بالنسبة للنسويات الأمريكيات:

تمثل كامالا هاريس «خطوة إلى الأمام وليس انتصارًا»

تمثل كامالا هاريس «خطوة إلى الأمام وليس انتصارًا»

-- عام 2020، نسبة مشاركة الأمريكيات الأصليات في التصويت أقل بأربع عشرة نقطة من الجماعات العرقية الأخرى
-- ينتمي 60 بالمائة من النساء من مواليد 1981 و1996 إلى الحزب الديمقراطي، مقابل 31 بالمائة للحزب الجمهوري
-- تعيين بايدن لكامالا هاريس لعب لصالحه لكن النساء يرفضن أن يكون انتخابها الشجرة التي تخفي الغابة
-- تثق النساء في إدارة بايدن للمسألة العرقية، ووباء كوفيد-19، وإعادة فتح المدارس وفرض احترام القانون


عام 2016، كنّ 42 بالمائة قد صوّتن له... لكن في 14 أكتوبر الماضي، في ولاية بنسلفانيا، كان دونالد ترامب يدرك أنه من المرجح أن تتخلّين عنه: “نساء الضواحي”، قال الرئيس ساخرًا، “هل يمكن أن تحبوني، أرجوكم؟ لقد أنقذت ضاحيتكم اللعينة، وسمحت لأزواجكن بالعثور على عمل «.      تظل النساء البيض غير الخريجات ، وكثير منهن في الولايات الرئيسية، ملتزمات بالمرشح الجمهوري. الا ان الصحافة تسرد عشرات الشهادات من “نساء الضواحي”، متعلمات أو غير متعلمات، من البيض أو من الأقليات، وجميعهن مؤيدات لترامب تائبات يقسمن أنهن لن يسقطن في الفخ مجددا. ورغم انتمائهن المتجذر والدائم للحزب الجمهوري، فإنهن صوّتن لجو بايدن.

النساء، ناخبات أكثر موثوقية من الرجال
   «يا إلهي، ماذا فعلنا جميعًا عام 2016؟”، تتحسر إحداهن على صفحات الجارديان. “ألقي باللوم على الحزب الجمهوري بأكمله لأنه سمح له بأن يصبح رئيسًا فظيعًا”. لكن موضوع غضبهم يتركز على ترامب: “المتنمر في ساحة المدرسة”، “ المسيح الدجال”، “الأناني”، “كاره النساء”، “أي شخص إلا هو».
 
   لا غرابة في أن نوايا التصويت أنذرت بشعبية تاريخية للمرشح الديمقراطي بين الأمريكيات، ما غذي قلق الرئيس المنتهية ولايته ومعسكره الذي يدرك أن النساء أثبتن أنهن ناخبات أكثر موثوقية من الرجال.
   ومع ذلك، فإن بايدن في نظرهن لا يمثل المرشح المثالي، ولا يقنعهن برنامجه تمامًا، لكن حسب استطلاعات الرأي الأخيرة، فإنهن يثقن به في إدارته المستقبلية المحتملة للمسألة العرقية، ووباء كوفيد-19، وإعادة فتح المدارس، والحفاظ على النظام، وفرض احترام القانون -وحتى، بشكل أكثر تواضعا (51 بالمائة مقابل 43 بالمائة لترامب)، لرفع الاقتصاد بعد الجائحة. في أوائل أكتوبر، أعلنت ولاية أيوا عن أكبر فجوة بين المرشحين في نوايا تصويت النساء، بفارق 26 نقطة لبايدن.

  بالطبع، كان قراره جعل كامالا هاريس رفيقته في الانتخابات في صالحه. وانتخاب هذه الأخيرة هو خبر سار، ومع ذلك، تحذر ميكي كيندال، يجب ألا تكون الشجرة التي تخفي الغابة. مؤلفة كتاب نسوية هود: ملاحظات للنسويات البيض المنسيات، تخشى كيندال من أن تغطي إثارة الحدث على التاريخ. “نحن بحاجة للاحتفاء بالتقدم الذي تمثله هاريس، ولكن لا نخلط بين التقدم والانتصار. انها تسير على خطى شارلوتا باس، الناشطة والصحفية الأمريكية السوداء، وأول امرأة مرشحة لهذا المنصب عام 1952، أو شيرلي تشيشولم، أول امرأة سوداء يتم انتخابها للكونغرس وأول مرشحة يستثمرها الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية عام 1972. تقف هاريس على أكتاف النساء اللواتي قاتلن من أجل الفئات المهمشة في أمريكا: من المهم أن نسأل كيف ستستخدم سلطتها وتشرّف إرث هؤلاء النساء، مع مواصلة عملهن «.

التاريخ «القمعي»
 و «الاستبداد التنوراتي»
    قارنت الكاتبة الكندية مارجريت أتوود (حكاية الخادمة) “حقبة ترامب” بثلاثينات القرن الماضي، والتي تميزت بصعود القادة الشعبويين والفاشية التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية. أكثر من الرؤية المذهلة لـ “امرأة الضواحي” لدونالد ترامب التي سادت في خمسينات القرن الماضي، أصبح التهديد المروع بقفزة إلى الوراء ملموسًا بانضمام إيمي كوني باريت إلى المحكمة العليا. لقد أكد دونالد ترامب فعلا إمكانية أن القاضية صاحبة المواقف المحافظة المتطرفة يمكن أن تقلب قانون رو ضد وايد، الذي يحمي حق المرأة الأمريكية في الإجهاض.
    لن تكون هذه هي المرة الأولى التي تُحرم فيها الأمريكيات من حقوق اعتقدن أنهن حصلن عليها. ففي عصر ثقافة الإلغاء هذا، حان الوقت لإلقاء الضوء على جوانب معينة غير معروفة، وحتى غامضة، من تاريخ تصويت النساء في الولايات المتحدة.

   «عندما خسرت النساء التصويت: قصة ثورية”، هو واحد من العديد من المعارض التي تم تنظيمها للاحتفال بالذكرى المئوية لدخول التعديل التاسع عشر حيز التنفيذ (منح المرأة حق التصويت عام 1920). وهو أيضًا واحد من القلائل الذي يذكّر بجزء من التاريخ تم طمسه: في الواقع، حصلت النساء الأمريكيات على حق التصويت قبل فترة طويلة من 26 أغسطس 1920 -قبل أن يُسحب منهن.

   كحقيقة تاريخية، يتعلق الأمر بملحمة. في مطلع القرن الثامن عشر، أتيحت لبعض النساء الأمريكيات فرصة التصويت (خاصة إذا كن من البيض ومالكات الأراضي). عام 1776، حثت السيدة الأولى أبيجيل آدامز زوجها، الرئيس الثاني للولايات المتحدة (1797-1801)، جون آدامز، على “وضع المرأة في الاعتبار في التشريعات الجديدة”. وبقي ردّه خالدا: “سيقاوم الرجال استبداد التنورات”. بين 1777 و1787، خسرت “التنورات” تدريجياً حقهن في التصويت في جميع الولايات باستثناء ولاية نيو جيرسي، التي ستستمر حتى عام 1807.  

  كان لا بد الانتظار حتى عام 1869 لتمنحهن وايومنغهم، مرة أخرى، هذا الحق. ثم في العام التالي يوتا-وهو تكتيك يهدف إلى جذب المزيد من النساء إلى هذه المنطقة قليلة السكان. وبعد عشرين عامًا، حاول الكونجرس جعل دخول وايومنغ إلى رتبة ولاية أمريكية مشروطًا بسحب حق المرأة في التصويت، ولكن دون نجاح. وعام 1920، تم توسيع هذا الحق ليشمل جميع المواطنات الأمريكيات -باستثناء الأمريكيات السود، اللاتي حصلن أخيرًا على حقهن عام 1965 بفضل قانون حقوق التصويت.

  جزء آخر تم تجاهله من التعديل التاسع عشر، لم يكن لنساء الهنود الحمر الأمريكيين الحق في التصويت حتى عام 1960 (1950 بالنسبة للإنويت). ومن المفارقات التي نلاحظ قسوتها: يعتبر اتحاد الإيروكوا، أو رابطة الأمم الخمس، أقدم ديمقراطية تشاركية في التاريخ، وقد ألهمت الآباء المؤسسين للولايات المتحدة.

   مجتمع أمومي، تمتلك النساء فيه “سلطة تتجاوز أحلامهن الجامحة”، يكتشف المدافعون عن حقوق المرأة في القرن التاسع عشر (لوكريتيا موت، وماتيلدا جوسلين غيج، وإليزابيث كادي ستانتون، المحتفى بهن اليوم) وكان مصدر الهام لهن لمحاولة إثبات من خلال وجودهن ذاته، أن المساواة الاجتماعية والسياسية ليست من عمل الله أو الطبيعة.    عام 2020، كانت النسبة المئوية لمشاركة الأمريكيات الأصليات في التصويت أقل بأربع عشرة نقطة من تلك الخاصة بجماعات من خلفيات عرقية أخرى. 66 بالمائة فقط مسجلات في القوائم الانتخابية، مليون منهن لا تستطعن المشاركة لأسباب مختلفة (العزلة، الأمية والفقر، السجل الجنائي، عدم وجود وثيقة هوية صالحة، إلخ). وفي ولايات مثل أوكلاهوما ونيو مكسيكو وألاسكا، يمثلن 10 بالمائة على الأقل من السكان.

   عام 2018، انضمت أول امرأة أمريكية من السكان الأصليين إلى الكونغرس، وهو رمز قوي في السعي لاستعادة السلطة (وإعادة كتابة التاريخ) من قبل النساء في الولايات المتحدة، والتي أثرت في جميع الأجيال. هناك الآن ثلاثة منهن: في 3 نوفمبر، انضمت إيفيت هيريل إلى ديب هالاند وشاريسا دافيدز، اللتين احتفظتا بمقاعدهما هناك.

الصحوة السياسية للجيل زد، على خطى جيل الألفية
   سيتعين الانتظار لمعرفة النتائج التفصيلية، لكن لا يمكننا تجاهل تأثير “جنرال إكسرز”: وفقًا لمركز بيو للأبحاث، احتفل أكثر من خمسة عشر مليون أمريكي بعيد ميلادهم الثامن عشر وحصلوا على حق التصويت منذ الانتخابات الرئاسية 2016.

   ولئن ظلت نسب الانتماء إلى الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي مستقرة إلى حد ما طيلة خمسة وعشرين عامًا، فإن الاختلاف في الرأي لم يكن في المقابل بمثل هذا الحجم والاهمية اليوم بين الجنسين عند جيل الألفية: 60 بالمائة من النساء من مواليد 1981 و1996 ينتمين إلى الحزب الديمقراطي، مقابل 31 بالمائة للحزب الجمهوري.

الرجال من نفس الفئة العمرية منقسمون أكثر، 48 بالمائة ديمقراطيون مقابل 44 بالمائة جمهوريون.   ففي ولاية ماساتشوستس، كشف مركز المعلومات والأبحاث حول التعلم المدني، عن نتائج مماثلة لعينة من 2232 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و29 في استطلاع بين مايو ويونيو: 60 بالمائة قلن إنهن تعتزمن التصويت لصالح بطاقة بايدن-هاريس -بلغت ذروتها 77 بالمائة بين الشابات الأمريكيات الآسيويات -مقارنة بـ 71 بالمائة بين الأمريكيات السود، وو61 بالمائة بين الأمريكيات اللاتينوس (ساندت المجموعتان الأخيرتان بشدة هيلاري كلينتون، قبل أربع سنوات). والشواغل الرئيسية لهؤلاء الشابات، هي تغير المناخ وحقوق المرأة (منها الإجهاض). وهن لم تلتزمن فقط بالتصويت، وانما أيضًا بتسهيل التصويت.

    عام 2016، كان 53 بالمائة من المتطوعين في مراكز الاقتراع من النساء، وكان أكثر من نصفهن 61 عامًا وأكثر. وفي مواجهة خطر الوباء هذا العام، فضل العديد منهن البقاء في مأمن. تناولت دراسات قليلة مشاركة المرأة في العملية الانتخابية (“وهذا يسلط الضوء على حقيقة، للأسف: وجودنا أمر مفروغ منه!”)، تحتجّ سارة كورتني، المتحدثة باسم رابطة الناخبات، رغم التفوق الواضح على الرجال.

   تسلمت حفيداتهن المشعل: من سن 16، يمكنك التطوع. وهذه هي حال مالوري روجرز التي عملت في 3 نوفمبر، يوم الانتخابات، أكثر من أربع عشرة ساعة متتالية في مركز اقتراع في جورجيا. “جدتي فعلت ذلك، وأنا أواصل التقليد... إنه أمر مرهق، ولكنه أيضًا يحفز الشعور بالمسؤولية لمساعدة مواطنيك على التصويت».

  عام 2016، سهر 900 ألف متطوع على 116 ألف مركز اقتراع منتشرة في جميع أنحاء البلاد. هذا العام، وصلت الطلبات إلى أرقام قياسية. استنفار يمكن تفسيره بالسياق المتوتر لهذه الانتخابات والعواقب الاقتصادية للوباء: راتب يبلغ حوالي مائة دولار يوميًا حسب المقاطعات، ووعد بعض الشركات بمكافأة الموظفين الذين يأخذون اجازة بيوم واحد من اجل التصويت، لعب بالتأكيد دورًا في الحماس العام.   في جامعة برينستون، أقنع مشروع بطل الاقتراع 30 ألف طالب (ثلثاهم دون سن 18) بالمشاركة. “إن جيل زد هو الذي يتواصل ويخاطب جيل زد لبدء تغيير عميق».