الصين -روسيا:
في مواجهة بايدن، حدود التقارب بين شي وبوتين...!
-- البيان الصيني الروسي، يستهدف واشنطن دون أن يسميها
-- التقى شي جين بينغ وسيد الكرملين أكثر من 25 مرة ويعتبر كل منهما الآخر أفضل صديق
-- سيكون من التهوّر الادعاء بأن هذا التعاون يمكن أن يذهب إلى حد استهداف الولايات المتحدة
-- لا يرغب البلدان في إثارة نزاع مسلح واسع النطاق مع التحالف الغربي بقيادة العمّ سام
-- توترات في العلاقات بين موسكو وبكين بشأن الوجود الصيني المتزايد في آسيا الوسطى
تتطلب رقصة التانغو شخصين. في الأسابيع الأخيرة، لم يتوقف شي جين بينغ وفلاديمير بوتين عن تبادل الاتصالات الهاتفية. ماذا يجري؟ إن ذلك، ودون عناء، نتاج المواجهة الأيديولوجية الحادة التي تشنها الولايات المتحدة على الطرفين. وإذا كان التقارب بين الصين وجارتها الروسية الضخمة يبدو واضحًا، فإن الأمور بعيدة كل البعد عن البساطة.
الجميع يعرف القصة: يمر كل زوجين بأوقات جيدة وأخرى عصيبة. وهذا هو الحال بين الصين وروسيا، اللتين عرفتا فترات حب ثم كره. في الظاهر، يبدو الأمر أشبه بحب جنوني في هذه الفترة، رغم أنه إذا دققنا مرتين، سنجد ان هذا الهوى ليس مؤكدا. يوم الإثنين، 28 يونيو، بدا وكأنّ البيان الصيني الروسي المشترك، وضع النقاط على الحروف. فقد أكدت موسكو وبكين رغبتهما في تعزيز تفاهمهما، والدعوة الى “نظام دولي أكثر عدلاً وديمقراطية”، بهدف موازنة الولايات المتحدة وهجومها الأيديولوجي.
بعد مؤتمر بالفيديو في الآونة الأخيرة، نفى الرئيس شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، سعي البلدين، بأي شكل من الأشكال، إلى إقامة حرب باردة جديدة أو تحالف عسكري. وقالا على العكس من ذلك، أصبحت العلاقات الثنائية بينهما “أكثر نضجا واستقرارا وصلابة”، حيث أصبح اليوم كل بلد للأخر “شريك له الأولوية».
ومع ذلك، فإن هذه القمة الثانية عن بعد بين الرئيسين، في غضون أسابيع قليلة، الى جانب طول بيانهما الصحفي، كانت موجهة بوضوح إلى جو بايدن. فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، أصبحت الأولوية القصوى للرئيس الامريكي هي مواجهة صين سلطوية وغازية.
قبل أسبوعين، التقى الرئيس الروسي بجو بايدن في جنيف من أجل إيجاد علاقة أكثر استقرارًا بين روسيا والولايات المتحدة، وخصوصا، زرع الثقة بينهما. كان الرئيس الأمريكي يفكر في العلاقات المتنامية بين بكين وموسكو، ولا ننسى أن جو بايدن سبق ان وصف، قبل أسابيع قليلة من اللقاء، فلاديمير بوتين بأنه “قاتل». ومن ثم فإن البيان الصيني الروسي يستهدف واشنطن دون أن يقول ذلك صراحة: “تستخدم بعض الدول الأيديولوجية لرسم خطوط، والتدخل بعنف في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة، وفرض عقوبات أحادية الجانب، وتعكير صفو الأسس القانونية لنظام العلاقات الدولية، بما في ذلك في مجال الحد من التسلح. «
وشدد البيان الصحفي على أنه “كلما زاد الاضطراب في العالم، سيتعين على الصين وروسيا تعزيز تعاونهما الاستراتيجي”. وفي مواجهة هذه المحنة، لا خيار أمام الطرفين سوى تعميق التنسيق والتعاون بينهما في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والطاقية والتكنولوجية. وتابع بيان شي جين بينغ وفلاديمير بوتين، أن أهدافهما: “الدفاع عن مصالحهما المشتركة على الساحة الدولية”، و”مواصلة ممارسة العمل المتعدد الاطراف الحقيقي” من أجل الحفاظ على التوازن الدولي. وليغرسا السكين أكثر: “إن روسيا بحاجة إلى صين مزدهرة ومستقرة، بينما تحتاج الصين إلى روسيا قوية ومنتصرة. وتعتبر الصين وروسيا نفسيهما شريكين لهما الأولوية. «
الوجود الصيني
في آسيا الوسطى
بالنسبة لشي ينهونغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الشعب في بكين، نقلا عن صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، طالما أن التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة ينخرط في مواجهة ضارية بشكل متزايد ضد الصين وروسيا، فمن الطبيعي جدًا أن هذين البلدين “يشعران بالحاجة الملحة لتقوية علاقاتهما التي هي تقريبا شبه تحالف. ... وهذه العلاقات لا بد أن تزداد التحاما إذا أصبحت المواجهة بين الصين والولايات المتحدة، وروسيا والولايات المتحدة، أكثر توتراً. «
صدى مماثل من دانيل بوشكوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، نقلا أيضا عن صحيفة هونغ كونغ اليومية. “في الواقع، من النادر أن تظهر عبارة ‘شركاء ذوي الأولوية’ في الوثائق الرسمية”، رغم أن قيادتي هذين البلدين تميلان إلى اعتبار الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين أولوية بالنسبة للطرفين.
ففي مقابلة بُثت قبل وقت قصير من قمة جنيف، ذهب فلاديمير بوتين إلى حد الدفاع عن السياسة التي تنتهجها الحكومة الصينية ضد الأقلية المسلمة الأويغور في شينجيانغ. يذكر أن شي جين بينغ والرجل القوي في الكرملين، قد التقيا أكثر من 25 مرة، ويعتبر كل منهما الآخر “أفضل صديق”. وقد أعربت الولايات المتحدة مرارا عن مخاوفها، لا سيما بشأن تعاونهما العسكري وتدريباتهما المشتركة. ولكن سيكون من التهوّر الادعاء بأن هذا التعاون يمكن أن يذهب إلى حد استهداف الولايات المتحدة على وجه التحديد.
بالنسبة لشي ينهونغ، “هذا التعاون العسكري سيتضمن مساعدة روسية للصين من أجل معدات عسكرية عالية التقنية. لكنني لا أعتقد أن روسيا ستصل إلى حد الإقرار بعلاقات عسكرية مشتركة حول تايوان تماما مثل مساعدة عسكرية صينية ضد أوكرانيا. لا ترغب الصين وروسيا في إثارة نزاع مسلح واسع النطاق مع التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة. «
وحسب أرتيوم لوكين، الأستاذ المساعد في جامعة الشرق الأقصى الروسي في موسكو، هناك أيضًا توترات في العلاقات بين موسكو وبكين بشأن الوجود الصيني المتزايد في آسيا الوسطى. “لكن حتى الآن لم يكن لهذه الخلافات سوى أهمية هامشية في علاقتهما الثنائية. أما فيما يخص المستقبل القريب، فهو يقربهما أكثر من ان يعمق الشرخ بينهما”، يقول الأستاذ.
ومع ذلك، فإن الوزن الاقتصادي للصين لا يتناسب مع وزن روسيا، التي يمثل ناتجها المحلي الإجمالي تقريبًا مثيله في إيطاليا. ووفقًا للتوقعات المقبولة عمومًا من قبل الاقتصاديين الغربيين، من المتوقع أن تصبح الصين القوة الاقتصادية الأولى في إجمالي الناتج المحلي قبل الولايات المتحدة حوالي عام 2028. وبالتالي فإن روسيا ليست سوى الأخ الأصغر امام جارتها الصينية المهيمنة... ولهذا السبب يخشى فلاديمير بوتين أن يعطيه شي جين بينغ يومًا ما “قبلة الموت».
مؤلف حوالي خمسة عشر كتابًا مخصصة للصين واليابان والتبت والهند والتحديات الآسيوية الرئيسية. عام 2020، نشر كتاب “الزعامة العالمية محوره، الصدام بين الصين والولايات المتحدة” عن منشورات لوب.
-- التقى شي جين بينغ وسيد الكرملين أكثر من 25 مرة ويعتبر كل منهما الآخر أفضل صديق
-- سيكون من التهوّر الادعاء بأن هذا التعاون يمكن أن يذهب إلى حد استهداف الولايات المتحدة
-- لا يرغب البلدان في إثارة نزاع مسلح واسع النطاق مع التحالف الغربي بقيادة العمّ سام
-- توترات في العلاقات بين موسكو وبكين بشأن الوجود الصيني المتزايد في آسيا الوسطى
تتطلب رقصة التانغو شخصين. في الأسابيع الأخيرة، لم يتوقف شي جين بينغ وفلاديمير بوتين عن تبادل الاتصالات الهاتفية. ماذا يجري؟ إن ذلك، ودون عناء، نتاج المواجهة الأيديولوجية الحادة التي تشنها الولايات المتحدة على الطرفين. وإذا كان التقارب بين الصين وجارتها الروسية الضخمة يبدو واضحًا، فإن الأمور بعيدة كل البعد عن البساطة.
الجميع يعرف القصة: يمر كل زوجين بأوقات جيدة وأخرى عصيبة. وهذا هو الحال بين الصين وروسيا، اللتين عرفتا فترات حب ثم كره. في الظاهر، يبدو الأمر أشبه بحب جنوني في هذه الفترة، رغم أنه إذا دققنا مرتين، سنجد ان هذا الهوى ليس مؤكدا. يوم الإثنين، 28 يونيو، بدا وكأنّ البيان الصيني الروسي المشترك، وضع النقاط على الحروف. فقد أكدت موسكو وبكين رغبتهما في تعزيز تفاهمهما، والدعوة الى “نظام دولي أكثر عدلاً وديمقراطية”، بهدف موازنة الولايات المتحدة وهجومها الأيديولوجي.
بعد مؤتمر بالفيديو في الآونة الأخيرة، نفى الرئيس شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، سعي البلدين، بأي شكل من الأشكال، إلى إقامة حرب باردة جديدة أو تحالف عسكري. وقالا على العكس من ذلك، أصبحت العلاقات الثنائية بينهما “أكثر نضجا واستقرارا وصلابة”، حيث أصبح اليوم كل بلد للأخر “شريك له الأولوية».
ومع ذلك، فإن هذه القمة الثانية عن بعد بين الرئيسين، في غضون أسابيع قليلة، الى جانب طول بيانهما الصحفي، كانت موجهة بوضوح إلى جو بايدن. فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، أصبحت الأولوية القصوى للرئيس الامريكي هي مواجهة صين سلطوية وغازية.
قبل أسبوعين، التقى الرئيس الروسي بجو بايدن في جنيف من أجل إيجاد علاقة أكثر استقرارًا بين روسيا والولايات المتحدة، وخصوصا، زرع الثقة بينهما. كان الرئيس الأمريكي يفكر في العلاقات المتنامية بين بكين وموسكو، ولا ننسى أن جو بايدن سبق ان وصف، قبل أسابيع قليلة من اللقاء، فلاديمير بوتين بأنه “قاتل». ومن ثم فإن البيان الصيني الروسي يستهدف واشنطن دون أن يقول ذلك صراحة: “تستخدم بعض الدول الأيديولوجية لرسم خطوط، والتدخل بعنف في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة، وفرض عقوبات أحادية الجانب، وتعكير صفو الأسس القانونية لنظام العلاقات الدولية، بما في ذلك في مجال الحد من التسلح. «
وشدد البيان الصحفي على أنه “كلما زاد الاضطراب في العالم، سيتعين على الصين وروسيا تعزيز تعاونهما الاستراتيجي”. وفي مواجهة هذه المحنة، لا خيار أمام الطرفين سوى تعميق التنسيق والتعاون بينهما في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والطاقية والتكنولوجية. وتابع بيان شي جين بينغ وفلاديمير بوتين، أن أهدافهما: “الدفاع عن مصالحهما المشتركة على الساحة الدولية”، و”مواصلة ممارسة العمل المتعدد الاطراف الحقيقي” من أجل الحفاظ على التوازن الدولي. وليغرسا السكين أكثر: “إن روسيا بحاجة إلى صين مزدهرة ومستقرة، بينما تحتاج الصين إلى روسيا قوية ومنتصرة. وتعتبر الصين وروسيا نفسيهما شريكين لهما الأولوية. «
الوجود الصيني
في آسيا الوسطى
بالنسبة لشي ينهونغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الشعب في بكين، نقلا عن صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، طالما أن التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة ينخرط في مواجهة ضارية بشكل متزايد ضد الصين وروسيا، فمن الطبيعي جدًا أن هذين البلدين “يشعران بالحاجة الملحة لتقوية علاقاتهما التي هي تقريبا شبه تحالف. ... وهذه العلاقات لا بد أن تزداد التحاما إذا أصبحت المواجهة بين الصين والولايات المتحدة، وروسيا والولايات المتحدة، أكثر توتراً. «
صدى مماثل من دانيل بوشكوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، نقلا أيضا عن صحيفة هونغ كونغ اليومية. “في الواقع، من النادر أن تظهر عبارة ‘شركاء ذوي الأولوية’ في الوثائق الرسمية”، رغم أن قيادتي هذين البلدين تميلان إلى اعتبار الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين أولوية بالنسبة للطرفين.
ففي مقابلة بُثت قبل وقت قصير من قمة جنيف، ذهب فلاديمير بوتين إلى حد الدفاع عن السياسة التي تنتهجها الحكومة الصينية ضد الأقلية المسلمة الأويغور في شينجيانغ. يذكر أن شي جين بينغ والرجل القوي في الكرملين، قد التقيا أكثر من 25 مرة، ويعتبر كل منهما الآخر “أفضل صديق”. وقد أعربت الولايات المتحدة مرارا عن مخاوفها، لا سيما بشأن تعاونهما العسكري وتدريباتهما المشتركة. ولكن سيكون من التهوّر الادعاء بأن هذا التعاون يمكن أن يذهب إلى حد استهداف الولايات المتحدة على وجه التحديد.
بالنسبة لشي ينهونغ، “هذا التعاون العسكري سيتضمن مساعدة روسية للصين من أجل معدات عسكرية عالية التقنية. لكنني لا أعتقد أن روسيا ستصل إلى حد الإقرار بعلاقات عسكرية مشتركة حول تايوان تماما مثل مساعدة عسكرية صينية ضد أوكرانيا. لا ترغب الصين وروسيا في إثارة نزاع مسلح واسع النطاق مع التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة. «
وحسب أرتيوم لوكين، الأستاذ المساعد في جامعة الشرق الأقصى الروسي في موسكو، هناك أيضًا توترات في العلاقات بين موسكو وبكين بشأن الوجود الصيني المتزايد في آسيا الوسطى. “لكن حتى الآن لم يكن لهذه الخلافات سوى أهمية هامشية في علاقتهما الثنائية. أما فيما يخص المستقبل القريب، فهو يقربهما أكثر من ان يعمق الشرخ بينهما”، يقول الأستاذ.
ومع ذلك، فإن الوزن الاقتصادي للصين لا يتناسب مع وزن روسيا، التي يمثل ناتجها المحلي الإجمالي تقريبًا مثيله في إيطاليا. ووفقًا للتوقعات المقبولة عمومًا من قبل الاقتصاديين الغربيين، من المتوقع أن تصبح الصين القوة الاقتصادية الأولى في إجمالي الناتج المحلي قبل الولايات المتحدة حوالي عام 2028. وبالتالي فإن روسيا ليست سوى الأخ الأصغر امام جارتها الصينية المهيمنة... ولهذا السبب يخشى فلاديمير بوتين أن يعطيه شي جين بينغ يومًا ما “قبلة الموت».
مؤلف حوالي خمسة عشر كتابًا مخصصة للصين واليابان والتبت والهند والتحديات الآسيوية الرئيسية. عام 2020، نشر كتاب “الزعامة العالمية محوره، الصدام بين الصين والولايات المتحدة” عن منشورات لوب.