رئيس الدولة يطمئن على صحة طارق محمد عبدالله صالح الذي يتلقى العلاج في مستشفى زايد العسكري
ستُطرح الأسئلة الأكثر قسوة على اليسار الأمريكي
تقرير: الحزب الديموقراطي يستحق الخسارة
تساءل سيباستيان ميلبانك عن عدد المرات التي يمكن فيها تلقين نفس الدرس القاسي لمؤسسة ديمقراطية واثقة للغاية بنفسها.ففي عام 2016، كان الديمقراطيون على يقين بأن هيلاري كلينتون، رغم عدم شعبيتها وشعورها بالتفوق، ستتفوق على ترامب، طالما أن الصحافة السائدة وآلة الحزب تعمل بكفاءة لدعمها، أما هذا العام، فلم يبذلوا حتى جهد إجراء انتخابات تمهيدية، حيث أُبعد جو بايدن عن الأنظار بمجرد أن أصبح ضعفه واضحاً للجميع.وكتب ميلبانك في مجلة “ذا كريتيك” البريطانية أن السخرية المحيطة بترشيح كامالا هاريس لم تتوقف عند حدود التأثيرات الخفية التي دفعت بترقيتها إلى المرشحة الرئاسية في اللحظة الأخيرة، بل تجسدت في كل جانب من جوانب حملتها. من خطابها الخالي من الأجندات السياسية إلى “البهجة” التي تميزت بها، وحتى تجنبها للتدقيق الإعلامي.
وأشار إلى أن هذه الحملة الزائفة، المدعومة من وسائل الإعلام الليبرالية المبالغة في تأييدها، كانت جزءاً من أمل يائس في أن يتمكنوا مجدداً من إحباط ترامب.
معنى النتيجة
وتعكس هذه النتيجة، وفقاً لتفسير ميلبانك، أزمة ثقة عميقة بين الناخبين والمؤسسة السياسية الديمقراطية، ويبدو أن المال والتنظيم والانضباط لم يكن كافياً لتحقيق الفوز، إذ أن مسألة الثقة والشعبية لعبت دوراً أكبر في التأثير على اختيارات الناخبين.
ووجد كثيرون أن كامالا هاريس، كما كانت هيلاري كلينتون، تبدو بعيدة عن الواقع وغير متصلة بهم، ما جعلها بنظرهم مرشحة غير صادقة وأقل جاذبية.
كيف سيكون المستقبل؟
بتتطلب هذه النتائج من الحزب الديمقراطي إعادة تقييم جذرية، حيث يقف أمام خيارين رئيسيين: إما أن يتخلى بقوة عن السياسات التقدمية المرتبطة بهوية الفئات المتعلمة في الجامعات والتي تثير الانقسامات، أو يضاعف التزامه بهذه السياسات بحماس متجدد. لكن لا أحد يستطيع التنبؤ بوضوح بالنتيجة النهائية لهذا الصراع الداخلي.في المقابل، تواجه الإدارة الجمهورية القادمة تحديات مماثلة لتلك التي واجهتها إدارة بايدن، مع قيود على نفوذ ترامب إذ لم يتبق له سوى فترة رئاسية واحدة. وفي هذه الأثناء، يواصل الجمهوريون الإعداد لمستقبل حزبهم بعد ترامب، حيث يتعين عليهم بعد أربع سنوات تجاوز إرثه رغم تأثيره العميق، مما يشير إلى نهاية عهد “الاندماج الريغاني” وبداية رؤية محافظة جديدة.وما يلفت الانتباه في هذه الانتخابات هو ازدياد تنوع قاعدة ناخبي ترامب، رغم تبني الحزب الجمهوري سياسة قومية صارمة وحدود مغلقة. ويبرز هذا التنوع في سياق أمريكي شديد الانقسام، حيث الهوية الفردية تتجاوز التضامن الجماعي وتصبح مرتبطة بتأكيد الذات العاطفي أكثر من أي مصلحة مشتركة.
وقت الاحتفال؟
زيؤكد الكاتب أن ترامب، رغم أنه ليس الشخص الذي يصوره خصومه كـ”وحش”، إلا أنه لا يعد الرجل المناسب لقيادة العالم الحر.
ويرى أن هذه الحقيقة المزعجة تُغطيها سياسة فئوية مليئة بالمظالم المتبادلة والكراهية، مما يعمق الانقسامات في المجتمع الأمريكي.
وخلال زيارته إلى الولايات المتحدة، أدرك ميلبانك حجم الدمار الذي أحدثته هذه الانتخابات، خاصة في محيطه الاجتماعي. إذ يشعر الكثيرون بقلق عميق بشأن أفراد أسرهم وأصدقائهم الذين يعانون من الهجوم والرفض بسبب سياسات ترامب.والأمر الأكثر إثارة للقلق هو تزايد عدد الشباب الذين ينسحبون ببساطة من السياسة بشكل عام، مما يعكس فقدانهم الثقة في النظام السياسي. ويرى الكاتب أن الإفقار السياسي للمعارضين وتهميشهم قد يكون مصدراً للبهجة المؤقتة لبعض المحافظين، لكن هذا لا يقدم حلاً طويل الأمد.وفي النهاية، فإن هذا سيؤدي إلى إقامة حواجز دائمة تمنع القدرة على إحداث التغيير أو إقناع المواطنين الآخرين، ولذا، فإن السياسيين الأمريكيين الأذكياء، سواء من اليسار أو اليمين، يحتاجون إلى تجاوز الانقسامات المدمرة التي ظهرت في هذه الانتخابات، والبحث عن طريقة لصياغة رواية أكثر توحيداً للأمة الأمريكية.
ويشير الكاتب إلى أن جيه دي فانس، الذي من المتوقع أن يصبح نائباً للرئيس، قد يكون شخصية محورية في المستقبل، بفضل خلفيته الفقيرة واستعداده لدمج الاقتصاد اليساري مع الفكر المحافظ الاجتماعي. لكن عليه أن يتجاوز أسلوب ترامب وعاداته إذا أراد أن ينمو ويصبح شخصية مؤثرة.وختم بالقول “أما بالنسبة للجانب اليساري، فقد تحطم الوهم الذي كان يعششه الحزب الديمقراطي حول فرض مرشح قد ينجح. من بايدن الذي أصبح خرفاً تدريجياً، إلى هاريس التي تُعتبر مزعجة، فقد اعتقد الحزب الديمقراطي أنه يمكنه فرض أي مرشح يريده. ولكن اليوم، تحطم هذا الوهم، وهذا ربما يكون تطوراً إيجابياً للديمقراطية الأمريكية، حيث يفتح المجال للتغيير الجوهري».