خبراء عالميون في إكسبو 2020: الابتكار هو الحل الأمثل لمواجهة مشاكلنا الملحة
تباينت آراء مشاركين في ندوة أقيمت بالمجلس العالمي في إكسبو 2020 دبي،حول مفهوم الابتكار، حيث شهدت إجماع الكل على أنه الحل الأمثل للتصدي للقضايا الملحة التي تواجه عالمنا، وأهمية التركيز على هذا الأمر راهناً.
وشدد المشاركون في الجلسة التي حملت عنوان "أمة الابتكار" في قاعة المحاضرات الرئيسة بجناح "تيرا" الاستدامة في موقع إكسبو 2020 دبي على أن الابتكار يكون دائما مدفوعا بالحاجة لتقديم الدعم اللازم للعلماء والمبتكرين للخروج بما تحتاجه البشرية اليوم لمواجهة مشاكلها.
وقالت سعادة هدى الهاشمي، مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء لشؤون الاستراتيجية بدولة الإمارات إن معرفة معنى الابتكار على وجه الدقة لن يجعلنا مبتكرين.
وأضافت: "حين أطلقنا مبادرة (الإمارات تبتكر) قبل سبع سنوات كان هدفنا هو الابتكار في شتى المجالات وكل نواحي الحياة في المجتمع، وأردنا أن يكون للمجتمع كله دور في هذا الشأن ليتحمل الجميع مسؤوليته في هذا الصدد".
وتابعت: "نحن اليوم في أحد أكثر بقاع الأرض ابتكارا، في إكسبو 2020 دبي، حيث تعرض دول من مختلف بقاع الأرض ما لديها من ابتكارات، وأعتقد أن الشيء المشترك بين كل هذه الدول المشاركة، ولدينا نحن أيضا في دولة الإمارات، هو الرغبة في رؤية تأثير ما، الرغبة في تقديم قيمة وإحداث تغيير".
واستعرضت الهاشمي تجربة الإمارات قبل سنوات في خفض الانبعاثات الضارة، وقالت إن إشراك مختلف الأطراف في المشاكل يضمن توفير الحلول.
وروت كيف شكلت لجان ضمت مؤسسات وشركات مختلفة للعمل على توفير الحلول لهذه المشكلة سعيا لخفض الانبعاثات بنسبة جيدة خلال 100 يوم.
وأضافت: "عرضنا أرقاما وإحصاءات حقيقية على الناس، وكان رد الفعل جيدا للغاية حتى أن النتيجة كانت بالفعل أكثر مما توقعنا".
وقال أندري ماركيت، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيتا-آي، في البرتغال إن الأفضل في تعريف مفهوم الابتكار هو التركيز على الحالة وليس الهدف في حد ذاته.
وأشار موضحا: "يمكنك الابتكار فقط حين تهتم بأمر ما. إن لم تكن مهتما بأمر ما فلن يكون بوسعك تحقيق أي تقدم في الابتكار. علينا التركيز على الأداء والأثر والنتيجة، لكن يجب في البداية أن نهتم بذلك الأمر، وما تشعر به حيال شيء ما هو المهم هنا".
وقالت هادية فتح الله، مدير المشروعات الاستراتيجية والأعمال الإنسانية وشؤون الشباب بحكومة البحرين: "أتفق مع ما قالته هدى عن صعوبة تعريف مفهوم الابتكار، فهو أمر يشمل جميع نواحي الحياة حولنا، وأعتقد أن قيمة الابتكار تتمثل في قدرتنا على التعلم من بعضنا البعض وتبادل الافكار".
وأضافت: "المهم في هذا الأمر هو القدرة على حل المشاكل من خلال الابتكار، وتحديد أسس لنقوم من خلالها بتبادل أفكار ومفاهيم تساعدنا على حل هذه المشاكل".
واستعرضت هادية فتح الله تجربة البحرين في التصدي لأزمة فيروس كورونا، وقالت إن التضامن الذي شهده العالم خلال تلك الأزمة يمثل نموذجا يجب تطبيقه في تجارب أخرى لتوفير حلول جماعية".
وقال ميكل تامو، رئيس مركز التجارة والابتكار في مؤسسة إستونيا إن الابتكار بالنسبة له يتعلق بالاكتشافات الجديدة والتأقلم والقيام بالأشياء بطرق جديدة، لكنه على الجانب الآخر، يمثل أيضا التخلص من الطرق القديمة".
واعتبر البروفيسور تيد فولر، رئيس قطاع الرؤية المسؤولة للتنمية المستدامة في منظمة اليونسكو، أن الابتكار يتعلق بالأساس بصنع المستقبل والتغيير للأفضل.
وقال في مداخلة عن بعد: "تشجيع الابتكار أمر مهم للغاية، لكن بالنسبة لي، فإن التشجيع على الابتكار للأفضل أمر أكثر أهمية. يجب أن تتوفر القوة والرغبة في جعل المستقبل أفضل، ومن الضروري أيضا امتلاك القوة والمهارات والأدوات لتحقيق ذلك".
وأضاف: "يجب أن نرى أفكارا جديدة، ويجب أيضا أن يكون هناك تأقلم مع ما يحدث من تطور وابتكار ليتسنى لنا أن نرى الأثر المرجو. يجب أن نرى أشكالا جديدة للعمل وطرقا جديدة للبحث".
وقال لويس مارتن، أستاذ الاقتصاد في جامعة بارابيس بإسبانيا إن الحاجة للابتكار تتجلى في وقت الأزمات أكثر من غيره. وقد ضرب مثلا بإعصار كاترينا الذي ضرب مناطق في الولايات المتحدة قبل نحو 16 عاما، واستعرض كيف ساعدت ابتكارات في ذلك الوقت على تحسين حياة الناس المتضررين من الكارثة.
وقالت نيشيتا هنري، المسؤولة عن الابتكار في شبكة ديلويت الأميركية، إن الابتكار في الأساس هو طرق حل المشاكل بأساليب جديدة تساعد على توفير ما لم يتوفر في السابق.
وأشارت إلى التكنولوجيا تساعد في العصر الحالي على توفير أساليب جديدة وأنماط جديدة للمعاملات المالية على سبيل المثال. وقالت أيضا إنه "مهما كانت قوة مؤسسة أو شركة ما، فإن هناك خارجها أشخاصا أفضل وأكثر ذكاء، وهو ما يظهر أهمية المشاركة وتبادل الأفكار من أجل توفير أفضل حلول للمشكلات الراهنة".
جلسة اليوم كانت الثانية في هذه المناقشة بعد جلسة أخرى عقدت في وقت سابق هذا الشهر، وشدد فيها خبراء عالميون على ضرورة التعاون والمنافسة لتحفيز الابتكار بين البشر لتجاوز التحديات التي يواجهها العالم؛ وأشار الخبراء خلال المجلس العالمي، الذي عُقد في جناح إسبانيا في إكسبو 2020 دبي، إلى الحاجة لتعزيز ثقافة تقبل الخطأ خلال الابتكار.
وقد أدار تلك الجلسة سعيد السعيد، مستشار علوم وتكنولوجيا في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقالت علياء المزروعي، مدير برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار في الإمارات: "من المهم أن تتوفر في أي مجتمع إمكانية الابتكار والابداع، والشيء الأساس ليتوفر هذا هو صنع القادة. نحن محظوظون للغاية لوجود قادتنا أصحاب الرؤية السديدة، الذين يتبنون مبادئ الاستثمار في التقنيات الناشئة، والحلول الجديدة. نؤكد على أن التعاون في الابتكار يساعد كثيرا في التغلب على التحديات المتعلقة بتغير المناخ وندرة المياه".
وقال آرون سونداراراجان، الأستاذ في هارولد برايس لريادة الأعمال وأستاذ التكنولوجيا والعمليات والإحصاء في جامعة نيويورك: "أنا مسرور جدا لوجودي في إكسبو 2020 دبي. وبالنسبة لي، فأنا أقسّم الابتكار إلى ثلاثة أوجه، الأول هو كيف نفكر بابتكار شيء جديد؛ والوجه الثاني، كيف نحوّل الفكرة إلى شيء ملموس؛ والوجه الثالث هو كيفية تعميم هذا الابتكار على المجتمع وعلى العالم. حيث لا يجب أن يركز الابتكار على الأفكار فقط، لكن يجب أن يوفر قيمة ومنفعة للناس".
وقال مارك غالابيرت، وزير الدولة للتنويع الاقتصادي والابتكار في إمارة أندورا والمفوض العالم لجناح إمارة أندورا في إكسبو 2020 دبي: "اتفق مع آرون سونداراراجان بأن للأبتكار ثلاثة أوجه؛ وبالنسبة لنا في دولة صغيرة، يجب علينا أن نبتكر أيضا في التسويق لابتكاراتنا، ونحتاج إلى بناء جسور بين الأوجه الثلاثة للابتكار، ليحقق الانتشار ويحقق العوائد التي تساهم في الناتج المحلي لبلادنا".
وقال أوسكار دي مونتيني، وهو مفكّر متخصص في العلاقة بين الإنسان والابتكار والاستدامة: "إن أهم ثلاثة ابتكارات شهدتها البشرية هي النار، والطار، والإنترنت؛ وهذه الابتكارات ساهمت وتساهم في تحضر البشر. واليوم نحن بحاجة إلى المنافسة والتعاون لنستمر في الابتكار وإيجاد الحلول للتحديات التي تواجه العالم".
بدوره، قال البروفيسور خافيير جارسيا مارتينيزهو، مدير مختبر تقنية النانو الجزيئية بجامعة أليكانتي بإسبانيا: "الابتكار ليس ابتكار تطبيقات جديدة لنستخدمها على هواتفنا النقالة؛ نحن نحتاج إلى إيجاد جيل جديد من العلماء يمكن أن نعتمد عليه في توفير حلول لأبرز التحديات التي تواجه البشرية".
وبخصوص ارتكاب الأخطاء خلال الابتكار، قال أمين جافارانجا، مؤسس شركة أتيليه من راوندا: "بهدف تشجيع المبتكرين، وإزالة فكرة الخوف من الفشل، يجب علينا أن نتقبل الأخطاء حين تقع، وألا نجعل المبتكرين يخافون من الوقوع في الأخطاء، وأن تعمم هذه الثقافة. أيضا، يجب علينا منح المبتكرين مساحة للتعاون مع المجتمع لتطوير ابتكاراتهم، وأن نقوم بتوثيق مراحل أي ابتكار ليكون مرجعا لنا نحاول من خلاله تطوير أي ابتكار".