خبراء يكشفون عمق الحفرة التي أحدثها انفجار بيروت

حزب الله وكارثة المرفأ يقربان لبنان من «الدولة الفاشلة»

حزب الله وكارثة المرفأ يقربان لبنان من «الدولة الفاشلة»


كشف مصدر أمني لبناني نقلا عن خبراء فرنسيين أمس الأحد عن عمق الحفرة التي أحدثها الانفجار في مرفأ بيروت، الثلاثاء الماضي، وأدى إلى مقتل العشرات وإصابة الآلاف وتشريد مئات الآلاف في المدينة.
ونقل المصدر الأمني عن تقديرات لخبراء فرنسيين في الحرائق أُرسلوا إلى مكان الانفجار في مرفأ بيروت، قولهم إن الحادث خلف حفرة بعمق 43 مترا.

ويشارك رجال إنقاذ فرنسيون في عمليات البحث وإزالة الركام من مكان الانفجار، ويساعد أفراد من الشرطة والدرك في التعرف على هويات الضحايا وكشف أسباب المأساة. ويشارك الخبراء الفرنسيون أيضا في تقييم المخاطر الكيميائية الناجمة عن المواد المنبعثة من جراء الانفجار، الناتج عن 2750 طنا من نترات الأمونيوم، كانت مخزنة في أحد مستودعات ميناء بيروت منذ نحو 7 سنوات. وأقامت فرنسا جسرا جويا وبحريا لنقل أكثر من 18 طنا من المساعدات الطبية ونحو 700 طن من المساعدات الغذائية إلى بيروت بعد الحادث.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن البرنامج يشمل حاليا 8 رحلات جوية، أقلعت أولها الأربعاء غداة وقوع الكارثة، وخطين بحريين.
وأقلعت طائرة شحن تابعة للقوات الجوية صباح السبت، فيما ستقلع رحلتان عسكريتان أخريان الأحد أو في وقت مبكر من الاثنين لنقل 13 طنا من المواد الغذائية و3 أطنان من الأدوية، حسب البيان.
وأقلعت طائرتان الأربعاء تقلان 55 جنديا من قوات الأمن المدني و15 طنا من معدات التدخل، ومركزا صحيا للطوارئ قادرا على رعاية 500 مريض، و5.5 أطنان من الأدوية، من مطار رواسي بالقرب من باريس.

كارثة المرفأ
اتسمت الاشتباكات بين الآلاف من المتظاهرين اللبنانيين وقوات الأمن في وسط بيروت بالعنف، وكشفت مصادر عربية أن رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون يرفض أيّ بحث جدّي في كيفية مساعدة لبنان وإيجاد مخرج وحلول من الأزمة السياسية والاقتصادية التي يمرّ بها.
وبحسب صحف عربية صادرة أمس الأحد عكست استقالات النواب في لبنان تنامي المعارضة المسيحية للرئيس ميشال عون، بالنظر إلى أن المستقيلين هم أربعة نواب مسيحيين.

الرئيس الدمية
قالت مصادر بصحيفة “العرب” اللندنية إن “ما فهمه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، الذي زار بيروت السبت، إن كلّ ما هو مطلوب من الجامعة العربية تأمين حصول لبنان على مساعدات مالية مباشرة من مصادر عربية ودولية لتأمين إعادة بناء منازل ومرافق متضرّرة على أن يستمرّ الوضع السياسي في البلد على حاله.
وأوضحت المصادر العربية أن رئيس الجمهورية بدا حائراً من أمره في ضوء التفجير الكبير الذي تعرّضت له بيروت يوم الثلاثاء الماضي وبدا عاجزاً عن اتخاذ أيّ موقف يمكن أن يساعد في الخروج من الأزمة العميقة والمصيرية للبلد حيث تولد لدى الأمين العام لجامعة الدول العربية أن ميشال عون ينتظر أن يحدّد له حزب الله الموقف الذي عليه اتخاذه من كلّ سؤال يطرح عليه.
وتوافد الآلاف من اللبنانيين إلى وسط بيروت السبت للتظاهر ضد الطبقة السياسية تحت عنوان “يوم الحساب”، فيما علق البعض منهم مشانق رمزية لأمين عام حزب الله حسن نصرالله، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ومسؤولين آخرين دلالة على الرغبة في القصاص منهم بسبب الانفجار المدمر.

استقالات
وبحسب ما ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” عكست استقالات النواب اللبنانيين تنامي المعارضة المسيحية للرئيس ميشال عون، بالنظر إلى أن المستقيلين هم أربعة نواب مسيحيين، اثنان منهم عن دائرة بيروت الأولى والثانية تنتمي إلى الأرمن الأرثوذوكس بينما استقال نائبان مارونيان آخران هما سامي الجميل وإلياس حنكش، إضافة إلى النائب مروان حمادة. كما لوَّح حزب القوات اللبنانية بالاستقالة.
هذا التحدي الذي يواجهه العهد، يُضاف إلى خروج النائب ميشال ضاهر من تكتل “لبنان القوي”، لينضم إلى اثنين آخرين كانا في عداد التكتل، وللمرة الأولى في تاريخ لبنان، يشغر موقعان مسيحيان في دائرة بيروت الأولى، وموقعان مارونيان في دائرة المتن. وقالت مصادر للصحيفة إن “إمكانية إجراء الانتخابات الفرعية في هذه الأوقات الاستثنائية لن تكون سهلة. ويجاري المستقلون مطالب الحراك الشعبي بالدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، بينما لم ينضج قرار بالاستقالة لدى نواب حزب القوات اللبنانية.
وترى المصادر أن تنامي النقمة المسيحية ضد عون، يعود إلى أن الشارع المسيحي يعتبر نفسه الأكثر تضرراً، ودفع ثمناً كبيراً لتراخي الدولة، كما يعتبر الشارع المسيحي نفسه مستهدفاً. وتوقفت مصادر سياسية عند تحول عون إلى موقع المدافع عن الحكومة، ويواجه مباشرة تنامي الشارع المسيحي ضده في وقت يلوذ فيه نواب التيار الوطني الحر بالصمت للمرة الأولى، ويراعون المزاج الشعبي، ولا يشاركون في حملات الدفاع عن الحكومة والعهد في مواجهة الشارع المسيحي.

الدولة الفاشلة
وأشار الكاتب اللبناني عدنان كريمة في مقال له بصحيفة “الاتحاد” الإماراتية إلى أن انفجار مرفأ بيروت رفع الغطاء عن الانهيار الذي ضرب البلاد، وجاء الانفجار ليكشف وجهه القاسي الذي يعكس انهيار منظومة متكاملة، من طريقة تفكير وتصرف وإدارة سيئة في التعامل مع الأزمات.
وبحسب الكاتب أكدت الوقائع، أن مواد كيميائية بهذه الخطورة ظلت مخزنة في مرفأ حيوي منذ عام 2013، وأن الأجهزة الأمنية رفعت تقارير عدة لكبار المسؤولين تحذِّر من خطورتها وضرورة البت بمصيرها، لكن دون جدوى. وتسأل عن من يتحمل مسؤولية هذا الإهمال الكبير الذي أدى إلى وقوع الكارثة.
ويضيف الكاتب أنه وفي إطار”الدولة الفاشلة” تأتي أعمال الحكومة برئاسة حسان دياب، والتي نالت ثقة نيابية هزيلة، على أمل أن تسعى للحصول على ثقة الشعب المنتفض ضدها وضد المنظومة السياسية الفاسدة، وكذلك ثقة المجتمَعين العربي والدولي الضرورية لتدفق المساعدات والقروض الخارجية، تمهيداً لاستعادة ثقة المستثمرين. لكن بعد مُضي 6 أشهر لم تنجح الحكومة في تحقيق هدفها، بل زادت الفجوة مع المجتمع الدولي.

المواجهة الحتمية
وتناول الكاتب يحيى الأمير في مقال له بصحيفة “عكاظ” المواجهة الحتمية التي تلوح في الأفق اللبناني مشيراً إلا أن الانفجار في مرفأ بيروت شكل “التوقيع الأخير” على شهادة انهيار البلد بالكامل وتواز واقعي بين الدمار المادي الذي خلفه الانفجار والدمار السياسي والاقتصادي والأمني الذي يعيشه لبنان.
وتطرق الكاتب للتركيبة السياسية في لبنان منبهاً إلى ان الدولة ليست كل شيء ولا تملك تقرير مصير البلاد ولا مواقفها السياسية ولا العسكرية أيضاً، لوجود سلاح وميليشيا وولاءات بالإضافة لحزب الله الذي يمثل كيانياً موازياً ومسلحاً وجزءاً من المشروع الإيراني الذي بات يمثل الأزمة الكبرى في المنطقة وفي العالم. وتابع الكاتب، انفجار بيروت الأليم هو نتيجة طبيعية لذلك الواقع السياسي فلا يوجد أي جهاز أو مؤسسة في لبنان الغريب الذي يعيشه لبنان، تعمل بشكل طبيعي ووطني، لأن العمل وفق رؤية وطنية أو تنموية يعني بالضرورة صداماً ومواجهة مع حزب الله الإيراني.
وختم قائلاً إنها “لحظة المواجهة الحتمية التي لن تتكرر، حزب الله الإيراني في أضعف مراحله، والعالم في أعلى لحظات تضامنه مع الإنسان اللبناني، الذي يمثل الرهان الواقعي للتغيير وللمستقبل ولاستعادة لبنان وبناء مستقبل يليق بتاريخه وجماله وطموحاته».