خالد بن محمد بن زايد يشهد جانباً من منافسات الألعاب الرقمية الهجينة في «دورة ألعاب المستقبل 2025»
أي جهد سينتهي بالجانبين إلى نتيجة «خاسر-خاسر»
انحسار الفرصة لتجنب كارثة بين روسيا والغرب
عندما شاهد مدير التحليلات السابق لشؤون روسيا في وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية جورج بيبي الرئيس جو بايدن بعد ظهر الجمعة يقول إنه يعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اتخذ قرار الذهاب إلى الحرب ومهاجمة كييف نفسها، تذكر تجربة مزعجة حدثت معه مؤخراً على التلفزيون الروسي الرسمي.
وبصفته المهنية السابقة، طُلب منه المشاركة في برنامج حواري بارز لمناقشة التقارير التي تنشرها الولايات المتحدة ودول أخرى أعضاء في حلف شمال الأطلسي حول خطط روسيا في أوكرانيا، وعما إذا كان الغرب يصدق هذه التقارير. فأجاب بأن التحليل الاستخباري هو عمل شاق. وتحصل أخطاء، والفشل في مسألة أسلحة الدمار الشامل العراقية هو الأبرز. لكن في الحال الراهنة، أبدى ثقته من أن الحكومة الأمريكية تعتقد فعلاً أن روسيا تستعد لغزو أوكرانيا.
مجرد حماقات
لكن الروس المشاركين في البرنامج-وهم من أكثر الخبراء إطلاعاً في مجال السياسة الخارجية-سخروا من الجواب. فهؤلاء ببساطة لا يتقبلون أن تكون الحكومتان الأمريكية والبريطانية تعتقدان بقوة بتقارير تفيد بأن موسكو تعد لهجوم أوكراني مزيف من أجل تبرير الغزو الروسي، وأن الكرملين يستعد لتنصيب حكومة دمية في كييف، أو أن الغزو سيحصل بتاريخ معين. وكان هناك أمر واحد جادلوا به، وهو أن هذه التقارير هي ببساطة مجرد حماقات في خضم المعركة الإعلامية بين الغرب وروسيا. وبعد كل هذا، إن الحقيقة هي الضحية الأولى للحرب. لكن إذا ما كانت واشنطن ولندن “تصدقان حملتهما الدعائية”، وفق ما يقول الروس، عندها تكون ثمة مشكلة حقيقية.
ويقول الكاتب في مقاله في مجلة “ناشونال إنترست”: “نعيش ذلك. إذ تجد روسيا والغرب أنه من المستحيل عليهما تفهم أحدهما للآخر في ما يتعلق بأوكرانيا والهيكل الأمني الأوروبي الأوسع. إننا لا نختلف حول ما يجب أن يكون. وإنما نختلف حول ما هي الحقيقة الراهنة».
في الغرب يعتبرون تشكيك خبراء روس في أن حكومتهم تستعد لشن هجوم على أوكرانيا، مسألة مضحكة بذاتها.
ويتساءل الكاتب: “أليس من الواضح أن موسكو تحشد قوات قرب الحدود الأوكرانية، وتجري مناورات عسكرية في بيلاروسيا والبحر الأسود، وتهدد علناً بإتخاذ خطوات عسكرية-تقنية في حال رفض حلف شمال الأطلسي التراجع عن الحدود الروسية؟ ألم تبرهن روسيا فعلاً عن نياتها العدوانية من خلال مهاجمة جورجيا في عام 2008 وأوكرانيا في 2014؟”. ويضيف: “كما يتهم الخبراء الروس الغرب بأنه يروج لحملات دعائية، نعتبر التأكيدات بأن لا نية لروسيا بغزو أوكرانيا على أنها لا تعدو كونها معلومات مضللة يطلقها الكرملين».
انعدام ثقة وخوف
وفي الوقت الذي يطغى انعدام الثقة والخوف على علاقات روسيا مع الغرب، فإن ذلك يمكن أن يتطور إلى كارثة في العصر الحديث. ويطلب الكاتب التدقيق في بعض الحقائق، أولاً أنه على غرار انعدام الثقة والخوف المتبادل بين الإمبراطورية الألمانية وبريطانيا في عهد الملك إدوارد، مما قاد إلى الحرب العالمية الأولى، فإن كل طرف اليوم يعتقد أن الطرف الآخر يضمر نيات عدوانية ويعتبر أن إجراءاته دفاعية فحسب.
ويبدو الكرملين مقتنعاً بأن الولايات المتحدة منذ مدة طويلة تحرك قواتها وبناها التحتية إلى نقاط أقرب من الأراضي الروسية، وتسلح وتمكن الفصائل المعادية لروسيا في الدول المجاورة، وتدعم بنشاط العناصر المخربة في روسيا نفسها. والغرب بدوره، يعتبر بوتين عدواً أبدياً للديمقراطية والحرية، في كل من أوروبا والولايات المتحدة نفسها. وبالنتيجة بات الطرفان يعتقدان أنه يجب “التصدي” للعدوان، مما يولد حلقة من الفعل ورد الفعل التي تدفع نحو نزاع.
والحقيقة الثانية، هي أنه لا روسيا ولا الغرب يمكنه إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر، سواء في الميدان أو على طاولة المفاوضات. ومنذ السنوات الأولى للعصر النووي، صرنا رهائن لبعضنا البعض، وأمن أي طرف يعتمد على أمن كاف لدى الطرف الآخر.
ويخلص الكاتب إلى أنه لن يكون في إمكان روسيا أو الغرب جذب أوكرانيا إلى دائرة نفوذه من دون تمزيق هذا البلد داخلياً. وليس في إمكان الكرملين طرد الولايات المتحدة من أوروبا، وكذلك ليس في إمكان أوروبا أن تكون مستقرة طالما روسيا بعيدة عن المؤسسات الأمنية الأكثر فاعلية في المنطقة. وفي ظل هذه الظروف، فإن أي جهد لإنتاج سيناريو “رابح وخاسر” بين الغرب وروسيا، سينتهي بالغرب وروسيا إلى نتيجة “خاسر-خاسر».
استخلص جون كينيدي درساً أساسياً من أزمة الصواريخ الكوبية وهو أن زعماء القوى النووية يحتاجون إلى نزع فتيل الأزمات، من طريق مساعدة بعضهم البعض على إيجاد تسويات متبادلة تحفظ ماء الوجه. وينطبق ذلك اليوم، على ما حدث في 1962. إن نافذة الفرصة المتاحة لتفادي الكارثة، آخذة بالانغلاق بسرعة.