خلال ندوة حول «التراث الثقافي غير المادي» في «أيام الشارقة التراثية 18»
راشد المزروعي: خصوصية الشعر الشعبي الإماراتي تتجسد بفن «التغرودة»
أكد الباحث الإماراتي الدكتور راشد المزروعي أن خصوصية الشعر الشعبي في الإمارات العربية المتحدة تتجسد بلون يسمى “التغرودة”، التي تتميز بها مناطق البادية في الدولة وسلطنة عُمان على مستوى الخليج العربي، وأوضح تميّز “التغرودة” باللّحن والقافية الواحدة والأداء الذي كان يرتبط بركوب الإبل.
جاء ذلك خلال ندوة أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ 18 من “أيام الشارقة التراثية”، حول التراث الثقافي غير المادي، أدارتها لطيفة المطروشي، مسؤول النشر العلمي في قسم الإدارة الأكاديمية من معهد الشارقة للتراث، حيث تطرق الباحث المزروعي إلى أهمية الحفاظ على التراث من خلال توثيقه وحفظه وإعادة إحياء تقاليده، مشيراً إلى أهمية الحدث ودوره في استحضار أبرز تجليات التراث بشقيّه المادي وغير المادي، مثل الرقصات والأغاني الشعبية والمهن وكل ما يتصل بالبيئة الإماراتية المتنوعة. وفي تعريفه للتراث المعنوي غير المادي قال المزروعي أن فعاليات الحدث، من عروض حية وإصدارات مطبوعة، تقدم مثالاً على إحياء التراث غير المادي، الذي يشمل السير الاجتماعية والأمثال والأشعار والحكايات والقصص والعادات والتقاليد، وكل ما يتصل بالتراث غير المحسوس، وأضاف: “إن المباني التراثية يمكن أن نحافظ عليها بالترميم، لكن القصيدة النادرة ليست أثراً مادياً وقد تضيع، مما يتطلب توثيقها، وهذا هو الجهد الذي يقوم به معهد الشارقة للتراث».
واستطرد المزروعي بالحديث حول التراث غير المادي وقيمته للشعوب، باعتباره خلاصة ما تقدمه من أفكار وحكايات وأمثال وألغاز ومعتقدات شعبية وأغاني ورقصات، مؤكداً رعاية واهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للتراث، ومتابعة سموه المباشرة للبرنامج التلفزيوني الذي يقدمه المحاضر عبر قناة الوسطى من الذيد باسم “بقعة” حول جغرافيا الأماكن ومسمياتها بالتفصيل ودلالات ورودها في الأشعار الشعبية.
وعن إسهامه الشخصي في توثيق التراث الشعبي اللامادي، أشار المزروعي إلى الدواوين الشعرية التي أصدرها لكبار الشعراء الشعبيين في الإمارات من الراحلين، وعددها 25 ديواناً، وذكر من بينهم عبيد بن معضد وعلي بن بخيت، ولفت إلى موسوعة الأمثال الشعبية التي أنجزها كنموذج للتراث غير المادي. وتحدث المزروعي عن جمعه 4 آلاف مثل شعبي، استفاد منها في إصدار الجزء الأول من موسوعة الأمثال الشعبية سنة 2017 والتي حصلت على جائزة أفضل كتاب مطبوع في “معرض الشارقة الدولي للكتاب”، وضمت الموسوعة 100 مثل وحكمة شعبية، ونوه إلى استمراره في العمل على إعداد الجزء الثاني من موسوعة الأمثال متضمنا 800 مثل شعبي يتوقع أن تصدر قريباً.
وعن الحكايات الشعبية في الإمارات باعتبارها تندرج ضمن التراث غير المادي الجدير بالتوثيق، ذكر الدكتور راشد المزورعي في سياق الندوة أنه أصدر في وقت سابق ما وصفها بـ: “درة الحكايات الشعبية في الإمارات”، ممثلة بحكاية “العقيلي واليازية”، التي أنجزت حولها العديد من الدراسات نظراً لأهميتها، وأضاف أن هناك باحثين إماراتيين عملوا على توثيق ودراسة جوانب أخرى من التراث الشفهي غير المادي، مثل الألغاز والألعاب الشعبية.
وفي رده على مداخلات وأسئلة طرحها جمهور الندوة، حول خصوصيات التراث الشعبي في الإمارات، أشار إلى أن شعر “التغرودة” مقترن بالأداء بلحن مميز، وذكر أيضاً لوناً من الشعر الشعبي يشبه “التغرودة” من حيث ظرف أدائه المتصل كذلك بالبادية وبركوب الإبل، وهو شعر “الونّة” الذي يؤديه الشاعر بلحن يتصف بالشجن.