلونه الأبيض بارز جدا بتفاصيله المتميزة، فضلا عن الخلفية التى اختارتها الفنانة للوحات من رقصات بدوية وخيول وألات موسيقية منها الوتري والإيقاعي، وكل هذه المفردات تؤصل للموروث الثقافي والهوية المصرية القديمة.

رسمت الفنانة التشكيلية لوحاتها بحرفية، وتمكنت من اختيار خط ومدرسة قريبة من الذوق العام، خاصة وأن الفن التشكيلي يرصد الواقع والحاضر ويحاكي المستقبل، فاللوحات تغني عن كتب كثيرة تكتب لتفسر المضمون، فالريشة والألوان كفيلين بأن يحققا الهدف من توصيل الفكرة، لذلك سيظل الفن التشكيلي من الفنون الإنسانية والداعمة لترسيخ الإبداع وتغذية الروح بالجمال والصدق.  

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot