رئيس الدولة يستقبل ولي عهد أم القيوين ويبحثان شؤون المواطن والوطن
الشارع مع قرارات سعيد والأحزاب منقسمة:
تونس انقلاب دستوري أم أزمة غير مسبوقة!
- اتحاد الشغل يدعو سعيّد لتقديم ضمانات دستورية والتسريع في إنهاء التدابير الاستثنائية
- مكتب البرلمان يرفض قرارات سعيّد ويدعو الجيش والأمن للانحياز إلى الشعب
- أمام البرلمان: مُواجهات بين أنصار قيس سعيّد وأنصار النهضة
- أحزاب ترفض القرارات... وأخرى تساند... وثالثة نعم لكن...
- سعيد يحذر: من يطلق رصاصة واحدة سنجابهه بوابل من الرصاص
- الجيش يمنع الغنوشي من دخول البرلمان ويطوق قصر الحكومة
على مدى الأشهر الستة الماضية، اندلعت مواجهة بين النهضة -التي يمثل نوابها الأغلبية في البرلمان - وبين الرئاسة، مما أدى إلى شل الحكومة وتعطيل السلطات العامة. مأزق سياسي ينضاف الى أزمة اقتصادية واجتماعية وصحية ارهقت التونسيين ودفعت بشريحة كبيرة منهم الى التظاهر في الشارع.وأمام هذا الوضع المتفجر، قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد عمل البرلمان وتولي السلطة التنفيذية... قرار يثير حماس المتظاهرين لكنه حسب بعض السياسيين والمراقبين قد لا يضمن خروجاً وشيكاً من الأزمة.هذه الإجراءات، التي ستترجم في الساعات القادمة في شكل مراسيم، أثارت على الفور غضب حزب النهضة، الذي رأى فيها انقلابًا على الثورة وضد الدستور. واندلعت، منذ صباح أمس الاثنين، اشتباكات أمام البرلمان التونسي بين أنصار الرئيس وأنصار الحزب الإسلامي.
مناوشات بين الأنصار
فقد توافد أنصار حركة النهضة وايضا أنصار الرئيس قيس سعيد، أمس الاثنين، امام البرلمان وتطور الامر لبداية مواجهات وتراشق بالحجارة والقوارير وسط حضور أمنى مكثف.ورفع أنصار النهضة شعارات تدعو لـ (اسقاط الانقلاب) قابلته هتافات من أنصار سعيد تدعو لإسقاط البرلمان.وحاولت قوات الامن التدخل لمنع تطور الوضع وحصول مواجهات عنيفة بين الطرفين بعد تواصل التراشق بالحجارة.كما حاول عدد من أنصار النهضة اقتحام البوابة الرئيسية لمقر مجلس نواب الشعب باردو، فيما حاول آخرون تسلق بوابته الحديدية، إلا أنهم ووجهوا بصد أمني، فيما اتخذ أفراد الجيش مكانهم وراء البوابة.
وكانت حركة النهضة دعت في بلاغ لها فجر أمس الإثنين، منخرطيها وأنصارها وكل الأحرار للتوجه إلى مجلس نواب الشعب حماية للثورة ولإرادة الشعب حسب تعبير بيانها.
ونشرت الصفحة الرسمية لرئيس الحركة راشد الغنوشي، تدوينة مقتضبة جاء فيها (الرجاء الالتحاق حالا برئيس البرلمان أمام أبواب البرلمان دفاعا على الديمقراطية وعلى الثورة).
ويذكر أن رئيس البرلمان راشد الغنوشي وصل فجرا أمام مقر البرلمان، لكن قوات الجيش الوطني منعته من الدخول إلى داخل البرلمان.وكانت مدرعات الجيش التونسي قد طوقت، في ساعة متأخرة من مساء الأحد، مقر مجلس نواب الشعب بباردو، بعد إعلان قيس سعيد تجميد نشاطه لمدة 30 يوما. كما قامت وحدات الجيش بتطويق قصر الحكومة بالقصبة ومنعت موظفي رئاسة الحكومة من الدخول.
اجتماع عن بعد
وقد أصدر البرلمان بيانا عقب اجتماع مكتبه عن بُعد صباح أمس الإثنين، برئاسة راشد الغنوشي، أكدّ فيه، وفق نصّ البيان، رفضه المطلق وإدانته الشديدة لما أعلن عنه مساء الاحد رئيس الدولة قيس سعيد، واعتبر جميع قراراته باطلة وتنطوي على خرق جسيم للدستور وانحراف شديد في الاجتهاد في تفعيل الفصل 80 منه، ومحاولة تحيّل وتمويه مفضوحة بادعاء الباطل حصوله على موافقة رئيس مجلس نواب الشعب على هذه التدابير، حسب تعبير البيان.
وحمّل مكتب مجلس نواب الشعب، رئيس الدولة قيس سعيد، جميع التبعات الأخلاقية والقانونية والجزائية لدعوته هذه، واعتبرها كأنها لم تكن أبدا ومطلقا.
كما دعا مكتب البرلمان، الجيش التونسي الوطني والقوات الأمنية الجمهورية إلى الانحياز إلى صفوف الشعب التونسي والوفاء للقَسم بحماية الدستور وعُلوية القانون وصوْن هيبة الدولة ومؤسساتها الدستورية والإدارية وتأمين الحق في العمل والسير العادي لمؤسسات الدولة وعدم الخضوع لأي أوامر خارج روح الدستور وسلطة القانون.ودعا مكتب المجلس من جهة أخرى، النواب إلى الدفاع عن قيم الجمهورية وعلوية الدستور وخيار الشعب الحرّ وفق انتخابات حرة ونزيهة والتمسك بتونس الجديدة الحرة والديموقراطية والرفض المطلق لكل نزوع نحو الحكم الفردي الشمولي والمستبد، ويحثهم على ممارسة اختصاصاتهم الدستورية ومواصلة عملهم اليومي بجانب شعبهم في مواجهة أزمة الكوفيد وتداعياتها الخطيرة اقتصاديا واجتماعيا، على حدّ تعبير البيان.
وأكد البيان، أن مجلس نواب الشعب بجميع هياكله في حالة انعقاد دائم نظرا للظروف الخاصة التي تمر بها البلاد. تفاصيل الليلة الطويلة.
وكان الرئيس التونسي، قد أعلن إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه وتجميد عمل واختصاصات مجلس نواب الشعب لمدّة 30 يوما مع رفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء البرلمان.
كما أعلن قيس سعيد توليه السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ويعيّنه رئيس الجمهورية.
وأعلنت رئاسة الجمهورية، في بلاغ على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن القرارات التي اتخذها سعيد حفظا لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة” وفق البيان.
وقالت رئاسة الجمهورية، أن رئيس الدولة، قرر بعد استشارة كلّ من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وعملا بالفصل 80 من الدستور، ما يلي :
- إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي.
- تجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما.
- رفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب.
- تولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ويعيّنه رئيس الجمهورية.وأوضحت الرئاسة التونسية، أنه سيصدر في الساعات القادمة أمر يُنظّم هذه التدابير الاستثنائية التي حتّمتها الظروف والتي ستُرفع بزوال أسبابها.
وقال قيس سعيد، إن التدابير التي أعلن عنها ليست تعليقا للدستور، محذرا من مغبة الذين يحاولون اللجوء إلى السلاح، قائلا: من يطلق رصاصة واحدة ستجابهه القوات المسلحة العسكرية والأمنية بوابل من الرصاص.وأضاف: لم نكن نريد اللجوء إلى هذه التدابير لأننا تعاملنا بصدق وبأمانة وإخلاص لكن في المقابل الكثيرون شيمهم النفاق والغدر والسطو على حقوق الشعب التونسي الذي يواصل اليوم ثورته في ظل الشرعية.
وذكرت وسائل اعلام نقلا عن مصادر أمنية، أن قيس سعيد كلف خالد اليحياوي المدير العام للأمن الرئاسي بالإشراف على وزارة الداخلية بعد إقالة الحكومة.
انقلاب على الدستور
في المقابل، اعتبر رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، أن القرارات التي أعلن عنها رئيس الدولة قيس سعيد، هي انقلاب على الثورة، مؤكدا أن المؤسسات مازالت قائمة وان أنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون على الثورة، وفق قوله.
وقال الغنوشي، إن تأويل قيس سعيّد للدستور خاطئ ومصادم للحقيقة”، وأن هذه الإجراءات باطلة والدستور ينص على أن يبقى البرلمان في حالة انعقاد دائم، وألا يتم حل الحكومة.
ودعا راشد الغنوشي، رئيس الدولة إلى التراجع عن القرارات التي ستقود إلى الظلمات وسلطة الرأي الواحد، الشعب التونسي إلى أن يخوض نضالا سلميا لاستعادة الديمقراطية.
وتباينت المواقف
أكبر المنظمات الجماهيرية، والتي ظل الجميع مشدودا الى موقفها باعتبار انها قد تكون من عوامل الحسم في الصراع لصالح هذا الطرف او ذاك اختارت على ما يبدو مسك العصا من الوسط، حيث أكد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، أمس الاثنين “حرصه على ضرورة التمسك بالشرعية الدستورية في أي اجراء يتخذ في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد لتامين احترام الدستور واستمرار المسار الديمقراطي واعادة الاستقرار للبلاد واسترجاع طاقتها في البناء والتقدم».
ولفت في بلاغ اثر اجتماع طارئ خصص للنظر في التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس الى “وجوب ارفاق التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس بجملة من الضمانات الدستورية وفي مقدّمتها ضرورة ضبط أهداف التدابير الاستثنائية بعيدا عن التوسع والاجتهاد، والمركزة المفرطة، وتحديد مدّة تطبيق الإجراءات الاستثنائية، والإسراع بإنهائها حتّى لا تتحوّل إلى إجراء دائم، والعودة في الآجال إلى السير العادي وإلى مؤسّسات الدولة، وكذلك ضمان احترام الحقوق والحريات بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دون تجزئة مع الاحتكام إلى الآليات الديمقراطية والتشاركية في أي تغيير سياسي في إطار خارطة طريق تشاركية واضحة تسطر الأهداف والوسائل والروزنامة وتطمئن الشعب وتبدّد المخاوف».
وشدد المكتب على رفضه لجوء أيّ طرف مهما كان موقعه أو موقفه أو دواعيه إلى العنف، معربا عن رفضه القاطع لسياسة التشفّي أو تصفية الحسابات وضمان خروج سلمي من هذه المرحلة الدقيقة والصعبة، داعيا كلّ الأطراف إلى وجوب النأي بالمؤسّسة العسكرية عن التجاذبات السياسية، إيمانًا منه بعراقة هذه المؤسّسة ووطنيتها وتمسّكها غير المشروط بحماية أمن البلاد والعباد، حفاظا على مدنية الدولة.
القوى السياسية الممثلة في البرلمان وتلك التي خارجه، عبرت عن مواقف متباينة. منها من اعلنن عن تمسكه بدولة القانون والمؤسسات وبدستور البلاد واحترام المسار الديمقراطي ومؤسساته، داعيا مجلس نواب الشعب الى الانعقاد فورا ورئيس الحكومة الى تولي مهامه الشرعية وتفادي احداث فراغ في مؤسسة رئاسة الحكومة، ورات فيما حدث انقلابا وخرقا جسيما للدستور وعودة للحكم الفردي، داعية الى احترام الشرعية الانتخابية ورفض اي قرار يتنافى مع مخرجاتها المؤسساتية، على غرار حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة والجمهوري وحزب العمال والاتحاد الشعبي.
ومنها من يحمّل مسؤولية الاحتقان الشعبي المشروع والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وانسداد الأفق السياسي للائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة وحكومة هشام المشيشي، ولكنه يختلف مع تأويل الرئيس للفصل 80 من الدستور، معبّرا عن رفضه ما ترتب عنه من قرارات وإجراءات خارج الدستور، على غرار التيار الديمقراطي وحزب التكتل وحزب العمل. في حين، أكّدت أحزاب اخرى مساندتها للقرارات التي أصدرها قيس سعيد مشيرة الى انها تعتبرها طريقا لتصحيح مسار الثورة الذي انتهكته القوى المضادة لها وعلى رأسها حركة النهضة والمنظومة الحاكمة برمتها.
وتعتبر هذه الاحزاب أنّ سعيّد لم يخرج بهذه القرارات عن الدستور، بل تصرف وفق ما تملي عليه مسؤوليته في إطار القانون والدستور حفظا لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمانا للسير العادي لدواليب الدولة ونجد في هذه الرؤية حركة الشعب والتيار الشعبي.وعديدة هي الأحزاب والشخصيات – حتى كتابة هذه السطور-التي لم تصدر بعد مواقف بعد القرارات التي أعلن عنها قيس سعيد، وخاصة منها الحزب الدستوري الحر وحزب تحيا تونس وحركة مشروع تونس.
سلسلة مشاورات
هذا وأطلق الرئيس التونسي سلسلة مشاورات شملت رؤساء عدد من المنظمات الوطنية وافتتحها بلقاء مع امين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي.
واعلنت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ان رئيستها نائلة زعلامي عقدت اجتماعا مع الرئيس قيس سعيّد.وأشارت في بلاغ صادر عنها الى ان الاجتماع جاء بطلب من سعيّد والى انه يأتي في إطار المشاورات التي يجريها رئيس الدولة مع المنظمات الوطنية.
يشار الى ان سعيّد كان قد التقى في وقت سابق أمس الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي والتقى ايضا عبد المجيد الزار رئيس اتحاد المزارعين.
ليس انقلابا
دوليا، كان للحدث التونسي صداه في مختلف العواصم، وقد دعا الاتحاد الاوروبي كافة الاطراف السياسية الفاعلة في تونس الى احترام الدستور وسيادة القانون.
ونقل بيان صادر عن المتحدثة باسم الاتحاد الاوروبي نبيلة مصرالي قولها نحن نتابع عن كثب التطورات في تونس، ونطلب من جميع الجهات الفاعلة احترام الدستور ومؤسساته والالتزام بسيادة القانون.
ودعت المتحدثة باسم الاتحاد الاوروبي الى الهدوء وتجنب اي تصعيد للعنف.من جهتها، اكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الالمانية ماريا أديبهر ان برلين قلقة من الاضطرابات السياسية المتصاعدة في تونس، معتبرة ان ما حدث ليس مع ذلك انقلابا داعية الى اعادة البلاد الى حالة النظام القانوني الدستوري لافتة الى ان الخارجية تعتزم إجراء مفاوضات مع السفير التونسي.وأضافت نحن نشعر بقلق بالغ بعد متابعتنا عن كثب تصاعد العنف في الأيام والأسابيع الماضية وتفاقمه الاحد ومن المهم إعادة النظام الدستوري في أسرع وقت ممكن وندعو كل من يضمن الحفاظ على القانون الدستوري وتنفيذه، لفعل ذلك.
في حين عبّرت وزارة الخارجية التركية في بلاغ لها عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة في تونس، وعبّر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن عن رفضه لتعليق عمل البرلمان التونسي.
وقد دعت السفارة الفرنسية مواطنيها الى اليقظة وتوخي الحذر والابتعاد عن التجمعات ودراسة الأوضاع قبل التفكير في السفر.
كما أصدرت السفارة الإيطالية بتونس تحذيرًا لمواطنيها، وأوصتهم بتوخّي الحذر والالتزام الصارم بالتدابير المعمول بها، وتجنب التجمعات واحترام أحكام السلطات المحلية، وتأجيل جميع الرحلات غير الضرورية.وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن الكرملين يتابع تطورات الوضع في تونس معربا عن امله في ألا يهدد شيء الاستقرار وسلامة المواطنين في هذا البلد.
- مكتب البرلمان يرفض قرارات سعيّد ويدعو الجيش والأمن للانحياز إلى الشعب
- أمام البرلمان: مُواجهات بين أنصار قيس سعيّد وأنصار النهضة
- أحزاب ترفض القرارات... وأخرى تساند... وثالثة نعم لكن...
- سعيد يحذر: من يطلق رصاصة واحدة سنجابهه بوابل من الرصاص
- الجيش يمنع الغنوشي من دخول البرلمان ويطوق قصر الحكومة
على مدى الأشهر الستة الماضية، اندلعت مواجهة بين النهضة -التي يمثل نوابها الأغلبية في البرلمان - وبين الرئاسة، مما أدى إلى شل الحكومة وتعطيل السلطات العامة. مأزق سياسي ينضاف الى أزمة اقتصادية واجتماعية وصحية ارهقت التونسيين ودفعت بشريحة كبيرة منهم الى التظاهر في الشارع.وأمام هذا الوضع المتفجر، قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد عمل البرلمان وتولي السلطة التنفيذية... قرار يثير حماس المتظاهرين لكنه حسب بعض السياسيين والمراقبين قد لا يضمن خروجاً وشيكاً من الأزمة.هذه الإجراءات، التي ستترجم في الساعات القادمة في شكل مراسيم، أثارت على الفور غضب حزب النهضة، الذي رأى فيها انقلابًا على الثورة وضد الدستور. واندلعت، منذ صباح أمس الاثنين، اشتباكات أمام البرلمان التونسي بين أنصار الرئيس وأنصار الحزب الإسلامي.
مناوشات بين الأنصار
فقد توافد أنصار حركة النهضة وايضا أنصار الرئيس قيس سعيد، أمس الاثنين، امام البرلمان وتطور الامر لبداية مواجهات وتراشق بالحجارة والقوارير وسط حضور أمنى مكثف.ورفع أنصار النهضة شعارات تدعو لـ (اسقاط الانقلاب) قابلته هتافات من أنصار سعيد تدعو لإسقاط البرلمان.وحاولت قوات الامن التدخل لمنع تطور الوضع وحصول مواجهات عنيفة بين الطرفين بعد تواصل التراشق بالحجارة.كما حاول عدد من أنصار النهضة اقتحام البوابة الرئيسية لمقر مجلس نواب الشعب باردو، فيما حاول آخرون تسلق بوابته الحديدية، إلا أنهم ووجهوا بصد أمني، فيما اتخذ أفراد الجيش مكانهم وراء البوابة.
وكانت حركة النهضة دعت في بلاغ لها فجر أمس الإثنين، منخرطيها وأنصارها وكل الأحرار للتوجه إلى مجلس نواب الشعب حماية للثورة ولإرادة الشعب حسب تعبير بيانها.
ونشرت الصفحة الرسمية لرئيس الحركة راشد الغنوشي، تدوينة مقتضبة جاء فيها (الرجاء الالتحاق حالا برئيس البرلمان أمام أبواب البرلمان دفاعا على الديمقراطية وعلى الثورة).
ويذكر أن رئيس البرلمان راشد الغنوشي وصل فجرا أمام مقر البرلمان، لكن قوات الجيش الوطني منعته من الدخول إلى داخل البرلمان.وكانت مدرعات الجيش التونسي قد طوقت، في ساعة متأخرة من مساء الأحد، مقر مجلس نواب الشعب بباردو، بعد إعلان قيس سعيد تجميد نشاطه لمدة 30 يوما. كما قامت وحدات الجيش بتطويق قصر الحكومة بالقصبة ومنعت موظفي رئاسة الحكومة من الدخول.
اجتماع عن بعد
وقد أصدر البرلمان بيانا عقب اجتماع مكتبه عن بُعد صباح أمس الإثنين، برئاسة راشد الغنوشي، أكدّ فيه، وفق نصّ البيان، رفضه المطلق وإدانته الشديدة لما أعلن عنه مساء الاحد رئيس الدولة قيس سعيد، واعتبر جميع قراراته باطلة وتنطوي على خرق جسيم للدستور وانحراف شديد في الاجتهاد في تفعيل الفصل 80 منه، ومحاولة تحيّل وتمويه مفضوحة بادعاء الباطل حصوله على موافقة رئيس مجلس نواب الشعب على هذه التدابير، حسب تعبير البيان.
وحمّل مكتب مجلس نواب الشعب، رئيس الدولة قيس سعيد، جميع التبعات الأخلاقية والقانونية والجزائية لدعوته هذه، واعتبرها كأنها لم تكن أبدا ومطلقا.
كما دعا مكتب البرلمان، الجيش التونسي الوطني والقوات الأمنية الجمهورية إلى الانحياز إلى صفوف الشعب التونسي والوفاء للقَسم بحماية الدستور وعُلوية القانون وصوْن هيبة الدولة ومؤسساتها الدستورية والإدارية وتأمين الحق في العمل والسير العادي لمؤسسات الدولة وعدم الخضوع لأي أوامر خارج روح الدستور وسلطة القانون.ودعا مكتب المجلس من جهة أخرى، النواب إلى الدفاع عن قيم الجمهورية وعلوية الدستور وخيار الشعب الحرّ وفق انتخابات حرة ونزيهة والتمسك بتونس الجديدة الحرة والديموقراطية والرفض المطلق لكل نزوع نحو الحكم الفردي الشمولي والمستبد، ويحثهم على ممارسة اختصاصاتهم الدستورية ومواصلة عملهم اليومي بجانب شعبهم في مواجهة أزمة الكوفيد وتداعياتها الخطيرة اقتصاديا واجتماعيا، على حدّ تعبير البيان.
وأكد البيان، أن مجلس نواب الشعب بجميع هياكله في حالة انعقاد دائم نظرا للظروف الخاصة التي تمر بها البلاد. تفاصيل الليلة الطويلة.
وكان الرئيس التونسي، قد أعلن إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه وتجميد عمل واختصاصات مجلس نواب الشعب لمدّة 30 يوما مع رفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء البرلمان.
كما أعلن قيس سعيد توليه السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ويعيّنه رئيس الجمهورية.
وأعلنت رئاسة الجمهورية، في بلاغ على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن القرارات التي اتخذها سعيد حفظا لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة” وفق البيان.
وقالت رئاسة الجمهورية، أن رئيس الدولة، قرر بعد استشارة كلّ من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وعملا بالفصل 80 من الدستور، ما يلي :
- إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي.
- تجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما.
- رفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب.
- تولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ويعيّنه رئيس الجمهورية.وأوضحت الرئاسة التونسية، أنه سيصدر في الساعات القادمة أمر يُنظّم هذه التدابير الاستثنائية التي حتّمتها الظروف والتي ستُرفع بزوال أسبابها.
وقال قيس سعيد، إن التدابير التي أعلن عنها ليست تعليقا للدستور، محذرا من مغبة الذين يحاولون اللجوء إلى السلاح، قائلا: من يطلق رصاصة واحدة ستجابهه القوات المسلحة العسكرية والأمنية بوابل من الرصاص.وأضاف: لم نكن نريد اللجوء إلى هذه التدابير لأننا تعاملنا بصدق وبأمانة وإخلاص لكن في المقابل الكثيرون شيمهم النفاق والغدر والسطو على حقوق الشعب التونسي الذي يواصل اليوم ثورته في ظل الشرعية.
وذكرت وسائل اعلام نقلا عن مصادر أمنية، أن قيس سعيد كلف خالد اليحياوي المدير العام للأمن الرئاسي بالإشراف على وزارة الداخلية بعد إقالة الحكومة.
انقلاب على الدستور
في المقابل، اعتبر رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، أن القرارات التي أعلن عنها رئيس الدولة قيس سعيد، هي انقلاب على الثورة، مؤكدا أن المؤسسات مازالت قائمة وان أنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون على الثورة، وفق قوله.
وقال الغنوشي، إن تأويل قيس سعيّد للدستور خاطئ ومصادم للحقيقة”، وأن هذه الإجراءات باطلة والدستور ينص على أن يبقى البرلمان في حالة انعقاد دائم، وألا يتم حل الحكومة.
ودعا راشد الغنوشي، رئيس الدولة إلى التراجع عن القرارات التي ستقود إلى الظلمات وسلطة الرأي الواحد، الشعب التونسي إلى أن يخوض نضالا سلميا لاستعادة الديمقراطية.
وتباينت المواقف
أكبر المنظمات الجماهيرية، والتي ظل الجميع مشدودا الى موقفها باعتبار انها قد تكون من عوامل الحسم في الصراع لصالح هذا الطرف او ذاك اختارت على ما يبدو مسك العصا من الوسط، حيث أكد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، أمس الاثنين “حرصه على ضرورة التمسك بالشرعية الدستورية في أي اجراء يتخذ في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد لتامين احترام الدستور واستمرار المسار الديمقراطي واعادة الاستقرار للبلاد واسترجاع طاقتها في البناء والتقدم».
ولفت في بلاغ اثر اجتماع طارئ خصص للنظر في التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس الى “وجوب ارفاق التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس بجملة من الضمانات الدستورية وفي مقدّمتها ضرورة ضبط أهداف التدابير الاستثنائية بعيدا عن التوسع والاجتهاد، والمركزة المفرطة، وتحديد مدّة تطبيق الإجراءات الاستثنائية، والإسراع بإنهائها حتّى لا تتحوّل إلى إجراء دائم، والعودة في الآجال إلى السير العادي وإلى مؤسّسات الدولة، وكذلك ضمان احترام الحقوق والحريات بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دون تجزئة مع الاحتكام إلى الآليات الديمقراطية والتشاركية في أي تغيير سياسي في إطار خارطة طريق تشاركية واضحة تسطر الأهداف والوسائل والروزنامة وتطمئن الشعب وتبدّد المخاوف».
وشدد المكتب على رفضه لجوء أيّ طرف مهما كان موقعه أو موقفه أو دواعيه إلى العنف، معربا عن رفضه القاطع لسياسة التشفّي أو تصفية الحسابات وضمان خروج سلمي من هذه المرحلة الدقيقة والصعبة، داعيا كلّ الأطراف إلى وجوب النأي بالمؤسّسة العسكرية عن التجاذبات السياسية، إيمانًا منه بعراقة هذه المؤسّسة ووطنيتها وتمسّكها غير المشروط بحماية أمن البلاد والعباد، حفاظا على مدنية الدولة.
القوى السياسية الممثلة في البرلمان وتلك التي خارجه، عبرت عن مواقف متباينة. منها من اعلنن عن تمسكه بدولة القانون والمؤسسات وبدستور البلاد واحترام المسار الديمقراطي ومؤسساته، داعيا مجلس نواب الشعب الى الانعقاد فورا ورئيس الحكومة الى تولي مهامه الشرعية وتفادي احداث فراغ في مؤسسة رئاسة الحكومة، ورات فيما حدث انقلابا وخرقا جسيما للدستور وعودة للحكم الفردي، داعية الى احترام الشرعية الانتخابية ورفض اي قرار يتنافى مع مخرجاتها المؤسساتية، على غرار حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة والجمهوري وحزب العمال والاتحاد الشعبي.
ومنها من يحمّل مسؤولية الاحتقان الشعبي المشروع والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وانسداد الأفق السياسي للائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة وحكومة هشام المشيشي، ولكنه يختلف مع تأويل الرئيس للفصل 80 من الدستور، معبّرا عن رفضه ما ترتب عنه من قرارات وإجراءات خارج الدستور، على غرار التيار الديمقراطي وحزب التكتل وحزب العمل. في حين، أكّدت أحزاب اخرى مساندتها للقرارات التي أصدرها قيس سعيد مشيرة الى انها تعتبرها طريقا لتصحيح مسار الثورة الذي انتهكته القوى المضادة لها وعلى رأسها حركة النهضة والمنظومة الحاكمة برمتها.
وتعتبر هذه الاحزاب أنّ سعيّد لم يخرج بهذه القرارات عن الدستور، بل تصرف وفق ما تملي عليه مسؤوليته في إطار القانون والدستور حفظا لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمانا للسير العادي لدواليب الدولة ونجد في هذه الرؤية حركة الشعب والتيار الشعبي.وعديدة هي الأحزاب والشخصيات – حتى كتابة هذه السطور-التي لم تصدر بعد مواقف بعد القرارات التي أعلن عنها قيس سعيد، وخاصة منها الحزب الدستوري الحر وحزب تحيا تونس وحركة مشروع تونس.
سلسلة مشاورات
هذا وأطلق الرئيس التونسي سلسلة مشاورات شملت رؤساء عدد من المنظمات الوطنية وافتتحها بلقاء مع امين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي.
واعلنت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ان رئيستها نائلة زعلامي عقدت اجتماعا مع الرئيس قيس سعيّد.وأشارت في بلاغ صادر عنها الى ان الاجتماع جاء بطلب من سعيّد والى انه يأتي في إطار المشاورات التي يجريها رئيس الدولة مع المنظمات الوطنية.
يشار الى ان سعيّد كان قد التقى في وقت سابق أمس الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي والتقى ايضا عبد المجيد الزار رئيس اتحاد المزارعين.
ليس انقلابا
دوليا، كان للحدث التونسي صداه في مختلف العواصم، وقد دعا الاتحاد الاوروبي كافة الاطراف السياسية الفاعلة في تونس الى احترام الدستور وسيادة القانون.
ونقل بيان صادر عن المتحدثة باسم الاتحاد الاوروبي نبيلة مصرالي قولها نحن نتابع عن كثب التطورات في تونس، ونطلب من جميع الجهات الفاعلة احترام الدستور ومؤسساته والالتزام بسيادة القانون.
ودعت المتحدثة باسم الاتحاد الاوروبي الى الهدوء وتجنب اي تصعيد للعنف.من جهتها، اكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الالمانية ماريا أديبهر ان برلين قلقة من الاضطرابات السياسية المتصاعدة في تونس، معتبرة ان ما حدث ليس مع ذلك انقلابا داعية الى اعادة البلاد الى حالة النظام القانوني الدستوري لافتة الى ان الخارجية تعتزم إجراء مفاوضات مع السفير التونسي.وأضافت نحن نشعر بقلق بالغ بعد متابعتنا عن كثب تصاعد العنف في الأيام والأسابيع الماضية وتفاقمه الاحد ومن المهم إعادة النظام الدستوري في أسرع وقت ممكن وندعو كل من يضمن الحفاظ على القانون الدستوري وتنفيذه، لفعل ذلك.
في حين عبّرت وزارة الخارجية التركية في بلاغ لها عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة في تونس، وعبّر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن عن رفضه لتعليق عمل البرلمان التونسي.
وقد دعت السفارة الفرنسية مواطنيها الى اليقظة وتوخي الحذر والابتعاد عن التجمعات ودراسة الأوضاع قبل التفكير في السفر.
كما أصدرت السفارة الإيطالية بتونس تحذيرًا لمواطنيها، وأوصتهم بتوخّي الحذر والالتزام الصارم بالتدابير المعمول بها، وتجنب التجمعات واحترام أحكام السلطات المحلية، وتأجيل جميع الرحلات غير الضرورية.وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن الكرملين يتابع تطورات الوضع في تونس معربا عن امله في ألا يهدد شيء الاستقرار وسلامة المواطنين في هذا البلد.
معلومات متضاربة حول مصير هشام المشيشي
في حين أكدت القاضية المتقاعدة والناشطة كلثوم كنو في تدوينة لها مساء الأحد أنه تم إيقاف رئيس الحكومة هشام المشيشي ... راجت في المقابل أنباء عن أن المشيشي قد تم احتجازه في قصر قرطاج، ليتم بعد ذلك نشر معلومات تؤكد مغادرته لقصر قرطاج راضيا بقرار عزله.إلا أنه وإلى حد صباح أمس الاثنين، لم يظهر ولم يتم بعد الكشف عن مصير المشيشي ولا عن أعضاء حكومته بعد أن تم إعفاؤهم من قبل رئيس الجمهورية.كما نقلت وسائل اعلام عن مصدر وصفته بالمقرب من رئيس الوزراء التونسي المعزول هشام المشيشي، ومصدران أمنيان، أمس الاثنين، أن المشيشي في منزله وليس رهن الاعتقال.
غلق مكتب الجزيرة في تونس
أعلن مدير مكتب الجزيرة في تونس لطفي حاجي أن قوات الأمن قامت بإغلاق مكتب القناة، قائلا:لم نتلق أي إشعار مسبق بإخلاء مكتبنا من قبل قوات الأمن.
من جهته، أوضح مراسل الجزيرة في تونس أن قوات الأمن أعلمت الفريق العامل أنها بصدد تنفذ تعليمات وطلبت من الجمــــيع المغادرة.
وأضـــــاف المراســــل قـــــــوات الأمــــــــن طلــــــبت منــا إغلاق الهواتف والحواسيب ونزع التوصيلات الكهربائية.
أمر رئاسي بإعفاء رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والعدل
أصدر الرئيس قيس سعيّد أمرا رئاسيا قرّر من خلاله إعفاء:
- هشام مشيشي، رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية،
-إبراهيم البرتاجي، وزير الدفاع الوطني.
- السيّدة حسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة.كما تقرّر، بمقتضى ذات الأمر، أن يتولى الكتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها.
هذه الأسماء مرشحة لمنصب رئاسة الحكومة
أشار هيكل المكي النائب عن حركة الشعب المساندة كليا لقرارات الرئيس قيس سعيد، إلى الأسماء المرشحة لمنصب رئاسة الحكومة، وفق قوله.
ومن بين هذه الأسماء وزير المالية السابق نزار يعيش، ووزير الداخلية السابق توفيق شرف الدين، والخبير الاقتصادي الحبيب كراولي، والمدير السابق للأمن الوطني والمدير العام لمخابرات وزارة الداخلية كمال القيزاني، ووزير المالية السابق حكيم حمودة.واعتبر النائب أن الأسماء المطروحة لتولي رئاسة الجمهورية مهمة، حسب رأيه.