تمكنت من تفادي مخاطر لعبة التوازن:
الهند وروسيا: إكراهات ناريندرا مودي...!
-- انتقلت الهند من المركز الرابع إلى المركز الثاني بين زبائن الروس، متقدمة على اليابان وكوريا الجنوبية
-- المجال العسكري هو المكان الذي يعتبر فيه التعاون الروسي الهندي الأقوى تقليديًا
-- منذ بداية الصراع، أظهرت الهند حيادها وحافظت على تعاونها مع روسيا
-- اعتماد روسي أكبر على الصين، قد يثير السؤال حول صلابة الشراكة العسكرية الروسية الهندية
-- تضاعفت الواردات من روسيا، ثلاث مرات تقريبًا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021
لم تدن الهند الغزو الروسي لأوكرانيا. وهي تكثف مشترياتها من المنتجات الروسية وتحافظ على تعاون عسكري نشط مع موسكو. ومع ذلك، يُنظر إلى الحرب في أوكرانيا على أنها عبء متزايد على الاقتصاد الهندي، وأصبحت لهجة التعليقات الرسمية تصالحية أقل. تعتزم الهند أيضًا الحفاظ على مكانتها في التعاون الهندي والمحيط الهادئ الذي بدأته الولايات المتحدة لمواجهة الطموحات الصينية. إنها تنخرط في التواءات دبلوماسية يبدو أن ناريندرا مودي -من كبار المروجين لليوغا في العالم -يستوعبها. منذ بداية الحرب في أوكرانيا، نشرت الهند استراتيجية تستند بالكامل إلى مصالحها الوطنية.
وغير مبالية بمخاوف وتوقعات كل من الغربيين وأوكرانيا، فهي تستفيد مما لا يزال بإمكان روسيا تقديمه بينما ترفع صوتها في مواجهة صراع طويل الأمد.
ثاني أكبر زبون آسيوي لروسيا
تُظهر إحصائيات الحكومة الهندية للأشهر السبعة الأولى من عام 2022 حدوث انفجار في الواردات من روسيا، والتي تضاعفت ثلاث مرات تقريبًا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
وهذا الانفجار ناتج عن منتجات النفط والأسمدة، التي تضاعفت وارداتها بمقدار خمسة.
وبعيدًا عن المشاركة في الحظر الغربي على الصادرات الروسية من منتجات الطاقة، فإن الهند هي الهدف الأول للتوجه نحو آسيا الذي تحاول روسيا العمل به للإفلات من العقوبات الغربية.
ان نمو الصادرات الروسية إلى الهند أسرع بخمس مرات من تلك الموجهة للصين خلال النصف الأول من عام 2022 “+ 244 بالمائة مقابل + 50 بالمائة”. وداخل القارة الآسيوية، انتقلت الهند من المركز الرابع إلى المركز الثاني بين زبائن الروس، وهي الآن متقدمة على اليابان وكوريا الجنوبية.
في المقابل، فإن أداء الهند متوسط للغاية فيما يتعلق بصادراتها إلى روسيا، والتي انخفضت بنسبة 23 بالمائة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، بينما تمكنت الصين من الحفاظ على زيادة معينة في مبيعاتها.
كما ترتبط شهية الهند للمنتجات البترولية والأسمدة الروسية ارتباطًا وثيقًا بالخصومات الكبيرة جدًا التي يقدمها المصدرون الروس، وإمكانية التجارة بالروبل أو الروبية الهندية مما يجعل من الممكن تخفيف الضغط على سعر صرف الروبية. لذلك ليس بالضرورة أن تستمر هذه الشهية.
حياد وتعاون
امتنعت الهند عن التصويت في تصويتين رئيسيين في الأمم المتحدة: في 2 مارس 2022 عندما تم اعتماد القرار الذي يدين العدوان الروسي، وفي 7 أبريل عندما علقت مشاركة روسيا في عمل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. كما تواصل المشاركة بشكل طبيعي في الاجتماعات الإقليمية إلى جانب روسيا، مثلما كان الحال خلال اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند في 16 سبتمبر الجاري، إضافة الى ان الاجتماعات الثنائية تحافظ على إيقاعها المعتاد.
المجال العسكري، هو الميدان الذي يعتبر فيه التعاون الروسي الهندي الأقوى تقليديًا. الهند هي أكبر زبون آسيوي لروسيا في مبيعات الأسلحة، قبل الصين. دبابة القتال الرئيسية في الهند ذات تصميم روسي، و70 بالمائة من أسطول الطائرات المقاتلة الهندية من أصل روسي، على الرغم من أن الطلبات الأخيرة تشمل رافال وطائرة خفيفة مصممة هندياً. وقد تم توقيع عقد كبير للغاية بقيمة 5.5 مليار دولار عام 2018 لتسليم صواريخ أرض-جو بعيدة المدى من طراز اس 400 منذ ديسمبر 2021. ولم توقف الحرب عمليات التسليم هذه، والتي استمرت عام 2022 **. بعد النظر في فرض عقوبات على الهند كما فعلا مع تركيا سابقًا، تراجعت الحكومة الأمريكية والكونغرس عن ذلك الصيف الماضي. ومن الواضح أن الهدف المتمثل في إقامة شراكة أقوى كجزء من استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ التي نشرتها الولايات المتحدة لمواجهة التوسع الصيني، تعتبر أولوية على مساوئ استمرار التعاون العسكري الروسي الهندي.
لكن تأثير الحرب
يتزايد بالنسبة للهند
أصبح الاقتصاد الهندي ديناميكيًا للغاية مجددا في بداية عام 2022 بعد عام قوي 2021 أتاح محو الصدمة الكبرى للوباء عام 2020.
يناير 2022، توقع صندوق النقد الدولي نموًا بنسبة 9 بالمائة لهذا العام، الذي يضع الهند في المرتبة الأولى بين الدول الصاعدة، بمعدل نمو يقارب ضعف مثيله في الصين. وتسبب اندلاع الحرب في أوكرانيا في مراجعة هذه التوقعات نزولا. وأعلن صندوق النقد الدولي عن نمو بنسبة 7 فاصل 4 بالمائة للهند في 2022 في توقعاته لشهر يوليو، وبنك التنمية الآسيوي بنمو 7 بالمائة في آخر توقعاته لشهر سبتمبر.
ويصمد الاقتصاد الهندي بشكل أفضل من اقتصاد البلدان الصاعدة الأخرى، لكن ديناميكيته آخذة في التضاؤل.
التأثير على النمو ليس الشاغل الوحيد للسلطات، فالتأثير التضخمي للحرب كبير أيضًا، حيث تجاوز مؤشر الأسعار اليوم 7 بالمائة. الحسومات التي تم الحصول عليها من روسيا لشراء المنتجات البترولية والأسمدة، عوّضت جزئيًا فقط الانفجار العالمي في أسعار الطاقة وأسعار زراعية معينة.
تم تشديد السياسة النقدية الهندية، مع رفع أسعار الفائدة مرتين منذ بداية العام، وتواصل الروبية الهندية حركتها التدريجية نزولا مقابل الدولار، واخراج رأس المال من قبل المستثمرين الأجانب في أسواق الأسهم والسندات تضخمت في الأشهر الأخيرة -بلغت 15 مليار دولار خلال الربع الثاني 2022.
زيادة المخاطر الاستراتيجية
ويخلق تعثّر الهجوم الروسي خطر اعتماد روسي أكبر على الصين، مما قد يثير تساؤلات حول صلابة الشراكة العسكرية الروسية الهندية. فالهند مطالبة بأن تحافظ على شراكتها الاستراتيجية مع روسيا، والتي يتوقف عليها جزء كبير من قدراتها الدفاعية ضد الصين (التي تجمدت العلاقات معها منذ سلسلة الحوادث الحدودية عام 2020 ***)، وبالتوازي، مراقبة عن كثب لتطور العلاقات بين روسيا والصين.
وهذا ما يفسر بلا شك مشاركة الجيش الهندي في المناورات العسكرية المشتركة “فوستوك 2022” التي نظمتها روسيا مع الصين وبعض الدول الأخرى (لاوس ومنغوليا وسوريا ونيكاراغوا) في بداية شهر سبتمبر.
في نفس الوقت، تحتاج الهند إلى تطوير تعاونها مع الدول الغربية، والمشاركة في عملية المحيطين الهندي والهادي في مواجهة الصين. لقد تمكنت حتى الآن من تفادي مخاطر هذا التوازن.
الحياد الهندي ينهار
أصبح نفاد صبر الهند مع روسيا واضحاً الآن. في اجتماع مجلس الأمن الدولي في 24 أغسطس، أقدمت الهند لأول مرة على تصويت يتعارض مع روسيا. وكان ذلك للسماح لفولوديمير زيلينسكي بالمشاركة عن طريق الفيديو في اجتماع في الأشهر الستة الأولى من الحرب.
وكانت روسيا قد طالبت بحضور مادي للرئيس الأوكراني، وامتنعت الصين عن التصويت كالمعتاد، وانضمت الهند إلى المعسكر الغربي بقبول حضوره عن بعد.
وفي اجتماع سمرقند، أوضح ناريندرا مودي لفلاديمير بوتين نفاد صبره بشأن استمرار الصراع، مؤكدًا أن “هذا ليس وقت الحرب».
إن تفاقم الصراع، كما يتضح من التعبئة الجزئية المعلنة في روسيا، والإعلان عن استفتاءات تقرير المصير في الأراضي الأوكرانية المحتلة، والتهديد الجديد بمنعطف نووي الذي عبّر عنه بوتين في 20 سبتمبر، تهدد بمزيد من تعقيد مهمة الدبلوماسية الهندية... لا تزال الهند تريد أن تظل محايدة، ولكن إلى متى؟
*متخصص في آسيا والقضايا الاقتصادية الدولية. عمل مستشارًا اقتصاديًا وماليًا طيلة 20 عامًا في السفارات الفرنسية في اليابان والصين وكوريا وسنغافورة لصالح الآسيان. كما شارك في تطوير السياسات الأوروبية وخاصة السياسة التجارية، سواء في منظمة التجارة العالمية أو المفاوضات مع الدول الآسيوية.
يدرّس في كلية الشؤون الدولية في مدرسة العلوم السياسية بباريس حول التحليل المستقبلي لآسيا. نشر كتابًا بعنوان “الجائحة، تغيّر العالم”، مارس 2021 “منشورات لوب».
**أصبحت فوائد اس 400 الأحدث في التكنولوجيا الروسية -موضع شك، بعد أن أعلن الجيش الأوكراني في سبتمبر أنه دمر بطاريتين على الأقل من طراز اس 400 في منطقة خيرسون.
*** في القمة الأخيرة لمنظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند، لم يجد ناريندرا مودي وشي جين بينغ وقتًا لعقد اجتماع ثنائي.
-- المجال العسكري هو المكان الذي يعتبر فيه التعاون الروسي الهندي الأقوى تقليديًا
-- منذ بداية الصراع، أظهرت الهند حيادها وحافظت على تعاونها مع روسيا
-- اعتماد روسي أكبر على الصين، قد يثير السؤال حول صلابة الشراكة العسكرية الروسية الهندية
-- تضاعفت الواردات من روسيا، ثلاث مرات تقريبًا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021
لم تدن الهند الغزو الروسي لأوكرانيا. وهي تكثف مشترياتها من المنتجات الروسية وتحافظ على تعاون عسكري نشط مع موسكو. ومع ذلك، يُنظر إلى الحرب في أوكرانيا على أنها عبء متزايد على الاقتصاد الهندي، وأصبحت لهجة التعليقات الرسمية تصالحية أقل. تعتزم الهند أيضًا الحفاظ على مكانتها في التعاون الهندي والمحيط الهادئ الذي بدأته الولايات المتحدة لمواجهة الطموحات الصينية. إنها تنخرط في التواءات دبلوماسية يبدو أن ناريندرا مودي -من كبار المروجين لليوغا في العالم -يستوعبها. منذ بداية الحرب في أوكرانيا، نشرت الهند استراتيجية تستند بالكامل إلى مصالحها الوطنية.
وغير مبالية بمخاوف وتوقعات كل من الغربيين وأوكرانيا، فهي تستفيد مما لا يزال بإمكان روسيا تقديمه بينما ترفع صوتها في مواجهة صراع طويل الأمد.
ثاني أكبر زبون آسيوي لروسيا
تُظهر إحصائيات الحكومة الهندية للأشهر السبعة الأولى من عام 2022 حدوث انفجار في الواردات من روسيا، والتي تضاعفت ثلاث مرات تقريبًا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
وهذا الانفجار ناتج عن منتجات النفط والأسمدة، التي تضاعفت وارداتها بمقدار خمسة.
وبعيدًا عن المشاركة في الحظر الغربي على الصادرات الروسية من منتجات الطاقة، فإن الهند هي الهدف الأول للتوجه نحو آسيا الذي تحاول روسيا العمل به للإفلات من العقوبات الغربية.
ان نمو الصادرات الروسية إلى الهند أسرع بخمس مرات من تلك الموجهة للصين خلال النصف الأول من عام 2022 “+ 244 بالمائة مقابل + 50 بالمائة”. وداخل القارة الآسيوية، انتقلت الهند من المركز الرابع إلى المركز الثاني بين زبائن الروس، وهي الآن متقدمة على اليابان وكوريا الجنوبية.
في المقابل، فإن أداء الهند متوسط للغاية فيما يتعلق بصادراتها إلى روسيا، والتي انخفضت بنسبة 23 بالمائة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، بينما تمكنت الصين من الحفاظ على زيادة معينة في مبيعاتها.
كما ترتبط شهية الهند للمنتجات البترولية والأسمدة الروسية ارتباطًا وثيقًا بالخصومات الكبيرة جدًا التي يقدمها المصدرون الروس، وإمكانية التجارة بالروبل أو الروبية الهندية مما يجعل من الممكن تخفيف الضغط على سعر صرف الروبية. لذلك ليس بالضرورة أن تستمر هذه الشهية.
حياد وتعاون
امتنعت الهند عن التصويت في تصويتين رئيسيين في الأمم المتحدة: في 2 مارس 2022 عندما تم اعتماد القرار الذي يدين العدوان الروسي، وفي 7 أبريل عندما علقت مشاركة روسيا في عمل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. كما تواصل المشاركة بشكل طبيعي في الاجتماعات الإقليمية إلى جانب روسيا، مثلما كان الحال خلال اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند في 16 سبتمبر الجاري، إضافة الى ان الاجتماعات الثنائية تحافظ على إيقاعها المعتاد.
المجال العسكري، هو الميدان الذي يعتبر فيه التعاون الروسي الهندي الأقوى تقليديًا. الهند هي أكبر زبون آسيوي لروسيا في مبيعات الأسلحة، قبل الصين. دبابة القتال الرئيسية في الهند ذات تصميم روسي، و70 بالمائة من أسطول الطائرات المقاتلة الهندية من أصل روسي، على الرغم من أن الطلبات الأخيرة تشمل رافال وطائرة خفيفة مصممة هندياً. وقد تم توقيع عقد كبير للغاية بقيمة 5.5 مليار دولار عام 2018 لتسليم صواريخ أرض-جو بعيدة المدى من طراز اس 400 منذ ديسمبر 2021. ولم توقف الحرب عمليات التسليم هذه، والتي استمرت عام 2022 **. بعد النظر في فرض عقوبات على الهند كما فعلا مع تركيا سابقًا، تراجعت الحكومة الأمريكية والكونغرس عن ذلك الصيف الماضي. ومن الواضح أن الهدف المتمثل في إقامة شراكة أقوى كجزء من استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ التي نشرتها الولايات المتحدة لمواجهة التوسع الصيني، تعتبر أولوية على مساوئ استمرار التعاون العسكري الروسي الهندي.
لكن تأثير الحرب
يتزايد بالنسبة للهند
أصبح الاقتصاد الهندي ديناميكيًا للغاية مجددا في بداية عام 2022 بعد عام قوي 2021 أتاح محو الصدمة الكبرى للوباء عام 2020.
يناير 2022، توقع صندوق النقد الدولي نموًا بنسبة 9 بالمائة لهذا العام، الذي يضع الهند في المرتبة الأولى بين الدول الصاعدة، بمعدل نمو يقارب ضعف مثيله في الصين. وتسبب اندلاع الحرب في أوكرانيا في مراجعة هذه التوقعات نزولا. وأعلن صندوق النقد الدولي عن نمو بنسبة 7 فاصل 4 بالمائة للهند في 2022 في توقعاته لشهر يوليو، وبنك التنمية الآسيوي بنمو 7 بالمائة في آخر توقعاته لشهر سبتمبر.
ويصمد الاقتصاد الهندي بشكل أفضل من اقتصاد البلدان الصاعدة الأخرى، لكن ديناميكيته آخذة في التضاؤل.
التأثير على النمو ليس الشاغل الوحيد للسلطات، فالتأثير التضخمي للحرب كبير أيضًا، حيث تجاوز مؤشر الأسعار اليوم 7 بالمائة. الحسومات التي تم الحصول عليها من روسيا لشراء المنتجات البترولية والأسمدة، عوّضت جزئيًا فقط الانفجار العالمي في أسعار الطاقة وأسعار زراعية معينة.
تم تشديد السياسة النقدية الهندية، مع رفع أسعار الفائدة مرتين منذ بداية العام، وتواصل الروبية الهندية حركتها التدريجية نزولا مقابل الدولار، واخراج رأس المال من قبل المستثمرين الأجانب في أسواق الأسهم والسندات تضخمت في الأشهر الأخيرة -بلغت 15 مليار دولار خلال الربع الثاني 2022.
زيادة المخاطر الاستراتيجية
ويخلق تعثّر الهجوم الروسي خطر اعتماد روسي أكبر على الصين، مما قد يثير تساؤلات حول صلابة الشراكة العسكرية الروسية الهندية. فالهند مطالبة بأن تحافظ على شراكتها الاستراتيجية مع روسيا، والتي يتوقف عليها جزء كبير من قدراتها الدفاعية ضد الصين (التي تجمدت العلاقات معها منذ سلسلة الحوادث الحدودية عام 2020 ***)، وبالتوازي، مراقبة عن كثب لتطور العلاقات بين روسيا والصين.
وهذا ما يفسر بلا شك مشاركة الجيش الهندي في المناورات العسكرية المشتركة “فوستوك 2022” التي نظمتها روسيا مع الصين وبعض الدول الأخرى (لاوس ومنغوليا وسوريا ونيكاراغوا) في بداية شهر سبتمبر.
في نفس الوقت، تحتاج الهند إلى تطوير تعاونها مع الدول الغربية، والمشاركة في عملية المحيطين الهندي والهادي في مواجهة الصين. لقد تمكنت حتى الآن من تفادي مخاطر هذا التوازن.
الحياد الهندي ينهار
أصبح نفاد صبر الهند مع روسيا واضحاً الآن. في اجتماع مجلس الأمن الدولي في 24 أغسطس، أقدمت الهند لأول مرة على تصويت يتعارض مع روسيا. وكان ذلك للسماح لفولوديمير زيلينسكي بالمشاركة عن طريق الفيديو في اجتماع في الأشهر الستة الأولى من الحرب.
وكانت روسيا قد طالبت بحضور مادي للرئيس الأوكراني، وامتنعت الصين عن التصويت كالمعتاد، وانضمت الهند إلى المعسكر الغربي بقبول حضوره عن بعد.
وفي اجتماع سمرقند، أوضح ناريندرا مودي لفلاديمير بوتين نفاد صبره بشأن استمرار الصراع، مؤكدًا أن “هذا ليس وقت الحرب».
إن تفاقم الصراع، كما يتضح من التعبئة الجزئية المعلنة في روسيا، والإعلان عن استفتاءات تقرير المصير في الأراضي الأوكرانية المحتلة، والتهديد الجديد بمنعطف نووي الذي عبّر عنه بوتين في 20 سبتمبر، تهدد بمزيد من تعقيد مهمة الدبلوماسية الهندية... لا تزال الهند تريد أن تظل محايدة، ولكن إلى متى؟
*متخصص في آسيا والقضايا الاقتصادية الدولية. عمل مستشارًا اقتصاديًا وماليًا طيلة 20 عامًا في السفارات الفرنسية في اليابان والصين وكوريا وسنغافورة لصالح الآسيان. كما شارك في تطوير السياسات الأوروبية وخاصة السياسة التجارية، سواء في منظمة التجارة العالمية أو المفاوضات مع الدول الآسيوية.
يدرّس في كلية الشؤون الدولية في مدرسة العلوم السياسية بباريس حول التحليل المستقبلي لآسيا. نشر كتابًا بعنوان “الجائحة، تغيّر العالم”، مارس 2021 “منشورات لوب».
**أصبحت فوائد اس 400 الأحدث في التكنولوجيا الروسية -موضع شك، بعد أن أعلن الجيش الأوكراني في سبتمبر أنه دمر بطاريتين على الأقل من طراز اس 400 في منطقة خيرسون.
*** في القمة الأخيرة لمنظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند، لم يجد ناريندرا مودي وشي جين بينغ وقتًا لعقد اجتماع ثنائي.