حمدان بن محمد يلتقي أكثر من 100 من منتسبي الخدمة الوطنية والاحتياطية المتميزين في برنامج النخبة
يسعى إلى توحيد حلفائه:
في مواجهة الصين، بايدن يحيي أسطورة الغرب...!
-- في آسيا، لا يمكن لليابان وكوريا الجنوبية الاستغناء عن جارتهما الشيوعية القوية على المستوى التجاري
-- منذ نهاية الحرب الباردة، نادرًا ما بدا العالم منقسمًا بين معسكرين
-- يرفض الاتحاد الأوروبي التورط في الصراع الصيني الأمريكي، وأن يضطر إلى اختيار معسكره
-- يريد الرئيس الأمريكي إعادة اختراع سياسة خارجية اتسمت بالفشل منذ سقوط جدار برلين
يسعى الرئيس الأمريكي إلى توحيد حلفائه وراء القيم الديمقراطية. لكن الصين، التي ترفض أن تتلقى دروسا، تقوم بهجمات مضادة، في حين تظل أوروبا مترددة في اختيار معسكرها. يبلغ من العمر 78 عامًا، الرجل الذي أطلق عليه سلفه لقب “سليبي جو”،
يقدم نفسه كل أسبوع على أنه نذير الغرب، في مواجهة الأنظمة السلطوية -ولا سيما الصين وروسيا-الى درجة أنه منذ نهاية الحرب الباردة، نادرًا ما بدا العالم منقسمًا بين معسكرين.
في رمزية لا يستهان بها، انضمت الولايات المتحدة، في 22 مارس، إلى الاتحاد الأوروبي وكندا والمملكة المتحدة، في معاقبة ما مجموعه أربعة قادة صينيين يُعتقد أنهم على صلة باضطهاد الأويغور في مقاطعة شينجيانغ. وكانت هذه هي الإجراءات الأوروبية الأولى التي تستهدف الصين منذ مذبحة تيانانمين عام 1989. وقد ردت امبراطورية الوسط المتقرّحة سريعا بضربات أشد: أعلنت إجراءات ضد عشرة شخصيات (برلمانيين وباحثين) وأربعة كيانات أوروبية؛ ثم ضد بريطانيين وكنديين وأمريكيين.
تم تنظيم صدام القيم هذا بشكل أكبر خلال اجتماع ألاسكا في 18 مارس بين كبار ممثلي الولايات المتحدة والصين. ففي موقف صريح للغاية، كشف أنتوني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكية، عن قائمة طويلة من المظالم (القمع في شينجيانغ وهونغ كونغ، الضغط على تايوان ...). لكن، عوض ان يخافوا، رد الممثلون الصينيون بحدة، وأحالوا الأمريكيين إلى انقساماتهم الداخلية. منتقدين أن “العديد من الأمريكيين أنفسهم ليس لديهم ثقة كبيرة بالديمقراطية في الولايات المتحدة”، وطالبوا واشنطن بالتوقف عن الترويج لنظامها في بقية العالم.
تصعيد لفظي بين المعسكرين
في هذا المناخ من الاستقطاب الشديد –حيث وصف جو بايدن الرئيس فلاديمير بوتين بأنه “قاتل” -يحاول كل معسكر تقوية روابطه. نظمت الولايات المتحدة، التي تعهدت بإقامة “قمة من أجل الديمقراطية” هذا العام، اجتماعا “رباعي” في مارس -مع أستراليا واليابان والهند -مكرس إلى حد كبير لكيفية مواجهة التهديد الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما زار أنتوني بلينكين اليابان وكوريا الجنوبية.
من جهتهما، أرادت بكين وموسكو إظهار جبهة مشتركة في الصين، حيث استقبل وزير الخارجية وانغ يي نظيره سيرغي لافروف في 22 مارس بأذرع مفتوحة. وانتقد كل منهما “استخدام حقوق الإنسان والديمقراطية كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”، كما شدّدت الصحافة الصينية الرسمية.
علاوة على ذلك، سارعت إمبراطورية الوسط إلى التوقيع بعد خمسة أيام على “اتفاقية تعاون استراتيجي طيلة 25 عامًا” مع إيران، تنص على استثمارات استراتيجية متبادلة في مختلف المجالات (النقل والطاقة والصناعة والخدمات).
يتمسك المعسكران بمواقفهما، والتصعيد اللفظي يمكن أن يستمر. من جهة، تسعى إدارة بايدن، التي أصيبت بصدمة جراء غزوة الكابيتول في أوائل يناير، إلى توحيد البلاد حول القيم الديمقراطية، ضد أولئك الذين يستهزئون بها. “يريد الرئيس الأمريكي أيضًا، إعادة اختراع سياسة خارجية اتسمت بالفشل منذ سقوط جدار برلين، الأمر الذي يتطلب تعبئة عدد معين من الرموز (الغرب، حقوق الإنسان، العالم الحر)”، يؤكد برتراند بديع، المتخصص في القضايا الدولية وأستاذ في مدرسة العلوم السياسية بباريس. الا ان عدم الثقة في بكين هو أحد الموضوعات النادرة التي يتفق فيها الديمقراطيون والجمهوريون.
في المقابل، بكين وموسكو، اللتان تحتاجان إلى رموز بنفس القدر، تدينان باستمرار “إمبريالية” و”نفاق” الغرب، لتوحيد شعوبهما بشكل أفضل حول شعور قومي.
تمزق الاتحاد الأوروبي
إذا استمرت التوترات الصينية الأمريكية في ازدياد، هل يخشى العالم الانقسام إلى معسكرين، كما كان الحال أيام الحرب الباردة؟ يبقى السؤال معلّقا الى أن نرى.
إن “الاعتماد المتبادل بين الاقتصادات بلغ اليوم سقفا، الى درجة أن الدول الغربية لا تستطيع أن تذهب بعيدًا جدًا ضد الصين، والتي تعتبر من جانبها، أن الوقت الذي تفرض فيه الدول الأجنبية قوانينها قد انتهى فعلا”، يتابع برتراند بديع.
ففي آسيا، لا يمكن لليابان وكوريا الجنوبية الاستغناء عن جارتهما الشيوعية القوية على المستوى التجاري، والتي يتعاونان معها في معاهدة التجارة الحرة الإقليمية الطموحة الموقعة في نوفمبر الماضي.
أما الاتحاد الأوروبي فهو يرفض التورط في الصراع الصيني الأمريكي، وان يضطر إلى اختيار معسكره. ولئن كانت حساسة تجاه مسألة حقوق الإنسان، فإن القارة العجوز، التي تطالب بـ “استقلاليتها الاستراتيجية”، لا تنوي الخلاف بشكل نهائي مع الصين، شريكها التجاري الرئيسي.
«تحاول أوروبا أن تجد طريقها الخاص. البعض، مثل القادة الفرنسيين والألمان، يؤكدون بأن باب السوق الصينية لا يمكن إغلاقه. ولكن، كما هو الحال في أمريكا، أصبحت الصين موضوعًا سياسيًا، والمسؤولون ملزمون أكثر فأكثر للاستماع إلى رأيهم العام، السلبي جدا فيما يتعلق بهذا البلد”، يلخص فيليب لو كوري، الباحث في كلية هارفارد كينيدي.
لا يزال يتعين على جو بايدن الكفاح من أجل تجسيد ناديه للديمقراطيات.
-- منذ نهاية الحرب الباردة، نادرًا ما بدا العالم منقسمًا بين معسكرين
-- يرفض الاتحاد الأوروبي التورط في الصراع الصيني الأمريكي، وأن يضطر إلى اختيار معسكره
-- يريد الرئيس الأمريكي إعادة اختراع سياسة خارجية اتسمت بالفشل منذ سقوط جدار برلين
يسعى الرئيس الأمريكي إلى توحيد حلفائه وراء القيم الديمقراطية. لكن الصين، التي ترفض أن تتلقى دروسا، تقوم بهجمات مضادة، في حين تظل أوروبا مترددة في اختيار معسكرها. يبلغ من العمر 78 عامًا، الرجل الذي أطلق عليه سلفه لقب “سليبي جو”،
يقدم نفسه كل أسبوع على أنه نذير الغرب، في مواجهة الأنظمة السلطوية -ولا سيما الصين وروسيا-الى درجة أنه منذ نهاية الحرب الباردة، نادرًا ما بدا العالم منقسمًا بين معسكرين.
في رمزية لا يستهان بها، انضمت الولايات المتحدة، في 22 مارس، إلى الاتحاد الأوروبي وكندا والمملكة المتحدة، في معاقبة ما مجموعه أربعة قادة صينيين يُعتقد أنهم على صلة باضطهاد الأويغور في مقاطعة شينجيانغ. وكانت هذه هي الإجراءات الأوروبية الأولى التي تستهدف الصين منذ مذبحة تيانانمين عام 1989. وقد ردت امبراطورية الوسط المتقرّحة سريعا بضربات أشد: أعلنت إجراءات ضد عشرة شخصيات (برلمانيين وباحثين) وأربعة كيانات أوروبية؛ ثم ضد بريطانيين وكنديين وأمريكيين.
تم تنظيم صدام القيم هذا بشكل أكبر خلال اجتماع ألاسكا في 18 مارس بين كبار ممثلي الولايات المتحدة والصين. ففي موقف صريح للغاية، كشف أنتوني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكية، عن قائمة طويلة من المظالم (القمع في شينجيانغ وهونغ كونغ، الضغط على تايوان ...). لكن، عوض ان يخافوا، رد الممثلون الصينيون بحدة، وأحالوا الأمريكيين إلى انقساماتهم الداخلية. منتقدين أن “العديد من الأمريكيين أنفسهم ليس لديهم ثقة كبيرة بالديمقراطية في الولايات المتحدة”، وطالبوا واشنطن بالتوقف عن الترويج لنظامها في بقية العالم.
تصعيد لفظي بين المعسكرين
في هذا المناخ من الاستقطاب الشديد –حيث وصف جو بايدن الرئيس فلاديمير بوتين بأنه “قاتل” -يحاول كل معسكر تقوية روابطه. نظمت الولايات المتحدة، التي تعهدت بإقامة “قمة من أجل الديمقراطية” هذا العام، اجتماعا “رباعي” في مارس -مع أستراليا واليابان والهند -مكرس إلى حد كبير لكيفية مواجهة التهديد الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما زار أنتوني بلينكين اليابان وكوريا الجنوبية.
من جهتهما، أرادت بكين وموسكو إظهار جبهة مشتركة في الصين، حيث استقبل وزير الخارجية وانغ يي نظيره سيرغي لافروف في 22 مارس بأذرع مفتوحة. وانتقد كل منهما “استخدام حقوق الإنسان والديمقراطية كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”، كما شدّدت الصحافة الصينية الرسمية.
علاوة على ذلك، سارعت إمبراطورية الوسط إلى التوقيع بعد خمسة أيام على “اتفاقية تعاون استراتيجي طيلة 25 عامًا” مع إيران، تنص على استثمارات استراتيجية متبادلة في مختلف المجالات (النقل والطاقة والصناعة والخدمات).
يتمسك المعسكران بمواقفهما، والتصعيد اللفظي يمكن أن يستمر. من جهة، تسعى إدارة بايدن، التي أصيبت بصدمة جراء غزوة الكابيتول في أوائل يناير، إلى توحيد البلاد حول القيم الديمقراطية، ضد أولئك الذين يستهزئون بها. “يريد الرئيس الأمريكي أيضًا، إعادة اختراع سياسة خارجية اتسمت بالفشل منذ سقوط جدار برلين، الأمر الذي يتطلب تعبئة عدد معين من الرموز (الغرب، حقوق الإنسان، العالم الحر)”، يؤكد برتراند بديع، المتخصص في القضايا الدولية وأستاذ في مدرسة العلوم السياسية بباريس. الا ان عدم الثقة في بكين هو أحد الموضوعات النادرة التي يتفق فيها الديمقراطيون والجمهوريون.
في المقابل، بكين وموسكو، اللتان تحتاجان إلى رموز بنفس القدر، تدينان باستمرار “إمبريالية” و”نفاق” الغرب، لتوحيد شعوبهما بشكل أفضل حول شعور قومي.
تمزق الاتحاد الأوروبي
إذا استمرت التوترات الصينية الأمريكية في ازدياد، هل يخشى العالم الانقسام إلى معسكرين، كما كان الحال أيام الحرب الباردة؟ يبقى السؤال معلّقا الى أن نرى.
إن “الاعتماد المتبادل بين الاقتصادات بلغ اليوم سقفا، الى درجة أن الدول الغربية لا تستطيع أن تذهب بعيدًا جدًا ضد الصين، والتي تعتبر من جانبها، أن الوقت الذي تفرض فيه الدول الأجنبية قوانينها قد انتهى فعلا”، يتابع برتراند بديع.
ففي آسيا، لا يمكن لليابان وكوريا الجنوبية الاستغناء عن جارتهما الشيوعية القوية على المستوى التجاري، والتي يتعاونان معها في معاهدة التجارة الحرة الإقليمية الطموحة الموقعة في نوفمبر الماضي.
أما الاتحاد الأوروبي فهو يرفض التورط في الصراع الصيني الأمريكي، وان يضطر إلى اختيار معسكره. ولئن كانت حساسة تجاه مسألة حقوق الإنسان، فإن القارة العجوز، التي تطالب بـ “استقلاليتها الاستراتيجية”، لا تنوي الخلاف بشكل نهائي مع الصين، شريكها التجاري الرئيسي.
«تحاول أوروبا أن تجد طريقها الخاص. البعض، مثل القادة الفرنسيين والألمان، يؤكدون بأن باب السوق الصينية لا يمكن إغلاقه. ولكن، كما هو الحال في أمريكا، أصبحت الصين موضوعًا سياسيًا، والمسؤولون ملزمون أكثر فأكثر للاستماع إلى رأيهم العام، السلبي جدا فيما يتعلق بهذا البلد”، يلخص فيليب لو كوري، الباحث في كلية هارفارد كينيدي.
لا يزال يتعين على جو بايدن الكفاح من أجل تجسيد ناديه للديمقراطيات.