الاقتصاد ينهار تحت وطأة تراجع أسعار النفط ووباء كورونا

كورونا يعيد خلط أوراق الرئيس الروسي بوتين

كورونا يعيد خلط أوراق الرئيس الروسي بوتين


على رغم أن لا منافسين حقيقيين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن إخفاقه في التعامل مع انتشار جائحة فيروس كورونا وأزمة أسعار النفط قد تكون لهما تداعيات طويلة الأمد على قبضته على السلطة في البلاد.
بالنسبة إلى رئيس بلا منافسين، لم يكن بوتين ضعيفاً على الإطلاق، ولكن الاقتصاد الروسي ينهار تحت وطأة تراجع أسعار النفط ووباء كورونا المتفاقم الذي أصاب حتى رئيس الوزراء الروسي
وتُشير كلارا فيرا ماركيز، كاتبة عمود بموقع “بلومبرغ” الأمريكي، إلى أن بوتين كان غائباً بشكل واضح خلال الأسابيع الأولى من تفشي كورونا في روسيا، ولكنه عاد من خلال مداخلات متلفزة من مكتبه الرئاسي في ضواحي موسكو.
وبالنسبة إلى رئيس بلا منافسين، لم يكن بوتين ضعيفاً على الإطلاق، ولكن الاقتصاد الروسي ينهار تحت وطأة تراجع أسعار النفط ووباء كورونا المتفاقم الذي أصاب حتى رئيس الوزراء الروسي.

ثلاث معارك
ورغم أن حكومات العالم في كل مكان تكافح لمواجهة كورونا، إلا أن موسكو، بحسب الكاتبة، تخوض ثلاث معارك؛ أولها الصراع، على غرار دول أخرى، مع التداعيات الطبية والمالية المباشرة لانتشار فيروس كورونا بشكل سريع، وثانيها التعامل مع انخفاض أسعار النفط الخام بشكل قياسي بعد خلاف مدمر مع الدول المنتجة للنفط انتهى بوعد بخفض الإنتاج، وثالثها إدارة التصويت الشعبي على التغييرات الدستورية التي تهدف إلى إبقاء بوتين في السلطة بعد عام 2024، موعد انتهاء ولايته.
وتصف الكاتبة تحقيق التوازن بين هذه المعارك الثلاث بأنه مهمة شاقة جداً لبوتين رغم أن الرئيس الروسي يصور نفسه دوماً بأنه الرجل المغوار. وينزلق الاقتصاد الروسي نحو أعمق ركود له منذ انهيار الاتحاد السوفيتي؛ إذ تشير تقديرات الخبير الاقتصادي سيرغي غورييف وآخرين، أنه يمكن أن يتقلص بنسبة تصل إلى 9% أو 10% هذا العام، وهو أسوأ بكثير مما كان عليه الأمر خلال الأزمة المالية لعام 2009، وذلك فضلاً عن التوقعات بارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير.
وتعتبر الكاتبة أنه لم يتم التخطيط لإدارة أزمة الوباء في روسيا؛ التي باتت تسجل إصابات أكثر من الصين. وكشف فيروس كورونا عن الحالة المزرية للنظام الصحي في البلاد، بداية من الاختبارات الخاطئة وصولاً إلى نقص عدد الأسِرّة.
وأغلقت التغييرات التي تستهدف تحسين النظام الصحي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي آلاف المرافق الطبية لجعلها أكثر كفاءة، ولكن لم يتم إعادة افتتاح ما يكفي منها، ولذلك يعاني الأطباء والطواقم الطبية من الإرهاق الشديد. ومن المتوقع أن تكون التداعيات أكبر مع انتشار فيروس كورونا خارج موسكو الغنية.

أكبر أزمة سياسية
وتضيف الكاتبة: “يواجه بوتين أكبر أزمة سياسية منذ عقدين، وذلك في العام الذي كان يأمل فيه تعزيز رئاسته بالتصويت لتمديد ولايته. وربما كان الصدام مع جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط بمثابة فرصة للكشف عن مزايا الحكم الأبوي من قمة السلطة إلى القاعدة، ولكن ما حصل كشف عن هيكل إداري مفرغ”.
ومع أن روسيا لديها احتياطات بقيمة 165 مليار دولار، إلا أن حزمة الإنقاذ المالي للدولة، وفقاً لصندوق النقد الدولي، لم تتجاوز حتى الآن قرابة 2,8% من الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك الكثير من القروض والمدفوعات المؤجلة، وهو مبلغ ضئيل لن يساعد روسيا على التعافي.
وتـــــرى مجموعة من الاقتصاديين البارزين أن تدابير الدعم في البلاد يجب أن تكون أقرب إلى 4,5 تريليون روبل، أو 60 مليار دولار، أي 4% من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل.
وترى الكاتبة أن أداء بوتين الشخصي كان مخيباً. فرغم أنه دوماً غير مستعد للانغماس في التفاصيل الدقيقة للحكم، إلا أنه قد نأى بنفسه أكثر من المعتاد عن أزمة يبدو أنه غير قادر على إدراك أبعادها.
وفوض بوتين المسؤولية إلى عمدة موسكو سيرغي سوبيانين والحكومة برئاسة رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين وزعماء إقليميين يفتقرون إلى التجهيزات.
وتعتبر الكاتبة أنها خطوة غريبة بعد سنوات من مركزية السلطة والموارد. وعر رغم إطلالات بوتين في الأيام الأخيرة، فإنه لا يزال بعيداً. وتقول الباحثة السياسية تاتيانا ستانوفايا: “يبدو بوتين مثل رجل بات غير معتاد على القلق بشأن الدعم الشعبي”.

تراجع شعبية بوتين
وإلى ذلك، أشارت استطلاعات الرأي قبل تفشي جائحة كورونا إلى تراجع تقييمات بوتين إلى أدنى مستوياتها منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، ولكن يبدو أنها ساءت بشكل أكبر الآن؛ حيث قالت وكالة استطلاع، تمولها الدولة، الأسبوع الماضي أن 28% فقط من الروس ذكروا اسم بوتين عندما طُلب منهم تسمية سياسي يثقون به.
وتلفت الكاتبة إلى أن بوتين يأمل في أن يُنظر إليه باعتباره منقذ روسيا، وربما يوزع الأموال في نهاية المطاف وفي الوقت نفسه ينتقد الأخطاء المبكرة ويتعامل معها باعتبارها أخطاء الوزراء والمسؤولين المحليين. ولكن البدائل أمام بوتين تبدو قليلة، ولذلك يختلف الخطر المباشر الذي يواجهه هذه المرة، وربما ينطوي على تداعيات تؤثر على طموحاته بعيدة الأمد.
ويوضح صاموئيل غرين، مدير معهد روسيا في كلية “كينغز كوليدج” لندن، أن الروس اعتادوا على حل مشاكلهم الخاصة ولديهم علاقة رمزية إلى حد كبير مع الدولة.
 ولكن أزمة كورونا ليست عادية. وكانت العائلات بالفعل تتعامل مع تقلص الدخل المتاح، ولكن لا يمكنها الاعتماد على النفس أكثر من ذلك، ولذلك فإن غياب موسكو الآن محسوس أكثر من أي وقت مضى.
وتختتم الكاتبة قائلة: “نتيجة لذلك بات النظام السياسي أكثر هشاشة من أي وقت مضى، وتتآكل المؤسسات وتتزايد اللامبــــالاة كمــــــا تراجعت الثقة في الرئاسة والحكومة، ولاشك في أن الانهيار الاقتصادي سوف يضر الجميع بما في ذلك النخب”.  
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot