جمعية الصحفيين الإماراتية تطلق اسم نوال الصباح على جائزة أفضل صانع محتوى
توسيع دور الناتو في العراق.. ماذا تريد بغداد؟
تناول المحلل الأمني والاستراتيجي السابق لدى حلف “الناتو” باولو نابوليتانو، في تقرير مفصّل في موقع “وور أون ذا روكس” المخاطر والتحديات أمام توسيع دور قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق.
وكتب نابوليتانو أنه عندما علّق الحلف مهمته التدريبية والاستشارية في العراق بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في يناير (كانون الثاني) 2020 ، واجه أول اختبار واقعي له حول مشروعه الجديد في البلاد.
وكان العراق ولا يزال ملعباً مأساوياً للمنافسة المحلية والإقليمية والدولية. ووافقت الدول الأعضاء في الناتو الآن على توسيع مهمة الحلف في هذا البلد، فما الذي تغير العام الماضي؟ وكيف سيكون أداء التحالف؟.
رغم تجديد الولايات المتحدة دعمها للحلف، يبدو أن الادارة الجديدة ما تزال متجهة نحو تقليص الدور الاميركي في العراق. لذلك، فإن المهمة ستختبر مشاكل تقاسم الأعباء المعروفة لدى “الناتو”. وسيكون على الحلفاء الأوروبيين القيام بدور أكبر في المهمة مع انسحاب الولايات المتحدة، وهو عامل سيؤدي بالضرورة إلى تحديات عملياتية كبيرة للتغلب عليها.
وستوفّر المهمة الموسّعة لحلف “الناتو” فرصة لتقييم دوره المحدود في الشرق الأوسط، فضلاً عن قدرته على تحقيق نتائج فعّالة في إصلاح قطاع الأمن في بيئة تشهد استقطاباً أمنياً وسياسياً. والمهمة لن تنجح إلا في حال جرى تمويلها من الدول الأعضاء في التحالف وانخراطها العميق والبناء مع الجانب العراقي. وعلى الناتو أن يقرر ما إذا كان يريد الاستثمار في بناء نفوذ سياسي فعال في الشرق الأوسط أو أن يقتصر على دور توفير القدرة التقنية.
دور أوروبي أكبر
وستعمل المهمة الموسّعة للناتو مع وزارات أوسع، ومن المرجح أن تعمل خارج منطقة بغداد. وستكون هناك زيادة كبيرة لعدد الأفراد أيضاً حيث سينضمّ أكثر من 4000 عنصر عسكري ومدني في المهمة الجديدة للناتو. وستكون الزيادة مشروطة، ويتمّ التفاوض عليها تدريجاً مع السلطات العراقية.
ولا شك في أن توسيع دور “الناتو” في مقابل تقليص دور التحالف الدولي لا يعني نقل مهام التحالف إلى الحلف، حيث أن مهمة كل طرف مختلفة، وسيبقى “الناتو” ضمن مهمته غير القتالية، ولكنه سيبني على مكاسب التحالف، وسيركز أكثر على مستوى المشورة الاستراتيجية في حال الانتهاء من الدور العسكري الداعم لقوات التحالف.
التحديات العملياتية
وسيكون لانسحاب التحالف المناهض لـ “داعش” من العراق، بعض التداعيات المهمة على الناتو، ولكن لا ينبغي اعتبار مهمة الأخير مجرد انتقال للأدوار من التحالف إلى الناتو. فمع اختلاف التفويض، تظل عملية الناتو مهمة غير قتالية، لكنه سيبني على مكاسب التحالف الدولي، ومن المرجح أن يركّز بشكل أكبر على الجهود الاستشارية على المستوى الاستراتيجي بمجرد انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية التي يدعمها التحالف.
ومن شأن الإنتقال من إطار عمل رشيق ومرن للتحالف، الى آليات عمل موحدة وبيروقراطية وقائمة على اجماع الآراء في حلف الناتو، أن يفرض تحديات عملانية. ولم يتضح بعد ما إذا كانت مهمة الناتو ستتجاوز منطقة بغداد وكيف ستفعل ذلك. وقد ينتقل الناتو إلى تقديم مستوى معين من المشورة الاستراتيجية لقوات البشمركة الكردية في شمال العراق. ومع ذلك، فإن أي توسع من هذا القبيل، يجب أن تطلبه الحكومة العراقية وتوافق عليه دول الناتو، ويشمل تركيا. وبالنظر إلى المثلث الصعب للعلاقات بين الفصائل الكردية العراقية، بغداد وأنقرة، سيكون من الصعب التفاوض على هذا.
توقعات للناتو
وإذ رأى أن مهمة الناتو الموسعة في العراق ستكون مرتبطة بالطلب، سأل نابوليتانو: “ما الذي تريده الحكومة العراقية أو تحتاجه؟».
طلبت الحكومة العراقية الدعم من أجل تطوير حرفية مؤسساتها الأمنية، لكن يتحتم على الناتو ألا يتجاهل السياق السياسي والأمني والاجتماعي-الاقتصادي الذي ستعمل المهمة من خلاله من أجل ربط الطموحات الاستراتيجية بالتوقعات العقلانية.
مرحلة انتقالية
لا يزال العراق يمر بمرحلة انتقالية دقيقة من الحملة العسكرية إلى التعافي وإعادة الإعمار والاستقرار الاكثر شمولًا. كما أن هناك عدداً لا يحصى من القضايا التي يجب مراعاتها. كما أنه حاول جدياً الانخراط مع الدول المجاورة، بما في ذلك ايران وتركيا والسعودية، لتأمين الدعم السياسي والاقتصادي والعبور ما بين مخاطر المنطقة والتنافس الحساس. وفي هذا السياق، ستلعب مهمة الناتو دوراً في إصلاحات القطاع الأمني، لكنه لا يمكن أن يحقق مكاسب سريعة لأن هذه الإصلاحات ليست حلاً سحرياً للمشكلات البنيوية الأكبر.
وبامكان “الناتو” أن يوفّر للعراق بناء القدرات التقنية على شكل نشاطات تدريبية واستشارية، إلا أن ذلك لن يكون مجدياً، اذا لم يتم تبسيطه في إطار إستراتيجية متماسكة تطوّرها الحكومة العراقية ويدعمها الناتو، وهي عملية شديدة الحساسية.
مفترق طرق
وعلى الناتو أن يكون أكثر دهاء من الناحية السياسية، في ما يتعلّق بما يحدث في العراق وعلاقات القوة فيه، بدلاً من الاكتفاء ببناء القدرات التقنية. وسيظل العراق على مفترق طرق للعديد من القضايا الاقليمية والدولية – العلاقات بين الولايات المتحدة وايران، وبين ايران ودول الخليج، بالاضافة الى طموحات تركيا الاقليمية.
لا يمكن لمهمة الناتو أن تتجاهل هذا الاطار السياسي، من خلال البقاء في “منطقة راحتها” المتمثّلة ببناء القدرات، ولكنها تحتاج الى أن تكون أكثر استباقية إذا كانت تريد أن تكتسب أهمية. ومن شأن سدّ الفجوة بين الهوات السياسية والتقنية، أن يساهم في تحقيق الناتو تأثيراً أكثر أهمية وإيجابية في التوصل إلى أهدافه المعلنة المتمثّلة في الاستقرار في الدول المجاورة والشريكة من أجل ضمان أمن الحلف نفسه.