شنكر: الانسحاب الأمريكي من العراق يسلّم البلاد كلياً لطهران

شنكر: الانسحاب الأمريكي  من العراق يسلّم البلاد كلياً لطهران


كتب ديفيد شنكر أنه عندما كان يتولى منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى في أوائل 2020، سألته مجموعة من المحللين عن “البجعات السوداء” حسب رأيه في المنطقة، أي الأحداث التي تبدو مستبعدة، لكنها تتمتع بأهمية فائقة، وقال إن ما فكر فيه فوراً هو اسم مصطفى الكاظمي، ذو التوجه الغربي وحامل الجنسية العراقية والبريطانية، والذي قد يكون قادراً على تجاوز الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، ليصبح رئيساً لوزراء العراق.
واعتقد شنكر وقتها أن الكاظمي يمكن أن يغير قواعد اللعبة في العراق والمنطقة. وعندما كان يتولى منصبه في وزارة الخارجية الأمريكية، زار العراق أكثر من أي من الدول الـ18 الأخرى في المنطقة.
وخلال نحو 12 زيارة، التقى زعماء البلاد في محاولة لتشجيع بغداد على النهوض وتأكيد سيادتها، أو على الأقل، تلبية الحد الأدنى من متطلبات معاهدة جنيف حول حماية الديبلوماسيين.

ميليشيات إيران
وبحلول 2020، انخرطت الميليشيات المدعومة من إيران التي تسعى إلى إخراج القوات الأمريكية والديبلوماسيين من العراق، في حملة من الهجمات الصاروخية ضد الجنود الأمريكيين، مهددة ديمومة الحضور الأمريكي.
وذكر شنكر في مقال في “ذا هيل” أن محادثاته مع رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، الذي شغل المنصب بين 2018 و2020، كانت عقيمة.
وعند الضغط عليه لحماية أرواح الأمريكيين كان يراوغ. وأكثر من مرة كرر جملته المفضلة: “إيران جارتنا، أنتم الأمريكيون أصدقاؤنا».
وعندما تكثفت الهجمات على الجنود الأمريكيين، وتوجت بالاقتحام المنسق للسفارة في بغداد، وما تلاه من مقتل القائد في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والتصويت غير الملزم في البرلمان على طرد القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، تدهورت العلاقات مع عبد المهدي.

أيام أفضل
ولفت شنكر إلى أن اختيار رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء في مايو (أيار) 2020، بدا كأنه يؤشر على أيام أفضل.
كان الكاظمي معروفاً من الولايات المتحدة، وهو عراقي وطني يقدر فوائد علاقة العمل عن كثب مع واشنطن، وأبدى رغبة حقيقية في السيادة.
لكن الكاظمي واجه ذات التحديات التي واجهها عبد المهدي.
فبعد شهر من تسلمه المنصب، اتخذ خطوة إيجابية باعتقال أعضاء في كتائب حزب الله المسؤولة عن هجوم صاروخي ضد السفارة الأمريكية في بغداد.
وفي خطوة متوقعة، حشدت الميليشيا عناصرها وطوقت مقر الكاظمي في المنطقة الخضراء ببغداد ومكاتب جهاز مكافحة الإرهاب، مطالبة بإطلاق عناصرها.
ويضيف “بالنسبة إلي، فإن الكاظمي ربما يكون أفضل رئيس وزراء عراقي منذ انقلاب 1958، الذي أوصل حزب البعث إلى السلطة. أظهر رغبة في اتخاذ قرارات لمصلحة العراق. وبخلاف سلفه، فإنه يدرك أن مئة ألف عنصر من الميليشات المدعومة من إيران، إلى جانب تشجيع الإيرانيين للفساد والتدخل السياسي، يدمرون بلده».

الوجود الأمريكي في العراق
ورغم كل هذه التحديات، يبقى الوجود الأمريكي في العراق حيوياً للأمن القومي الأمريكي، حسب الكاتب وقد انتشر الجيش الأمريكي وعناصر من إئتلاف دولي أوسع، في البلاد بناء على دعوة من الحكومة العراقية لهزيمة تنظيم داعش ومنعه من النهوض مجدداً.
وفي غياب القدرات الأمريكية، خاصةً الاستخبارات العسكرية، والاستطلاع، والمراقبة ودوريات الطائرات دون طيار، فإن هذه المهمة ستفشل.
وفي الوقت نفسه، يضيف الكاتب، فإن انسحاباً أمريكياً سيقوض قدرات الجيش العراقي، ويزعزع الثقة في الدولة، ويعمق أزمات اقتصادية قائمة فعلاً. والأكثر أهمية ربما، أن الرحيل الأمريكي سيسلم العراق كلياً لطهران، ويقضي على كل الآمال في عراق ذو سيادة، فضلاً عنن تعزيز الهيمنة الإقليمية لإيران.