رؤية نقدية

رواية شياطين الإنس تحاكي قضايا العصر وتدق ناقوس الخطر

رواية شياطين الإنس تحاكي قضايا العصر وتدق ناقوس الخطر


طل الكاتب أحمد سلام على قرائه ومتابعيه برواية جديدة بعنوان “ شياطين الإنس” بجزئها الأول، في 155 صفحة من القطع المتوسطة، عن دار همزة وصل للنشر والتوزيع، وذلك بعد روايته الأخيرة “خادمة الأرباب” التى جاءت في جزئين، وكأنه اتخذ لنفسه مكانة بين الكتاب الذين أهتموا بسلسلة الأجزاء لأعمالهم، وهذا الإنتاج الأدبي يلجأ له الكاتب عندما يجد أن العمل قد تشعب ويخشى على القارئ من التشتت، هذا من جهة ورأي آخر يتجه إلى أن الأحداث كثيرة ويحتاج لعدد صفحات كثيرة يصعب على القارئ اقتنائها بهذا الكم الهائل من الورق، خاصة وأن الرواية في تكوينها تحتاج إلى تفاصيل دقيقة حول الشخصيات ورسمها رسماً شاملاً كما يبدع أحمد سلام مع شخصيات رواياته.

رواية “شياطين الإنس” من الروايات التى تحاكي قضايا العصر، وقد وفق الكاتب في اختيار الاسم حيث أن الشياطين في المطلق يتصف بمهامها الجن والإنس، وقد قدمت شياطين الإنس في القرآن الكريم على شياطين الجن، في الآية 112 من سورة الأنعام، وهذا لخطورة الإنس في التدبير والتخطيط السيئ نحو الأخر دون النظر إلى عرف أو عقيدة أو رادع ووازع ديني، وليس هنا مقام المقارنة بينهما، وإنما أشير لحسن الاختيار الذي يوضح مسار الرواية والهدف من كتابتها، ففي الحقيقة أن الساحة الأدبية في احتياج لمثل هذه الروايات الهادفة والتى تعتبر ناقوس خطر يدق للفت نظر متخذي القرار.

اختار الكاتب أحمد سلام اسماء الشخوص بعناية فائقة وحرفية، حيث جاءت الشخصية المحورية في الرواية باسم “العاكف” وهو المحجوب أو المبهم الذي يعمل في الخفاء طوال الوقت، وإذا ظهر فيكون بغير هيئته، وعندما أختار الضمير الحي في الرواية كان الأبن “عماد” وهذا الاسم يأتي من الموروث الثقافي لشعوبنا العربية، فلفظ عماد مرتبط ضمنياً مع الصلاة عماد الدين أي الركيزة التى يستند عليها الحق دائماً، واختار له وظيفة طبيب من المهن الأكثر شيوعاً لمفهوم الرحمة وتأكيداً على أن الانحراف في المهن يعتبر أمر شاذ وليس ظاهرة، والشخصية الضبابية في الرواية لقبها بـــــــ “اسراء” لأنها في الأحداث تمثل الليل الذي ينتظر بزوخ الشمس وانتصار الضوء على الظلام، فاسمها مستوحى من السير ليلاً ، ووفق الكاتب في اختياره لينطبق على الشخصية تماماً، والأخ الأصغر الذي لم يحظى بأي قسط مناسب من التعليم ليكون أداة من أدوات العاكف، ولقب هذا الأبن “طلعت” لأن معناه ببساطة بداية كل شئ ومن صفاته البر بوالديه والتفاني في خدمتهما وهذا ما يرمي إليه الكاتب أحمد سلام وما يكتشفه في شخصيات روايته “ شياطين الإنس”، وأهتم باختيار اسم الأم وزوجة شيطان،  ليكون “جميلة” ومن الإبداع أن يجعلها في عالم الماضي وأنها فارقت الحياة وكأنها اشارة لعدم وجود الجمال في حياة هؤلاء الشياطين.

غالبا ما تهيم روح الكاتب وانفعالاته الشخصية حول أحداث الرواية، ويضع بعض الكتاب آرائهم على لسان أحد الشخصيات كصراع داخلي عند المؤلف بحكم أنه إنسان ينفعل مع الحدث حتى ولو هو من كتبه، فرواية “شياطين الإنس” سيكتشف القارئ أن المؤلف له دور بين الشخصيات من خلال ردود الأفعال وبحكم الصراع النفسي لتوصيل المبادئ والقيم التى يود الكاتب توصيلها بين السطور، وحتمية رؤيته الشخصية، وفي بعض المواقف سيقسوا خلال الحوار على الشخصية التى تمثله ويعذبها ويجعلها احياناً مضطربة وربما عزلها عن الحدث تماما كالضمير الغائب.

اهتم أحمد سلام بالمفردات وركز على الحوار أكثر من الوصف، وترك للكلمة التعبير عن المشهد والإحساس والظروف بما فيها الزمان والمكان، فالقارئ سيكتشف أن أسلوب الكاتب يأخذه إلى عالم الخيال من خلال الحوار ويشرك القارئ في تكملة الصورة حسب خياله وكأن القارئ جزء من الحكاية، أ و يتابع فيلم تدور أحداثه على شاشة كبيرة، وأحداث الرواية تتنقل بيسر وسهولة بين الأشخاص، ومن عادة أحمد سلام أنه في بداية رواياته يستطرد في وصف الشخصيات من الناحية الشكلية والمضمون النفسي لها، وهذا يعتبر من الفن الإبداعي الذي يجيده من خلال المفردات البسيطة والسهلة التى تخللها جزء من العامية الذي فرضه الحوار على المشهد العام.

سيكتشف القارئ أن “العاكف” يقوم بأعمال كان يجب أن يسندها لأي شخص للقيام بها، لكن الكاتب جعله يقوم بها من باب الشيطنة وأن الشيطان يقوم بعمله ويبدع فيه ربما لعدم ثقته بأحد أو لشرف الإشراف ورؤية الضحية وهي تقع بين يديه، الرواية في جزئها الأول جاءت مشوقة وعامل المفاجأة كان واضحاً جداً فيها، وأسلوبها سلس ومفرداتها بسيطة تساعد القارئ على الاستمرار في القراءة باستمتاع .

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot