أزمة كورونا زادت الطين بلة
تفتك بالملايين: آفة الجوع «تتكلم أمريكي» أيضا...!
يعاني واحد من كل ستة أشخاص تقريبًا من انعدام الأمن الغذائي، منهم 18 مليون طفل: هذه هي التوقعات المقلقة لمنظمة تغذية أمريكا، أكبر شبكة لبنوك الطعام في الولايات المتحدة.
في أبريل، ذكرت المنظمة أن 98 بالمئة من بنوكها ازداد الطلب عليها منذ بداية أزمة كوفيد-19 في مارس، وأن 37 بالمئة منها تواجه نقصًا آنيّا في الموارد.
في الوقت نفسه ، شهد البرنامج الفيدرالي للمساعدة الغذائية التكميلية زيادة في الطلبات بنسبة 16 بالمئة، من 37 مليون إلى 43 مليون مستفيد. وكانت الزيادة الأكثر إثارة تتعلق بولاية ماساتشوستس، مع “ 89.5 بالمئة.
تدابير طوارئ تستبعد الفئات الأشد فقرا
استجابة للأزمة، اعتمد الكونغرس الأمريكي سلسلة من تدابير المساعدة، منها قانون العائلات الأولى للاستجابة لفيروس كورونا، الذي يسمح بدفع مخصصات طارئة لمتلقي المعونة الغذائية.
استجابة غير كافية، حسب الدكتورة في الاقتصاد ديان ويتمور شانزينباخ، مديرة معهد أبحاث السياسة العامة في جامعة نورث وسترن (إلينوي)، التي درست بالتفصيل تطور انعدام الأمن الغذائي في الولايات المتحدة: “ حتى الآن، لم تُسدّد المساعدة الاضافية لبرنامج مساعدة التغذية التكميلية إلا للمستفيدين الذين لا يتلقون أصلا الحد الأقصى من الإعانة، والذي يبلغ حوالي 5.65 دولارًا أمريكيًا للفرد في اليوم».
واللوم على تفسير وزارة الزراعة الذي أضر بـ 7 ملايين أسرة الأكثر فقرا من خلال استبعاد الأسر التي حصلت على الحد الأقصى من المخصصات قبل اعتماد برنامج المساعدة.
«لقد ساعد هذا الخيار السياسي العديد من المستفيدين من المساعدات الغذائية، ولكن ليس أفقر الأسر، والتي تمثل حوالي 40 بالمئة من المستفيدين المذكورين”، تضيف الأستاذة. ووفقًا لمركز التقدم الأمريكي، يتجاوز معدل الاستبعاد 50 بالمئة في واشنطن العاصمة، وهذا تحدّ حاسم، حيث تواجه الولايات المتحدة ارتفاعًا في تضخم أسعار المواد الغذائية (+ 4 بالمئة).
ومـن بيـــن هــــذه الأســــر الفقيرة، العديـــــد من العائلات التي لديها أطفــــــال، والتي تعانـــــي من وطأة الأزمــــة وبطء جهـــاز الدولة. “في الوقت الحالي، لا يذهب معظم الأطفال إلى المدرسة، حيث يحصلون عادةً على وجبات مجانية”، تقول ديان ويتمور شانزينباخ.
ورغم أن قانون العائلات الاولى للاستجابة للفيروس قد نص على آلية لنقل هذه الخدمات الغذائية (تحويل المنافع الإلكتروني اثناء الوباء أو برنامج مساعدة التغذية التكميلية)، فإن التأخيرات المتعددة في الدفع تثقل تكلفة الوجبات على الأسر التي تعاني أصلا من ارتفاع أسعار السكن، والتخفيض الأخير في منحة البطالة.
خلافات حول إصلاح
المعونة الغذائية
تتوافق التوقعات التي قدمتها منظمة تغذية أمريكا مع السيناريو الأسوأ: زيادة معدل البطالة بنسبة 7 فاصل 6 بالمئة، وزيادة معدل الفقر بنسبة 4 فاصل 8 بالمئة، من شأنه أن يدفع 17 مليون شخص إضافي إلى خانة انعدام الأمن الغذائي.
وتقدر البروفيسورة شانزينباخ، أن 35 إلى 39 مليون شخص قد يتأثرون بالمشكلة هذا العام، مع التذكير أنه “عادة، هذا الرقم يقترب من 10 ملايين في السنة. لذلك، ايا كان الرقم الدقيق، فإنه يظل مرتفعًا للغاية. ورغم أنه لا أحد يقرأ الكف، أعتقد أنه من الممكن أن نواجه هذا السيناريو الكارثي».
وتظهر الأرقام الصادرة عن وزارة الزراعة أن عدد المستفيدين من برنامج مساعدة التغذية التكميلية كان حوالي 15 مليونًا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قبل أن يرتفع، خاصة بعد أزمة عام 2008، وبلغ ذروته مقتربا من سقف الخمسين مليون عام 2013 قبل أن يبدأ في الانخفاض.
كان من المقرر أن يدخل إصلاح برنامج مساعدة التغذية التكميلية الذي سيقيّد الوصول إلى المساعدات الغذائية حيز التنفيذ في 1 أبريل 2020. وقد يفقد ما يقرب من 700 ألف شخص أهليتهم نتيجة لذلك.
وفي أعقاب شكوى جمعت عدة ولايات وجمعيات، قام القاضي الفيدرالي بيريل أ. هاول، من محكمة مقاطعة واشنطن العاصمة، بتعليق تطبيقه، قائلاً في مذكرة نُشرت في 13 مارس “في هذه البلاد الثرية، تعمل الحكومة الفيدرالية والولايات معًا حتى لا يعاني الأمريكان من ذوي الدخل المحدود وعائلاتهم من الجوع.
“....”خاصة أن الجائحة العالمية تنطوي على مخاطر صحية واسعة النطاق، ومن الضروري التأكد من أن المسؤولين الحكوميين، على المستويين الفيدرالي والولايات، يتحلون بالمرونة لتلبية الاحتياجات الغذائيــة للسكان وضمان رفاههم من خلال برامج مثل برنامج مساعدة التغذية التكميلية».
الثلاثاء، 12 مايو الماضي، قررت وزارة الزراعة الأمريكية استئناف القرار، وقالت لوكالة رويترز للأنباء “رغم أننا نواجه حاليًا موقفًا صعبًا للغاية، لا نتوقع أن يستمر هذا إلى الأبد».
دعوة للمسؤولية السياسية
مع بقاء أقل من شهرين عن الانتخابات الرئاسية، حث المرشح الديمقراطي جو بايدن الرئيس ترامب على اتخاذ تدابير قوية للسماح للجميع بتناول ما يكفي من الطعام، وفي الوقت نفسه أعرب عن أسفه لتدمير مخزونات من المواد الغذائية.
وفي بيانه، دعا جو بايدن خصمه للعمل مع الكونغرس لسن القانون، الذي سيسمح لمدير الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ بالموافقة على مشاريع حكومات الولايات والجماعات محلية وقبائل الهنود الحمر، بإقامة شراكة مع مطاعم صغرى ومتوسطة ومنظمات غير ربحية لتقديم وجبات الطعام للمحتاجين.
أخيرًا وليس آخرًا، تعهد بايدن أيضًا بتعزيز برنامج المساعدة الغذائية التكميلية، خاصة بالنسبة للأسر الأكثر خصاصة وفقرا.
ومع ذلك، فإن الجوع آفة تضاف إلى الشرور الأخرى التي يعاني منها المجتمع الأمريكي حاليًا، من حيث التوظيف أو الإسكان أو التفاوت الاجتماعي أو الصحة.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه معدل البطالة مرتفعا جدا (8 فاصل 4 بالمئة وفق آخر تقرير لمكتب الإحصاء التابع لوزارة العمل)، حيث يتعرض عشرات الملايين من الأسر لخطر الإخلاء، وحيث أكثر من 5 ملايين نسمة فقدوا تأمينهم الصحي بعد أن أصبحوا عاطلين عن العمل، سيواجه المرشح الديمقراطي، إذا تم انتخابه، أشد أزمة رهيبة منذ ما يقرب من قرن.
عن سلات اف ار