تحت رعاية محمد بن راشد.. معرض دبي للطيران 2025 ينطلق اليوم بدورته الـ19
تحول كبير سيغير تجربة البحث عن المعلومات إلى الأبد
المتصفح الذكي"جينسبارك" ... نافذة جديدة إلى محتوى العالم الرقمي
لا نبالغ إذا قلنا إننا أمام منعطف سيذهب بنا إلى مكان جديد كلياً، ولكن الأكيد أنه أجمل وأثرى وأكثر سهولة ويسراً، فنحن أمام تحول كبير سيغير تجربة البحث عن المعلومات إلى الأبد، ويضعنا أمام واقع معرفي لم نشهد له مثيلاً من قبل.
نعيش اليوم في مجتمع المعلومات، حيث المعرفة متاحة للجميع، لكن الوصول إليها يتطلب جهداً ووقتاً، والأدق أن الوصول إلى المعلومة الصحيحة يتطلب في كثير من الأحيان مهارات خاصة، إذ ما زلنا نحتاج إلى عملية فلترة إضافية وأكثر دقة للمعلومات. وفي عصر حل المشكلات بطرق أكثر إبداعاً وفاعلية، يعتمد معظم المنصات اليوم على تقنيات الذكاء الاصطناعي كركيزة أساسية في الكتابة والبرمجة وإنشاء الصور والبحث، وفي خضم هذه النقلات السريعة تبرز تقنيات تنبئ بتغير جذري في تجربة التصفح عبر الإنترنت، ففي حين كنا نخوض سابقاً رحلة بحث مجهدة تطالعنا فيها عشرات الروابط بغرض معاينتها، ندخل اليوم إلى عالم الإجابة الفورية، لنحصل على فلترة المعلومات المطلوبة مضافة إليها عمليات لم نحلم بها يوماً، تتجلى في فرز المعلومات وتحليلها وتقديمها جاهزة لنا.
تجربة التصفح
كان المتصفح يعرض علينا سابقاً قائمة من الروابط التي تقودنا إلى مواقع "الويب"، أما المتصفح الذكي فصمم على نهج أقرب إلى مساعد شخصي يفهم نية طلبك، ثم يغوص في أعماق الإنترنت معتمداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة ويجمع المعلومات من عشرات المصادر الموثوقة في الوقت الفعلي، ليقدم لك في النهاية خلاصة وافية عبر تقرير متماسك.
وبهذا نحن ننتقل من تزويدنا بروابط توصلنا إلى الجهات والأشخاص الذين تناولوا الموضوع المطلوب، إلى إيصالنا مباشرة للإجابة الأفضل أو خلاصة الإجابات، وكأنك تسأل خبيراً متخصصاً في مجال معين، ليعود إليك بعد دقائق بتقرير مفصل مع مصادر موثوقة.
نحن نتحدث هنا عن تجربة أسهل وأكثر توفيراً للجهد والوقت، إذ كان أكثر ما يواجه الباحث في المتصفحات التقليدية الكم الكبير من الروابط التي تحتاج إلى مراجعة للحصول على المعلومة المطلوبة بدقة، وغالباً ما كان السؤال العام الذي يكتب في مربع البحث، يقودنا إلى مجموعة من الإجابات العامة، إذ حتى في حال تخصيص السؤال لم يكن بإمكان المتصفح فهم النية من وراء السؤال.
"جينسبارك"
من أبرز أدوات التصفح المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، منصة البحث والأتمتة "جينسبارك أي آي" GenSpark AI،
التي استقطبت في غضون عام واحد فقط أكثر من مليوني مستخدم نشط شهرياً، وصممت "جينسبارك" لتغيير كيفية إيجاد المعلومات واستخدامها عبر الإنترنت بعيداً من قوائم الروابط التقليدية إلى حلول عملية مولدة بذكاء الاصطناعي، وأسهم في نموها مزيج من السرعة والتنوع في الأدوات، وجاذبية وجود وكيل ذكاء اصطناعي شخصي قادر على التعامل بصورة مستقلة مع مهام متعددة الخطوات، فـ"جينسبارك" لا تقدم قائمة من الروابط، بل تزودنا بإجابة مباشرة وشاملة من طريق الجمع بين البحث بالذكاء الاصطناعي ونظام وكيل قادر على تجاوز مجرد الإجابة عن الأسئلة إلى إنجاز المهام فعلياً.
من أبرز ميزات منصة "جينسبارك" تضمينها صفحة نتائج ديناميكية مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي "سبارك بيج" Sparkpage تجمع النتائج من مصادر موثوقة متعددة في الوقت الفعلي، وتزيل التفاصيل المكررة أو غير ذات الصلة، ثم تنظمها في عرض واحد، ما يقلل من الحاجة إلى التنقل بين علامات التبويب والتحقق من المعلومات يدوياً.
تجربة تفاعلية
تقدم لنا "جينسبارك" تجربة تفاعلية بالمطلق، فالمتصفح الذكي لا يكتفي بتقديم الإجابة مرفقة بمصادرها، بل يفتح الإمكانات للذهاب معه بالمعلومة إلى مكان آخر، عبر طرح مزيد من الأسئلة المتعلقة بالموضوع، للحصول على بنية من المعلومات المتصلة، والتي يشرح بعضها الآخر للحصول على فكرة متكاملة حول الموضوع المطلوب.
يتكامل نظام "جينسبارك" مع نماذج "أوبن أي آي" لفهم اللغة الطبيعية وتوليدها، إذ يجمع بين نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى لفهرسة البحث والتحقق من المعلومات والمهام متعددة الوسائط مثل إنشاء الصور والفيديو، ويتصل بأكثر من 80 أداة وواجهة برمجة تطبيقات خارجية، مما يمكن وكيله الفائق من تنفيذ إجراءات واقعية، ويتضمن ذلك إجراء مكالمات هاتفية وإرسال رسائل بريد إلكتروني لإنشاء المستندات والعروض التقديمية ومقاطع الفيديو.
بنية متعددة الوكلاء
يعتمد نظام "جينسبارك" على بنية متعددة الوكلاء، والوكيل عبارة عن كيان برمجي يمتلك خصائص ذكية مثل الاستقلالية والتفكير والتنقل والاجتماعيـة والقدرة على التعلم والتعاون والتفاوض، مما يتيح له إنجاز عمله من دون الحاجة إلى التدخل المباشر أو التوجيه من قبل الإنسان أو الكيانات الأخرى، والتعاون بصورة تبادلية والتواصل مع الوكلاء الآخرين ومع بيئته لإنجاز المهام الخاصة التي لا يمكن أن تؤديها البرمجيات التقليدية.
ينسق "جينسبارك" شبكة من تسعة وكلاء ذكاء اصطناعي متخصصة تعمل بالتوازي، ضمن نظام تعاوني لحل المشكلات المعقدة من خلال تفويض المهام وتخصص الأدوار والتواصل مع بعضها بعضاً لتحقيق هدف مشترك، بدلاً من الاعتماد على نموذج لغة كبير واحد، إذ صمم كل منها لمهمة مختلفة كلياً مثل التحقق من السياق والتنسيق والتلخيص وتنفيذ المهام واسترجاع المعلومات، وبذلك يمكن لـ"جينسبارك" تقديم مخرجات سريعة ومنظمة بصورة جيدة، ويعد هذا النهج مفيداً لتقسيم المهام الكبيرة والتعامل مع البيئات الديناميكية.
مستقبل التصفح التقليدي
لكن لا يمكننا القول إن "جينسبارك" سيلغي "غوغل"، في الأقل في المدى المنظور، بخاصه إذا ما علمنا أن معظم مستخدمي "غوغل" لا يخرجون من إطار البحث عن الأخبار المحلية والوصول إلى مواقع محددة، وهنا تكمن قوة عملاق البحث الأميركي، إضافة إلى أن تجربة البحث التقليدي راسخة كعادة في حياة مليارات المستخدمين، بالتالي يحتاج الأمر إلى وقت لدى الغالبية للتحول إلى عادة أخرى. من هنا يمكن حالياً اعتباره سوقاً موازية للبحث، يقدم تجربة متفوقة لأولئك الذين يملكون قدراً مرتفعاً من المرونة للتنقل بين تقنية وأخرى والتحول السريع إلى أفضلها في عصر السرعة والتحولات الكبرى، لكن الأكيد أن من يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي، التي ما زالت تحت بند البديلة حالياً، سيحصل على تجربة أسرع وأعمق وأكثر توثيقاً، ومن دون عناء، بالتالي توفير للجهد والوقت والمال وزيادة في الإنتاجية والنوعية في الوقت نفسه.
أما بخصوص تأثير "جينسبارك" على مستقبل المحتوى الرقمي،
لا شك في أن هذا التطور المذهل سيحث أصحاب الشركات لمراجعة ما بين أيديهم ووضع دراسات جديدة مبنية على الواقع الحالي وعلى توجه السوق، بالتالي تغيير الآليات القديمة والبدء في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، لكيلا يتخلفوا عن الركب.
لا نبالغ إذا قلنا إننا أمام منعطف سيذهب بنا إلى مكان جديد كلياً، ولكن الأكيد أنه أجمل وأثرى وأكثر سهولة ويُسراً، فنحن أمام تحول كبير سيغير تجربة البحث عن المعلومات إلى الأبد، ويضعنا أمام واقع معرفي لم نشهد له مثيلاً من قبل.