أكدت تأقلم دول الخليج مع التحولات العالمية

دراسة حديثة لـ «تريندز » تقرأ تحولات العلاقات الصينية - الخليجية.. من الاقتصاد إلى الأمن

دراسة حديثة لـ «تريندز » تقرأ تحولات العلاقات الصينية - الخليجية.. من الاقتصاد إلى الأمن


أكدت دراسة بحثية حديثة، أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن العلاقات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي لم تشهد تطورات نوعية كما شهدت هذه العلاقات مع الصين، حيث جاءت هذه التحولات محصلة لتوافق كبير في مصالح الجانبين، وهي محصلة لتحولات ضخمة على مستوى النظام العالمي، وكان لها انعكاساتها على إقليم الشرق الأوسط، وعلى مستوى توجهات السياسة الخارجية الصينية، والتي جاءت هي الأخرى - في بعض جوانبها - امتداداً لتحولات صينية داخلية تعمقت خلال السنوات الأخيرة.
وبينت الدراسة المعنونة بـ "العلاقات الصينية - الخليجية: من الاقتصاد إلى الأمن"، والتي أعدها الدكتور محمد فايز فرحات الباحث غير المقيم في "تريندز" - مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن دول مجلس التعاون الخليجي أبدت درجة كبيرة من القدرة على التأقلم مع التحولات العالمية، من خلال تعظيم أوراقها المختلفة، وتنويع شراكاتها الخارجية، ومحاولة تخفيف حالة الاعتمادية على الخارج، وقد احتلت الصين موقعاً مهماً في هذا السياق، حيث شهدت العلاقات بين الجانبين تعميق مساحات التعاون التقليدية، بالتوازي مع خلق "مساحات جديدة".

تحولات مهمة
وذكرت الدراسة أن علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع الصين تشهد تحولات مهمة في مختلف المجالات، وعلى رأسها العلاقات الأمنية التي حظيت بأهمية متزايدة خلال العامين الأخيرين، لكن هذه التحولات تظل مرهونة بعدد من التطورات الجارية في هيكل النظام العالمي، وستعتمد الاستفادة من هذه التحولات على قدرة الجانبين على قراءة دقيقة لهذه التحولات، وتعظيم المكاسب المشتركة من خلال وضع علاقات الجانبين في إطار غير صفري مع الولايات المتحدة الأمريكية، متوقعة أن تنعكس التحولات المهمة في مجال العلاقات الأمنية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين على "خطة العمل المشترك للحوار الاستراتيجي بين الجانبين خلال المدة (2022-2025)" والتي ستُوقَّع قريباً.
من ناحية أخرى، أوضحت الدراسة أن استئناف العمل بالاتفاق النووي مع إيران سيخلق بلا شك واقعاً سياسياً جديداً في إقليم الشرق الأوسط، قد يدفع دول المنطقة إلى تطبيق سياسات مختلفة مع إيران، بعيداً عن المواجهة معها، تتراوح بين الردع والدمج الأمني المحسوب في الإقليم، المبني على حزمة من إجراءات بناء الثقة دون أن تصل بالضرورة إلى بناء إطار أمني إقليمي على الأقل في المدى المنظور، ولا يعني ذلك أن التعاون الأمني بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي لا يواجه تحديات ضخمة.

تحديات التعاون الأمني
واستعرضت الدراسة عدداً من تحديات التعاون الأمني الخليجي-الصيني، منها ما يتعلق بموقف الولايات المتحدة من هذا التعاون، مبينة أن المراجعة الأمريكية الجارية لطبيعة التزاماتها العسكرية والأمنية ومستواها تجاه إقليم الشرق الأوسط هدفها الأساسي هو التفرغ للتهديد الصيني، ومن المتوقع أن تقبل الولايات المتحدة في هذه الحالة ملء الصين لأي فراغ أمني محتمل في الإقليم نتيجة هذه المراجعة، ومن ناحية أخرى، فإنه برغم حرص الصين على استغلال التحولات الجارية على مستوى النظام الدولي وإقليم الشرق الأوسط لتقديم نفسها كفاعل دولي بات يضطلع بدور متزايد في حماية الأمن العالمي، لكن هذا الدور لا يزال حتى الآن محكوماً بالتوازنات الدولية، وبالمرحلة الراهنة في مسار العلاقات الصينية-الأمريكية، إذ لا تزال السياسة الصينية حريصة حتى الآن على تجنب الصدام المباشر مع الولايات المتحدة خارج مناطق تركُّز مصالحها الحيوية.

حوار خليجي صيني
وخلصت الدراسة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي أبدت درجـــــة من المرونة في الانفتاح على الصين، وخلافاً لمرحلة ما بعد إعلان مبادرة الحزام والطريق، والتي اتسمت بغياب ردود فعل أو تفاعل واضح معها، فإن تزايد احتمالات العودة إلى الاتفاق النووي، وتطبيع العلاقات الأمريكية مع إيران، وتخفيض حجم الوجود العسكري الأمريكي المباشر في المنطقة، وإعادة توزيع الالتزامات والأعباء الدفاعية بين الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين في الإقليم - كل ذلك سوف يخلق فرصة كبيرة لحوار خليجي-صيني حول قضايا الأمن الإقليمي.