مخاطر واستراتيجيات

بلومبرغ: «مفاجآت أكتوبر» قد تقلب مسار الرئاسة الأمريكية

بلومبرغ: «مفاجآت أكتوبر» قد تقلب مسار الرئاسة الأمريكية


يلاحظ الباحث في معهد المشروع الأمريكي هال براندز، أن العالم لا يصبح أكثر هدوءاً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فالضربات الإسرائيلية الفتاكة ضد قيادات بحماس وحزب الله تثير شبح حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.
كما تعمل انتخابات مزورة على ما يبدو في فنزويلا على تأجيج الاحتجاجات والقمع الوحشي من قبل الحكومة، وتختبر كلتا الأزمتين الرئيس جو بايدن في أشهره الأخيرة في منصبه. وكلتاهما أيضاً مثلان على كيف يمكن لعالم فوضوي أن يخلف دماراً هائلاً في سباق رئاسي متقارب.
وكتب براندز في شبكة «بلومبرغ» أن التكهنات حول ما يسمى بمفاجأة أكتوبر ليست بالأمر الجديد. ففي خريف 1956، انتفاضة فاشلة ضد الهيمنة السوفييتية في المجر الشؤون العالمية عشية إعادة انتخاب الرئيس دوايت أيزنهاور. وفي 1968، خشي ريتشارد نيكسون من أن يؤدي تحقيق اختراق في محادثات السلام حول فيتنام إلى إفشال ترشيحه، تماماً كما خشي الديمقراطيون أن نيكسون كان يقوض تلك المحادثات لتحقيق مكاسب سياسية.
وفي 1980، كان أنصار رونالد ريغان قلقين من أن الرئيس جيمي كارتر قد يبرم صفقة في اللحظات الأخيرة لإخراج الرهائن الأمريكيين من إيران. كانت الانتخابات الرئاسية لسنة 2016 مضطربة بسبب الهجمات السيبرانية الروسية والتضليل الإعلامي الذي هدف إفادة دونالد ترامب.

إسفين
اليوم، يمكن لعالم يشهد أزمات في مناطق عدة أن يرمي عدداً من العراقيل في المنافسة بين ترامب وكامالا هاريس. إن الاحتمال الأكثر سوءاً سيكون تصعيداً كبيراً يشمل إسرائيل وأعداءها، وأبرزهم إيران والوكلاء الإقليميون الذين تدعمهم. إن حرباً شاملة بين إسرائيل وحزب الله ستقزم القتال في غزة عبر قوتها التدميرية يمكن أن تتحول بسهولة إلى ثوران إقليمي من خلال دفع إيران إلى التدخل لدعم وكيلها الأهم. بعيداً من كلفتها البشرية، من شأن مثل هذه الحرب أن تدعم حجة حملة ترامب بأن القيادة الديمقراطية الضعيفة أنتجت عالماً مشتعلاً. لكن التأثير السياسي الحقيقي سيكون بين الديمقراطيين أنفسهم. قبل وقت ليس ببعيد، كانت الحرب في غزة ودعم بايدن القوي لإسرائيل يهددان بتثبيط حماسة الديمقراطيين بين الناخبين الشباب والتقدميين والأشخاص الملونين والعرب الأمريكيين أيضاً، وبخاصة في ميشيغان. هاريس أقل عرضة لهذه المشكلة إلى حد ما، لأنها كانت أكثر انتقاداً بشكل هامشي لإسرائيل. مع ذلك، إن حرباً تدمر فيها صواريخ حزب الله إسرائيل، بينما يجعل الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان يبدو وكأنه غزة، قد تؤدي إلى احتجاجات قبيحة في المؤتمر الديمقراطي المقبل في شيكاغو. كما أنها ستعيد دق إسفين إسرائيلي في الائتلاف الديمقراطي، في وقت تكمن على الأرجح آمال هاريس بالانتصار في تعظيم الإقبال الأساسي للملتزمين الديمقراطيين أكثر من كسب المستقلين.

ماذا عن مادورو؟
أضاف براندز أنه في فنزويلا، يحاول الرئيس نيكولاس مادورو الغش على طريقه إلى ولاية أخرى، بينما تسعى المعارضة إلى إحباط هذه السرقة الانتخابية. فنزويلا نفسها ليست قضية ساخنة في أمريكا. لكن أزمة خارجة عن السيطرة قد تشعل قضايا تهدد بشكل خطير محاولة هاريس للفوز بالرئاسة.
في السنوات الأخيرة، فر ما يقرب من 8 ملايين فنزويلي من بلادهم هرباً من القمع والبؤس الذي تسبب به مادورو. وتُظهر استطلاعات الرأي أن ثلث السكان المتبقين ربما قد يغادر إذا تمسك هذا النظام بالسلطة.
بالرغم من أن معظــــــــم الفنزويليين ســــينتهي بهم المطاف في أماكن أخرى ضمن أمريكــــــــا اللاتينية، قد تنتــــــج صدمــــــة هجــــــــرة بهذا الحجـــــــــم مشاهد جديدة من الفوضى على الحــــــــدود الأمريكيــــة قبل الانتخابات.
 وإذا عاقبت الولايات المتحدة مادورو العنيد بتشديد العقوبات على صناعة النفط الفنزويلية، فقد يكون التأثير اضطراباً في أسواق الطاقة والاقتصاد المحلي قبل الخامس من نوفمبر -تشرين الثاني.
 أحداث أخرى
ثمة مفسدون آخرون حاضرون. كان الحوثيون في اليمن يطلقون النار على الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن لأشهر عدة. إذا أصابت قذيفة سفينة حربية أمريكية وقتلت أفراداً من الخدمة الأميركية ــ وهو السيناريو الذي يحذر مسؤولون في البنتاغون من ازدياد احتمالاته بمرور الوقت ــ فمن المؤكد أن يضر هذا الأمر بإدارة تبدو عاجزة عن هزيمة متطرفين غير منظمين في الشرق الأوسط. أو ربما إذا حققت روسيا بعض المكاسب الكبيرة في شرق أوكرانيا فقد يعزز ذلك اتهام ترامب للإدارة الحالية بأنها تفتقر إلى استراتيجية للفوز أو إنهاء هذه الحرب.
يرى الكاتب أن أفضل أمل لها هو تحقيق تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار التي تبدو بلا نهاية بين إسرائيل وحماس. إن اتفاقاً ينهي الحرب في غزة يمكن أن يهدئ حزب الله والحوثيين، وكلاهما يدعي أنه يقاتل تضامناً مع الفلسطينيين. وثمة فرصة ضئيلة لأن يؤدي وقف إطلاق النار إلى إعادة تنشيط المفاوضات من أجل تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، مما يمنح بايدن وهاريس إنجازاً مميزاً. وعلى أقل تقدير، من شأن وقف إطلاق النار أن يقلل احتمالات الانقسام الديمقراطي بشأن الشرق الأوسط.

حافز محتمل
يقول مسؤولون أمريكيون إنهم قريبون من اتفاق، بالرغم من أن عقبات كثيرة مثل تعنت حماس ومقاومة العناصر اليمينية في إسرائيل وصواريخ حزب الله لا تزال حاضرة. وقد يؤدي اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية، إلى إعطاء زملائه الحافز لإبرام صفقة قبل أن يلقوا نفس المصير ــ أو قد يؤدي ببساطة إلى إشعال فتيل صراع مع إيران التي تشعر بالغضب الشديد لأن الاغتيال حدث على أراضيها. وحتى إذا تم التوصل إلى وقف موقت لإطلاق النار في الأسابيع المقبلة، فقد ينهار.
لكن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية العالية المخاطر من ذروتها، يتوقع الكاتب أن يبذل فريق بايدن وهاريس قصارى جهده لتأمين الهدنة ــ من أجل التهدئة الجيوسياسية التي ستجلبها والفوائد السياسية التي قد توفرها في آن.