كيف بإمكان بايدن إلزام إيران باحترام حقوق الإنسان؟
استرجع محللا الشؤون الإيرانية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات علي رضا نادر وتزفي كانْ أحداثاً سريعة في ثورة 2009 التي صدمت العالم.
قتلت ميليشيا الباسيج طالبة الفلسفة ندى آغا سلطان (26 عاماً) وقد أصبحت رمزاً للانتفاضة بعدما انتشر فيديو يُظهر لحظاتها الأخيرة وهي تنزف في أحد شوارع طهران. كتب الرئيس السابق باراك أوباما في مذكراته عن هذا الحدث حيث أشار إلى أن نزعته الأولى كانت في إبداء دعم قوي للمتظاهرين. لكن خبراء الشأن الإيراني من مستشاريه في شؤون الأمن القومي حذروه من هذه الخطوة قائلين إن التعبير بشكل واضح عن الدعم الأمريكي سيؤتي نتائج عكسية عبر نزع الشرعية عن التظاهرات وتصويرها كمنتج للعناصر الأجنبية.
شرح أوباما أنه نتجية لذلك، وقّع على سلسلة من البيانات البيروقراطية الملطفة جاء فيها أن واشنطن كانت تراقب الوضع وأن على طهران احترام حقوق شعبها. تجاهلَه النظام الإيراني حينها. وهتف المتظاهرون آنذاك “أوباما، أوباما، إمّا أن تقف معهم (النظام) أو معنا!”. وقمعت الأجهزة الأمنية الإيرانية في ذلك الوقت أكبر تظاهرة منذ ثورة 1979. تابع المحللان مقالهما في موقع “راديو فاردا” فأشارا إلى أن هيلاري كلينتون التي خدمت كوزيرة للخارجية في ولاية أوباما الأولى قالت للناشطة الإيرانية مسيح علي نجاد إنها تندم لكونها بقيت صامتة أمام انقضاض طهران على المتظاهرين الإيرانيين. وكتبت في مذكراتها الصادرة تحت عنوان “خيارات صعبة” سنة 2014 “إنني ندمت لأننا لم نتحدث بقوة أكبر ولم نحشد الآخرين لفعل الأمر نفسه”. واليوم، يواجه جو بايدن قراراً حرجاً تماماً كذاك الذي فرض نفسه على أوباما سنة 2009.
لا يزال الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة ترامب سنة 2018 معلقاً على خط الإنعاش بعد سنتين من فرض واشنطن عقوبات قاسية على إيران. يريد بايدن إنقاذ الاتفاق لكنه يريد أيضاً دعم الشعب الإيراني. في مقال رأي كتبه مؤخراً في شبكة سي أن أن، شدد بايدن على أنه سيعاود الانضمام إلى الاتفاق النووي إذا استأنفت إيران التزامها بموجباته.
ستسمح هذه الخطوة بإفساح المجال أمام تخفيف كبير من حدة العقوبات وبالتالي تخفيف النفوذ الذي تتمتع به واشنطن من أجل ردع انتهاكات إيران للقانون الأمريكي والأعراف الدولية. أضاف بايدن أنه بعد استئناف إيران التزاماتها سيسعى إلى إطلاق “مفاوضات مكملة” تهدف إلى “تعزيز وتمديد بنود الاتفاق النووي، مع معالجة قضايا أخرى من المخاوف” بما فيها “انتهاكات (طهران) المستمرة لحقوق الإنسان”. يرى المحللان أن تركيز بايدن على حقوق الإنسان يعكس نظرته الواسعة إلى قيادة واشنطن العالمية. وفي مقال نشرته مجلة فورين أفيرز، أعلن بايدن أنه ينوي “إعادة تعزيز الديموقراطية مجدداً على الأجندة الدولية”. وقال بايدن الشهر الماضي حين كان يقدم فريق الشؤون الخارجية لديه إن أمريكا “عادت، مستعدة لقيادة العالم، لا للانسحاب منه”.
وتساءل المحللان عما سيدفع إيران للشعور بالضغط كي تطلق مفاوضات حول حقوق الإنسان، إذا ما وضع بايدن الاتفاق النووي أولاً ورفع العقوبات عنها قبل تغيير سلوكها. زعم أوباما أيضاً أن التوصل إلى اتفاق نووي سيسهل على العالم معالجة إرهاب إيران وانتهاكاتها لحقوق الإنسان. إن إدارة أوباما، وربما بسبب حرصها الشديد على حماية الاتفاق النووي، نادراً ما تحدثت عن انتهاكات حقوق الإنسان داخل إيران ولم تفرض أي عقوبات حقوقية على طهران بعد التوقيع عليه. إن النهج المتسلسل الذي يقترحه بايدن سيعيد دفعه ببساطة إلى ارتكاب خطأ أوباما بحسب الكاتبين. عوضاً عن ذلك، على بايدن توضيح أنه سيقف بقوة ضد إيران وسيجمع دولاً ديموقراطية أخرى لفعل الأمر نفسه إذا فشلت في احترام الحقوق الأساسية لشعبها.
المقاربة الصحيحة
بسبب قمع النظام وإخفاقاته والانهيار الاقتصادي، اندلعت انتفاضات في 2018 و 2019 و 2020. تقدّر وكالة رويترز أن طهران قتلت حوالي 1500 متظاهر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 وحده. ومن المرجح أن تشهد البلاد المزيد من الانتفاضات بما أن النظام يتمسك بالسلطة في مواجهة السكان الساخطين.
عوضاً عن تخفيف العقوبات مقابل عودتها إلى الاتفاق النووي، على بايدن ربط هذا الموضوع كما أي تفاوض حول اتفاق نووي مستقبلي، بإنهاء إيران انتهاكاتها لحقوق الإنسان. إن الدفاع عن هذه الحقوق ليس متناسقاً مع مبادئ بايدن وحسب لكنه أيضاً مصدر نفوذ أساسي لواشنطن في أي مفاوضات مع النظام الإيراني الذي يخاف من شعبه بمقدار خوفه من الولايات المتحدة إن لم يكن أكثر.
سؤال أساسي
رأى المحللان أن إدارة ترامب واجهت مشكلة أيضاً في الاعتراف بأهمية هذه النقطة على الرغم من أن الرئيس الحالي قدّم دعماً للمتظاهرين الإيرانيين أكبر من الدعم الذي قدمه أوباما. لكن الإدارة الحالية لم تضع مسألة حقوق الإنسان ضمن الشروط الاثني عشر التي يجب على إيران تلبيتها قبل التفاوض على أي اتفاق مستقبلي. تحدث بايدن كثيراً عن كيفية تخلي ترامب عن القيم الأمريكية في الخارج.
لقد حاول الإيرانيون تحجيم السلطات الاستبدادية لحكامهم طوال أكثر من مائة عام. بعبارة أخرى، كانوا يحاولون اعتناق أبرز إنجاز أمريكي: تأسيس حكومة دستورية. وختم المحللان مقالهما بسؤال واحد: “هل سيتجاهل بايدن هذا المسعى على أمل أن يتخلى رجال الدين الكاذبون الذين أشرفوا على ذبح مئات الآلاف في سوريا عن طموحاتهم النووية؟
قتلت ميليشيا الباسيج طالبة الفلسفة ندى آغا سلطان (26 عاماً) وقد أصبحت رمزاً للانتفاضة بعدما انتشر فيديو يُظهر لحظاتها الأخيرة وهي تنزف في أحد شوارع طهران. كتب الرئيس السابق باراك أوباما في مذكراته عن هذا الحدث حيث أشار إلى أن نزعته الأولى كانت في إبداء دعم قوي للمتظاهرين. لكن خبراء الشأن الإيراني من مستشاريه في شؤون الأمن القومي حذروه من هذه الخطوة قائلين إن التعبير بشكل واضح عن الدعم الأمريكي سيؤتي نتائج عكسية عبر نزع الشرعية عن التظاهرات وتصويرها كمنتج للعناصر الأجنبية.
شرح أوباما أنه نتجية لذلك، وقّع على سلسلة من البيانات البيروقراطية الملطفة جاء فيها أن واشنطن كانت تراقب الوضع وأن على طهران احترام حقوق شعبها. تجاهلَه النظام الإيراني حينها. وهتف المتظاهرون آنذاك “أوباما، أوباما، إمّا أن تقف معهم (النظام) أو معنا!”. وقمعت الأجهزة الأمنية الإيرانية في ذلك الوقت أكبر تظاهرة منذ ثورة 1979. تابع المحللان مقالهما في موقع “راديو فاردا” فأشارا إلى أن هيلاري كلينتون التي خدمت كوزيرة للخارجية في ولاية أوباما الأولى قالت للناشطة الإيرانية مسيح علي نجاد إنها تندم لكونها بقيت صامتة أمام انقضاض طهران على المتظاهرين الإيرانيين. وكتبت في مذكراتها الصادرة تحت عنوان “خيارات صعبة” سنة 2014 “إنني ندمت لأننا لم نتحدث بقوة أكبر ولم نحشد الآخرين لفعل الأمر نفسه”. واليوم، يواجه جو بايدن قراراً حرجاً تماماً كذاك الذي فرض نفسه على أوباما سنة 2009.
لا يزال الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة ترامب سنة 2018 معلقاً على خط الإنعاش بعد سنتين من فرض واشنطن عقوبات قاسية على إيران. يريد بايدن إنقاذ الاتفاق لكنه يريد أيضاً دعم الشعب الإيراني. في مقال رأي كتبه مؤخراً في شبكة سي أن أن، شدد بايدن على أنه سيعاود الانضمام إلى الاتفاق النووي إذا استأنفت إيران التزامها بموجباته.
ستسمح هذه الخطوة بإفساح المجال أمام تخفيف كبير من حدة العقوبات وبالتالي تخفيف النفوذ الذي تتمتع به واشنطن من أجل ردع انتهاكات إيران للقانون الأمريكي والأعراف الدولية. أضاف بايدن أنه بعد استئناف إيران التزاماتها سيسعى إلى إطلاق “مفاوضات مكملة” تهدف إلى “تعزيز وتمديد بنود الاتفاق النووي، مع معالجة قضايا أخرى من المخاوف” بما فيها “انتهاكات (طهران) المستمرة لحقوق الإنسان”. يرى المحللان أن تركيز بايدن على حقوق الإنسان يعكس نظرته الواسعة إلى قيادة واشنطن العالمية. وفي مقال نشرته مجلة فورين أفيرز، أعلن بايدن أنه ينوي “إعادة تعزيز الديموقراطية مجدداً على الأجندة الدولية”. وقال بايدن الشهر الماضي حين كان يقدم فريق الشؤون الخارجية لديه إن أمريكا “عادت، مستعدة لقيادة العالم، لا للانسحاب منه”.
وتساءل المحللان عما سيدفع إيران للشعور بالضغط كي تطلق مفاوضات حول حقوق الإنسان، إذا ما وضع بايدن الاتفاق النووي أولاً ورفع العقوبات عنها قبل تغيير سلوكها. زعم أوباما أيضاً أن التوصل إلى اتفاق نووي سيسهل على العالم معالجة إرهاب إيران وانتهاكاتها لحقوق الإنسان. إن إدارة أوباما، وربما بسبب حرصها الشديد على حماية الاتفاق النووي، نادراً ما تحدثت عن انتهاكات حقوق الإنسان داخل إيران ولم تفرض أي عقوبات حقوقية على طهران بعد التوقيع عليه. إن النهج المتسلسل الذي يقترحه بايدن سيعيد دفعه ببساطة إلى ارتكاب خطأ أوباما بحسب الكاتبين. عوضاً عن ذلك، على بايدن توضيح أنه سيقف بقوة ضد إيران وسيجمع دولاً ديموقراطية أخرى لفعل الأمر نفسه إذا فشلت في احترام الحقوق الأساسية لشعبها.
المقاربة الصحيحة
بسبب قمع النظام وإخفاقاته والانهيار الاقتصادي، اندلعت انتفاضات في 2018 و 2019 و 2020. تقدّر وكالة رويترز أن طهران قتلت حوالي 1500 متظاهر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 وحده. ومن المرجح أن تشهد البلاد المزيد من الانتفاضات بما أن النظام يتمسك بالسلطة في مواجهة السكان الساخطين.
عوضاً عن تخفيف العقوبات مقابل عودتها إلى الاتفاق النووي، على بايدن ربط هذا الموضوع كما أي تفاوض حول اتفاق نووي مستقبلي، بإنهاء إيران انتهاكاتها لحقوق الإنسان. إن الدفاع عن هذه الحقوق ليس متناسقاً مع مبادئ بايدن وحسب لكنه أيضاً مصدر نفوذ أساسي لواشنطن في أي مفاوضات مع النظام الإيراني الذي يخاف من شعبه بمقدار خوفه من الولايات المتحدة إن لم يكن أكثر.
سؤال أساسي
رأى المحللان أن إدارة ترامب واجهت مشكلة أيضاً في الاعتراف بأهمية هذه النقطة على الرغم من أن الرئيس الحالي قدّم دعماً للمتظاهرين الإيرانيين أكبر من الدعم الذي قدمه أوباما. لكن الإدارة الحالية لم تضع مسألة حقوق الإنسان ضمن الشروط الاثني عشر التي يجب على إيران تلبيتها قبل التفاوض على أي اتفاق مستقبلي. تحدث بايدن كثيراً عن كيفية تخلي ترامب عن القيم الأمريكية في الخارج.
لقد حاول الإيرانيون تحجيم السلطات الاستبدادية لحكامهم طوال أكثر من مائة عام. بعبارة أخرى، كانوا يحاولون اعتناق أبرز إنجاز أمريكي: تأسيس حكومة دستورية. وختم المحللان مقالهما بسؤال واحد: “هل سيتجاهل بايدن هذا المسعى على أمل أن يتخلى رجال الدين الكاذبون الذين أشرفوا على ذبح مئات الآلاف في سوريا عن طموحاتهم النووية؟