بعد جلسة عمت فيها الفوضى:

تونس: البرلمان يُسقط لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار...!

تونس: البرلمان يُسقط لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار...!


أسقط البرلمان التونسي فجر أمس الأربعاء مشروع لائحة قدمتها كتلة ائتلاف الكرامة تتعلّق بمطالبة الدولة الفرنسيّة بالاعتذار للشعب التونسي عن جرائمها خلال حقبة الاستعمار المباشر وبعدها، بعد تصويت 77 نائبا بنعم ورفض 5 نواب واحتفاظ 46 نائبا بأصواتهم أي عدم حصولها على عدد الأصوات المطلوب (109 أصوات).
   يشار إلى أن الجلسة شهدت مناوشات وتبادلا للاتهامات وانقطاع المداولات وحالة من الفوضى بعد مداخلة النائب المستقل راشد الخياري الذي اتهم الزعيم بورقيبة بالعمالة.

   وكان معظم النواب، من مختلف الكتل ومن غير المنتمين، أكّدوا بالخصوص في تدخلاتهم، على ضرورة اعتذار فرنسا للدولة التونسية عن حقبة الاستعمار، غير أن مواقفهم اختلفت فيما يتعلّق بالتصويت لفائدتها إذ عبّر البعض عن مساندتهم التامة لهذه اللائحة، فيما أوضح آخرون أن موافقتهم عليها مرتبطة بتعديلها وإحالتها إلى رئيس الجمهورية.
   كما تساءل عدد آخر من المتدخلين عن القيمة القانونية لهذه اللائحة، في الوقت الذي حذّر بعض زملائهم في البرلمان مما اعتبروه “تقسيم هذه اللائحة للتونسيين وزرع بذور التفرقة بينهم».

   ولاحظ النائب حسونة الناصفي (كتلة الإصلاح) أنه لا يمكن للبرلمان التونسي أن يتوجّه باللائحة إلى الدولة الفرنسية، وأنه يجب توجيهها إلى رئيس الدولة، على أن يقوم الرئيس بطلب تقديم الاعتذار من فرنسا. وتساءل عن اكتفاء مشروع اللائحة بمطالبة الدولة الفرنسية فقط، بالاعتذار، “في حين أن الدولة العثمانية هي المسؤولة الأولى عن بيع تونس لفرنسا”، معتبرا أن هذه اللائحة “تعكس الاصطفاف الواضح في مجلس نواب الشعب، وراء مصالح أطراف أجنبية».

   وقالت رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي في تعليقها إن حزبها لا يرى مانعا من اعتذار فرنسا على الفترة الاستعمارية لتونس الممتدة بين 12 مايو 1881 إلى 20 مارس 1956
  وقالت موسي “ نحن كتلة الدستوري الحر لا تحرجنا مناقشة أيّ موضوع كان حول فرنسا او تركيا او الولايات المتحدة الامريكية أو الملح أو البترول أو التربية أو الثقافة والصحة أو الأمن أو البيئة... نحن مستعدون للنقاش ولإبداء الرأي نقول نحن من قاومنا فرنسا وإذا سيحدث اعتذار فيجب أن يكون للدساترة الذين حرّروا البلاد والحزب الدستوري الذي قاد الحركة الوطنية».

   وبخصوص محتوى اللائحة قالت المتحدّثة “نحن نقول إنّ الطلبات الموجهة صلب هذه اللائحة مباشرة من البرلمان التونسي الى الدولة الفرنسية مُخالفة للقانون وهذا لا يختلف فيه أحد... هناك بروتوكولات وأعراف دبلوماسية وسيادة وطنيّة لأنّ لتونس رئيسا بغض النظر عن موقفنا منه وهو المكلف برسم السياسات الخارجية «.
   وأضافت “في مطالب التعديلات التي طالبنا بها لا بدّ أن يتمّ التحوير باعتبار أنّ الطلبات توجّه لرئيس الجمهورية وتُقدّم له الطلبات المضمنة في اللائحة وهو المكلف بإحالتها الى نظيره والى الجهة المعنية طبقا للنواميس الدبلوماسية وطبق قوانين البلاد وبالتالي ان لم يتم تعديل الطلبات فهذا يعتبر خرقا واضحا للقانون «.

  وتابعت “هذه اللائحة تتضمن ألفاظا عنيفة …في البرلمان نراعي الدبلوماسية التونسية ونريد البناء لا التهديم ومن يريد طلب الاعتذار أو أي موقف من دولة أخرى فيجب أن يلتزم الاحترام في العبارات».
  وقالت في السياق نفسه  “فرنسا هي الشريك الاقتصادي الاستراتيجي الجوهري الهام لتونس... وفرنسا هي أوّل حريف وأوّل مزوّد لتونس ولنا معها فائض تجاري بـ 3 آلاف و780 مليارا في 2019 على عكس بعض الدول التي تسببت لنا بآلاف المليارات عجز تجاري ولدينا قرابة المليون تونسي يعيش على الأراضي الفرنسية من الأجيال الأربع وبالتالي علينا الحفاظ على علاقاتنا الدبلوماسية وألاّ نخلط الامور وبذلك يجب أن ترتقي عبارات أيّة لائحة الى خطاب سياسي مسؤول وحكيم ولا يمس العلاقات الدبلوماسية وبالتالي نطالب محرري اللائحة بالتزام الاحترام».

  وشددت عبير موسي على ضرورة ادخال تعديلات على اللائحة من بينها عدم المطالبة بتعويضات معتبرة أن المناضلين والمقاومين الذين ساهموا في تحقيق الاستقلال لا ينتظرون مقابلا ماديا لنضالاتهم.
  وأكّد النائب عن كتلة تحيا تونس مهدي بن غربية في مداخلته أنه لن يصوت لصالح “مشروع لائحة مطالبة الدولة الفرنسية بالاعتذار عن حقبة الاستعمار».
  واعتبر بن غربية في مداخلته خلال الجلسة العامة أنّ أولويات تونس اقتصادية واجتماعية وليست اللوائح التي تضر بمصالح تونس، واصفا ما يحدث بـ’’ العبث».

   وكان القيادي بحركة النهضة علي العريض قد اعتبر عشية الجلسة ان لائحة مطالبة فرنسا بالاعتذار عن الجرائم الاستعمارية غير مكتملة الشروط وأنها “جاءت في غير وقتها ودون توفر شروطها ولا الظروف المناسبة لها ولا تشارك مؤسسات الدولة ولاسيما رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية “ مشددا على أن اللائحة “مضرة بالمصالح العليا لبلادنا في تونس وفِي فرنسا على الأقل».

   وأضاف “إن طرح هذه المسالة اليوم وفي هذه المناخات والأوضاع الوطنية التونسية والفرنسية ودون أي تنسيق واتفاق بين أهم مؤسسات الدولة وحتى المجتمع المدني ودون إعداد قانوني وتقدير سياسي سليم لا أتوقع ان ينتج عنه غير الأضرار بمصالح تونس والتونسيين وعلاقاتنا مع الدولة والمجتمع الفرنسي والزج بهذه العلاقات المتعددة الأوجه في أتون المزايدات والتشويش، علما أن فرنسا هي أول حريف لتونس وأول مزوّد لتونس وأكبر مستثمر في تونس ويقيم فيها قرابة المليون تونسي وتونسية».

  وعبرت حركة النهضة في بيان عن “قلقها من طرح مثل هذه المبادرات الهامة والحساسة دون تنسيق وحوار مسبق بين مؤسسات الدولة وفاعليها الأساسيين في السياسة الخارجية ودون تحقيق توافقات وطنية واسعة حول تفاصيل بنودها بين كل مكونات المشهد السياسي والمجتمعي، الذي يحولها إلى مصدر خلاف واستقطاب رغم نبل أهدافها.»

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot