حزب ديمقراطي ضعيف وبلد منقسم:

الولايات المتحدة: جو بايدن الفائز، ولكن ...!؟!

الولايات المتحدة: جو بايدن الفائز، ولكن ...!؟!

-- لا سلطة لجو بايدن فيما سيحدث من الآن وحتى التنصيب في 20 يناير
-- يرجح أن يواجه بايدن مجلس شيوخ جمهوري يملك حق النقض
-- انتهت أيضاً أحلام الرئاسة على غرار فرانكلين روزفلت

-- سيتعين على فريق بايدن اختيار أعضاء معتدلين في إدارته بما يكفي لإرضاء ميتش ماكونيل
-- سيأتي العائق الأكبر من السلطة القضائية التي تقرر في نهاية المطاف جميع الإصلاحات في هذا البلد


   لم يكن هذا هو السيناريو الذي حلم به واستعد له. بالتأكيد، في عمر يناهز 78 عامًا، تم في النهاية انتخاب جو بايدن رئيسًا. لكنه كان يأمل في موجة عارمة للديمقراطيين من شأنها أن تلقي الترامبية في طي النسيان، وتمنحه السيطرة على مجلس الشيوخ، وتمكينه من إطلاق إصلاحات كبيرة. وبدلاً من ذلك، يجد نفسه مع بلد مقسّم كما لم يحدث من قبل، وحزب ديمقراطي ضعيف خسر الأصوات بين السود واللاتينوس، وربما وضع تعايش غير مريح للغاية.

  في الواقع، سيتعين على الديمقراطيين انتزاع مقعدين في مجلس الشيوخ -وهو سيناريو غير مرجح -لتحقيق تعادل بسيط في مجلس الشيوخ بنسبة 50-50.
   حاليا، لا سلطة لجو بايدن فيما سيحدث من الآن وحتى التنصيب في 20 يناير. هل سيعترف دونالد ترامب بفوز هذا الاخير؟ هل سيكون هناك تسليم سلس؟ لا يبدو أن دونالد ترامب يميل إلى منح مكانه لخليفته دون صخب.

   لقد أرسل أسطولاً من المحامين لمحاولة الطعن في انتخابات ستة ولايات، وغرد الجمعة: “لا ينبغي لجو بايدن أن يطالب بشكل خاطئ بمنصب الرئيس، يمكنني ادعاء ذلك أيضا، الإجراءات القانونية بدأت للتو!».

   بعد ذلك، في الشهرين المتبقيين في البيت الأبيض، سيتمكن دونالد ترامب من التصرف بشكل أو بآخر كما يراه مناسبًا. إنه يخاطر بمنح العقود للأقارب، ومنح العفو للعديد من المستشارين تحت طائلة القضاء، وخاصة تمرير جميع أنواع تدابير اللحظة الأخيرة.

كبير المعارضين
اسمه ميتش مكونيل
   وبمجرد الجلوس على كرسيّه، سيتعين على جو بايدن إدارة العديد من الأزمات التي تتوزّع من وباء كوفيد إلى الركود الاقتصادي ... وخصوصا، يرجح أن يواجه مجلس شيوخ جمهوري يملك حق النقض. وأمامه أقوى رجل في واشنطن، ميتش مكونيل، زعيم الجمهوريين.

   وإذا حكمنا من خلال رئاسة أوباما، فإن الأخير سيعرقل التعيينات وجميع الإصلاحات بشكل اوتوماتيكي. عام 2008، على سبيل المثال، عندما كانت البلاد في خضم أزمة اقتصادية، تباطأ الجمهوريون قدر المستطاع في اعتماد خطة التحفيز التي وضعها باراك أوباما وأجبروه على خفض قيمتها.
   وقد بدأ الجمهوريون من الان في التمهيد لذلك. بعد ان تركوا الرئيس ترامب يعمّق العجز، ها هم يقدمون أنفسهم في ثوب أبطال التقشف المالي، ويفرملون خطة التحفيز الجديدة.

  لذلك سيتعين على فريق بايدن اختيار أعضاء معتدلين في إدارته بما يكفي لإرضاء ميتش ماكونيل، وليتم تثبيت تسميتهم في مجلس الشيوخ. وسيثير هذا الأمر غضب اليسار الديمقراطي، فشخصيات وازنة مثل اليزابيث وارين أو بيرني ساندرز -يعتبران من اليسار الراديكالي -لا فرصة لقبولهما في التشكيلة الجديدة.

وحتى سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي السابقة لباراك أوباما، التي يشاع توليها حقيبة وزارة الخارجية، قد تتعرض لخطر الرفض، لأن الجمهوريين غاضبون منها بسبب الهجوم الإرهابي في ليبيا على القنصلية الأمريكية في بنغازي.

   لقد انتهت أيضاً أحلام الرئاسة على غرار فرانكلين روزفلت، الرئيس الذي استغل أزمة 1929 الكبرى لإحداث إصلاحات بعيدة المدى، ونسيان مشاريع البنية التحتية الكبرى، ومكافحة الاحتباس الحراري ...    وكيف سيفعل لنيل المصادقة على زيادة الضرائب على الأجور المرتفعة، وإصلاح الرعاية الصحية، وفرض إجازة أمومة مدتها اثني عشر أسبوعًا، وخاصة إطلاق خطة إنعاش لإنقاذ الاقتصاد؟

   النقطة المضيئة الوحيدة بالنسبة للديمقراطيين، هي أن جو بايدن وماكونيل، اللذان يتقاربان في السنّ، يعرف كل منهما الآخر، ووطدا علاقاتهما على مقاعد مجلس الشيوخ. ماكونيل هو الجمهوري الوحيد الذي حضر جنازة بو، نجل بايدن، عام 2015. وتجنب مهاجمة الديمقراطي بسبب الملفات المشكوك فيها لابنه الآخر هانتر خلال الحملة. وربما سيكونان قادرين على إيجاد أرضية مشتركة حول خفض أسعار الأدوية، على سبيل المثال، أو حول الحاجة إلى ضخ مساعدات جديدة لمساعدة الاقتصاد.    في أسوأ الأحوال، إذا جمّد الجمهوريون كل شيء، فلا يزال بإمكان جو بايدن تقليد دونالد ترامب والتصرف بأمر تنفيذي وتعيين الوزراء دون موافقة مجلس الشيوخ. لكن من المرجح أن يأتي العائق الأكبر من السلطة القضائية التي تقرر في نهاية المطاف في هذا البلد جميع الإصلاحات.

   يذكر انه تم تعيين أكثر من 220 قاضيا محافظا لمحاكم الاستئناف في عهد دونالد ترامب. ويهيمن الآن على المحكمة العليا ستة قضاة محافظين مقابل ثلاثة ديمقراطيين. وفي خطابه يوم الجمعة، دعا جو بايدن إلى العودة إلى السلوك الحضاري في السياسة: “لقد حان الوقت لكي تتحد أمتنا وتتصالح... لن يكون الأمر سهلاً ولكن علينا المحاولة».