كيف يطبّق ترامب مبدأ «أمريكا أولاً» تجاه سوريا؟

كيف يطبّق ترامب مبدأ «أمريكا أولاً» تجاه سوريا؟


قال جاكوب أوليدورت، مدير مركز الأمن الأمريكي في معهد «أمريكا أولاً» للسياسة، إن الولايات المتحدة عانت منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما في بلورة سياسة فعالة تجاه سوريا، بسبب تعدد القضايا المتداخلة، من الكارثة الإنسانية، إلى مصير بشار الأسد، مروراً بالانتقال السياسي وتصرفات الخصوم الدوليين والإقليميين.
وأضاف أوليدورت، في مقال نشرته مجلة «ناشيونال إنترست»، أن إدارة ترامب الأولى حققت نجاحاً نسبياً في سوريا عبر تركيزها على أولويات محددة، كالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي والحد من النفوذ الإيراني، دون الانغماس في التفاصيل المعقدة للأزمة السورية.
وأوضح أن الولايات المتحدة لم تجد حلاً نهائياً لمشكلة سوريا، لكنها حافظت على موقع يمكّنها من حماية مصالحها الحيوية.
وأشار أوليدورت إلى أن المشهد السوري اليوم بات أكثر تعقيداً، خصوصاً بعد الإطاحة المفاجئة ببشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وصعود أحمد الشرع إلى سدة الحكم. وبينما حاول الشرع الظهور بمظهر أكثر «اعتدالاً»، إلا أن هذا لم يقنع إسرائيل.
ويزيد المشهد تعقيداً - بحسب الكاتب - اتفاق «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مع الشرع للاندماج في الدولة، ما يُربك الحسابات الأمريكية.
ولم تعلن إدارة ترامب حتى الآن عن سياسة تجاه سوريا، وهو أمر جدير بالثناء، حسب الكاتب، في ضوء الوفود الدولية العديدة (بما في ذلك، فريق بايدن قبل 20 يناير (كانون الثاني) التي سعت لعقد اجتماعات مع الحكومة المؤقتة الجديدة بزعامة الشرع.
ويرى الكاتب أن ما يتداول في واشنطن حول «العدو الذي نعرفه أفضل من العدو الذي لا نعرفه»، ليس سوى خطأ استراتيجي، مشدداً على أن ثلاثة أشهر من الوعود لا تكفي لبناء تحالف مع الشرع.
ويضيف «أي انخراط أمريكي غير مشروط معه يعيدنا إلى النمط الفاشل في دعم الأطراف الخاسرة، والتفريط بأمننا القومي».
وأكد أوليدورت أن الوضع الحالي يمنح واشنطن فرصة ثمينة، مع تراجع الحضور الإيراني ومحاولة الحكومة الانتقالية ترسيخ وجودها، داعياً إلى تحوّل استراتيجي في التركيز الأمريكي، بعيداً عن دمشق، والعمل مع شركاء إقليميين، لضمان عدم تحول جنوب وشرق سوريا إلى ملاذات آمنة للجماعات المتطرفة أو النفوذ الإيراني. وذكّر بتكثيف إسرائيل لنشاطها العسكري في الجنوب السوري، وتعزيز علاقاتها مع الأقليات المحلية، بينما نفذت الأردن عمليات نوعية ضد تهريب المخدرات المرتبط بإيران.
ودعا واشنطن إلى دعم هذه الجهود، لا سيما في المنطقة العازلة جنوب سوريا، وتحويل مهمة القوات الأمريكية شرق البلاد إلى التركيز على محاربة داعش ومراقبة التحركات الإيرانية.
كما شدد على أهمية تقليص نفوذ حزب الله داخل لبنان، كجزء من استراتيجية الحد من قدرة إيران على استعادة موطئ قدم في سوريا.
وختم الكاتب مقاله بتأكيد أن الولايات المتحدة لا تستطيع حل الأزمة السورية حالياً، ويجب ألا تُهدر مواردها على قضايا داخلية ليست من أولوياتها. ونقل عن الرئيس دونالد ترامب قوله بعد سقوط الأسد: «هذه ليست معركتنا». ودعا إلى نهج أمريكي واقعي يعطي الأولوية للتهديدات المباشرة، مثل عودة الجماعات الجهادية أو التمدد الإيراني، بما يضمن توحيد الصف الإقليمي وتحقيق مصالح الأمن القومي الأمريكي، مع خلق ظروف مناسبة لانتقال سياسي يخدم الشعب السوري.