مغادرة فوضوية متوقعة:

دونالد ترامب في عزلته: التمرّد الأخير...!

دونالد ترامب في عزلته: التمرّد الأخير...!

-- لا يستبعد الخبراء أن يقدم العفو الرئاسي إلى المقربين منه المتهمين في تحقيق مولر
-- تخشى عشيرة ترامب أن تجد نفسها في يناير أمام المدعي العام في مانهاتن
-- اختار الهروب إلى الأمام من جديد، ويتخلى عنه المقربون منه واحدًا تلو الآخر
-- كثف فريق الرئيس الدعاوى القضائية في الأيام الأخيرة لكن ذلك لن يثمر الكثير
-- ترامب هو رابع من يفشل في الفوز بولاية ثانية في الانتخابات


يحذر رافائيل جاكوب، الباحث المشارك في مرصد الولايات المتحدة في كرسي راؤول داندوراند في جامعة كيبيك بمونتريال، الشيء الوحيد الذي لا يزال يتعين تحديده هو السلوك الذي سيقرر اعتماده حتى ذلك الحين. «لم يعترف ترامب بعد بفوز نائب الرئيس السابق في عهد باراك أوباما، جو بايدن، وهذه سابقة أولى في تاريخ البلاد.

  «ولهذا السبب يعدّ الأمر مفزعا للغاية”، يقول جاكوب، هذا انتهاك كامل لما كان معمولا به دائمًا في الولايات المتحدة».  «إذا لم يعترف بفوز جو بايدن، خاصة بعد هذه الانتخابات التي تميزت بالاستقطاب الحاد، فإنه يتخلى عن دوره في توحيد الأمة التي قادها خلال السنوات الأربع الماضية”، يقول زميله كريستوف كلوتير روي.

   وإذا كان سيرك دونالد ترامب سيحزم حقائبه يوم 20 يناير، وهو اليـــــوم الذي يتم فيه تنصيب الرئيس الجديد، فقد لا يعني ذلك نهاية معاناة الأمريكيين.

ملاحقات قضائية
   كثفت عشيرة ترامب الدعاوى القضائية في الأيام الأخيرة، ووعدت برفع دعوى قضائية أخرى الاثنين. لكن في الوقت الحالي، “كل ذلك لا يثمر الكثير” يلخص السيد كلوتير روي.   وسبق ان رفضت ثلاث محاكم في ولايات رئيسية تهم التزوير الانتخابي لعدم تقديم أي دليل.    ورغم حصوله على أكثر من 70 مليون صوت، وهو أعلى مجموع في التاريخ لرئيس منتهية ولايته، فان “فوز بايدن واضح جدًا من حيث عدد الولايات، وسيكون من الصعب إقناع القضاة بوجود مخالفات في الانتخابات، يوضح السيد كلوتير روي.  ويتابع: “لكن ترامب هو ترامب، إنه يريد حفظ ماء الوجه».

«أنت مطرود «!
   وحتى بعد أن قيل له، “أنت مطرود!”، كما كان يقول امبراطور العقارات السابق للمشاركين في برنامجه تلفزيون الواقع المبتدئ، فقد أضاف المزيد: “لقد فزت في هذه الانتخابات، وبفارق كبير”، كتب الرئيس المنتهية ولايته وسط موجة من الرسائل على تويتر مباشرة من ناديه للغولف في ستيرلينج بولاية فيرجينيا، حيث شوهد على العشب الأخضر صباح السبت. و”سنسمعه يصرخ على تويتر ليلًا ونهارًا خلال الأسابيع العشرة القادمة. وعندما يغادر البيت الأبيض، لا أعتقد أننا سننتهي من رؤيته فسيواصل الادعاء بأن الانتخابات كانت مزورة”، يشير كلوتير روي.

وحيدا «أو تقريبًا»
 في مخبئه
   هكذا اختار الملياردير-الرئيس الهروب إلى الأمام من جديد، حيث يتخلى عنه المقربون منه واحدًا تلو الآخر؟ كان يفترض أن يكون نائب الرئيس مايك بنس صوت سيده؟ لكنه صامت جدا. وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي أعيد انتخابه للمرة السادسة في ولاية كنتاكي بأفضل نتيجة له طيلة ربع قرن؟ يرفض الثعلب القديم في الكونغرس استخدام كلمة “تزوير”، ويريد أن تنتهي عملية فرز الأصوات.
   بات تومي، السناتور الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا، الولاية التي تقع في قلب معركة تحديد الفائز النهائي في الانتخابات الرئاسية؟ يقول الرجل الذي ابتعد دائمًا عن الجدل إنه “منزعج” من “المزاعم التي لا أساس لها” بشأن “التزوير” والانتخابات “المسروقة”، التي أدلى بها دونالد ترامب الخميس. أما بالنسبة للحاكمين الجمهوريين لجورجيا وأريزونا، فلم يسع أي منهما للدفاع عن الرئيس في موقفه. ولقول الحقيقة، لم يتبق الكثير من الناس في التيار الجمهوري لتأييد تشدده.

   لا يزال هناك عدد قليل من المحاربين القدامى، مثل نيوت جينجريتش، 77 عامًا، الاستراتيجي السابق للثورة المحافظة الذي غزا مجلس النواب عام 1994 بعد أربعين عامًا من الهيمنة الديمقراطية. كان، مساء الثلاثاء، في البيت الأبيض، بدعوة من فريق الحملة لمتابعة السهرة الانتخابية. وعندما منحت قناة فوكس نيوز المحافظة الفوز لجو بايدن في أريزونا، كاد يسقط من كرسيه. “في الساعة الثالثة صباحًا، كنت لا أزال في حالة جيدة، لكنني قلّبت الأمر في جميع الاتجاهات، لم أفهم ما كان يجري، وأعتقد أن نفس الشيء كان بالنسبة للرئيس”، قال في اليوم التالي.

   ثم هناك ليندسي جراهام، سناتور ساوث كارولينا، الذي أعيد انتخابه ببراعة مساء الثلاثاء. وقد أعلن بجرأة أنه يقف “إلى جانب الرئيس”، قبل التوقيع على شيك بقيمة 500 ألف دولار لصالح صندوق تمويل الإجراءات القانونية التي رفعتها حملة ترامب.
   إنها قطرة ماء عندما نعلم أن المطلوب جمع 60 مليون دولار لتمويل هذه الدعاوى. لكن بما يكفي لإسعاد رودي جولياني، العمدة الجمهوري السابق لنيويورك، الذي أصبح الآن محامي الرئيس، وقد سافر إلى فيلادلفيا منذ الأربعاء مع فريقه بأكمله لخوض المعركة أمام المحكمة.

إيفانكا وأحذيتها
   ثم هناك العائلة بالطبع. بدء من وريثه الأكثر نشاطا، دونالد جونيور، الذي يتحدث عن “حرب شاملة” ستشن ضد الديمقراطيين المذنبين، من وجهة نظره، بتزوير كبير في التصويت البريدي.
  وجاريد كوشنر، صهر وزوج إيفانكا ترامب، هو الآخر في جبهة المعركة: “فهو القائل بمجرد إعلان النتائج الأولى أنه يبحث عن نسخته من جيمس بيكر”، هذا ما نقلته كاتبة صحفية من نيويورك تتابع أنشطة عشيرة ترامب، والتي رفضت الكشف عن هويتها، وذلك  في إشارة إلى وزير الخارجية الأسبق الذي قاد معركة إعادة فرز الأصوات في فلوريدا لجورج دبليو بوش ضد نائب الرئيس الديمقراطي آل جور قبل عشرين عامًا.

   مساء الجمعة، أفاد المراسلون المعتمدون لدى البيت الأبيض أيضًا، بحدوث عاصفة غضب أخرى لدونالد ترامب الذي كان ساخطا على النتائج الهزيلة لفريقه القانوني في الإجراءات المتخذة حتى الآن لتغيير اتجاه المدّ.

   ثم هناك إيفانكا، الابنة الكبرى. “لا أعتقد أنها حريصة جدًا على ترك السلطة للعودة لبيع أحذية علامتها التجارية حول العالم، إنها ترى لنفسها مصيرًا سياسيًا”، تؤكد ذات المصدر، قبل أن تتجرأ: “قد يخشى البعض في العشيرة، بدءًا من دونالد ترامب نفسه، أن يجدوا أنفسهم في يناير أمام المدعي العام في مانهاتن، سايروس فانس، الذي فتح عددًا من التحقيقات القضائية المتعلقة بهم. ومع ذلك، طالما بقي ترامب في البيت الأبيض، فإنه يحتفظ بحصانته».

   إن الأبناء، والأصدقاء المقربون، ومستشارو اللحظة الأخيرة، يرون آفاقهم تسودّ أمامهم. “يوجد فيهم ما يشبه عقلية البونكر”، يحلل سفيان الصباغ، مؤلف كتاب “اليمين الأمريكي الجديد” (ديموبوليس، 2012) ، والأستاذ في كلية باروخ في نيويورك. ستكون هذه، حسب قوله، حالة ستيفن ميللر، المستشار الخاص للرئيس وكاتبه القومي المتطرف. “إنه مُنظِّر الترامبية، وهو من القلائل الذين يستمع إليهم الرئيس، وإذا رفض هذا الأخير الاعتراف بالهزيمة، فسيتبعه ميللر حتى النهاية».     في 29 مايو، في ذروة الاحتجاجات في واشنطن وفي جميع أنحاء البلاد على عنف الشرطة، تم اصطحاب الرئيس لفترة وجيزة مع زوجته ميلانيا وابنه بارون إلى مخبأ البيت الأبيض من قبل الجهاز السري. أما هذه المرة، فيتعلق الأمر بالمكتب البيضاوي، الملاذ الأخير قبل تسليم السلطة في 20 يناير.

مساعدة أصدقائه
   وإلى أن يغادر، لا يستبعد الخبراء أن يقدم ترامب العفو الرئاسي إلى المقربين منه المتهمين أو المشار اليهم في تحقيق المدعي العام روبرت مولر بخصوص شبهة التواطؤ بين فريق ترامب وروسيا.
   ويضيف السيد كلوتير روي: “يمكنه حتى العفو عن نفسه بحجة أن الدعاوى القضائية المستقبلية ضده حزبية».
  عام 1947، أقر الكونغرس التعديل الذي حدد عدد الفترات التي يمكن أن يشغلها الرئيس بولايتين... وترامب هو رابع من يفشل في الفوز بولاية ثانية في الانتخابات.