رئيس الدولة ورئيس الوزراء البريطاني يبحثان هاتفياً التطورات الإقليمية
فرص تحقيق الأوكرانيين اختراقاً هذا الصيف
كيف ينعكس خلاف شويغو- بريغوجين على حرب أوكرانيا؟
دأب قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين طوال أسابيع على مهاجمة العسكريين الروس، موبخاً وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري جيراسيموف، ومتهماً إياهما بارتكاب أخطاء والعجز في الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وفي أحد الفيديوهات، توجه بريغوجين باللوم لموسكو عن مقتل جنود من مرتزقة فاغنر. وتحدى في رسالة أخرى شويغو بزيارة الخطوط الأمامية الدامية بنفسه، حيث كانت قوات فاغنر تقاتل وتموت في مدينة باخموت بشرق أوكرانيا.
وتقول صحيفة “غارديان” أن نزاع بريغوجين-شويغو حقيقي. لكن في نظام بوتين المبهم-الذي يبدو أنه حاشية عثمانية أكثر منه حكومة على النمط الغربي- كان صعباً التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور. ومنذ عقدين، يلعب بوتين دور القائد الأعلى الذي يضع الشخصيات الطموحة في مواجهة بعضها البعض.
تكتيك فرّق تسد
ولفتت الصحيفة إلى أن بوتين استخدم تكتيكاً قديماً يقوم على التفرقة من أجل أن يسود. وأثبت بريغوجين في السابق أنه حليف موثوق به مع تنفيذه مهام خاصة للدولة، بما فيها محاولة لإفساد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016. وإستناداً إلى أحد التفسيرات، فإن الحملة العلنية التي شنها ضد شويغو، كانت بضوء أخضر من الرجل الموجود في أعلى الهرم.
وتفترض الأحداث الدراماتيكية يومي الجمعة والسبت بانعدام الفرص للتوصل إلى تسوية مع الكرملين، وأن أقل ما يطالب به بريغوجين هو إزاحة شويغو واستبدال كامل لرئاسة الأركان.
وكان رتل مدرع من قوات فاغنر تحرك من الأراضي الأوكرانية إلى داخل روسيا، من دون أن يلاقي مقاومة تذكر. وسيطر المقاتلون على مبان رئيسية في منطقة روستوف، وعلى مقر القيادة العسكرية الجنوبية لروسيا وعلى عقدة مواصلات مهمة لما تسمية موسكو “العملية العسكرية الخاصة».
وناشد الجنرالات الروس المذعورون بريغوجين، التراجع عن “انقلابه”. وشوهدت عربات مدرعة تجوب شوارع موسكو، في محاولة لحراسة وزارة الدفاع ومراكز أخرى للدولة قد تتعرض لهجوم محتمل من الداخل. وأعادت الصور الاستثنائية إلى الأذهان الانقلاب الفاشل في صيف 1991، الذي نفذه متشددون في المخابرات السوفيتية “كي جي بي”، في محاولة للحفاظ على النظام الشيوعي. وقد أجهضت المحاولة، وسرعّت بانهيار الاتحاد السوفياتي، بعد أشهر.
بريغوجين ليس رجل سلام
ومن المبكر جداً القول إن التاريخ يعيد نفسه. وبريغوجين ليس رجل سلام. والبيان الذي يتبناه يقوم على ضرورة أن تقاتل روسيا بشدة أكبر في أوكرانيا، مع وجود سلطة قرار أفضل وأكثر نزاهة.
ويتهم بريغوجين شويغو بتغطية الخسائر الروسية. ولم يكن مسروراً بالتراجعات التي حصلت العام الماضي، عندما أُجبر الجيش الروسي على التخلي عن مدينة خيرسون في الجنوب.
وأياً كانت نتيجة المواجهة للدراما الجارية، فإن بوتين يبدو أنه أضعف من أي وقت، منذ صار رئيساً في 2000. لقد تكشف قراره بغزو أوكرانيا عن خطأ استراتيجي كبير- قد يرغمه عاجلاً أم آجلاً عن التنحي عن السلطة.
وحتى لو تم إجهاض التمرد بسرعة، فإن تردداته ستستمر في الأشهر المقبلة، بما يغذي عدم الاستقرار السياسي ويثير تساؤلات حول ملاءمة بوتين للقيادة.
الاحتمالات لأوكرانيا
كل ذلك يثير احتمالات مهمة ومثيرة للاهتمام بالنسبة لأوكرانيا. وكانت قوات فاغنر منتشرة في لوغانسك ودونيتسك الأوكرانيتين. وبعض هذه القوات ترك مواقعه في الساعات الـ24 الأخيرة وعاد إلى روسيا. وهناك تقارير أولية تفيد بأن القوات الأوكرانية قد استعادت عدداً من الشوارع المدمرة في باخموت، حيث دارت معارك لأشهر عدة.
وأثبت مقاتلو فاغنر من المتطوعين والسجناء المفرج عنهم، أنهم أكثر انضباطاً ولديهم قدرة عسكرية أكثر من الجنود النظاميين. وهؤلاء قد انسحبوا من المشهد ويركزون على روسيا نفسها الآن.
في يونيو(حزيران)، بدأت أوكرانيا هجوماً معاكساً، مستخدمة أسلحة ودبابات غربية. والهدف هو استعادة الممر البري الذي يصل الأراضي المحتلة في دونباس في الشرق والقرم والأجزاء الجنوبية من منطقتي خيرسون وزابوريجيا.
وكان التقدم بطيئاً. فالجيش الروسي زرع حقول ألغام، وحفر خنادق مضادة للدبابات، واستخدم تفوقه الجوي والمدفعي لإبطاء التقدم الأوكراني. وبدأ بعض المراقبين بالتكهن بمضي الحرب نحو طريق مسدود، على جبهة تمتد 600 كيلومتر كحدود جديدة بحكم الأمر الواقع.
إن محاولة بريغوجين السيطرة على السلطة من شأنها تغيير هذه الحسابات. وسيكون من قبيل الحماقة استبعاد الجيش الروسي. لكن فرص تحقيق الأوكرانيين اختراقاً هذا الصيف، قد ازدادت بشكل دراماتيكي. وإذا ما انهارت معنويات الروس على الجبهات، وأظهر الجنود عدم رغبة في القتال، فإنه يمكن الاستيلاء عندها على الأراضي بسرعة. ويبدو أن انتصار بوتين على كييف قد بات أبعد مما كان عليه.