رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان في العين عددا من الموضوعات التي تهم شؤون الوطن والمواطن
الصراع أدى إلى زعزعة استقرار السياسة الأوروبية
كيف يؤثّر مصير سوريا على مستقبل أوروبا؟
تناول المراسل الحربي السابق آريس روسينوس آثار سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد على مستقبل سوريا السياسي وتأثيرها الأوسع على أوروبا والشرق الأوسط.
ورأى أن سقوط الأسد، وهي اللحظة التي بدت غير محتملة ذات يوم، كانت أمراً محسوماً بسبب التحولات الجيوسياسية.
وأشار معد التقرير إلى أن انتصار المعارضين الذي تحقق دون تدخل عسكري غربي، يضع عبء الحكم على أكتافهم. وعلى الدول الغربية التي تناصر حكومتهم الآن ضمان أن يقدموا ميزات أفضل من حكم الأسد القمعي.
وقدمت المجموعة المنتصرة، هيئة تحرير الشام، نفسها بديلاً عملياً لنظام الأسد. ويقارن روسينوس نموذج حكم هيئة تحرير الشام مع الزعماء التكنوقراط المعاصرين مثل نجيب بوكيلي من السلفادور، ما يشير إلى أن تركيزهم على قدرة الدولة والحكم الفعّال قد يجذب السوريين المحبطين منذ عقود من سوء الإدارة.
لكن يتوقف نجاح هيئة تحرير الشام على قدرتها على توسيع نطاق حكمها المنضبط خارج معقلها في إدلب. وتشكل التحديات الداخلية، خاصة التوترات مع الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا تحدي في المرحلة القادمة.
ديناميكيات
وأثار سقوط الأسد موجة من النشاط الجيوسياسي. واغتنمت تركيا وإسرائيل، وكلتاهما حليفتان للولايات المتحدة، الفرصة لملاحقة مصالحهما في سوريا. فكثفت تركيا عملياتها العسكرية ضد الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا، في حين شنت إسرائيل غزوها البري في جنوب سوريا.
وتهدد هذه الإجراءات الانتقال الهش في سوريا . ويحذر روسينوس من أن الاضطراب قد يؤدي إلى إثارة أزمة لاجئين أخرى، مع عواقب وخيمة على أوروبا.
وقال الكاتب إن الولايات المتحدة، التي كانت ذات يوم فاعلاً مهيمناً في المنطقة، تبدو الآن بلا اتجاه. وانتقد عجز أمريكا عن كبح جماح حلفائها الإقليميين، واصفاً هذا الفشل بأنه رمز لنفوذها المتراجع.
ورأى الكاتب أن المخاطر في سوريا بالنسبة لأوروبا أعلى بكثير. وأدى الصراع السوري بالفعل إلى زعزعة استقرار السياسة الأوروبية من خلال موجات الهجرة . ويؤكد أن منع أزمة أخرى أمر ضروري لاستقرار أوروبا على المدى الطويل.
أوروبا في سوريا
ودعا الكاتب أوروبا إلى تبني موقف استباقي في إعادة إعمار سوريا، ورفع العقوبات ودعم التعافي الاقتصادي فيها، مؤكداً الحاجة إلى المشاركة العملية مع هيئة تحرير الشام.
ورغم الجدل الدائر، فإن رفع هيئة تحرير الشام من قائمات الإرهاب من شأنه أن يسهل هذه العملية. ويرسم الكاتب أوجه تشابه مع أفغانستان، مشيراً إلى أن نهج أوروبا مع هيئة تحرير الشام قد يشكل سابقة تمهد للتعامل مع حكومات أخرى على غرار طالبان.
ونوه الكاتب إلى أهمية منع المقاتلين الأجانب من العودة إلى أوروبا، مسلطاً الضوء على الحاجة إلى التعاون الفعال في مجال الأمن الحدودي والاستخبارات. ودعا الكاتب إلى تحول في السياسة الخارجية الأوروبية، واتباع نهج مستقل مدفوع بالمصالح بدل الاعتماد على الولايات المتحدة.
التداعيات على مستقبل أوروبا
وخلص الكاتب إلى أن انتقال سوريا إلى حكم المعارضة يمثل تحولاً أوسع في السياسة العالمية. ولم يعد الغرب هو الحكم الوحيد للشؤون الدولية، حيث أصبحت التعددية القطبية هي القاعدة الجديدة. وفي حين يخلق هذا فرصاً للتعاون البراغماتي، فإنه يفرض أيضاً مخاطر، خاصة من داخل النظام الذي تقوده الولايات المتحدة.
فالإجراءات أحادية الجانب التي اتخذتها تركيا وإسرائيل في سوريا تجسد مخاطر التنافس الإقليمي غير المنضبط.
بالنسبة لأوروبا، يشكل الصراع السوري تحدياً وفرصة في الوقت نفسه. فاستقرار سوريا بالغ الأهمية لمنع المزيد من الاضطرابات السياسية والاجتماعية داخل أوروبا.
ورأى الكاتب أنه في ظل هذه المخاوف الإنسانية، فإن من مصلحة أوروبا الاستراتيجية دعم تعافي سوريا ودمجها في نظام شرق أوسطي مستقر. وبذلك، تستطيع أوروبا حماية استقرارها وتأكيد نفسها لاعباً حاسماً في عالم مجزئ بشكل متزايد.