محمد بن زايد وسام موستين يؤكدان أهمية استقرار المنطقة وحل النزاعات في العالم بالحوار
علاقة متوترة بين ترامب وكندا.. ما السر وراء التصعيد؟
تثير العلاقة المتوترة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكندا الكثير من التساؤلات، خصوصاً في ظل السياسة الاقتصادية العدائية التي ينتهجها ترامب ضد جارته الشمالية، والتي تشمل فرض تعرفات جمركية قاسية على جميع وارداتها، في مشهد لم تألفه العلاقة بين واشنطن وأوتاوا منذ عقود.
وتتزايد الشكوك في كندا حول الدوافع الحقيقية وراء استهداف ترامب المتكرر للعلاقات بين البلدين، وصولاً إلى حد تبنيه مقترحات مثيرة للجدل تدعو إلى ضم كندا لتصبح الولاية رقم 51 للولايات المتحدة الأميركية، في حين لا يتردد الرئيس الأميركي بالتعبير علناً عن حبه لكندا وشعبها، في مواقف متناقضة مع تصرفاته تجاه البلاد.
سبب هوس ترامب بكندا
ورغم تعدد التفسيرات المتعلقة بعلاقة "الحب والكراهية" التي تجمع ترامب بكندا، بين من يراها تصفية لحسابات شخصية بعد تعثر مشاريعه الفندقية هناك، ومن يربطها بتوتر علاقته برئيس وزرائها المنتهية ولايته جاستن ترودو، يبقى البعد الاقتصادي حاضراً بقوة في خلفية ما يحدث، خاصة عندما يتعلق الأمر بالموارد المعدنية الغنية التي تمتلكها كندا.
ففي تصريح جريء يسلط الضوء على البُعد الاستراتيجي للتوتر الحاصل بين البلدين، كشف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الشهر الماضي عن رأيه بنظرية "هوس ترامب بكندا"، حيث قال أمام مجموعة من قادة الأعمال في تورونتو، أن السبب الحقيقي وراء ما يحصل ليس مجرد خلافات سياسية أو تجارية، بل يتعلق بالثروات المعدنية، مشيراً إلى أن إدارة ترامب تدرك تماماً قيمة الموارد الطبيعية الهائلة التي تزخر بها كندا، وتسعى بشدة إلى استغلالها.
ويعتقد ترودو أن ترامب يرى في ضم كندا إلى الولايات المتحدة الطريقة الأسهل لاستغلال مواردها الطبيعية، مؤكداً أن حديث الرئيس الأميركي المتكرر عن جعل كندا الولاية رقم 51 لأميركا هو أمر حقيقي، وذلك بحسب تقرير أعدته صحيفة "ذا نيويورك تايمز" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".
تنامي القومية الكندية
ورغم المحاولات التي تجري لتوصل الطرفين إلى حلّ بشأن الرسوم الجمركية الجديدة التي تم فرضها من الجانبين مؤخراً، وكان آخرها الاتصال الذي حصل بين ترامب وترودو منذ ساعات، إلا أن التصريحات التي يطلقها ترامب ضد كندا ورئيس وزرائها المنتهية ولايته جاستن ترودو، تتسبب بازدهار القومية في البلاد، مع ظهور مجموعات على فايسبوك تحمل أسماء مثل "صنع في كندا"، والتي تضم ملايين الأعضاء وتقدم توصيات بشأن منتجات بديلة للمنتجات الأميركية.
والعلاقة المتوترة بين أميركا وكندا تعود إلى الولاية الرئاسية الأولى لترامب، التي امتدت من 2017 إلى 2021، حيث شهدت العلاقة بين الجارتين عدة نزاعات اقتصادية انتهت في عام 2020 وتحت ضغط من ترامب بتعديل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (NAFTA) لتصبح اتفاقية (USMCA)، وذلك بعد مفاوضات محفوفة بالمخاطر بين أميركا وكندا والمكسيك.
كما أن العلاقة بين ترامب وترودو لم تكن في أحسن أحوالها حينها، ففي عام 2018 وعقب اجتماع قمة مجموعة السبع في شارلفوا، في كيبيك، هاجم ترامب ترودو على وسائل التواصل الاجتماعي، متهماً إياه بأنه "غير أمين وضعيف للغاية واختلق تصريحات كاذبة".
والآن بعد عودته إلى منصبه للمرة الثانية، أوضح ترامب أن الاتفاق الذي وقعه في عام 2020 مع كندا لم يحقق أهداف الولايات المتحدة ويجب إعادة كتابته، إذ يكشف هذا التصرف مدى هشاشة الشراكات الاقتصادية التي يعقدها ترامب مع جيرانه واحتمالية أن يتم تعديلها بين فترة وأخرى.
ثروات كندا المعدنية
وتقول الكاتبة والمحللة الاقتصادية باتريسيا جلاد، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن كندا تمتلك واحداً من أغنى الاحتياطيات المعدنية في العالم، وهذا ما يجعلها لاعباً رئيسياً في سوق الموارد الطبيعية، فأراضيها تضم مخزوناً هائلاً من المعادن الأساسية مثل النيكل، النحاس، والزنك، بالإضافة إلى المعادن الثمينة كالذهب والفضة. فضلاً عن العناصر الأرضية النادرة التي تُعتبر ضرورية لصناعات التكنولوجيا المتقدمة، حيث تُعد كندا مورداً رئيسياً لمواد حيوية مثل الليثيوم والكوبالت، اللذين يشكلان العمود الفقري لصناعة البطاريات الكهربائية، التي تعتمد عليها السيارات الكهربائية وأجهزة الطاقة المتجددة، لافتةً إلى أن هذه الثروات تمنح كندا موقعاً استراتيجياً في سلسلة التوريد العالمية، خصوصاً مع تزايد الطلب على هذه المعادن في ظل التحولات الصناعية الحديثة، وهو ما قد يفسر التصريحات الأميركية المثيرة للجدل التي تشير إلى إمكانية ضم كندا إلى الولايات المتحدة.