الكاريبي يشتعل.. مادورو يسلّح الملايين وترامب يرسل المدمرات

الكاريبي يشتعل.. مادورو يسلّح الملايين وترامب يرسل المدمرات


دخلت الأزمة بين الولايات المتحدة وفنزويلا مرحلة جديدة من التصعيد الخطير، بعد أن أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عن تعبئة 4.5 مليون عنصر من الميليشيا الشعبية ردًّا على ما وصفه بـ»التهديدات الغريبة والباطلة» القادمة من واشنطن. 
جاء ذلك بعد أيام فقط من إعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن نشر آلاف الجنود والبحارة والمدمرات الحربية في البحر الكاريبي، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع باعتبارها عرض قوة موجهة ضد كاراكاس.
وظهر  مادورو على التلفزيون الرسمي متحديًا: «هذا الأسبوع، سأفعّل خطة خاصة تتضمن أكثر من 4.5 مليون عنصر ميليشيا لضمان تغطية كامل أراضي البلاد».وتابع أن هذه الميليشيات ستكون «مجهّزة ومفعّلة ومسلّحة».
تُقدَّر الميليشيا، التي أسسها الرئيس الراحل هوغو تشافيز عام 2009 كذراع شعبي رديف للجيش النظامي، رسميًّا بنحو 5 ملايين شخص، أي ما يقارب سدس سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليون نسمة.
إلا أن محللين غربيين يشككون في حقيقة هذه الأرقام، مشيرين إلى أن العدد الفعلي قد يكون أقل بكثير، لكنه يظل مؤشرًا على محاولة مادورو إظهار قدرته على حشد الشارع في مواجهة الضغوط الخارجية.

تصعيد بحري وعسكري
في المقابل، نقلت شبكة CNN وصحف أمريكية أن البنتاغون قررت إرسال أكثر من 4 آلاف بحار ومارينز إلى منطقة عمليات القيادة الجنوبية، ضمن مجموعة «إيو جيما» البرمائية الجاهزة والوحدة الاستكشافية البحرية 22، وهما تشكيلان قادران على تنفيذ عمليـــات قتالية سريعة ونشر قوات في مناطق الأزمات.
كما تم نشر المدمرة الأمريكية «يو إس إس غريفلي»، المزودة بصواريخ موجهة، لتعزيز الأمن البحري في الحدود الجنوبية للولايات المتحدة والبحر الكاريبي.
وقال الجنرال غريغوري غيو، قائد القيادة الشمالية الأمريكية، إن نشر غريفلي يعزز قدرات واشنطن على «مكافحة الإرهاب البحري والجريمة المنظمة وعمليات التهريب والهجرة غير الشرعية».
الخطوة جاءت بعد أن ضاعفت إدارة ترامب قيمة المكافأة المخصصة للقبض على مادورو إلى 50 مليون دولار، متهمةً إياه بإدارة شبكة لتهريب الكوكايين تُعرف باسم «كارتل دي لوس سولس».

لعبة شد الحبل
يرى محللون أن مادورو يحاول عبر «تعبئة الملايين» من الميليشيا إظهار نفسه كزعيم مقاومة في مواجهة ما يسميه «الإمبريالية الأمريكية»، مستعيدًا خطاب تشافيز.
بينما في الجانب المقابل، تعمل إدارة ترامب على تصعيد الضغط العسكري والسياسي لإظهار أن كاراكاس لن تفلت من العقاب على أنشطتها غير المشروعة.
وأكد وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو أن قوات بلاده «منتشرة في البحر الكاريبي وعلى كامل الأراضي الوطنية»، في رسالة واضحة إلى البنتاغون بأن أي محاولة لاختراق الحدود أو المياه الفنزويلية ستُواجه برد مباشر.
البعد الإقليمي والدولي
الأزمة لم تعد محصورة بين واشنطن وكاراكاس. فتصعيد عسكري بهذا الحجم في منطقة الكاريبي يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، خاصة أن فنزويلا ترتبط بتحالفات وثيقة مع روسيا وإيران، وهو ما يثير مخاوف من انزلاق الأزمة إلى مواجهة بالوكالة.  إلى جانب ذلك، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا بأنه يرغب في «استعادة قناة بنما»؛ ما فتح الباب أمام تكهنات عن إعادة رسم خرائط النفوذ الأمريكي في أمريكا اللاتينية، وهو ما تعتبره فنزويلا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
 هل يشتعل البحر الكاريبي؟
في ظل هذه التطورات، يرى مراقبون أن الأزمة دخلت مرحلة جديدة من استعراض العضلات؛ فنزويلا تعتمد على الميليشـــــيا الشـعبية والروح الوطنية لمواجهة الضغط الخـــارجي، بينما تلجأ واشنطن إلى حشد قوات بحرية وبرية هائلة لإيصال رسالة ردع قوية.
ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: هل يقف التصعيد عند حدود التهديدات والمناورات، أم أن الكاريبي على وشك الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين واشنطن وكاراكاس؟