جلسة نقاشية حول مشاريع النهوض بالقراءة في الوطن العربي
احتفاءً بشهر القراءة نظمت دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي بالتعاون مع ندوة الثقافة والعلوم واتحاد كتاب وأدباء الإمارات جلسة نقاشية بعنوان “مشاريع النهوض بالقراءة في الوطن العربي” شارك فيها أ. منى الكندي المديرة التنفيذي لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد العالمية، ود. علي سعيد الكعبي نائب مدير جامعة الإمارات، وحضرها نخبة من المهتمين والمتخصصين.
أدارت الجلسة النقاشية الشاعرة شيخة المطيري مؤكدة أن دولة الإمارات عاصمة المحبة والثقافة والقراءة والكتاب، فالإمارات حالة إنسانية وثقافية تقدم ما يليق بالمجتمع والإنسان.
وأشارت المطيري إلى مشاريع النهوض بالقراءة في الوطن العربي انطلاقاً من دولة الإمارات السباقة بالمبادرات واستمرارية تفعيلها وتمكينها، وأهمها مبادرة تحدي القراءة والتي تتسم بالقوة والمثابرة والقدرة على تحقيق الهدف.
وذكرت منى الكندي إن دولة الإمارات تهتم بكل ما يتعلق بالقراءة والمعرفة فنظمت المؤتمرات والندوات، وخصصت شهر مارس من كل عام احتفالاً بالقراءة.
أما عن تحدي القراءة فهي مبادرة تزرع الأمل في عقول الشباب العربي رغم جميع المؤشرات التي تشير إلى تدني معدلات القراءة في الوطن العربي وتراجعها، فكان إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في عام 2015 مبادرة تحدي القراءة في الوطن العربي، والتي أطلقت للنهوض بالقراءة وتمكين الشباب العربي معرفياً وخلق طاقة قرائية لديهم.
وأكدت الكندي أن مبادرة تحدي القراءة مثلت بارقة أمل وطريق ممهد لكثير من الشباب المتطلعين للمعرفة ولمعالجة التراجع الحاد في القراءة، وذلك من خلال التنافس والتحدي الإيجابي لقراءة أكثر من 50 كتاب وتلخيص كل 10 كتب في جواز سفر، حتى يصل إلى الجواز الذهبي الذي بموجبه يكون انتهى من قراءة وتلخيص 50 كتاب بمعايير معتمدة وترفع للجهة المسؤولة في دولته، وتتم التصفيات بين المتنافسين وصولاً للفائز السنوي في المبادرة، وهدفت المبادرة لمشاركة مليون قارئ على مستوى الوطن العربي، ولكن عند بدء المبادرة وصلت المشاركات إلى 3.5 مليون قارئ على مستوى الوطن العربي في العام الأول، قرأوا حوالي 150 مليون كتاب عام 2015، حتى وصل عدد المشاركات في عام هذا العام (عام المفاجأة) بمشاركة أكثر من 21 مليون طالب عربي من مختلف الدول العربية والجاليات العربية، وعلى مدار المبادرة أكثر من 56 مليون مشارك عربي، وقد ساهمت هذه الدورات السنوية لتحدي القراءة في رفع نسبة القراءة بين طلاب المدارس في مختلف أنحاء الوطن العربي، وأصبحت مبادرة تحدي القراءة أسلوب حياة لكثير من الطلبة.
وأكدت الكندي أن أغلب المشاركين في مبادرة تحدي القراءة العربي تجاوزت قراءتهم العدد المحدد للقراءة أي أكثر من 50 كتاب، وذلك لتفاعلهم واندماجهم مع القراءة وما يكتسبوه من خلالها من معرفة.
وأضافت أن استدامة مبادرة تحدي القراءة ناتجة عن الشراكة بين الأسرة والمربين والمشرفين والمؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها الذين يدعمون المبادرة ويحفزوا أبناءهم على القراءة والاستزادة المعرفية في مختلف المجالات ويقدمون الدعم بكل ما يملكوا من قوة وتوجيه، كذلك الفائزين عبر سنوات المبادرة يمثلون قدوة لزملائهم في مختلف دول العالم للمشاركة لما يلاقوه من ترحيب وتكريم على أعلى مستوى.
ولفتت الكندي إلى أن العائق أمام الكثير من المشاركات في الوطن العربي في الدورة الأولى لمبادرة تحدي القراءة كان عدم توفر الكتب أو ابتعاد المكتبات العامة عن قري أو أماكن وجود الراغبين في المشاركة، ولذلك أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مبادرة (أمة تقرأ) في عام 2016 لمد وإثراء المكتبات المدرسية في مختلف الدول العربية خصوصاً في المناطق النائية.
وعن القراءة بالقدوة تطرق د. علي سعيد الكعبي إلى بداية اتحاد دولة الإمارات وكيف استثمر الآباء المؤسسين في الإنسان والتعليم، والذي عاد على المجتمع والدولة بكل النعم التي نعيشها، وزرع صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان اللبنة الأولى للاستثمار في الإنسان منذ البداية بالاهتمام بالتعليم والمعرفة، ويذكر أنه أول من وجه بعمل معرض أبوظبي للكتاب منذ عام 1981 وكان مهتماً بالكتاب وترسيخ القراءة كبوابة للمعرفة ونقل حال المجتمع إلى الأفضل وقد قام سموه بشراء كل كتب المعرض التي لم يتم بيعها ووزعها على المكتبات والمؤسسات للتشجيع على القراءة.
ومبادرة تحدي القراءة العربي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تعتبر نموذج لاهتمام القائد بأهمية القراءة، ويباشر سموه بنفسه بتكريم الفائزين سنوياً لخلق حافز على القراءة، ومثل هذه المشاريع واستدامتها تعتبر مؤشر على النجاح.
وأشار د. على الكعبي إلى دور الأسرة في تنمية وترسيخ عادة القراءة لدى الأبناء، فإذا تذوق الطالب حلاوة القراءة ستكون جزءً أساسياً من سلوكه وشخصيته، وهذه العادة تبدأ من سن مبكرة لرفع قدرات الطفل أو الشاب لخلق عالم ومعرفة جديدة.
وتطرق إلى المنهج الخفي في التعليم والذي يتأثر فيه الطالب بمعلمه بطريقة غير مباشرة، كالتشجيع على القراءة دون ممارسة السلوك نفسه، مباشرة التوجيه لا تؤتي بنتيجة سريعة ولكن السلوك التوجيهي الأهم هو شراء الكتب للأبناء، أو تشجيعهم على الذهاب لمعارض الكتب، كذلك جعل المنهج الدراسي يتسع للمزيد من القراءات، ويعتبر أن أكبر دافع للقراءة هو الكتابة لذلك مشاركة الطلاب في إعداد العروض والأبحاث يكسبهم عادة القراءة. لذلك لابد من البحث عن استراتيجيات مختلفة للحث على القراءة.
وأكد أن قانون القراءة الذي أقرته دولة الإمارات لم يشرعن حق القراءة فقط، ولكنه وضع برنامج لاستدامة القراءة، وليس لمجرد فترة محددة ولكنه منظم قانونياً وله مؤشرات أداء ودعم واهتمام من القيادة التي وضعت استراتيجية وطنية للقراءة حتى عام 2026. ويبقى الدور المجتمعي للأفراد في الحث والمبادرة بالقراءة التي تمثل أكبر رافعة معرفية.