دراسة جديدة لتريندز
توسيع مجموعة بريكس سيعزز نفوذها كمدخل لإحداث تغيير في النظام الدولي الراهن
أكدت دراسة بحثية جديدة لمركز تريندز للبحوث والاستشارات أن التوسع في مجموعة بريكس سيترك آثاراً اقتصادية متنوعة - في الأجلين المتوسط والمنظور - على أداء الاقتصادات الداخلة في هذا التوسع، ومن ورائه الاقتصاد العالمي برمته، مشيرة إلى أنه في ضوء الإمكانات الاقتصادية، والأهداف الاستراتيجية التي تسعى بريكس إلى تحقيقها للدول الأعضاء، وفي ظل التحديات العامة، فإن الرؤية تؤكد هذا التحول الإيجابي.
وبينت الدراسة التي أعدتها إدارة البحوث في “تريندز” تحت عنوان “قمة بريكس 2023 ومساعي بناء نظام دولي جديد” أن خطوة بريكس في توسيع عضويتها من شأنها أن تعزز من نفوذها دولياً على المستويين الاقتصادي والسياسي، كمدخل يؤدي إلى إحداث بعض التغيير في النظام الدولي الراهن، لكنه أيضاً يمكن أن يُعَدُّ بداية لحقبة جديدة من التنافس الدولي، خصوصاً في ظل اشتعال هذا التنافس بين القطبيْن: تكتل بريكس ومجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في مجالات التنافس التكنولوجي والمالي والنقدي الحاصل حالياً بين الاقتصاديْن الصيني والأمريكي.
كما ذكرت الدراسة أن التأثيرات الاقتصادية لتوسع بريكس ستظل أيضاً محدودة بوجود أبعاد أخرى حاكمة لتحرك هذه الاقتصادات في النظام الاقتصادي العالمي.
وأوضحت الدراسة أن القمة الخامسة عشرة لمجموعة بريكس، التي انعقدت في جوهانسبرج خلال الفترة من 22 إلى 24 أغسطس 2023، ترافقت معها حالة من الزخم، فرضته عدة عوامل دولية، أبرزها الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، إلى جانب التصعيد الحالي في بحر الصين الجنوبي، وهو ما انعكس على أجندة القمة وجدول أعمالها.وتطرقت الدراسة التي جاءت ضمن برامج البحث العلمي لـ”تريندز” في مجال السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، إلى أجندة القمة، مشيرة إلى أنها تركزت على عدة محاور أساسية، تمثلت في توسيع عضوية بريكس، وآليات توفير الدعم المالي لبنك المجموعة، فضلاً عن سبل التعاون الاقتصادي، مشيرة إلى أنه بالنظر إلى هذه المحاور يتضح أنها تركز على سبل تعزيز قدراتها ومكانتها في النظام الدولي سياسياً واقتصادياً، لا سيّما أن مؤشراتها قد أظهرت تحسناً على مدار 18 عاماً، وأيضاً محاولة توسيع قاعدتها على مستوى الأطراف، للمساعدة في بناء شبكة من المصالح التي تساعد في تجاوز التوترات التاريخية في العلاقات بين عدد من أطرافه، مثل الصين والهند.
وذكرت الدراسة أن محاور هذه الأجندة انعكست على البيان الختامي لقمة بريكس 2023، والذي توجت بالموافقة على انضمام ست دول جديدة كأعضاء إلى المجموعة، وهي دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية ومصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران، وهو ما حمل العديد من الدلالات التي تتجاوز تعزيز القدرات الاقتصادية، إلى إعادة بناء وتشكيل هيكل القوة السياسية للمجموعة، من منظور جيو- استراتيجي.
ولفتت الدراسة إلى أنه بالنظر إلى ما تضمنه البيان الختامي، يتضح أن القرار الإجرائي الوحيد الذي تم اتخاذه يتمثل في توسيع العضوية، والذي جاء متسقاً مع حالة الزخم والتفاعلات التي سبقت القمة، وأيضاً كلمات القادة في الجلسة الافتتاحية؛ التي ركزت على إعادة بناء نظام دولي أكثر عدلاً، ومواجهة هيمنة الدولار، وتلك نتيجة فرضتها التجاذبات الدولية المتزايدة بين الولايات المتحدة وأوروبا من جانب، وبين روسيا والصين من جانب آخر، والتي أعادت إلى الأذهان أجواء الاستقطاب الدولي التي كانت سائدة خلال الحرب الباردة.
وأضافت أن اختيار الدول الست الأعضاء الجدد في مجموعة بريكس قد استند إلى عدة معايير، لعل أبرزها مسألة بناء “حزام جيو– استراتيجي” للمجموعة، يربط بين قارات العالم، ويساعد في بلورة مكانة دولية لها، سياسياً واقتصادياً، وكذلك أمنياً، الأمر الذي يعزّز من مكانتها في النظام الدولي، كخطوة نحو بناء “نظام عالمي متعدد الأقطاب».
وبينت الدراسة أنه على الرغم من أن البيان الختامي للقمة قد ركز على مسألة ضم الأعضاء الجدد، فإنه - في الوقت نفسه – يمكن اعتباره مدخلاً لفهم التحول في الخطط الاستراتيجية للمجموعة، والتي يمكن أن تظهر نتائجها خلال السنوات المقبلة.
وتناولت الدراسة بالعرض والتحليل العلمي أبرز القضايا المرتبطة بقرار توسيع عضوية بريكس، من خلال النظر إلى نظام بريكس وأهدافه الاستراتيجية، ووقفت عند أهم التحديات التي تنتظر هذا التكتل في المستقبل، لا سيّما بعد إقرار هذا التوسع الملحوظ في عضويته.