رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
فورين بوليسي: أمن دول الخليج أساسي لإنجاح مفاوضات نووية مع إيران
رسم مدير برنامج الدفاع والأمن في “معهد الشرق الأوسط” بلال صعب خطة واضحة لنجاح إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في مفاوضاته المقبلة مع إيران حول برنامجها النووي، تقوم على إشراك دول الخليج واعتماد استراتيجية فعلية لحمايتها.
وكتب صعب، في تحليل بمجلة “فورين بوليسي”، أن الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما في 2015 مع إيران، لم يحظ بترحيب شركاء واشنطن الاقليميين، وتحديداً معظم دول الخليج العربي، واسرائيل، لسبب وجيه، وهو فشله في التعامل مع مخاوفها الأمنية الإقليمية، والتي تتجاوز قدرات إيران في مجال التخصيب النووي.
فمستشارو أوباما لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق شامل خوفاً من انسحاب إيران من المفاوضات، في حال ذكرهم ترسانة طهران الصاروخية، وشبكة وكلائها الإقليميين.
ويضيف صعب “فور التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، حاول أوباما احتواء مخاوف شركائه في الخليج العربي، من خلال البحث في سبل تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة في مجالي الدفاع والأمن، وذلك في قمتي كامب ديفيد في 2015، والرياض في 2016. وبالفعل، أحرز بعض التقدّم في مجالات مكافحة الإرهاب والدفاع ضد الصواريخ الباليستية والأمن السيبراني والأمن البحري».
وستُقدم الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، والتي عمل العديد من أعضائها مع أوباما في قضايا الشرق الأوسط، وتحديداً ما يتعلق منها بالشأن النووي الإيراني، قريباً اقتراحاتها حول سبل تجديد تلك النقاشات مع شركائها الخليجيين، وربما مع بعض التعديلات على الصيغة السابقة.
وقد تُحاول إدارة بايدن اتباع نهج أشمل بالدفع نحو حوار أمني إقليمي، بالتوازي مع المحادثات النووية المحتملة. ومن شأن مثل هذا الحوار، أن يُحدد معايير جديدة للسلوك، ويُطلق تدابير لبناء الثقة، ويخفض التوتر السياسي في المنطقة.
استعادة الثقة
«هذا المقترح سيكون محل ترحيب من معظم القوى في الشرق الأوسط بشكل عام. ففي النهاية، يُعتبر الشرق الأوسط المنطقة الوحيدة في العالم التي تفتقر لعملية شاملة متعددة الأطراف لدعم الاستقرار، وهي في حاجة ماسة لها”، يقول صعب.
ورغم ذلك، من غير المرجح أن تنجح الأفكار الجديدة حول الاتفاق النووي مع إيران، ما لم تكن هناك ثقة أعمق بين الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين. إذ أن “السبب الرئيسي في فشل قمتي كامب ديفيد والرياض، أن دول الخليج العربي فقدت الثقة في استعداد واشنطن للوقوف إلى جانبها عندما تُواجه المخاطر”، وفق صعب.
مبادرات جديدة
إن استعادة الثقة بين الطرفين ستستغرق وقتاً نظراً للفجوة الكبيرة بينهما. ربما يتطلّب الأمر مزيداً من الديبلوماسية الشخصية عالية المستوى، وهو ما يقدره العرب كثيراً، وربما تكون هناك حاجة لمبادرات جديدة في التعاون الأمني، للتعامل مع سلسلة التهديدات التقليدية وغير التقليدية التي تمثلها إيران.
ومع ذلك، قد لا يكون ذلك كافياً لأن الضربات الإيرانية لمنشآت النفط السعودية ببقيق في 2019، حطّمت كل المعتقدات العربية عن واشنطن “الشريك الأمني الموثوق”، وتسبّبت في أضرار جسيمة لعقيدة كارتر، التي تهدف إلى الرد الفوري على مثل هذه الهجمات، إذا فشل الردع.
ردع فوري وحاسم
اختار بعض الدول العربية في الخليج كتم مخاوفها العميقة من فشل الردع الأميركي لتتجنّب الوقوع في أزمة سياسية مع الرئيس السابق دونالد ترامب، وبالتالي منح الإيرانيين انتصاراً آخر، “لكن فريق بايدن للسياسة الخارجية وقادة دول الخليج العربي سيكون لديهم الكثير من الفرص للتشاور حول كيفية مُواجهة التحدي الإيراني”، حسب صعب.
ورغم الصدمة التي تركتها الحادثة، إلا أن إدارة ترامب وشركائها العرب لم يفعلوا الكثير بعد ذلك. اغتالت واشنطن قائد “فيلق القدس” الايراني قاسم سليماني في يناير(كانون الثاني) 2020، لكن هذا الرد جاء بعد عدة أشهر من اعتداء بقيق، ما “ألقى بظلال من الشكّ على النظرية القائلة إنها عقاب على حادثة بقيق” يقول صعب، الذي يضيف أن “الردع يكون ذا مصداقية ومفيداً فقط عندما يكون واضحاً وفورياً وحاسماً. ولم تكن تصفية سليماني في هذا الإطار».
خطة عسكرية
وستكون لفريق السياسة الخارجية في إدارة بايدن وقادة دول الخليج العربية الكثير من الفرص للتشاور حول كيفية مُواجهة التحدي الإيراني، وستتضمّن المحادثات اعتداء بقيق، وكيفية ردع اعتداء آخر، “الأمر يتطلب خطة عملياتية عسكرية أمريكية ملموسة لمواجهة التهديدات الإيرانية، وحماية الأصول الحيوية في السعودية، والإمارات، والبحرين، ومناطق أخرى في شبه الجزيرة العربية، من الصواريخ والمقذوفات الإيرانية الفتاكة، بما يُوفر تطمينات أمنية مطلوبة بشدة للشركاء الإقليميين، ومزيد من الحرية لواشنطن في مفاوضاتها النووية”، يوضح صعب.
وختم صعب قائلاً، إن “هذه الخطط موجودة بالفعل، ولكن دون توجيه استراتيجي أمريكي واضح من القيادة التنفيذية حول متى وأين يمكن تفعيلها، ولذلك من الأفضل أن تُركز المحادثات العربية الأمريكية حول الأمن الإقليمي، على معايير ما ستلتزم الولايات المتحدة بفعله لحماية شركائها”، و”الأهم من ذلك، هو كيف يمكن للعرب أن يساهموا في تلك الخطط بأصولهم العسكرية، لأن الشراكة عنصر أساسي في نجاح هذا النهج” حسب الكاتب.