جائزة الشارقة للعمل التطوعي تستقطب طلبة الجامعات والمدارس في دورتها الـ22
تركيا الأردوغانية طابور خامس... طردُها من الناتو يعزّز الأمن
لطالما تمتعت تركيا بسمعة أنها مهمة استراتيحياً للغرب في مواجهة الاتحاد السوفياتي، لكن حتى في ذلك الوقت، دفع حلف شمال الأطلسي ثمناً كبيراً لضم تركيا إليه. فالحكومات التسلطية فيها فرضت علمانية وحشية في المجال العام وبرزت انقلابات عدة، قاسية وناعمة. وفي 1974، اجتاحت تركيا قبرص وقسمتها، كما أوشكت الحرب على الاندلاع بين تركيا واليونان. ومع سقوط الاتحاد السوفياتي، بقيت أنقرة حارسة إقليمية من دون مهمات جدية، بينما لم تشكل سياساتها الداخلية واقتصادها الضعيف نموذجاً لأحد.
قام أردوغان بكل
ما يناقض وعوده
تابع باندو مقاله في مجلة “ذي امريكان كونسيرفاتيف” فكتب أن وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم سنة 2002 غيّر تركيا. على عكس ما روج له الحزب عن نفسه بأنه متدين مسؤول وليبيرالي مؤيد للغرب وراغب بزرع الديموقراطية في المجتمع التركي وفصل الجيش عن السياسة والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أغرق أردوغان وحزبه نفسيهما في الفساد والتسلط. تمت التضحية بحكم القانون والحريات الفردية والإجراءات الديموقراطية لتعزيز قوة النظام.
اتهم باندو أردوغان بالوقوف خلف محاولة انقلاب 2016 الذي برر التطهير والقمع الوحشيين وقد انتظرهما الرئيس التركي طويلاً وربما خطط لهما. ولم يعترف أردوغان بالانتخابات البلدية الأولى في آذار 2019 في اسطنبول فطالب بإعادة إجرائها وانتهى الأمر بخسارة حزبه لها مرتين. وأضاف الباحث أنه في المرة المقبلة، قد يكون أردوغان يائساً إلى درجة أنه قد يسرق الانتخابات ببساطة.
طابور خامس
دمر التأثير التراكمي لحكم أردوغان ما كان دوماً ديموقراطية محدودة ومعيوبة. تشير وزارة الخارجية الأمريكية إلى تقارير عن عمليات قتل تعسفية ووفيات مشبوهة لأشخاص قيد الاعتقال وإخفاءات قسرية وتعذيب واعتقالات تعسفية واحتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص. وهذه هي البداية فقط.
قوضت كل هذه التصرفات الناتو. يولي الأوروبيون الديموقراطية أهمية أكبر مما كانت عليه الحال خلال الحرب الباردة. ينظر الأوروبيون إلى انزلاق روسيا نحو الاستبداد كجزء من تهديدها. والأكثر إثارة للإشكالية بالنسبة إلى الناتو السياسة الخارجية العدوانية المتصاعدة لتركيا. روسيا هي الخصم الجدي الوحيد الذي يمكن أوروبا تصوره.
لكن أردوغان أصبح يساوي الطابور الخامس، إذ من المرجح أن يدعم موسكو عوضاً عن بروكسل.
تهور ثم استدارة... يكفي لطردها
كانت سياسة أردوغان الروسية متهورة بشكل غير مسؤول حين أسقط مقاتلة روسية منذ خمس سنوات بعدما دخلت لوقت قصير الأجواء التركية. لو وقعت الحرب، أمكن توقع مواجهة واشنطن لروسيا النووية. ثم قام أردوغان باستدارة سياسية درامية وانضم إلى موسكو في إدارة الحرب السورية. علاوة على ذلك، قررت أنقرة شراء منظومة أس-400 الروسية. لكن تركيا وروسيا وجدتا نفسيهما على طرفي نقيض في سوريا وليبيا والصراع بين أرمينيا وأذربيجان، دون قطع روابطهما السياسية. وقلل باندو من احتمال إعلان تركيا الحرب على روسيا للدفاع عن دولة أطلسية، وهذا وحده كاف لطرد أنقرة من الناتو.
علاقة تركيا مع داعش
أضاف الباحث أن تورط تركيا في روسيا لا يجسد مشكلة في تعاونها مع روسيا فقط. في السنوات الأولى للنزاع، سمحت حكومة أردوغان لمقاتلي داعش بعبور الحدود التركية. كما هنالك اعتقاد بأن الاستخبارات التركية ساعدت التنظيم الإرهابي. واستفادت عائلة أردوغان ومجموعة مقربين منه من التجارة مع داعش. كذلك، شنت تركيا اجتياحين لاستهداف حلفاء واشنطن الأكراد الذين قادوا الجهوم ضد داعش في سوريا. واستخدمت أنقرة قوات عربية إسلاموية ارتكبت التطهير العرقي وأعمالاً وحشية أخرى ضد الأكراد. والآن تهدد أنقرة بشن حرب ضد أعضاء أطلسيين وشركاء محتملين للاتحاد الأوروبي.
تجاهلت دعوات أمريكا
الخلاف الأطول قد يكون في بحر إيجه مع اليونان. كذلك، تواصل أنقرة احتلال قبرص بعد 46 عاماً، بينما خلق وجود موارد نفطية تحت المياه خلافاً جديداً أدى إلى تصادم مع الحكومة القبرصية المعترف بها دولياً. وإسرائيل منخرطة في تلك المنطقة بالتوازي مع تمتعها بعلاقات مع اليونان وقبرص. يضاف إلى ذلك أن تركيا تجاهلت مؤخراً اعتراضات واشنطن على لقاء قادة حماس. وانضمت أنقرة إلى حكومة الوفاق في ليبيا حيث انتزعت منها ترسيم حدود بحرية معطية تركيا حقوق استثمار موارد الطاقة التي تقول قبرص واليونان إنها من حقها. وكسرت أنقرة حظر الأسلحة الأممي المفروض على ليبيا مما أدى إلى صدامات مع سفن يونانية وفرنسية منتشرة لفرض الحظر.
لا لتجاهل الفيل المستبد
ويبدو أن تركيا مصممة على التدخل في ناغورنو قره باخ فدربت القوات الأذرية وتم اتهامها بإسقاط مقاتلة أرمينية وإرسال مرتزقة سوريين إلى النزاع. تعكس جميع هذه الخطوات سياسة خارجية عدوانية متزايدة لدى تركيا. لذلك، ومع نهاية الحرب الباردة، لا شيء يتطلب من الولايات المتحدة تجاهل الفيل المستبد في الغرفة. والأسوأ بحسب الكاتب هو المصالح الأمنية المتضاربة. لا أحد في الغرب يعلم المدى الذي تستعد تركيا الوصول إليه. إذا انتهت أنقرة بإسقاط مقاتلة، ولو روسية، فقد تُجر أوروبا والولايات المتحدة إلى حرب.
طردها يعزز الأمن
حض باندو الولايات المتحدة على الانفصال عسكرياً عن تركيا مع الحفاظ على وجود ديبلوماسي متبادل بين الطرفين. وبالحد الأدنى، يجب على واشنطن سحب أسحلتها النووية من القواعد العسكرية وإعادة النظر بمبيعات الأسلحة إلى أنقرة.
إن إخراج تركيا من الحلف الأطلسي من شأنه تعزيز الأمن الغربي. على الولايات المتحدة التعاون مع أنقرة عندما يكون الأمر ممكناً ومواجهتها عند الضرورة. والأهم بحسب باندو هو توقف الإدارة المقبلة عن التظاهر بأن تركيا حليف غير موثوق به. فتركيا ليست حليفاً في الأساس.