باحتفال من داخل سجن صيدنايا.. إنشاء «رابطة لمعتقلي الثورة السورية»
أنشأ الناجون من التعذيب في سجون سوريا، «رابطة معتقلي الثورة السورية»، باحتفال أقيم داخل باحة سجن صيدنايا، أخطر سجن في الشرق الأوسط.
ومنذ افتتاح سجن صيدنايا عام 1987، سمّاه السوريون بـ»المسلخ البشري»، بسبب أساليبه الوحشية في التعذيب والإعدام وإخفاء الأشخاص.
ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، فإن ما بين 5000 و 13000 شخص، أعدِموا في السجن بلا محاكمات عام 2017.
ويقول حسين النادر، مدير رابطة معتقلي الثورة السورية، إن الرابطة ستعمل على تطوير مهارات المعتقلين وتدريبهم وتزويدهم بالاستشارات، بهدف تحسين وضعهم المعيشي.
وأضاف النادر لـ»إرم نيوز»: «نهدف لدعم المعتقلين وعائلات المفقودين، إنسانيًّا وتعليميًّا واقتصاديًّا، مع تقديم المشورات القانونية والدعم النفسي من أجل دمجهم بالمجتمع».
وتعرض حفل إشهار رابطة «معتقلي الثورة السورية»، لانتقادات من بعض الناشطين، بسبب مشاركة «العراضة الشامية»، ووجود إعلانات تجارية لبعض الشركات، إضافة لتقديم مقطع تمثيلي، يصور تعذيب المعتقلين.
وقال النادر: «شارك في حفل الإشهار، 1700 معتقل سابق، وهم من قدَّم العراضة الشامية، والمقطع التمثيلي، أما بالنسبة للشركات التجارية وإعلاناتها، فلا علاقة للرابطة بهذا الأمر ولم يكن ضمن برنامجنا».
من جانبه، أوضح المعتقل السابق في سجن صيدنايا، أحمد الخليل، أن احتفالية الرابطة داخل سجن صيدنايا، ظهرت كفعالية تجارية على حساب أرواح الضحايا.
توثيق أساليب التعذيب
وأضاف أحمد، الذي قضى 7 أعوام في سجن صيدنايا، لـ»إرم نيوز»: «المَلوم هو الحكومة التي رعت هذه الاحتفالية وسمحت بها، دون الانتباه إلى حماية السجون لأنها مسارح لجرائم النظام، وللأسف هذا يؤثر في الأدلة والوثائق الداعمة للعدالة الانتقالية».
ولا يتردد أحمد، بانتقاد الحكومة، ومطالبتها بالاهتمام بالمعتقلين والمفقودين والسجون، مضيفًا: «الحكومة المؤقتة، لم تضع سياسة واضحة فيما يخص العدالة الانتقالية، وحتى اليوم لا نسمع سوى التصريحات عن ملف المعتقلين والمفقودين، دون أن نشاهد إجراءً على الأرض».
ويعدُّ تأسيس رابطة تجمع عذابات السجناء وآمالهم، ضروريًّا لمعالجة الجراح والتداعيات النفسية التي مازالت تلاحقهم، إضافة لأهميته في توثيق أساليب التعذيب، وكيفية الاعتقال، وعدد المعتقلين في كل مرحلة.
ويقول النادر: «سنعمل على تقديم الدعم المعنوي لأهالي المفقودين، وإيصال صوتهم للمنظمات الدولية، والرأي العام المحلي والعالمي. فالأهالي الذين لا يعرفون ما إذا كان أبناؤهم، أحياءً أو أمواتاً؟، يعيشون معاناة مضاعفة، أقسى ممن قضوا سنين طويلة داخل السجن، ثم غادروه».
ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن عدد المعتقلين الذين تم إعدامهم في سجن صيدنايا، عام 2021، يصل إلى 30 ألف شخص، بينما تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية، أن محرقة تم بناؤها في السجن عام 2017، للتخلص من جثث المعدومين.
طموحـــــات رابطـــــــة معتقلي الثــــورة السورية كبيرة، كما يصفها النــــــادر، وهي لا تتلخص في التوثيق وإنصــــــــاف ضحايا الاعتقـــــــــال والاختفاء القسري وحسب، بل تأمل الرابطة أن تكون تجربة المعتقلين في السجون، عبرة للمجتمعات والحكومات بحيث لا تتكرر ثانية.
ويسترجع المعتقل أحمد الخليل، فترات صعبة مر فيها داخل السجن، ويقول: «أول عشرين يومًا في فرع الميسات التابع للأمن السياسي بدمشق، كانت صعبة في الزنزانة، حيث تسمع أصوات الأقفال والأبواب، وحتى اليوم أشعر بالرعب عندما يغلق أي باب بقوة».
ويعود الخليل بالذاكرة، عندما تم نقله إلى سجن «الشيخ حسن» في باب مصلى بدمشق، فقضى 3 أشهر قبل أن ينتهي به الأمر في سجن صيدنايا، ليقضي هناك 7 سنوات.
ويضيف أحمد: «كــــــــان في الزنزانــــــة الملاصقة لزنزانتي، شـــــــــاب يبدو مصابًا بالفصام، كان يصرخ على الحراس كي يخرجوه، ويخبرهم أنه خائف من العتمة والجرذان التي تخرج من فتحة الصرف الصحي».
وتعتبر سرديات السجون السورية، مهولة ومؤلمة، لكن رابطة السجناء، تحرص على تدوينها وحفرها جيدًا في الذاكرة، مثلما كان المعتقلون، ينقشون على الحيطان آمالهم بالخروج إلى الضوء يومًا.
وكانت منظمات حقوقية دولية مثل «أمنستي» و»هيومن رايتس ووتش»، طلبت من السلطات الجديدة، حماية الأدلة المتعلقة بالفظائع، وتأمين الوثائق الحكومية والاستخباراتية، لضمان عدم ضياع فرصة تحقيق العدالة لضحايا الاعتقال والتعذيب.