بلومبرغ: على باكستان التخلي عن اعتبار «طالبان» رافعة

بلومبرغ: على باكستان التخلي عن اعتبار «طالبان» رافعة


حول علاقة باكستان بحركة “طالبان” الأفغانية، كتب ميهير شارما في موقع بلومبرغ الأمريكي، أن مؤسس باكستان محمد علي جناح، كان مقتنعاً بأن الثروة الأكثر أهمية في أمته الناشئة كان موقعها. وفي مقابلة بعد شهرٍ من الإستقلال عام 1947 رسم جناح للصحافية في مجلة “لايف” الأمريكية مارغريت بوركيه-وايت، صورة حيوية لتوقعاته بأن “باكستان محور العالم، حيث هو مكاننا- وكان يرسم بساببته دوائر كبرى حيث سيدور مستقبل العالم».

وفي عام 1947، وبينما كان العالم يدخل في الحرب الباردة. شرحت بوركيه-وايت أن الباكستانيين يتوقعون من الولايات المتحدة، أن تدفع على نحوٍ جيد، من أجل تنمية حليف يحتل موقعاً استراتيجياً-وأن تموّل أيضاً قواته المسلحة. وبعد عقود، تغير القليل بشكل مأسوي. وبينما تتابع باكستان التخلي غير المدروس للرئيس الأمريكي جو بايدن عن أفغانستان، فإن القادة الباكستانيين مقتنعون بأنه يمكنهم استخدام رافعة نفوذهم على طالبان، من أجل الحصول على تنازلات من الولايات المتحدة في السياق نفسه من الحيل، التي كانت تستخدم منذ سبعة عقود ولم تساعد باكستان ولا مواطنيها ولا اقتصادها. إن باكستان يجب أن لا تتوقع أن تنجح هذه المرة.

وستغادر القوات الأمريكية أفغانستان بحلول سبتمبر(أيلول). وفي هذه الأثناء سيتعين على صندوق النقد الدولي أن يجري مراجعة متأخرة لصفقة إنقاذ لباكستان بستة مليارات دولار. ويطالب الصندوق باكستان بأن تسرع خطوات الإصلاح الإقتصادي، خصوصاً في ما يتعلق بقطاع الطاقة المضطرب. كما أن رئيس الوزراء عمران خان يساوره قلق عميق حيال الإنتخابات التي ستجري بعد عامين. وهكذا، فإن الموازنة التي قدمتها حكومته الشهر الماضي لا تتناغم تماماً مع مطالب صندوق النقد الدولي. وفي الوقت الذي تتضمن الموازنة خطوات قليلة محدودة نحو توازن الحسابات الباكستانية، فإنها مع ذلك، أثارت عاصفة سياسية، ولاسيما قرار فرض ضريبة على استخدام بيانات الهواتف الخيلوية، قد جرى سحبه فوراً. ولا يريد خان التخلي عن دولة الرفاه الإسلامية التي وعد بها الناخبين عام 2018.

كما أنه تعهد أن تتصدى “باكستان الجديدة” أكثر للغرب. وقال وزير المال شوكت تارين في معرض دفاعه عن الموازنة، التي كان يفترض أن تسترضي صندوق النقد الدولي، إن خان أصر “على الدفاع عن موقفه” ضد الصندوق، وأنه في الوقت نفسه كان يوسع دولة الرفاه. ورأى الكاتب أن صندوق النقد لن يكون سعيداً. وفي حال حصول ذلك، فإن دائني باكستان الآخرين، خصوصاً بنك التنمية الأسيوي، لن يسارعوا بدورهم إلى مساعدة إسلام آباد.

وهنا يأتي دور الولايات المتحدة. وفي مقابلة عام 1947، زعم جناح أن “الولايات المتحدة تحتاج إلى باكستان أكثر مما تحتاح باكستان إلى الولايات المتحدة”. وعلى نحوٍ مشابه، أوردت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية، أن الحكومة الباكستانية تأمل في أن الولايات المتحدة تحتاج إلى ترسيخ الاستقرار في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، الأمر الذي يمنح باكستان “بعض المساحة” خصوصاً عندما تتعلق المسألة بصندوق النقد.

(وقد نفى تارين هذا التقرير) وزعم خان في حديث إلى صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أنه مستعد للتعاون مع الولايات المتحدة “وفعل كل شيء باستثناء استخدام القوة العسكرية ضد طالبان”. ومع ذلك، وكما قال أحد الديبلوماسيين الباكستانيين السابقين، فإنه بالكاد تساعد إسلام أباد في هذه المسألة في الوقت الحاضر. ويستمر قادة طالبان في العيش بحرية في باكستان، وحتى وهم يجرون مفاوضات بطيئة مع الحكومة الأفغانية ويواصلون قضم الأراضي.

وقال خان للصحيفة إنه يأمل في الحصول على معونات من الولايات المتحدة والصين معاً. لكن لا يبدو أن واشنطن متحمسة لملء الفجوة في الموازنة الباكستانية. وفي الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة لا تثق بأن باكستان لن تستخدم المنحة المالية لدفعها لشركات عائدة للدولة الصينية.

والأكثر أهمية، هو أن المنح من شأنها إبقاء الإقتصاد الباكستاني في الحلقة ذاتها التي يدور فيها منذ سنوات. وإذا ما كان خان يريد فعلاً إزدهار بلده، عليه أن يركز على الإصلاحات الهيكلية، التي يطالب بها صندوق النقد ووضع الإقتصاد على مسار أكثر ديمومة. وقد يقلق للثمن السياسي الذي يمكن أن يدفعه نتيجة ذلك. لكن الإستمرار في التودد إلى المتشددين سيكون ثمنه أكبر.