رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة الأميرة جواهر بنت بندر بن محمد
بسبب افتقاره إلى رؤية سياسية: الأرجنتين في طريق مسدود
تعود أسباب الوضع إلى عدم قدرة البلاد على تحقيق نمو مستدام وبناء نموذج إنتاجي قوي ، بالرغم من ثروات الأرجنتين الهائلة ،و لافتقاره الى رؤية سياسية واضحة ...
حذر الليبرالي المتطرف خافيير مايلي، بعد انتخابه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية في 19 نوفمبر بنسبة 55.7% من الأصوات، أن الأشهر الستة المقبلة ستكون صعبة للغاية. والواقع أنه لن يكون هناك «تدرج» في التدابير التي سيتخذها ، وهو ما ينبغي أن يؤدي إلى «صدمة» ليبرالية منذ لحظة توليه منصبه في العاشر من ديسمبر . من هذه التدابير التخفيض الجذري في الإنفاق العام بحوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي، واستبدال البيزو بالدولار، وإلغاء البنك المركزي... ومنطقها هو فرض علاج صحي وحشي على البلاد.
وهي طريقة متنازع عليها على نطاق واسع من قبل الاقتصاديين من جميع المشارب. ولكن هذه هي الجرعة المريرة للغاية التي أصبح قسم من ناخبي خافيير مايلي على استعداد لتجرعها، المنهكين بفِعل الاقتصاد المحتضر، والذي حاولت سياسات مختلفة علاجه منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وكانت نتائج هذه السياسات مثيرة للقلق: تضخم بنسبة 143% خلال عام واحد، و40% من السكان تحت خط الفقر، وسعر صرف مقيد بسلسلة من القيود، وديون هائلة ،ما يعادل 41 مليار يورو يجب سدادها لصندوق النقد الدولي. . الوضع يبدو وكأنه سبق أن وقفنا عليه.
وترجع جذور هذه الأسباب كلها إلى عجز البلاد عن توليد النمو المستدام وبناء نموذج إنتاجي متين. وأصل أوجه القصور هذه: الرؤية السياسية التي غالبا ما تكون قصيرة المدى أو مغامرة. وهي مسؤولية تتحملها كل من الحكومات البيرونية، التي مثلت تيارا يتأرجح بين اليسار ويسار الوسط، على رأس البلاد لمدة ستة عشر عاما من السنوات العشرين الماضية والحكومات المناهضة للبيرونية. ومع ذلك، لم يكن كل شيء قاتما جدا. فبعد أزمة عام 2001، شهدت البلاد انتعاشا.
و هي ظاهرة ميكانيكية بعد اصطدامها بالقاع .لقد استغرقت عملية إعادة الإعمار سنوات عديدة، في عهد الزوجين البيرونيين نيستور كيرشنر «2003-2007»، ثم كريستينا فرنانديز دي كيرشنر «الولاية الأولى من 2007 إلى 2011 « ثم هبت رياح النمو في جميع أنحاء البلاد، مدفوعة بأسعار المواد الخام، وفي هذا الوقت تم إنشاء شبكة الأمان الاجتماعي. وإذا كانت ولايتا كيرشنر الأوليتان قد أعطتا زخماً لإعادة التصنيع، «فلقد احتكرتهما المفاوضات بشأن الديون»، كما يشير مارتن كالوس، الخبير الاقتصادي ومدير شركة « إيبيكا «والحقيقة أن عائلة كيرشنر ورثت ديوناً ثقيلة السداد لصندوق النقد الدولي، والدائنين من القطاع الخاص، و»الصناديق الجشعة العنيدة « التي خلفها الرئيس البيروني الشرعي كارلوس منعم «1989-1999» «ومع ذلك، كان هناك أيضًا افتقار إلى الرؤية الاقتصادية خلال سنوات كيرشنر هذه. « إنهم لم يعرفوا كيفية تحديد الدورة. و كان ينبغي عليهم، ولا يزال يتعين ، أن يتحركوا نحو اقتصاد متنوع، من خلال مواصلة تطوير الصناعة والخدمات. « يضيف مارتان كالوس .
آلة الفقر
في الواقع، تعاني الأرجنتين من اعتمادها القوي على القطاع الزراعي ، فول الصويا والقمح والذرة. ومع ذلك، فإن الصحة الجيدة للقطاع، وبالتالي للبلاد، تخضع لتقلبات المناخ. وخلال سنوات الجفاف 2008، 2012، 2018، ثم 2023، تعطل الاقتصاد. وبسبب غياب استراتيجية تنمية طويلة المدى، بدأ الركود خلال الولاية الثانية لكريستينا فرنانديز دي كيرشنر « 2011- 2015 .» إن مشكلة الأرجنتين هي عجز ميزانيتها: فهي تنفق أكثر مما تكسب وكان هذا هو الحال بشكل مستمر منذ عام 2011 وهذا يترجم إلى الديون وإصدار البيزو . «ومع ذلك، فإن إصدار البيزو يسبب التضخم»، كما تصف باولا غاندارا، مديرة الاستثمار في مجموعة « إدكاب «المالية. ومع تحول التضخم ذاته إلى آلة للفقر، فإن حالة الطوارئ الاجتماعية تتطلب اتخاذ تدابير قصيرة الأجل مثل إعانات الدعم ــ وبالتالي تحويل أنظار الساسة عن الإصلاحات الإنتاجية الطموحة. ويراهن الرئيس موريسيو ماكري من اليمين الوسط، 2015-2019 على وصفة ليبرالية، تتعارض مع الاتجاه السائد في سنوات كيرشنر. وهذا لن ينجح، وذلك بسبب الجفاف القاسي ـ مرة أخرى ـ ولكن أيضاً بسبب السوق الاقتصادية والمالية التي انفتحت فجأة وأصبحت أكثر عُرضة للاضطرابات الدولية.
منذ عام 2018، دخلت البلاد في حالة ركود. إن التضخم ــالذي لم يتوقف قط عن الارتفاع بمعدل يتجاوز 10% منذ عام 2007 يتسارع. الفقر أيضا. تتحمل البلاد أكبر دين منحه صندوق النقد الدولي على الإطلاق. هذا هو الوضع الذي ورثه ألبرتو فرنانديز «البيروني من يسار الوسط» في عام 2019 وسرعان ما أثقلت جائحة كوفيد - 19، ثم العواقب التضخمية للحرب في أوكرانيا والمفاوضات بشأن الديون، كاهل إدارته. والاقتصاد متعثر. ولكن العقبة الأكثر إثارة للقلق هي عقبة داخلية للغاية: فالخلاف بين الرئيس ونائبته كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، يعمل على تجسيد عملية صنع القرار بالكامل. لا شك أن المساعدات الاجتماعية موجودة للاستجابة لحالة الطوارئ، ولكن ماذا عن الخطة الحقيقية الطويلة الأجل لإنهاء الاعتماد على الزراعة؟ رؤية تهدف إلى بدء تحول الطاقة في عالم يجب أن يبتعد عن الوقود الأحفوري؟ وسيلة لكسر دوامة التضخم؟ وبدون استجابة، فإن الاقتصاد يتجه نحو الأسفل. ويتجه الناخبون، الذين خاب أملهم، إلى الحل المتطرف الذي يحمل لهم الحلم المشروع بحياة كريمة.