إطلاق عمليتين بالتوازي:

عزل الرئيس دونالد ترامب: ساعة الحقيقة...!

عزل الرئيس دونالد ترامب: ساعة الحقيقة...!

-- عملية عزل الملياردير تنطوي على خطر الانهيار في مجلس الشيوخ
-- سيتطلب الأمر تصويت 17 سيناتورا من الجمهوريين وهو رقم من الوهم بلوغه
-- حتى لو توقفت الإجراءات بعد المحاكمة، فإن الخطوة المتخذة ستكون تاريخية
-- إذا امتد الإجراء إلى ما بعد 20  يناير، سيضر بجو بايدن، ويطغى على أولوياته
-- يمكن أن يكون لمقاربة الديمقراطيين تأثير في منعه من ارتكاب أعمال مضرّة جديدة حتى يوم التنصيب


من المقرر أن يكون هذا الأسبوع هو الأسبوع الذي يصنع فيه دونالد ترامب التاريخ باعتباره أول رئيس امريكي “يُعزل” مرتين. فبعد الهجوم على الكابيتول هيل الذي أودى بحياة خمسة أشخاص، تصر الديمقراطية نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، أكثر من أي وقت مضى، على استخدام كل ما في وسعها لإزاحة دونالد ترامب من منصبه. ويتم تنفيذ عمليتين بالتوازي.

«التحريض على التمرد»
السلاح الأول المستخدم: الضغط على نائب الرئيس مايك بنس. هو الذي، إذا حصل على دعم غالبية الوزراء، يمكنه تجريد ترامب من السلطة بحجة “عدم قدرته على أداء واجباته”، بالاستناد الى التعديل الخامس والعشرين للدستور.
إنه الحل الأسرع، لكنه السيناريو الذي من غير المرجح أن يتحقق. لذلك وجه الديمقراطيون إنذارًا نهائيًا من خلال قرار قُدِّم في مجلس النواب يوم الاثنين، ولم يتم اعتماده بالإجماع بسبب معارضة الجمهوريين. وإذا لم يتصرف مايك بنس في غضون 24 ساعة من اعتماد هذا القرار – يفترض أمس الثلاثاء من خلال تصويت رسمي -وإذا لم يقدم دونالد ترامب استقالته، فسيتم استخدام سلاح ثان: العزل.

تم تقديم قانون العزل يوم الاثنين مع افتتاح مجلس النواب. كتبه في أربع صفحات ثلاثة نواب -ديفيد سيسلين (رود آيلاند) وجيمي راسكين (ماريلاند) وتيد ليو (كاليفورنيا) -ويتهم دونالد ترامب بـ “التحريض على التمرد”، و”تعريضه أمن الولايات المتحدة لخطر شديد”. وهذه هي الخطوة الأولى في محاكمة عزل محتملة.
تساوي إجراءات الإقالة التي بدأها مجلس النواب مرحلة الاتهام. ويصوت مجلس النواب عليها بأغلبية بسيطة، وبالتأكيد ستتم المصادقة على النص بفضل الأغلبية الديمقراطية.

ولكن، سيترك الأمر بعد ذلك لمجلس الشيوخ (100 مقعد)، الذي يبقى يتمتع بأغلبية جمهورية حتى 22 يناير، لإجراء محاكمة الاقالة الفعلية. وفي النهاية اتخاذ قرار بأغلبية ثلثي الأصوات. ويبدو ان الحكم الإيجابي مستحيلاً لعدة اسباب.
قال ميتش مكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، في مذكرة سابقًا، إنه لن تبدأ أي محاكمة قبل يوم تنصيب جو بادين، 20 يناير. اثر ذلك، سيتطلب الأمر تصويت 17 سيناتورا من الجمهوريين مع الديمقراطيين لإدانة ترامب، وربما إرفاق حكم الاقالة بحظر تولي منصب فيدرالي جديد من شأنه أن يمنعه من الترشح عام 2024.

رقم من الوهم بلوغه، باستثناء مفاجأة كبيرة. في هذه المرحلة، لا يجرؤ سوى ثلاثة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ، ليزا موركوفسكي (ألاسكا)، وبن ساسي (نبراسكا) وبات تومي (بنسلفانيا)، علنًا على المطالبة باستقالة دونالد ترامب، ولكن دون الذهاب إلى أبعد من ذلك. فبالنسبة لبات تومي، الذي لن يعيد الترشح عام 2022، فإن ترامب “غرق في مستوى من الجنون وارتكب أعمالًا لا يمكن تصورها ولا تُغتفر على الإطلاق».  رأي يتقاسمه الجمهوري آدم كينزينجر (إلينوي)، المنتخب في مجلس النواب، والذي يمكن أن يدعم عزل ترامب. ويخشى الديمقراطيون، مع ذلك، من أن مثل هذا الإجراء الشاق، إذا امتد إلى ما بعد 20 يناير، سيضر بجو بايدن ويصبح نوعًا من التقييد لحركته، وسيطغى على أولوياته، مثل مكافحة كوفيد 19.

خسارة نفوذ
باختصار، تم إطلاق عمليتين بالتوازي يوم الاثنين. بدون إجراء مايك بنس، يمكن التصويت على قرار عزل دونالد ترامب من قبل مجلس النواب بداية من اليوم الأربعاء، بمجرد انتهاء موعد الإنذار النهائي الموجّه لنائب الرئيس. وقد انتقدت نانسي بيلوسي موقف الجمهوريين الذين منعوا الموافقة بالإجماع على القرار الذي يحث بنس على التحرك، وبالتالي تأخير العملية، وتتهمهم بـ “التواطؤ” في وضع “يعرّض أمريكا للخطر، ويقوّض ديمقراطيتنا».
من جانبه، لم يغيّر دونالد ترامب خططه. توجه إلى تكساس، الثلاثاء، للإشادة ببناء جداره بين الولايات المتحدة والمكسيك. دونالد ترامب عند سفح الجدار رمز كبير. أما السيدة الأولى فقد خرجت من صمتها الطويل، للتنديد بالهجمات على الكونجرس، وتلك التي كانت هي نفسها ضحية لها.

وحتى لو توقفت الإجراءات بعد المحاكمة، فإن الخطوة المتخذة ستكون تاريخية. سبق أن تمت تبرئته في أوائل عام 2020 من محاكمة عزل وصفها الديمقراطيون بأنها “صورية”، فان ترامب، وهو يواجه العزل للمرة الثانية، وحُرم من منابره على وسائل التواصل الاجتماعي، سيرى أن تأثيره يتضاءل.
وكما أشار أستاذ القانون لورانس ترايب، الذي ساعد في صياغة القانون الخاص بالإقالة، يمكن أن يكون لمقاربة الديمقراطيين تأثير في منعه من ارتكاب أعمال ضارة جديدة حتى 20 يناير: “إنه يدرك أن مجلس الشيوخ، الذي يتمتع بسلطة اتخاذ القرار النهائية، يمكن أن يقرر في أي وقت إدانته واستبعاده من جميع الوظائف الرسمية المستقبلية. كما أن أعضاء حكومته سيكونون أقل استعدادا لتنفيذ الأوامر المضرّة».

مع استمرار ورود تفاصيل مروعة عن الهجوم على مبنى الكابيتول هيل، حاول البيت الأبيض ثني نانسي بيلوسي عن إصدار لائحة اتهام. المبرّر؟ “كما قال الرئيس ترامب، هذا هو الوقت المناسب لشفاء ووحدة أمتنا... إن توجيه لائحة اتهام لأسباب سياسية ضد رئيس قبل أيام قليلة من نهاية فترة ولايته لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام في بلدنا العظيم”، لم يتردد متحدث رسمي في التصريح بهذا.