عبر أطر قانونية.. تحرك أفريقي لضبط «فوضى» المقاتلين الأجانب
يدرس الاتحاد الأفريقي مشروعًا جديدًا لمكافحة المرتزقة عبر إنشاء لجنة معنية بالمقاتلين الأجانب الذين ارتفع عددهم في العقد الأخير من السودان إلى ليبيا ومالي وبوركينا فاسو.
وشهد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي نقاشًا مرات عديدة حول القضية، مستحضرًا التهديد الذي يشكله عودة المقاتلين الأجانب إلى الظهور على استقرار القارة، مشددًا على الحاجة الملحة لتعزيز اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1977 للقضاء على المرتزقة في أفريقيا.
في بيان صادر عن مجلس السلم والأمن بشأن هذا الموضوع، أكد ضرورة الانتهاء السريع من مراجعة الاتفاقية.
كما أعرب عن “القلق العميق إزاء التهديد الخطير الذي يشكله المرتزقة على تحقيق أجندة السلام والأمن في الاتحاد الأفريقي”. وقد أدت هذه المسألة إلى صياغة مسودة قابلة للتنفيذ مفتوحة لمساهمة الدول الأعضاء.
ويصعب معرفة عدد عناصر الجيوش الخاصة في القارة السمراء؛ بسبب نشاطهم الغامض في كثير من المواقع، إذ لجأت دول أعضاء بالاتحاد الأفريقي إليهم على مدى العقد الماضي، بحجة الوضع الأمني المتدهور وللتعامل مع المتطرفين العنيفين.
وكان هناك ما يقدر بنحو 1200 إلى 2000 من المقاتلين الأجانب، يدعمون القوات المسلحة لجمهورية أفريقيا الوسطى خلال عام 2022، أما مالي فقد استعان المجلس العسكري بنحو 1645 من مقاتلي “فاغنر” حتى أبريل/ نيسان 2023، إضافة إلى تسجيل مرتزقة في موزمبيق والسودان وبوركينا فاسو.
وتتوزع مهام هؤلاء المقاتلين الأجانب بين تقديم المشورة في بوركينا فاسو والنيجر إلى المشاركة القتالية المباشرة مثلما هو الحال في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، إلى التدريب العسكري؛ ما جعلهم يجتذبون حكومات بلدان أخرى لتوقيع عقود أمنية.
وتقول البلدان الأفريقية إن مثل هذه الترتيبات تقدم نتائج إيجابية في سعيها إلى السلام.
وكشف معهد الدراسات الأمنية الجنوب أفريقي عن مشروع قانون لمكافحة المرتزقة، وتحدث عن عيوب اتفاقية عام 1977 التي كانت بمثابة إطار مناسب للتحديات التي فرضها عصرها، فقد قدمت تعريفًا موسعًا للمرتزقة وأنشطتهم بما يتماشى مع الحقائق التي دفعت إلى اعتمادها.
وأشارت إلى استخدام جهات خارجية للمتعاقدين غير النظاميين لإزالة الزعماء السياسيين الذين اعتبرتهم عقبات أمام تحقيق مصالحها. وتم التعامل مع المرتزقة في أفريقيا باعتبارها ظاهرة مستوردة وليست محلية.
وفي خضم اندلاع الصراعات الداخلية القارية، ظهرت مجموعات أفريقية في أواخر الثمانينيات، وشاركت بنشاط في الصراعات في الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية آنذاك مثل سيراليون وأنغولا.
وتركز تعريفات “المرتزقة” و”أنشطة المرتزقة” و”جريمة الارتزاق” التي قدمتها اتفاقية العام 1977 على الطبيعة الخاصة للمرتزقة والتدابير الراسخة لمحاسبة كل من المقاولين والكيانات المستأجرة.
بالتالي، كانت مناسبة للغرض منذ اعتمادها حتى أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وفق المعهد الأفريقي.
لكن الإطار لم يتوقع وجود مرتزقة مملوكين للدولة في أفريقيا، وطرح المختصون تساؤلات حول طبيعة الوضع “الخاص” للأفراد أو المجموعات المتعاقدة، إذ يعمل بعضهم إما علنًا أو تحت السيطرة المباشرة أو غير المباشرة لدول أخرى.
ومكنت العديد من النقاشات مع منظمات المجتمع المدني الأفريقية ومراكز التفكير والشركاء الدوليين من إجراء مراجعة شاملة لإطار العام 1977 وتطوير مسودة اتفاقية مكونة من 40 مادة.
وينص المشروع الجديد على إنشاء لجنة معنية بالمرتزقة، فيما يرتقب توفير الترتيبات الكافية لمراقبة التنفيذ من جانب الدول الأعضاء والإبلاغ لضمان الاستفادة الفعالة على المستوى الوطني من أحكام الاتفاقية المنقحة.
وأوصى معهد الدراسات الأمنية الاتحاد بتقديم تقارير دورية إلى مجلس الأمن والسلم الأفريقي واطلاعه على حالة المرتزقة مع النظر في مناقشة هذه القضية عندما تضع لجنة السلم برنامجها السنوي.