بلومبرغ: أفريقيا أحد الأضرار الجانبية للحرب الروسية-الأوكرانية

بلومبرغ: أفريقيا أحد الأضرار الجانبية للحرب الروسية-الأوكرانية


تناول الكاتب بوبي غوش انعكاسات الحرب الروسية-الأوكرانية على أفريقيا، معتبراً أن القارة تشكل أحد الأضرار الجانبية للنزاع.
عند بداية العملية الروسية، أتت الإدانة الأقوى من أفريقي. ففي خطاب انتشر في أنحاء العالم، أسقط المندوب الكيني لدى الأمم المتحدة مارتن كيماني، المعاناة الإستعمارية الصادمة لأفريقيا، على نزعة الانتقام الروسية. وقال إن الدول الأفريقية رفضت التوسع لأي سببٍ كان، عنصرياً أو عرقياً أو ثقافياً "ونرفضه في الوقت الحاضر".

ومذذاك، تراجعت الانتقادات الأفريقية لروسيا، خصوصاً داخل الأمم المتحدة، حيث تؤثر 54 دولة أفريقية على نتائج التصويت. وصوت أكثر من نصف هذه الدول لمصلحة قرار الجمعية العمومية بإدانة العملية الروسية، ورفضته 17 دولة، واختارت 8 دول عدم التصويت بأي شكل. وصوتت إريتريا - مع بيلاروسيا وكوريا الشمالية وسوريا وروسيا نفسها ضد القرار. وبصرف النظر عن الجهود الديبلوماسية من الولايات المتحدة وحلفائها لحشد التأييد الأفريقي ضد روسيا، فإن 33 دولة امتنعت أو لم تصوت في 7 أبري (نيسان) على قرار بطرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان.

وتتراوح التفسيرات للتردد في إدانة روسيا بين الأسباب التاريخية وتلك البراغماتية. ويشكل التذكير بالفترة الاستعمارية التي وردت على لسان كيماني، قلقاً واسعاً حيال ممارسات الغرب، فيما يشجع التذكير الناعم بالمساعدة السوفياتية لدول عدم الإنحياز الأفريقية في الستينات والسبعينات على قدر معين من التعاطف مع موسكو. كما يلعب التعزيز المستجد للعلاقات المالية دوراً أيضاً.

فعلى رغم أن روسيا ليست مساهماً كبيراً في تقديم المساعدات لأفريقيا، فإنها تحولت إلى مزود رئيسي بالغذاء، وحتى سنوات خلت، كانت مزوداً رئيسياً بالمساعدات العسكرية. ورغم ذلك، فإن هذه العلاقات وضعت أفريقيا في مأزق. ذلك أن رفض اتخاذ موقف يمثل خطراً أخلاقياً، ولا يوفر أماناً من أصداء الحرب. وتضررت الدول الأفريقية فعلاً من الناحية الإقتصادية كنتيجة مباشرة للغزو الروسي لأوكرانيا، كما أن الأضرار السياسة سترافقها حتماً. ويذكر غوش بأن الحرب  حرمت أفريقيا من مصدرين أساسيين للحبوب. ووفقاً لمجموعة الغذاء والزراعة، فإن 14 دولة أفريقية تعتمد على روسيا وأوكرانيا في نصف احتياجاتها من الحبوب، بينما تصل نسبة اعتماد إريتريا إلى مئة في المئة، والصومال بنسبة تفوق 90 في المئة، ومصر بنسبة 75 في المئة. وتشكل الحبوب نسبة 90 في المئة من التجارة البالغة قيمتها 4 مليارات دولار مع أفريقيا، ونسبة 50 في المئة من تجارتها مع أوكرانيا البالغة 4.5 مليارات دولار، استناداً إلى مؤسسة النمو المالي الأفريقي. وحذر رئيس المؤسسة أكينومي أديسنا في مقابلة تلفزيونية من تصاعد كارثي لأزمة غذائية "ستزعزع استقرار القارة".

وإلى تقلص واردات الحبوب، فإن الحرب أدت إلى إرتفاع كبير في أسعار مواد مختلفة، مما تسبب بتضخم في وقت تكافح هذه الدول للخروج من ركود مالي استمر لعامين بسبب وباء كورونا. وهذا ما يشكل خطراً في أنحاء العالم النامي، وخصوصاً في أفريقيا، التي تعاني انكماشاً في الديمقراطية وازدهاراً للانقلابات العسكرية.

إن الحرب تجذب انتباه العالم المتقدم نحو أوكرانيا، مما يحرم الدول الأفريقية من اهتمام إضافي تحتاج إليه بشدة. وليس مفاجئاً، أن يتوقع اقتصاديون في المؤسسة المالية العالمية وقوع مزيد من الاضطرابات الاجتماعية.
وقد تقف دول أفريقية على الحياد حيال الحرب في أوكرانيا، لكنها ستكون من ضحاياها لسنوات مقبلة.