من مؤيدي فلاديمير بوتين

فيكتور أوربان، في فخّ الحرب الأوكرانية...!

فيكتور أوربان، في فخّ الحرب الأوكرانية...!

-- هل ما زال بإمكان المجري الانفتاح على بوتين، أم يجب أن ينفصل عنه من أجل طمأنة شركائه الأوروبيين؟

الاسم الرمزي: “الدرع الشرقي 2022”... الأربعاء 23 فبراير، بينما كان الروس يستعدون لقصف أوكرانيا، التقى فيكتور أوربان بوزير دفاعه والضباط الذين يقودون عملية تأمين حدود المجر التي يبلغ طولها 140 كيلومترًا مع أوكرانيا. على خريطة تم عرضها خلال الاجتماع، يتصور الجيش الوطني تدفق حوالي 600 ألف لاجئ أوكراني بسبب الغزو الروسي.

    ومنذ الساعات الأولى للهجوم، احتشد المئات من المشاة والسيارات في جمارك زاهوني وبرجسوراني وتيزابيتش، وهي نقاط الدخول الرئيسية إلى المجر. كان معظم المرشحين للمرور مجريين من ترانسكارباثيا، وهي منطقة فقيرة ومتعددة الثقافات في أقصى غرب أوكرانيا. وفي نفس الليلة، قدم مرسوم حكومي مجري حماية مؤقتة لجميع الوافدين من أوكرانيا المجاورة.

   وفي رسالة مرئية، أعلن أوربان، المعروف بخطبه اللاذعة المعادية للمهاجرين: “نحن مستعدون لاستقبالهم وسنكون قادرين على مواجهة التحدي بسرعة وفعالية”. ورغم قربها من الكرملين، ادانت المجر الهجوم الروسي والتزمت بالعقوبات التي قررها الاتحاد الأوروبي. لكن أوربان ومساعديه حذروا من أن بودابست، العضو في الناتو، “يجب أن تبقى خارج الصراع المسلح”، وأن “الامر خاصة لا يعني إرسال قوات إلى أوكرانيا».

عرقلة العقوبات على الطاقة الروسية
    تظاهر عدة آلاف، ضد الاجتياح أمام السفارة الروسية في بودابست، وطالب بيتر ماركي زاي، مرشح المعارضة الموحد الذي سيتحدى فيكتور أوربان في انتخابات 3 أبريل، بتعليق عقد تحديث محطة باكس للطاقة النووية الموقّع مع موسكو عام 2014 وإغلاق مقر بنك الاستثمار الدولي في بودابست، المعروف بأنه مخبأ للجواسيس الروس. وفي هذا السياق، يقدر المؤرخ المجري زولتان سز بيرو، المتخصص في السياسة الأمنية الروسية، أن “حكومة مجرية عقلانية ستعلق الاستثمارات المشتركة مع المعتدي الروسي».

   إن الهجوم على أوكرانيا، يضع أوربان في مأزق: هل ما زال بإمكانه التودد إلى بوتين باسم انفتاحه على الشرق؟ أم يجب أن ينفصل عنه من أجل طمأنة شركائه الأوروبيين؟ يؤكد أستاذ العلوم السياسية بيتر كريكو، أن “أوربان كان يأمل ألا يضطر إلى اختيار أحد الجانبين، لكن السياق يجعل ذلك مستحيلًا. ما يحدث الآن هو فشل اثني عشر عامًا من الانفتاح على الشرق».

   في الوقت الحالي، يحتفظ الزعيم بخاصيّة الجلوس على كرسيين. من ناحية، يؤيد موقف الاتحاد الأوروبي بشأن روسيا. ومن ناحية أخرى، خلال اجتماع المجلس الأوروبي في 24 فبراير، حصل على ألا تؤثر العقوبات على الطاقة، بعد عدة أشهر من توقيع اتفاقية غاز مهمة تربط بين بودابست وموسكو.
   كانت علاقات بودابست متوترة للغاية مع كييف منذ إصلاح التعليم الذي يعود تاريخه إلى عام 2017، وفرض التدريس باللغة الأوكرانية في المدارس الثانوية على حساب لغات الأقليات مثل اللغة المجرية. وتتهم المجر جارتها بإساءة معاملة المجريين في ترانسكارباثيا، بينما تتهم كييف بودابست بتوظيف الأقلية المجرية.

توسيم وزير
 من قبل الكرملين
   علامة أخرى على التفاهم بين روسيا والمجر: تسلم رئيس الدبلوماسية المجرية، بيتر زيجارتو، وسام الصداقة الروسي في نهاية ديسمبر 2021 من يد نظيره سيرجي لافروف، لمساهمته في تطوير العلاقات الثنائية. وفي 20 يناير، اعتبر شيجارتو روسيا “شريكًا ذا أهمية استراتيجية”، لا سيما “فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي وضمانات أمن الطاقة، والدفاع ضد جائحة كوفيد -19».

    وخلال عام 2021، زادت العلاقات التجارية بين البلدين بنسبة 51 بالمائة، والصادرات المجرية إلى روسيا بنسبة 15 بالمائة. وكانت المجر أول دولة في الاتحاد الأوروبي تصادق على اللقاح الروسي سبوتنيك V، دون انتظار موافقة وكالة الأدوية الأوروبية. وفي بداية فبراير، عند عودته من زيارة لافتة إلى موسكو، أكد فيكتور أوربان أن روسيا والمجر اقتربتا من اتفاقية تصنيع سبوتنيك V في مصنع اللقاحات الوطني في ديبريسين، ثاني مدينة مجرية.

    في المجر، يعيد التدخل الروسي ضد أوكرانيا ذكريات مؤلمة عن تأسيس النظام الشيوعي في نهاية الحرب العالمية الثانية وسحق الانتفاضة المناهضة للاتحاد السوفياتي في أكتوبر -نوفمبر 1956. وفي “أكثر ثكنات المعسكر الاشتراكي السابقة بهجة”، أصبحت علاقة أوربان -بوتين الآن إحدى المسائل الرئيسية في الحملة الانتخابية، والتي يأمل الزعيم المجري في نهايتها الفوز بولاية رابعة على التوالي.