مدينة تعشقها من الزيارة الأولى
كراكوف تبقى دائما في الوجدان بتراثها وتاريخها وطبيعتها ورومانسيتها اللطيف بوزنان معطرة برائحة التاريخ وحاضر يواكب العصر ويتطلع للمستقبل
كراكوف مدينة فريدة من نوعها تتميز بإرثها التاريخي والثقافي الرائع تدهشك منذ الوهلة الأولى، حين تجد قلبك وقد تعلق بجمالها وتنوعها وفن العمارة في مبانيها، وقدرتها على إثراء ناظريك على مدى الرؤية، فالطريق إلى وجهتك التي لم ترها من قبل تنبئك بالسحر الكامن بعده، إنها بحق مدينة غريبة تشبه مدن القصص الخيالية، تتألق جمالاً وسحراً في النهار كما في الليل.
من اللحظة الأولى تقع أسيراً لهوى المدينة التي تستهويها روحك، ويتعلق بها وجدانك، وقبل أن تستكشف كافة معالمها يدفعك فؤادك للتخطيط إلى زيارة بل زيارات أخرى في المستقبل القريب.
مدينة تعج بالحياة طوال الوقت تجوبها أحدث السيارات بجوار "عربات يجرها اثنان من الخيول الممشوقة" وتقودها فتايات جميلات ترتدين أزياء أنيقة تشبه ملابس الأميرات الفاتنات، لتتسق مع روعة الأجواء ورومانسية المكان.
كراكوف بمبانيها التاريخية وتراثها وكنائسها المبهرة في تصميمها وقصورها ومنتجعاتها الفاخرة، ومقاهيها العريقة وساحة سوقها الذي يعود إلى العصور الوسطى، وبمدينتها القديمة الساحرة المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تفتح ذراعيها لاستقبال السياح من كافة بقاع الأرض .. شوارعها المطرزة بالحكايات تناجي الأرض والسماء.. هنا كراكوف الزاهرة.. الساحرة.. التي تقف كجوليت في مشربيتها العتيقة لتلقي بسحرها ودلالها على عشاقها الهائمين في كل مكان.. هنا كراكوف أجمل مفردة في قاموس السياحة البولندية.
تضم المدينة بين أرجائها العديد والعديد من المزارات التاريخية والسياحية، والفنادق الفخمة، والمحلات المتنوعة، والمطاعم المتميزة، والمقاهي الرائعة، والأسواق الراقية التي تجذب السياح، وترضي أذواقهم على مختلف جنسياتهم.
قلب المدينة النابض محاط بالمطاعم والمقاهي من كل جانب.. والمقهى أو (الكوفي شوب) أصبح مقصد السهر للجميع.. وهم على اختلاف أطيافهم وأعمارهم يأكلون ويشربون ويضحكون ويغسلون همومهم، وبروح جديدة يتحدثون عن ذكريات سنوات العمرـ، لا يريدون مغادرة المكان، يقضون معظم ساعات الليل في السمر والاستمتاع مع الأهل والأصدقاء، وينطلقون في الصباح إلى أعمالهم بكل جدية .. وينطلق السياح منهم إلى معلم آخر ، وموقع آخر ينقي فيه نفسه، ويصفي فيه ذهنه، ويواصل اندهاشه بكل ركن يدعو للإعجاب، وكل شارع يستوقفه للتأمل، والاستكشاف، وكل لحظة تقع فيها عيناه على لون جديد من ألوان الفن والإبداع.
ساحة كراكوف الرئيسية
ساحة كراكوف الرئيسية هي الأكثر شهرة، تم تأسيسها في العام 1257 بموجب القانون الألماني، وهي تقريباً مربع طول ضلعه 200 متر ومساحته تزيد عن 40 ألف متر مربع، تضمّن مفهوم المصممين أن تكون الساحة مكاناً للبناء التجاري، وتضم الساحة مباني شهيرة، مثل كنيسة القديسة "ماري"، وقاعة القماش، وبرج مجلس المدينة، وأكثر من أربعين بناء صغيراً، وتعج الساحة حالياً بالسكان، والسياح ليلاً ونهاراً، وصارت بوصلة لزوار المدينة، وبوتقة تنصهر فيها كل الجنسيات والثقافات.
حزام المدينة الأخضر
يبدأ حزام المدينة الأخضر من حديقة المدينة الفريدة من نوعها بطول إجمالي يبلغ 4 كيلو مترات كاملة، ومساحة 21 كلم، ويحيط الحزام بالمدينة بأكملها كحلقة خضراء، وهي خاصرة كراكوف التي تجسد جمالها، وتميزها عن بقية المدن.
أقيمت الحديقة في القرن التاسع عشر في مكان جدران ارتفاعية مهدمة كانت في السابق منطقة موحلة، يتم تخزين قمامة ونفايات المدينة بأكملها فيها .. وقد حولها البولنديون إلى حديقة رائعة، ومعلم فني يضم العديد من أنواع الأشجار، والزهور المختلفة، حيث يمكن للسكان، و للسياح الاستمتاع بالسير بين الأزقة الملونة المزينة بالآثار، وبتماثيل البولنديين المشاهير.
قاعة القماش
في النصف الثاني من القرن الثالث عشر خصص الأمير "بوليسكوف" مكاناً للمعارض في الساحة الرئيسية، حيث بنيت الأكشاك القماشية، وكانت شكلاً بدائياً لقاعة القماش اليوم، وكان التجار يصلون إليها بعربات مملوءة لعرض منتجاتهم المتنوعة، ثم تدريجياً تم دمج تلك الأكشاك في مبنى واحد كبير، وفي القرن الرابع عشر تم توسيعه ضمن الطراز "القوطي" من قبل الملك "كجيميج الكبير"... وبعد حريق ضخم التهمها أعيد بناء قاعة القماش في القرن السادس عشر بأسلوب عصر النهضة، وبمشاركة فنانين إيطاليين مثل "سانتي جوتشي"، و" يان ماريا باتوفانا".
والعنصر الأكثر تميزاً ظل في الجهة العليا المزينة بـ"المسكاتورا" فهي لم تؤثر فقط على البناء البولندي بل أيضا على البناء في البلدان المجاورة، وفي الوقت الحاضر لا تزال التجارة مزدهرة في قاعة القماش، حيث يمكن للسائح شراء الهدايا التذكارية، والتقليدية لمدينة كراكوف، وخاصة المجوهرات، والمنتجات الفنية الشعبية، أما في الطابق العلوي فيوجد المعرض البولندي لفنون القرن التاسع عشر.
كاتدرائية فافل
يبلغ عمرها حوالي 1000 عام حيث يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر، وهي عبارة عن مبنى مكون من ثلاثة أقسام، مع كتلة عريضة، وتحيط به ثلاثة أبراج هي (برج الساعة، وبرج زيمونتافسكا، وبرج الأجراس الفضية)، ويخفي برج "زيمونتافسكا" الجرس البولندي الأكثر شهرة من القرن السادس عشر، والذي يقرع في الفعاليات والاحتفالات البولندية الكبرى، وهناك العديد من القصص المرتبطة به، حيث تقول إحدى الأساطير أن الفتاة التي تلمس قلب الجرس سوف تتزوج قريباً، وتكون سعيدة في الحب.
ولمدة عدة قرون كـــانت الكاتدرائية محاطة بالكنائس، والمباني الخارجية، ونتيــجـــة لـــذلك هنـــاك مجموعــــة من الطرز المعمــــارية المخــتلفــة والأعمـال الفنية على أعلى مستوى.
وكانت كاتدرائية "فافل" بمثابة موقع لتتويج الملوك البولنديين، ودفنهم مما يتيح للزائر مشاهدة القبور الملكية البولندية من مختلف العصور ،في رحلة عبر التاريخ.