في عدده الــ 18 من سلسلة «اتجاهات استراتيجية»

دراسة لـ «تريندز» تكشف «حسابات الربح والخسارة في الموقف الصيني تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا»

دراسة لـ «تريندز» تكشف «حسابات الربح والخسارة في الموقف الصيني تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا»


أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات العدد الـ 18 من سلسلة «اتجاهات استراتيجية»، بعنوان: «دبلوماسية الوقوف بين الأضداد: حسابات الربح والخسارة في الموقف الصيني تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا»، إذ أكدت الدراسة الجديدة أن الحرب الروسية - الأوكرانية مثلت منطقة حرجة لسياسات بعض الدول التي تحاول قدر الإمكان الحفاظ على مصالح متوازنة مع أطراف الصراع وعدم الميل باتجاه تبنّـي موقف منحاز، سواء من ناحية تجنب إظهار التأييد لروسيا أو الإدانة لها.
وذكرت الدراسة، التي أعدها د. عماد مؤيد المرسومي الأستاذ المساعد في كلية القانون والعلوم السياسية في جامعة ديالى - العراق، أن الدول تميل إلى موقف الحياد باعتباره «فضاءً آمناً» يمكن أن يحميها من الأضرار الجانبية لانحيازها إلى أحد أطراف الصراع، إلا أن الصين لم تكن تشعر أنها تقف في منطقة مريحة؛ لأن روابطها الاستراتيجية مع روسيا واحتواء علاقتهما على كثير من المشتركات، ولاسيما ما يتعلق بالرؤية لطبيعة النظام الدولي ورفض الأحادية الأمريكية وإدراكهما المتماثل نسبياً للبيئة الأمنية الإقليمية وما تحويه من تحديات وتهديدات، كل هذا كان يتطلب من الصين إبداء موقف مساند لروسيا ومعزز لها وليس أن تلوذ بالحياد.

سياسة حذرة
وأشارت إلى أن الصين اتخذت سياسة حذرة تجاه الحرب الروسية - الأوكرانية نظراً لطبيعة موقع القوة الذي تحتله والشروط التي يجب الوفاء بها من أجل الحفاظ على هذا الموقع، إذ تمثل الصين قوة اقتصادية ناهضة ارتبط صعودها بالعلاقات التجارية الثرية مع دول العالم، ولاسيما دول أوروبا وأمريكا الشمالية، والحفاظ على النمو الاقتصادي الصيني يُلزمها الإبقاء على علاقة طبيعية مع هذه الدول من أجل الوصول إلى هدفها الاستراتيجي البعيد المدى وهو أن تكون الاقتصاد رقم واحد على مستوى العالم.

تعهدات سابقة
وبينت الدراسة أن حرب أوكرانيا مثلت تحدياً جدياً للعلاقة القائمة بين روسيا والصين، إذ وضعت هذه الحرب بكين على محك الاختبار لبيان مدى التزامها بالدفاع عن التعهدات السابقة التي قطعتها قبل بدء الحرب بما يزيد على أسبوعين عندما أعلنت مع روسيا أن شراكتهما وصداقتهما بلا حدود، فالصين تواجه موقفاً صعباً ليس بسبب اضطرارها للسير على حبل مشدود ما بين الإصرار على المخاوف الأمنية المشروعة لروسيا، وإعادة تأكيد التزامها بالسيادة وسلامة الأراضي التي على ما يبدو أن روسيا انتهكتها بشكل واضح بإعلانها الحرب، بل الأكثر في كيفية التوفيق بين التزاماتها التحالفية تجاه روسيا وضرورة الاستمرار بعلاقة جيدة مع الدول الغربية للحفاظ على المكاسب الاقتصادية من خلال شراكاتها التجارية مع الغرب.

تحالف استراتيجي
وسلطت الدراسة الضوء على عدد من المفارقات السياسية التي سببتها الحرب الأوكرانية، حيث كان هناك اعتقاد طاغٍ قبل اندلاعها بأن روسيا والصين، رغم التعقيد الذي يلف علاقتهما ببعضهما، والتي غلب عليها التنافس والعداء والمخاوف المتبادلة في مراحل تاريخية سابقة..
 إلا أن القمة الأخيرة مطلع فبراير الماضي بدت وكأنها وضعت العلاقة بينهما على أعتاب مرحلة جديدة تقترب من درجة «التحالف الاستراتيجي»، لكن الحرب التي كان من المتوقع لها أن تكون بادئة لتأسيس نظام دولي جديـــــــد، أصبحت تهدد بنسف هذه الرابطة في حال خضــــوع الصين للمطالب الغربية وتخليها عن روسيا، ما يعني أن الطريقة التي ستنتهي بها الحرب والنتائج التي ستترتب عليها ستحدد إلى مدى بعيد شكل العلاقة المستقبلية ومدى موثوقية الروابط بينهما.
وخلصت الدراسة إلى أن الصين تتوخى الحذر في اتخاذ الخيارات الصعبة للحرص على عدم التسبب فيما من شأنه إلحاق ضرر بمصالحها الاستراتيجية البعيدة المدى، ولاسيما الحفاظ على التحالف الوظيفي بين الصين وروسيا، باعتباره مهماً من الناحية التشغيلية في حماية الصين من التحالفات الغربية التي تحاول احتواءها.