رئيس الدولة والرئيس التركي يبحثان مواصلة تعزيز علاقات البلدين والمستجدات في المنطقة
بوتين أيقظ روح المحارب داخل ترامب..من التهدئة إلى المواجهة الحاسمة
رأى كاوش أرها، رئيس منتدى المحيطين الهندي والهادي الحر والمفتوح، وباحث أول غير المقيم في المجلس الأطلسي، أن العلاقة بين واشنطن وموسكو منذ انطلاق الولاية الثانية لدونالد ترامب اتخذت مساراً غير تقليدي، من التهدئة الهادفة إلى إنهاء الحرب الأوكرانية، إلى صحوة استراتيجية دفعت ترامب إلى تبنّي موقف أكثر صرامة.
وأكد الكاتب في مقاله بموقع مجلة «ناشونال إنترست» أن بوتين أخطأ في فهم طبيعة ترامب، فبينما ظنّ أن الرئيس الأمريكي قابل للاحتواء عبر رسائل ودّية، كان الأخير يستعدّ لتحول حاد في عقيدته السياسية، بعدما اصطدم بمراوغة موسكو وتصعيدها العسكري.
يد ممدودة إلى موسكو
وقال أرها إن ترامب، مع مطلع ولايته الثانية في يناير -كانون الثاني 2025، أبدى استعداداً لاحتواء الحرب الروسية الأوكرانية. فقد أجرى محادثات عديدة مع بوتين، ربما أكثر من أي زعيم آخر، وسعى لفرض وقف إطلاق نار عبر دفع كييف للتفاوض، وتعليق شحنات الأسلحة مؤقتاً، وتجميد التعاون الاستخباراتي مع أوكرانيا.
بوتين يصعد
لكن بوتين، وفقاً لأرها، استغل هذا التراخي لشن هجمات أعنف، ضد المدنيين. ورداً على ذلك، كتب ترامب في مايو -أيار عبر «تروث سوشيال»: «بوتين فقد صوابه تماماً! فهو يقتل الأبرياء دون سبب واضح، لا أقصد الجنود فقط». وفي يوليو -تموز، كرّر استياءه قائلاً: «يبدو أنه مُصِرّ على الاستمرار في القتل إلى ما لا نهاية».
بُعد دولي
أشار الكاتب إلى أن وزير الخارجية الصيني حذر الأوروبيين من سقوط روسيا في أوكرانيا، لأنه سيمنح أمريكا فرصة التفرغ لمواجهة الصين. كما نبّه وزير الخارجية الأوكراني إلى تورط دول مثل إيران، وكوريا الشمالية، والصين في دعم موسكو، مما جعل الحرب ذات أبعاد جيوسياسية عالمية تشمل الشرق الأوسط والمحيطين الهندي والهادي.
وأوضح الكاتب أن بوتين حاول استمالة ترامب عبر رسائل «ودّية»، وادّعى استعداده لفك الارتباط مع الصين، وطرح صفقات مبهمة. لكنّ ترامب لم يقع في الفخ، وكتب: «بوتين يُغرقنا في مستنقع ترهاته... يبدو ودوداً في كلامه، لكنه لا يُترجم كلامه لأفعال».
وذهب نائبه جاي دي فانس أبعد من ذلك، معتبراً مطالب بوتين «مبالغاً فيها وغير مقبولة».
عقيدة ترامب:
السلام بالقوة
وأشار الكاتب إلى أن بعض الحلفاء الأوروبيين عبّروا عن انزعــــــاجهم من ما وصفـــــوه بـ»قــــــوة مفرطة تجــــــاه الأصدقـــــاء ولين مع الخصوم».
لكن دول المواجهــــــة – كفنلندا وبولنـدا ودول البلطيق – رحّبت بهـــــــذا النهـــــــج، واعتبرته رادعاً ضروريـــــــاً لمواجهـــــــة العدوان الروسي.
وشبّه الكاتب موقف ترامب بمقولة تشرشل: «أمريكا تفعل الصواب في النهاية، بعد أن تجرب كل البدائل». بعد محاولات فاشلة لاحتواء بوتين، أدرك ترامب أن الاسترضاء لا يجدي نفعاً، لا مع موسكو، ولا مع بكين، ولا طهران.
خطوات مرتقبة
ورأى الكاتب أن إعادة التوازن تبدأ من تشريع قانون جديد في مجلس الشيوخ لفرض عقوبات أشد على موسكو، ثم تسليح أوكرانيا بالكامل دفاعياً وهجومياً، وإعادة طرح عضويتها في الناتو. هذه الخطوات من شأنها تحفيز الحلفاء المترددين وتسريع نهوض أوروبا عسكرياً.
وقال الكاتب إن ترامب لن يسمح للبيروقراطية بإفراغ قراراته من مضمونها، سواء عبر تأخير شحنات أو مراجعات أمنية. وامتدح التزام وزير الخارجية ماركو روبيو بتنفيذ أجندة ترامب بـ»دقة متناهية»، متجاوزاً الاعتبارات الشخصية.
احذروا من
إيقاظ المحارب
واختتم الكاتب مقاله بتحذير موجه للكرملين: «استنفد بوتين صبر ترامب. فالرئيس الأمريكي حاول التقارب بصدق، لكنّ الاستفزازات المتكررة أحيت روح المحارب فيه. وإذا لم يتم كبح المحور الروسي-الصيني-الإيراني، فإن أميركا ستدفع ثمناً باهظاً، لا لترامب وحده، بل لمستقبل استقرار النظام العالمي».