مدينة بولندية خضراء تستحق الزيارة والاستكشاف
بوزنان تبهرك بعبق تاريخها وسحر طبيعتها وطيبة شعبها
بولندا بصفة عامة تعد واحدة من أجمل دول العالم وأكثرها سحرا وجمالا، هي بلد تروج لنفسها بنفسها بتاريخها، وتراثها، وفنونها، وأسواقها وفنادقها، ومطاعمها ،وحدائقها، وخضرتها، وجمالياتها، وطبيعتها الخلابة، و مناظرها الرائعة، وقبل كل شيء طيبة شعبها المضياف، فهي أرض تعشق ضيوفها وتغمرهم بروح من الألفة والدفء تفتقدهما في غيرها من البلدان.
ولا يمكن الحديث عن السياحة في بولندا دون زيارة مدينة (بوزنان) التي تعود إلى العصور الوسطى والتي تعتبر قاعدة جيدة لمشاهدة معالم المدينة في بولندا الكبرى، وفيها ستجد العديد من الأماكن المتميزة التي يمكنك زيارتها في المدن القريبة.
بوزنان الخضراء
مدينة بوزنان الواقعة في غرب بولندا مدينة قديمة تتطلع دائماً نحو المستقبل حيث يمتزج التراث المعماري القديم بالفن الحديث، والتصميم العصري، فهي تتمتع بأهمية تاريخية كبيرة، حيث تعد من أقدم المدن في بولندا بمبانيها التاريخية، ومتاحفها المتنوعة، وكنائسها الفريدة .. كانت بوزنان يوماً ما مركزاً للسلطة، وأول عاصمة للدولة، يشهد بذلك تاريخها، ومعالمها، وكاتدرائيتها التي دفن فيها أول ملك بولندي قبل أكثر من 1000 عام .. وعلى الرغم من أن بوزنان مدينة غارقة في التاريخ إلا أنها واكبت العصر بفنونه وحداثته وتطوره مع الحفاظ على تراث الأجداد.
يستمتع سكان بوزنان وزوارها بالعيش في مدينة خضراء مع العديد من المتنزهات، مثل حديقة القلعة والمجمعات الترفيهية الكبيرة وبحيرة مالطا على بعد 3 كم فقط من وسط المدينة، يمكن للسائح أن يستكشف المدينة وحدائقها الوطنية مناظرها الطبيعية الخلابة وبحيراتها الساحرة والعديد من عوامل الجذب الأخرى سيرا على الأقدام أو باستخدام دراجة هوائية، ويمضي أوقاتا ممتعة لن يجدها في العديد من دول أوروبا.
السوق القديمة
من أهم محطات السياحة في بوزنان زيارة السوق القديمة للمدينة، والتي تمثل قلب بوزنان النابض بالحياة حيث يشعر الزائر بتاريخها الممتد عبر أربعمائة عام، ويستشعر مدى التحدي الذي يميزها ويميز سكانها، فقد دمرت بالكامل في الحرب العالمية الثانية، وبصلابة البولنديين وإصرارهم على الحياة تم إعادة بنائها من جديد، وبنفس شكل بنائها في القرن السادس عشر، وكذلك أعيد بناء مبنى البلدية الشهير والذي يطلق عليه البعض برج الساعة.
متحف الكرواسون في بوزنان
وضمن جولتك في بوزنان وبالقرب من السوق الكبيرة للمدينة يمكنك زيارة متحف القديس مارتي للكرواسون، والذي يعتبره البولنديون أحد أهم معالم المدينة التي تستحق الزيارة، والتعرف على التقليد البولندي في تحضير وصنع الكرواسون وخبزه بمراحله المختلفة.. وفي الواقع هو ليس متحفاً بمعايير المتاحف المتخصصة بقدر ما يعتبر مخبزاً رائعاً ومتخصصاً في صناعة الكرواسون بطرق مختلفة عن النسخ الأوروبية الأخرى، وحتى الفرنسية فهو يصنع في بوزنان على شكل حدوة حصان وبعجينة شهية مضافة إليها عناصر أخرى تميزها عن غيرها.
بدأت قصة المتحف منذ العام 1891 حين بحث أحد رهبان دير القديس مارتن عن وسيلة سهلة ورخيصة لإطعام الفقراء فقام بافتتاح مخبز لصنع وتوزيع الكرواسون على المحتاجين، واستمر هذا التقليد حتى يومنا هذا.
وكحصة تدريبية وترفيهية يقوم خبراء صنع الكرواسون في المتحف بشرح مفصل عن كيفية وخطوات صنعه، ويمنحون الزوار فرصة تجربة صناعة وخبز الكرواسون بأنفسهم، وتقطيع العجين على هيئة حدوة الحصان.
روجالين .. مساحة لعشاق الطبيعة
تتميز "روجالين" بجمال الطبيعة، والتاريخ، والهندسة المعمارية الشاملة، والفنون الحيوية، وزيارتها تمنحك الفرصة للتعمق في تاريخ النبلاء والأرستقراطيين، ومشاهدة قصر العائلة الارستقراطية، وحديقة الروكوكو، والتجول في المنازل والمتاحف والحدائق الرائعة التي كانت مملوكة سابقًا للعائلات البارزة في بولندا، فتمنحك الفرصة للاسترخاء في إحدى حدائقها العديدة، وبحيرتها، وهي منطقة ترفيهية شهيرة للسكان والسياح.
وتعتبر حديقة ومنتزه وأشجار بلوط متحف قصر روجالين جزءاً لا يتجزأ من القصر الذي أسسه كازيميرز رازينسكي في سبعينيات القرن الثامن، وتنتشر في الحديقة بجوار القصر أشجار مخروطية الشكل محاطة بصفوف من أشجار الزيزفون على شكل كرة، والحديقة محاطة بصفوف من أشجار القرم على ارتفاعات مختلفة ويكتمل جمال تكوين الحديقة بمزهريات حجرية وتماثيل أسطورية.
ويمكنك الاطلاع على العديد من الرسومات في متحف لأشهر الفنانين البولنديين وغيرهم من الرسامين العالميين، وفي المنتصف رسمة كبيرة للرسام الشهير يانج ماتينكو في مبنى أقيم خصيصاً لتشجيع الرسامين البولنديين، وعرض رسوماتهم أمام الجمهور.
الطريق إلى روجالين في حد ذاته تجربة رائعة لمشاهدة سحر جمالها، ففي كل مكان ستجد دائما شيئاً جديراً بالمتابعة والاسكتشاف حيث تنمو الغابات على جانبي الطريق ويمكنك مشاهدة أقدم أشجار البلوط في بولندا، وهي شجرة بلوط معمرة يتجاوز عمرها الـ 800 عام ويطلق عليها شجرة (روس) ونظراً لأنها على وشك الموت فقد تم استنساخها بأخذ فرع من فروعها وزرعه في الحديقة الكبيرة.
شعار بوزنان وأسطورة الماعزتين
شعار "بوزنان" عبارة عن ماعزتين تظهران كل يوم في الساعة الثانية عشرة ظهراً، وهما تتناحران في نافذة من برج الساعة الشهير (مبنى البلدية) ولهتين الماعزتين أسطورة تتحدث عن ماعزتين تهربان من الذبح أثناء تحضير وليمة للحاكم احتفالاً بإعادة بناء دار البلدية، وتصميم ساعة البرج بعد الحريق الكبير في بوزنان، وبعدما جهز الطباخ غزالاً للشوي، وبينما تتم عملية الطهو ذهب الطباخ لرؤية آلية عمل الساعة حينها سقط الغزال في النار واحترق .. الأمر الذي وضع الطباخ في مأزق لا يعرف كيف يتصرف بشأنه، والوقت يمر .. هرع مذعوراً إلى وسط المدينة، واختطف ماعزتين، واقتادهما إلى مطبخ دار البلدية لشوائهما لكنهما هربتا منه، وظل يبحث عنهما حتى شاهدهما في أعلى برج البلدية تتناطحان.. وقد أصبح هذا المشهد يعاد بشكل دوري أمام السكان والسياح في منتصف نهار كل يوم.. وغدا معلماً مهماً من معالم الجذب السياحي في بوزنان.
وقد نجت الماعزتان من الشواء، وبأمر من الحاكم أعيدتا إلى مالكتهما الحقيقية، وهي أرملة فقيرة.