صورتان لتراجيديا واحدة:

بريطانيا: بريكسيت-ميغسيت... المعركة نفسها ...!

بريطانيا: بريكسيت-ميغسيت... المعركة نفسها ...!

-- سلالة وندسور تبعد سنوات ضوئية عن سحر نيويورك ولندن
-- تجسم قضية هاري وميغان الحرب الثقافية الجديدة في المملكة المتحدة
-- يشير تحرر العصفورين إلى الفجوة بين المملكة المتحدة وأمريكا الشمالية
-- تعود هذه الأزمة أساسًا إلى الاختلافات الجوهرية بين بريطانيا والعالم الجديد
-- لن يكون توقيع معاهدة تجارية ما بعد الــبــريكسيت مع كندا والولايات المتحدة مهمة سهلة


«منحت الملكة هاري وميغان فترة انتقالية أعفتهما بحكمة من خروج عنيف من العائلة المالكة... آمل أن يستلهم بوريس جونسون من هذا القرار الحكيم بشأن المقاربة التي ستعتمد للبريكسيت”:

 الرسالة التي بعث بها جاي فيرهوفشتات، مفاوض البرلمان الأوروبي المسؤول عن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، في عرض للحصول على تمديد الفترة الانتقالية بعد نهاية العام... رسالة خارج السياق والموضوع.
   ما وراء المظاهر، اوقعت جلالة الملكة دوق ودوقة ساسكس في الفخ، وحرمتهما من كل خصائصهما. وإذا قام رئيس الحكومة البريطانية بتقليد طريقة عمل إليزابيث الثانية، فإن الطريقة العنيفة ستتفوق على المعزوفة الناعمة التي يريدها رئيس الوزراء البلجيكي السابق.

   ومع ذلك، لا يجب على إليزابيث الثانية أن تتباهى بعد فوزها المدوي على الزوجين المتمردين اللذين انتقلا الى أمريكا الشمالية. تُذكّر الحرب الضروس بين مؤيدي ميغان ومناهضيها، بضراوة المناقشات التي قسّمت العائلات والأصدقاء منذ الاستفتاء المشؤوم في 23 يونيو 2016. وبينما غادرت المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في 31 يناير، فان ميغسيت الأميرية (الإشارة إلى البريكسيت) يمثل امتدادًا لألم الدراما النفسية لعملية فك الارتباط.

إهانة
   في الواقع، باستعارة تعبير الكاتب ديفيد غودهارت، فإن دوقة ساسكس لا تحظى بشعبية كبيرة بين “الاشخاص من مكان ما”. في المقابل، فإن ممثلة هوليود السابقة تتمتع بمؤازرة “الاشخاص من أي مكان”. المعسكر الاول يدعم البريكسيت، في حين يدعم الثاني، الانتساب للاتحاد الأوروبي.
   من ناحية، مملكة الشباب الحضري، الكوني، متعدد الثقافات، أصحاب الشهادات العليا، والمستفيدين من طفرة التكنولوجيا الحديثة. ففي نظرهم، السبب وراء سقوط اسس منزل ساسكس، هو الجمع بين عاملين يرتبطان بهما أولاً وقبل كل شيء، العنصرية (هي) والصحة العقلية (هو). وتمثل هذه المجموعة، نفس إنجلترا “قوس قزح” التي بكت وفاة ديانا عام 1997 خلال أكبر عرض للحزن الوطني لم يسبق له مثيل.

   في المعسكر الآخر، تقف إنجلترا الملكية، شعب الاعماق من المدن الصغيرة والمتوسطة، يتمتعون بمستوى تعليمي أقل، وعلى ارتباط وثيق بتراث الأرض، والحنين إلى العظمة الماضية، يحجمون عن الهجرة، ومفتونون بالسيادة الوطنية. ويتركز هؤلاء السكان في المقاطعات الغنية في جنوب إنجلترا، وكذلك في ميدلاندز والشمال الفقير على حد سواء. وعند سماعهم، فإن الموقف المتمرد لهاري وميغان، هو إهانة لصاحبة الجلالة المسنة، التي جلب لها تفانيها في هذه المهمة احتراما عالميا.

حرب ثقافية
ان “ قضية هاري وميغان، تجسّم الحرب الثقافية الجديدة في المملكة المتحدة... إنها تمرد الملكيين الشرعيين الذين يرفضون أن تملي عليهم النخبة الحضرية السلوك الذي يجب عليهم اتباعه”..
 كما تؤكد سارة ساندز. وقد دعت منتجة البرنامج الاذاعي الاخباري الشهير توداي، هاري في ديسمبر 2017 لاختيار الموضوعات العزيزة على قلبه.
اختار، السادس في وراثة العرش، موضوع حماية البيئة، والذكاء الاصطناعي، وعنف الشباب، والصحة العقلية والإيدز في أفريقيا، وكل ذلك تعزز بمقابلة طويلة مع الرئيس باراك أوباما أجراها الأمير بنفسه.
   يمكننا تخمين ردود فعل جدته من خلال الاستماع إلى البرنامج. ففي رسالتها بمناسبة عيد الميلاد، لا تتناول الملكة الا المواضيع التقليدية، فالدين والحياة الأسرية والاشادة بالقوات المسلحة، تحدد ايقاع الخطاب الوحيد الذي تكتبه بنفسها دون توقيع وزاري. “ان سلالة وندسور تبعد سنوات ضوئية عن سحر نيويورك ولندن وبريقهما... والمؤسسة تستمد هويتها من المقاطعات الداخلية”، تختم ساندز.

أزمة
   رابط آخر بين البريكسيت والميغسيت، وهو المكون الأمريكي. أعرب وزير التجارة الدولية بين 2016 و2019، ليام فوكس، عن رغبته في أن يفيد هذا الزواج العابر للأطلسي العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة.
   وفي نظر صحيفة التايمز، يشير تحرر العصفورين إلى الفجوة بين المملكة المتحدة وأمريكا الشمالية، “هذه الأزمة ترجع أساسًا إلى الاختلافات الجوهرية مع العالم الجديد. نحن من المتهكمين، لا نأخذ أنفسنا على محمل الجد، نتردد باستمرار حول التمشّي الذي يجب ان نعتمده. في حين إن روح الامريكان طفولية، انهم متحمسون وأقدامهم على الأرض”. وفي ظل هذه الظروف، لن يكون توقيع معاهدة تجارية ما بعد البريكسيت مع كندا والولايات المتحدة مهمة سهلة.
   النقطة الأخيرة، وهي واحدة من الأوراق الرابحة التي تملكها إنجلترا للنجاح في تغيير جلدها ما بعد البريكسيت، تتمثل في ديناميكية مجتمعها المتعدد الثقافات. بفضل ميغان، كان على المملكة البيضاء والأنجلو سكسونية والبروتستانتية، أن تعدل عقارب ساعتها على التنوع... فكان الفشل.
  وتهاطل التعليقات العنصرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والهجمات القائمة على أساس التمييز على نوع الجنس من جانب كتاب الأعمدة الرجعيين الذي كانت ضحيته ميغان، يدل على مدى تصدع هذه الواجهة المتناغمة.
   اللعنة...! بريكسيت-ميغسيت، المعركة نفسها!




 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot